قد يكون فوجئ البعض بلهجة القادة في محور المقاومة و مواقفهم التي تؤكد من غير التباس او شك او حذر ، تؤكد انتصار محور المقاومة في الحرب الدفاعية التي خاضها لاكثر من 32 شهرا ،

حرب ظهرت بمظهر الحرب الكونية على فئة محددة آمنت بحقوقها و اتكلت غلى نفسها بعد الله و واجهت القوى التي حشدتها اميركا من اجل تغيير الخريطة الجبوسياسية في المنطقة بدءا من سورية .

و لكن هذه الحرب الكونية فشلت في تحقيق مآرب المعتدين و اهدافهم و وصلت اليوم باصحابها الى حال من اليأس و الاحباط قادهم الى النزاع و التنافر و التفكك ، يغضب هذا و يستقيل ذاك و ينحى او يتنحى ذينك ، و يشتد الصراع التآكلي بين مكونات جبهة العدوان اقتتالا و تناحرا و تهشيما متبادلا.. في سلوكيات ترسم مشهدا له معنى و دلالة قاطعة مفادها ان محور الشر المعتدي انكسر و ان محور الخير المقاوم انتصر ، و ان ما بقي بيد المعتدين من اوراق ليس بمقدورها ان يغير النتائج او يعدل الاتجاهات العامة لتلك النتائج .

و رغم ان البصير العادي يمكنهه ان يفهم القول المعلن للانتصار بسرعة دون جدل ، نجد ان البعض قد فوجئ لما اعلن تباعا و جرى على لسان الرئيس الاسد في الاسبوع الماضي عندما افسح المجال لمحاوره ان يوصف الحالة و طبيعة النتائج ، و ان يقول انها انتصار لمحور المقاومة ، و لما لم يفعل المحاور كما كان يتنظر ، قام الرئيس بذاته و شرح الامر منطلقا من القواعد العلمية المتبعة في العلم العسكري و السياسي و الاستراتيجي و التي تحدد بان النصر للمهاجم يتحقق عندما يحقق اهداف هجومه و ان النصر للمدافع يتحقق عندما يمنع المهاجم من تحقيق اهداف الهجوم ، و بما ان سورية و محورها كانوا في موقع الدفاع ضد هجوم استهدف اصحابه اسقاط سورية و تفكيك محور المقاومة ، و بما ان هذا المحور ثبت اولا و سورية في قلبه ، ثم و بعد مرحلة من الحرج عادت سورية و محورها لسلوك الخط الصاعد و امتلاك اوراق قوة جديدة و احداث تراكم في المناعة بحيث باتت اليوم على حد قول وزير الخارجية الاردني – و هو يقول الحقيقة في هذا الشأن – باتت اقوى مما كانت عليه قبل اشهر ، فان النتيجة الواضحة و من غير التباس هي ان المهاجم فشل في تحقيق اهدافه ، ما يعني ان المدافع انتصر .

و هذا هو بالضبط ما اراد تأكيده السيد حسن نصرالله منذ بالامس و بشكل موضوعي و واقعي عندما خاطب من يعنيه الامر فذكرهم بانهم القوا في الحرب كل ما يمكنهم استعماله من الاوراق المتاحة و من اي طبيعة اعلامية او مالية او اقتصادية او عسكرية او امنية و سلاح تقليدي او غير تقليدي و و مع ذلك فشلوا ...و ليس بمقدورهم الان او في المستقبل فعل المزيد ...

اذن النتيجة النهائية للمواجهة و بكل بساطة هي هزيمة العدوان و انتصار المقاومة و هذا هو الاساس الذي يبنى عليه سلوك محور المقاومة في المستقبل ، و هذا هو النفس و الروح التي تتلمس من حوار الرئيس الاسد ، او خطاب السيد نصرالله ، و واكبهما في ذلك في مواقف و اجابات المسؤولون الايرانيون للاخضر الابراهيمي بحيث خرج من طهران مسلما بالامر و معترفا بان لا مؤتمر جنيف 2 من غير ايران .

و مع هذه النتيجة تطرح الاسئلة الكبرى عن طبيعة المرحلة التي ستلي هذا الاعلان الواقعي للانتصار ، و هل ان النار ستتوقف ؟ و هل ان الحل اقترب ؟ و هل ان المعتدي سيحجم عن السير قدما في عملياته العدوانية .؟ اسئلة كثيرة تطرح و ستطرح و يكون من الضروري وضع تصور لطبيعة المسارات التي ستكون فيها حركة الاحداث في الايام التي ستلي .

و نبدأ بالتمييز بين تحقيق الانتصار و استعادة الاستقرار ، و بينهما مسافة فاصلة شاسعة ، لان الانتصار اذا تحقق – كما حصل الان – يلزمه الجهد من اجل صيانته و تعزيزه و استثماره ، و فرض الاستقرار هو هدف من اهداف تلك الاعمال . و صحيح اننا في وضع لم نعد نخشى معه تغيير طبيعة النتائج و اتجاهاتها و لا نخشى من ان تتكرر موقعة احد و ان يضيع الانتصار ، لكننا في وضع يخشى فيه على الانتصار من التآكل و التحجيم و المنع من الاستثمار .

و من اجل ذلك نقول ان المرحلة المقبلة ستكون بحاجة للعمل على خطين متوازين دون ان يهمل اي منهما : خط عسكري و يترجم بعمليات ميدانية تتابع فيها اعمال الاجهاز على الارهابيين و تطهير الارض السورية منهم و قد باتت المهمة اليوم اسهل مما كانت عليه قبل اشهر ، و خط سياسي يحرص فيه على النصح و و الاستيغاب و دفع الطرف الاخر الى التفاوض و الحوار لاقناعه بعدم جدوى المحاولة و التعنت و القتال و الا فاقم الخسائر.

و على هذا الاساس و من غير محاصرة الذات بعنوان معركة هنا او حرب هناك ، كالقول بمعركة القلمون او حلب او سواهما ، ستجد سورية نفسها مضطرة الى متابعة الاعمال العسكرية الميدانية من اجل المزيد من تراكم الانجازات العسكرية عبر عمليات نوعية مختارة في الظرف و القوى و الاهداف المطلوبة ، و اظهار الثقة بالنفس و القوة ، و بهذا يجب ان يفهم جيدا العفو العام الذي اصدره الرئيس الاسد بالامس و دلالاته و تعبيره عن مستوى القوة التي تمتلكها الدولة ، فلا يعفو الا القوي ، و هي قوة ترجمت ايضا في الميدان و حققت ما يعول عليه في مرحلة تثبيت الانتصار الذي نتحدث عنه .

اما في الجانب السياسي سيكون مهما الاستمرار في الدفع نحو الحوار في جنيف 2 او ما يشبهه – رغم صعوبة انعقاد المؤتمر و رفض الفريق الاخر له - لانه سيشكل فرصة للتوقيع على هذا الانتصار و تثبيته ، سلوك يكون بالتأكيد على وحدة الموقف و مركزية القرار و بهذا يؤكد على اهمية ما اعلنته سورية من مواقف بوجه الاخضر الابراهيمي الذي قد يبدو انه بدأ يفهم سورية الان ، و يعرف ان سورية انتصرت و عليه ان يتعامل معها كمتنصر يملي و لا يملي عليه ، و يبدو انه بدأ يمارس بوحي من فهمه الجديد هذا، الامر الذي اغاظ فريق المعتدين الذين كانو يعولون على دور معاكس للابراهيمي فيخذلهم بتغيير الموقف .

و اخيرا لا يغير من مشهد القوة التي نتحدث عنها بل نراه يؤكدها ، اعفاء نائب رئيس الوزراء السوري من مهامه لانه قام بما لم يكن من سياسة مقررة في مجلس الوزراء ، اعفاء لم يوجه ضده كشخص ، بل جاء تأكيدا على قوة القيادة و حرصها على وحدة الموقف و دقتها في المتابعة و المراقبة و حفظ التماسك في الموقف الرسمي ، نقول هذا مع اننا لا نستبعد قيام من اعتاد الهروب من الحقيقة بتوصيف هذا الاعفاء بانه مناورة لحجز مقعد للوزير في صفوف المعارضة عند التفاوض.

         

 

  • فريق ماسة
  • 2013-10-30
  • 12564
  • من الأرشيف

محور المقاومة ...في مرحلة صيانة الانتصار؟

   قد يكون فوجئ البعض بلهجة القادة في محور المقاومة و مواقفهم التي تؤكد من غير التباس او شك او حذر ، تؤكد انتصار محور المقاومة في الحرب الدفاعية التي خاضها لاكثر من 32 شهرا ، حرب ظهرت بمظهر الحرب الكونية على فئة محددة آمنت بحقوقها و اتكلت غلى نفسها بعد الله و واجهت القوى التي حشدتها اميركا من اجل تغيير الخريطة الجبوسياسية في المنطقة بدءا من سورية . و لكن هذه الحرب الكونية فشلت في تحقيق مآرب المعتدين و اهدافهم و وصلت اليوم باصحابها الى حال من اليأس و الاحباط قادهم الى النزاع و التنافر و التفكك ، يغضب هذا و يستقيل ذاك و ينحى او يتنحى ذينك ، و يشتد الصراع التآكلي بين مكونات جبهة العدوان اقتتالا و تناحرا و تهشيما متبادلا.. في سلوكيات ترسم مشهدا له معنى و دلالة قاطعة مفادها ان محور الشر المعتدي انكسر و ان محور الخير المقاوم انتصر ، و ان ما بقي بيد المعتدين من اوراق ليس بمقدورها ان يغير النتائج او يعدل الاتجاهات العامة لتلك النتائج . و رغم ان البصير العادي يمكنهه ان يفهم القول المعلن للانتصار بسرعة دون جدل ، نجد ان البعض قد فوجئ لما اعلن تباعا و جرى على لسان الرئيس الاسد في الاسبوع الماضي عندما افسح المجال لمحاوره ان يوصف الحالة و طبيعة النتائج ، و ان يقول انها انتصار لمحور المقاومة ، و لما لم يفعل المحاور كما كان يتنظر ، قام الرئيس بذاته و شرح الامر منطلقا من القواعد العلمية المتبعة في العلم العسكري و السياسي و الاستراتيجي و التي تحدد بان النصر للمهاجم يتحقق عندما يحقق اهداف هجومه و ان النصر للمدافع يتحقق عندما يمنع المهاجم من تحقيق اهداف الهجوم ، و بما ان سورية و محورها كانوا في موقع الدفاع ضد هجوم استهدف اصحابه اسقاط سورية و تفكيك محور المقاومة ، و بما ان هذا المحور ثبت اولا و سورية في قلبه ، ثم و بعد مرحلة من الحرج عادت سورية و محورها لسلوك الخط الصاعد و امتلاك اوراق قوة جديدة و احداث تراكم في المناعة بحيث باتت اليوم على حد قول وزير الخارجية الاردني – و هو يقول الحقيقة في هذا الشأن – باتت اقوى مما كانت عليه قبل اشهر ، فان النتيجة الواضحة و من غير التباس هي ان المهاجم فشل في تحقيق اهدافه ، ما يعني ان المدافع انتصر . و هذا هو بالضبط ما اراد تأكيده السيد حسن نصرالله منذ بالامس و بشكل موضوعي و واقعي عندما خاطب من يعنيه الامر فذكرهم بانهم القوا في الحرب كل ما يمكنهم استعماله من الاوراق المتاحة و من اي طبيعة اعلامية او مالية او اقتصادية او عسكرية او امنية و سلاح تقليدي او غير تقليدي و و مع ذلك فشلوا ...و ليس بمقدورهم الان او في المستقبل فعل المزيد ... اذن النتيجة النهائية للمواجهة و بكل بساطة هي هزيمة العدوان و انتصار المقاومة و هذا هو الاساس الذي يبنى عليه سلوك محور المقاومة في المستقبل ، و هذا هو النفس و الروح التي تتلمس من حوار الرئيس الاسد ، او خطاب السيد نصرالله ، و واكبهما في ذلك في مواقف و اجابات المسؤولون الايرانيون للاخضر الابراهيمي بحيث خرج من طهران مسلما بالامر و معترفا بان لا مؤتمر جنيف 2 من غير ايران . و مع هذه النتيجة تطرح الاسئلة الكبرى عن طبيعة المرحلة التي ستلي هذا الاعلان الواقعي للانتصار ، و هل ان النار ستتوقف ؟ و هل ان الحل اقترب ؟ و هل ان المعتدي سيحجم عن السير قدما في عملياته العدوانية .؟ اسئلة كثيرة تطرح و ستطرح و يكون من الضروري وضع تصور لطبيعة المسارات التي ستكون فيها حركة الاحداث في الايام التي ستلي . و نبدأ بالتمييز بين تحقيق الانتصار و استعادة الاستقرار ، و بينهما مسافة فاصلة شاسعة ، لان الانتصار اذا تحقق – كما حصل الان – يلزمه الجهد من اجل صيانته و تعزيزه و استثماره ، و فرض الاستقرار هو هدف من اهداف تلك الاعمال . و صحيح اننا في وضع لم نعد نخشى معه تغيير طبيعة النتائج و اتجاهاتها و لا نخشى من ان تتكرر موقعة احد و ان يضيع الانتصار ، لكننا في وضع يخشى فيه على الانتصار من التآكل و التحجيم و المنع من الاستثمار . و من اجل ذلك نقول ان المرحلة المقبلة ستكون بحاجة للعمل على خطين متوازين دون ان يهمل اي منهما : خط عسكري و يترجم بعمليات ميدانية تتابع فيها اعمال الاجهاز على الارهابيين و تطهير الارض السورية منهم و قد باتت المهمة اليوم اسهل مما كانت عليه قبل اشهر ، و خط سياسي يحرص فيه على النصح و و الاستيغاب و دفع الطرف الاخر الى التفاوض و الحوار لاقناعه بعدم جدوى المحاولة و التعنت و القتال و الا فاقم الخسائر. و على هذا الاساس و من غير محاصرة الذات بعنوان معركة هنا او حرب هناك ، كالقول بمعركة القلمون او حلب او سواهما ، ستجد سورية نفسها مضطرة الى متابعة الاعمال العسكرية الميدانية من اجل المزيد من تراكم الانجازات العسكرية عبر عمليات نوعية مختارة في الظرف و القوى و الاهداف المطلوبة ، و اظهار الثقة بالنفس و القوة ، و بهذا يجب ان يفهم جيدا العفو العام الذي اصدره الرئيس الاسد بالامس و دلالاته و تعبيره عن مستوى القوة التي تمتلكها الدولة ، فلا يعفو الا القوي ، و هي قوة ترجمت ايضا في الميدان و حققت ما يعول عليه في مرحلة تثبيت الانتصار الذي نتحدث عنه . اما في الجانب السياسي سيكون مهما الاستمرار في الدفع نحو الحوار في جنيف 2 او ما يشبهه – رغم صعوبة انعقاد المؤتمر و رفض الفريق الاخر له - لانه سيشكل فرصة للتوقيع على هذا الانتصار و تثبيته ، سلوك يكون بالتأكيد على وحدة الموقف و مركزية القرار و بهذا يؤكد على اهمية ما اعلنته سورية من مواقف بوجه الاخضر الابراهيمي الذي قد يبدو انه بدأ يفهم سورية الان ، و يعرف ان سورية انتصرت و عليه ان يتعامل معها كمتنصر يملي و لا يملي عليه ، و يبدو انه بدأ يمارس بوحي من فهمه الجديد هذا، الامر الذي اغاظ فريق المعتدين الذين كانو يعولون على دور معاكس للابراهيمي فيخذلهم بتغيير الموقف . و اخيرا لا يغير من مشهد القوة التي نتحدث عنها بل نراه يؤكدها ، اعفاء نائب رئيس الوزراء السوري من مهامه لانه قام بما لم يكن من سياسة مقررة في مجلس الوزراء ، اعفاء لم يوجه ضده كشخص ، بل جاء تأكيدا على قوة القيادة و حرصها على وحدة الموقف و دقتها في المتابعة و المراقبة و حفظ التماسك في الموقف الرسمي ، نقول هذا مع اننا لا نستبعد قيام من اعتاد الهروب من الحقيقة بتوصيف هذا الاعفاء بانه مناورة لحجز مقعد للوزير في صفوف المعارضة عند التفاوض.            

المصدر : أمين حطيط -


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة