يستغرب ديبلوماسي روسي كيف صُدم بعض العرب بالموقف الاخير لادارة باراك اوباما، قبل ان يقول هذا هو العقل الاميركي، ان يتم التعامل مع الاصدقاء كما التعامل مع علب السجائر او مع زجاجات الكوكاكولا، فنهاية المطاف لا بد ان ترمى هذه على قارعة الطريق.

يقول «كنا نفهم ابان الحقبة السوفياتية ان هناك عربا كان يتم تخوينهم من الشيوعية التي كان من المستحيل ان تخترق مجتمعات معبأة عقائديا او لاهوتيا الى ذلك الحد. ولكن لماذا بقيت تلك التبعية الصماء للولايات المتحدة بعد زوال الغول الشيوعي»؟

في رأيه «ان خشية بعض الانظمة هو من الداخل بالدرجة الاولى، وحيث غابت كل مظاهر الديمقراطية والحداثة، الحداثة بمعناها السوسيولوجي او البنيوي، لا باقامة الابراج فوق الرمال. وكان ان الولايات المتحدة التي تخترع دوما ذلك العدو الخرافي لاستنزاف الثروات والطاقات العربية على غرار ما حدث، وعلى مدى عقود في اميركا اللاتينية، وما يحدث في افريقيا التي حولتها الشركات القابضة الى غابات من الهياكل العظمية، فهل تعتبر ان المشهد مختلف في الشرق الاوسط الذي انتج الحضارات الاولى، اذا ما وضعنا الاديان جانبا، فاذا به لا يزال يتراقص، متعبا وراجفا، على خط الزلازل».

الديبلوماسي الروسي يسأل، ضاحكاً، «ما اذا كان هناك خلل بيولوجي في العقل الاستراتيجي العربي، اذ كان يفترض بالعرب ان يكونوا اعداء الدرجة الاولى، او لنقل اعداء بخمس نجوم للولايات المتحدة، التي هي كانت وراء التفكيك الدراماتيكي للقضية الفلسطينية التي زالت فعلا. دائما وقفت الى جانب اسرائيل، ولم تقف مرة واحدة الى جانب العرب الذين كل ما يعنيهم ان تبقى المظلة الاميركية فوق رؤوسهم حتى لا تنقطع بهم السبل، وهذا شكل من اشكال البداوة( السياسية والاستراتيجية) التي لم يعد لها من مكان في زمننا».

 

يسأل عن النموذج الذي يبغي اولئك العرب ارساءه في سوريا؟ لا ينفي وجود مثالب في النظام، مثالب عميقة واحيانا مروعة. لكن هذا لا يمكن ان يرقى الى مستوى المثالب التي تعتري انظمة اخرى انفقت المليارات، ان لم نقل عشرات المليارات في سوريا من اجل تقويض النظام هناك واقامة بديل يتوزع في ولاداته بين انقرة وتل ابيب، والمرجع دائما واشنطن. اما العرب فيكفيهم الرقص حول جثة العدو، ولو كانت جثة الشقيق…

الديبلوماسي الروسي لا ينفي دور بلاده، وكذلك دور ايران في حماية النظام السوري، وبالتالي منعه من السقوط. ولكن ليلاحظ «ان النظام كان يتمتع بمناعة منقطعة النظير، والا فاين هي الانشقاقات التي حصلت في البنية السياسية والعسكرية والديبلوماسية دون التوقف عند رياض حجاب بمواصفاته الكاريكاتورية وبما تعنيه الكلمة، اذ انني اعرفه شخصياً، وقد استغربت آنذاك كيف يمكن لتمثال خشبي ان يكون رئيساً للوزراء».

يكشف ان ادارة اوباما باتت مقتنعة ببقاء النظام، فثمة لغة مشتركة بين موسكو وواشنطن حول هذه المسألة، وتستند الى معطيات استخباراتية جرى اقتطاعها من الارض، فلا صدقية البتة لـ«الجيش الحر» الذي ان ترحّل سريعا وتحول العديد من ضباطه الى رؤساء عصابات، لا يمكنه الصمود امام الزحف البربري لتلك المجموعات التي ترعرعت في تورا بورا ولا بد لها، في لحظة ما، من ان تأكل بعضها البعض اذا ما تسنى لها الاستيلاء على السلطة…

لكن الديبلوماسي الروسي يستدرك «لقد أبلغنا انقرة، وتل ابيب، وكذلك عواصم عربية، بأن النظام خط احمر. الان خط احمر وبالعريض لان قيام سلطة اصولية في سوريا يهدد الامن الروسي، الامن الاستراتيجي، في العمق». وحين نسأله ما اذا كانت بلاده مستعدة لارسال وحدات عسكرية الى سوريا، علق ضاحكا «ألا تكفي الغواصات النووية على الشاطئ السوري؟».

هو الذي يلاحظ كيف ان حاملات الطائرات الاميركية والبوارج الاميركية غادرت موقعها قبالة الساحل السوري وعادت الى قواعدها. هذا يفترض، في نظره، ان يعطي العرب، او بعض العرب، فكرة عن المسار الاستراتيجي في المنطقة في المرحلة المقبلة.

يؤكد ان موسكو اضطلعت بدور محوري في اقناع القيادة الايرانية بضرورة التعاطي بمرونة مع المشهد الدولي، والا فالنتيجة ستكون الاختناق الاقتصادي الذي يتقاطع، حتما، مع الاختناق الاستراتيجي، ليشير الى ان انتخاب الرئيس حسن روحاني كان احد تجليات الرؤية الايرانية الجديدة، كما يؤكد على دور موسكو ايضا في تنظيم «اتصالات فاعلة» بين طهران وواشنطن…

واثق من ان العلاقات الاميركية – الايرانية ستتطور. لن تعود الى الوراء لأن واشنطن بحاجة الى الايرانيين مع الانسحاب الاطلسي من افغانستان، ولان طهران بحاجة الى الاميركيين لتفكيك العقوبات التي اثرت على كل مناحي الحياة في ايران.

لعله ردد ضمنا عظة اسقف نجران: ايها (العرب) اسمعوا وعوا!!

  • فريق ماسة
  • 2013-10-29
  • 11468
  • من الأرشيف

العقل الامريكي يتعامل مع الاصدقاء كعلب سجائر ...امريكا مع بقاء النظام!!

يستغرب ديبلوماسي روسي كيف صُدم بعض العرب بالموقف الاخير لادارة باراك اوباما، قبل ان يقول هذا هو العقل الاميركي، ان يتم التعامل مع الاصدقاء كما التعامل مع علب السجائر او مع زجاجات الكوكاكولا، فنهاية المطاف لا بد ان ترمى هذه على قارعة الطريق. يقول «كنا نفهم ابان الحقبة السوفياتية ان هناك عربا كان يتم تخوينهم من الشيوعية التي كان من المستحيل ان تخترق مجتمعات معبأة عقائديا او لاهوتيا الى ذلك الحد. ولكن لماذا بقيت تلك التبعية الصماء للولايات المتحدة بعد زوال الغول الشيوعي»؟ في رأيه «ان خشية بعض الانظمة هو من الداخل بالدرجة الاولى، وحيث غابت كل مظاهر الديمقراطية والحداثة، الحداثة بمعناها السوسيولوجي او البنيوي، لا باقامة الابراج فوق الرمال. وكان ان الولايات المتحدة التي تخترع دوما ذلك العدو الخرافي لاستنزاف الثروات والطاقات العربية على غرار ما حدث، وعلى مدى عقود في اميركا اللاتينية، وما يحدث في افريقيا التي حولتها الشركات القابضة الى غابات من الهياكل العظمية، فهل تعتبر ان المشهد مختلف في الشرق الاوسط الذي انتج الحضارات الاولى، اذا ما وضعنا الاديان جانبا، فاذا به لا يزال يتراقص، متعبا وراجفا، على خط الزلازل». الديبلوماسي الروسي يسأل، ضاحكاً، «ما اذا كان هناك خلل بيولوجي في العقل الاستراتيجي العربي، اذ كان يفترض بالعرب ان يكونوا اعداء الدرجة الاولى، او لنقل اعداء بخمس نجوم للولايات المتحدة، التي هي كانت وراء التفكيك الدراماتيكي للقضية الفلسطينية التي زالت فعلا. دائما وقفت الى جانب اسرائيل، ولم تقف مرة واحدة الى جانب العرب الذين كل ما يعنيهم ان تبقى المظلة الاميركية فوق رؤوسهم حتى لا تنقطع بهم السبل، وهذا شكل من اشكال البداوة( السياسية والاستراتيجية) التي لم يعد لها من مكان في زمننا».   يسأل عن النموذج الذي يبغي اولئك العرب ارساءه في سوريا؟ لا ينفي وجود مثالب في النظام، مثالب عميقة واحيانا مروعة. لكن هذا لا يمكن ان يرقى الى مستوى المثالب التي تعتري انظمة اخرى انفقت المليارات، ان لم نقل عشرات المليارات في سوريا من اجل تقويض النظام هناك واقامة بديل يتوزع في ولاداته بين انقرة وتل ابيب، والمرجع دائما واشنطن. اما العرب فيكفيهم الرقص حول جثة العدو، ولو كانت جثة الشقيق… الديبلوماسي الروسي لا ينفي دور بلاده، وكذلك دور ايران في حماية النظام السوري، وبالتالي منعه من السقوط. ولكن ليلاحظ «ان النظام كان يتمتع بمناعة منقطعة النظير، والا فاين هي الانشقاقات التي حصلت في البنية السياسية والعسكرية والديبلوماسية دون التوقف عند رياض حجاب بمواصفاته الكاريكاتورية وبما تعنيه الكلمة، اذ انني اعرفه شخصياً، وقد استغربت آنذاك كيف يمكن لتمثال خشبي ان يكون رئيساً للوزراء». يكشف ان ادارة اوباما باتت مقتنعة ببقاء النظام، فثمة لغة مشتركة بين موسكو وواشنطن حول هذه المسألة، وتستند الى معطيات استخباراتية جرى اقتطاعها من الارض، فلا صدقية البتة لـ«الجيش الحر» الذي ان ترحّل سريعا وتحول العديد من ضباطه الى رؤساء عصابات، لا يمكنه الصمود امام الزحف البربري لتلك المجموعات التي ترعرعت في تورا بورا ولا بد لها، في لحظة ما، من ان تأكل بعضها البعض اذا ما تسنى لها الاستيلاء على السلطة… لكن الديبلوماسي الروسي يستدرك «لقد أبلغنا انقرة، وتل ابيب، وكذلك عواصم عربية، بأن النظام خط احمر. الان خط احمر وبالعريض لان قيام سلطة اصولية في سوريا يهدد الامن الروسي، الامن الاستراتيجي، في العمق». وحين نسأله ما اذا كانت بلاده مستعدة لارسال وحدات عسكرية الى سوريا، علق ضاحكا «ألا تكفي الغواصات النووية على الشاطئ السوري؟». هو الذي يلاحظ كيف ان حاملات الطائرات الاميركية والبوارج الاميركية غادرت موقعها قبالة الساحل السوري وعادت الى قواعدها. هذا يفترض، في نظره، ان يعطي العرب، او بعض العرب، فكرة عن المسار الاستراتيجي في المنطقة في المرحلة المقبلة. يؤكد ان موسكو اضطلعت بدور محوري في اقناع القيادة الايرانية بضرورة التعاطي بمرونة مع المشهد الدولي، والا فالنتيجة ستكون الاختناق الاقتصادي الذي يتقاطع، حتما، مع الاختناق الاستراتيجي، ليشير الى ان انتخاب الرئيس حسن روحاني كان احد تجليات الرؤية الايرانية الجديدة، كما يؤكد على دور موسكو ايضا في تنظيم «اتصالات فاعلة» بين طهران وواشنطن… واثق من ان العلاقات الاميركية – الايرانية ستتطور. لن تعود الى الوراء لأن واشنطن بحاجة الى الايرانيين مع الانسحاب الاطلسي من افغانستان، ولان طهران بحاجة الى الاميركيين لتفكيك العقوبات التي اثرت على كل مناحي الحياة في ايران. لعله ردد ضمنا عظة اسقف نجران: ايها (العرب) اسمعوا وعوا!!

المصدر : الديار / نبيه البرجي


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة