عصبي المزاج بدا ذاك الدبلوماسي الخليجي لدولة كبرى من بائعي الكاز، حين التقى مع مجموعة محدودة جداً من السياسيين اللبنانيين، وإعلاميين كان عددهم أقل من أصابع اليد الواحدة، في لقاء خاص وصفه أحد الزملاء أنه كان متجهّم الوجه، ومهموماً أكثر من اللازم، ما جعل اللقاء ينتهي من دون غداء وأشياء أخرى؛ كما هي العادة في السابق.

ينقل هذا الزميل عن ذاك الدبلوماسي أنه منذ اللحظة الأولى خاطب ضيوفه حاسماً بقوله: "علينا الاعتراف أن بشار الأسد وحزب الله انتصرا، وأن المليارات التي دُفعت راحت هباء منثوراً".

ويعلل أسباب هزيمة حلف أعداء سورية وزمرها المسلحة في الداخل السوري بعدة عوامل، أبرزها أن النظام في سورية أقوى مما كانوا يتصورون، فالجيش بحكم تكوينه وعقيدته كان عصياً على الإغراءات المذهلة والهائلة التي قُدِّمت له، بحيث إن ملايين الدولارات عُرضت على ضباط صغار من أجل الفرار والانشقاق، فلم تفلح، بعد أن عجزت الإغراءات التي يسيل لها اللعاب لضباط كبار، ومن هرب أو انشق تبيّن أن لا وزن ولا دور ولا مكانة له في هذه المؤسسة الصلبة، مؤكداً أن معظم الذين ينشقّون يبدون كمرتزقة ولصوص يريدون أن يؤمّنوا شيخوخة مريحة في مقر إقاماتهم الجديدة.

أما الدبلوماسية السورية فهي أمر آخر تماماً، إذ عجزت الإغراءات التي وصلت إلى أرقام مذهلة أن تكسب دبلوماسياً واحداً، ومن جاء إلى صف "المعارضات" كانت حالات معزولة وغير ذي قيمة، وألف علامة استفهام حول سلوكهم، وعددهم بأي حال لا يتجاوز الخمسة، معظمهم خارج الخدمة.. حتى أولئك المسؤولين المنشقّين كرياض حجاب وابن مصطفى طلاس وغيرهما تبيّن أنهم بلا قيمة ولا معنى ولا مضمون، لا بل إنهم بفرارهم من بلدهم كانوا عامل راحة للنظام.

أمام هذه الوقائع لجأ الحلف المخاصم لسورية - على حد تعبير هذا الدبلوماسي - إلى الاستعانة بكل "الجهاديين" والمساجين الجنائيين الخطرين في سجون الخليج، خصوصاً في السعودية وباكستان، فزُجّوا في الحرب ضد النظام السوري بعشرات الآلاف، والذين قدّرهم بأكثر من 150 ألف مسلح، وبهذا سقطت كل أوراق التوت عن الدول والحكومات المعادية لسورية، بدءاً من واشنطن، مروراً بأوروبا، وانتهاء بتركيا والخليج، حيث بدا أن هناك تحالفاً بين الجماعات "الجهادية" وهذه الدول، وهو ما أخذ يهز صورها أمام شعوب العالم، ويُكسب النظام السوري تعاطفاً لم يكن يحلم به، على حد وصفه.

وهنا يبلغ الغضب أوجه عند هذا الدبلوماسي، الذي يصف بعصبية أن حلف أصدقاء بشار الأسد يتميّز بالثبات والتماسك والإخلاص والوفاء، بينما الطرف الآخر يتميّز كل مكون بحساباته ومصالحه وحصته، وهو ما ينعكس على المجموعات المسلحة صراعات وحروب دموية، وتصفيات و"اجتهادات فقهية" تحلل السرقة والنهب والاغتصاب والذبح..

فوق كل ذلك، تمكّن حلف أصدقاء بشار الأسد من شن "حرب أعصاب" أفقدتهم صوابهم وأثارت خوفهم وارتباكهم، حتى أن بعض المعارك كان يربحها النظام قبل أن تبدأ، بسبب الحرب النفسية التي استخدمتها دمشق وحزب الله وإيران، وبهذا يمكن القول إن المجموعات المسلحة لم تعد تعرف أين سيفاجئهم النظام بضرباته القاتلة، فمثلاً: هل سيكون في جبال القلمون، أم في درعا، أم دير الزور، أم حلب؟ وهلم جرا..

وهنا تبلغ العصبية بهذا الدبلوماسي ذروتها، كما ينقل هذا الزميل، حينما يتحدث عن دبلوماسية الخليج وتركيا، فيهزأ من كبير دبلوماسية بائعي الكاز سعود الفيصل وحَرَده بامتناعه عن إلقاء كلمة في الجمعية العامة للأمم المتحدة، ورفضه العضوية غير الدائمة في مجلس الأمن، ما أعطى العالم رؤية أن الرياض دولة غير جديرة بالاحترام، في نفس الوقت الذي يتحدث عن فشل زعيم "القاعدة" الفعلي والدبلوماسي الذي تربّى 25 عاماً في واشنطن، ورجل المخابرات الحالي ويعني به بندر بن سلطان، في كل خططه ومشاريعه لهزيمة دمشق، فما عاد منه إلا العمل على إثارة الفتن والنزاعات المذهبية في لبنان، وإرسال السيارات المفخخة، وتوجيه الصواريخ اللقيطة، موسعاً بيكار الفوضى العارمة بتفجيرات العراق الدموية، والتي يندى لها جبين الإنسانية، والأخطر أنه استعاض عن ربيبته واشنطن بتل أبيب التي فتح معها علاقات واسعة وخطيرة.

أما تركيا فما يثير هو ذاك الطموح السلجوقي القاتل لرجب طيب أردوغان، وتابعه أحمد داود أوغلو، اللذين ظنا للحظة أن زمن إعادة إمبراطوريتهما قد حانت للسيطرة على بلاد الشام وروحها سورية، وعلى العراق، فكان أن دمّرت العلاقة مع دمشق وبغداد، كما دمّرت العلاقة مع مصر، وكأنه لا يعرف أن مصر هي الدولة الأعرق في العالم، وأن محمد علي باشا كان على وشك احتلال الاستانة لولا أن تهبّ بريطانيا لنجدة الصدر الأعظم..

أما حلفاء سورية الآخرون، إيران وروسيا تحديداً، فذكّر بمقولة فلاديمير بوتين أن أمن دمشق من أمن موسكو، لافتاً إلى دبلوماسية لافروف، الذي يجيد استعمال خيط الحرير لنسج أفضل القماش الذي يريده.. والذي يذبح به أيضاً.. مذكّراً بليلة الفرح "العرمرمي" في الخليج وتركيا والمعارضات السورية، وقت الحديث عن الهجوم الأميركي على دمشق ذات ليل خميس - جمعة، فعاموا جميعاً على شبر ماء.. لكن وليد المعلم ولافروف كان لهما رأي آخر، فانتهت أكذوبة الكيميائي.. أما إيران، فيتكتفي بالقول إنها أبداً لا تفرّط بصديق، فكيف إذا كان صديقاً استراتيجياً..؟

خلاصة هذا اللقاء أن الحاضرين استنتجوا النتيجة الساطعة بأن بشار الأسد انتصر، وانتصاره ستكون له انعكساته على لبنان، ولهذا صدرت الأوامر السعودية والبندرية للتصعيد ضد جبل محسن.. تأمّلوا!.

  • فريق ماسة
  • 2013-10-30
  • 9700
  • من الأرشيف

دبلوماسي خليجي: الجيش والدبلوماسية السوريّان عصيّان على الإغراءات المذهلة

عصبي المزاج بدا ذاك الدبلوماسي الخليجي لدولة كبرى من بائعي الكاز، حين التقى مع مجموعة محدودة جداً من السياسيين اللبنانيين، وإعلاميين كان عددهم أقل من أصابع اليد الواحدة، في لقاء خاص وصفه أحد الزملاء أنه كان متجهّم الوجه، ومهموماً أكثر من اللازم، ما جعل اللقاء ينتهي من دون غداء وأشياء أخرى؛ كما هي العادة في السابق. ينقل هذا الزميل عن ذاك الدبلوماسي أنه منذ اللحظة الأولى خاطب ضيوفه حاسماً بقوله: "علينا الاعتراف أن بشار الأسد وحزب الله انتصرا، وأن المليارات التي دُفعت راحت هباء منثوراً". ويعلل أسباب هزيمة حلف أعداء سورية وزمرها المسلحة في الداخل السوري بعدة عوامل، أبرزها أن النظام في سورية أقوى مما كانوا يتصورون، فالجيش بحكم تكوينه وعقيدته كان عصياً على الإغراءات المذهلة والهائلة التي قُدِّمت له، بحيث إن ملايين الدولارات عُرضت على ضباط صغار من أجل الفرار والانشقاق، فلم تفلح، بعد أن عجزت الإغراءات التي يسيل لها اللعاب لضباط كبار، ومن هرب أو انشق تبيّن أن لا وزن ولا دور ولا مكانة له في هذه المؤسسة الصلبة، مؤكداً أن معظم الذين ينشقّون يبدون كمرتزقة ولصوص يريدون أن يؤمّنوا شيخوخة مريحة في مقر إقاماتهم الجديدة. أما الدبلوماسية السورية فهي أمر آخر تماماً، إذ عجزت الإغراءات التي وصلت إلى أرقام مذهلة أن تكسب دبلوماسياً واحداً، ومن جاء إلى صف "المعارضات" كانت حالات معزولة وغير ذي قيمة، وألف علامة استفهام حول سلوكهم، وعددهم بأي حال لا يتجاوز الخمسة، معظمهم خارج الخدمة.. حتى أولئك المسؤولين المنشقّين كرياض حجاب وابن مصطفى طلاس وغيرهما تبيّن أنهم بلا قيمة ولا معنى ولا مضمون، لا بل إنهم بفرارهم من بلدهم كانوا عامل راحة للنظام. أمام هذه الوقائع لجأ الحلف المخاصم لسورية - على حد تعبير هذا الدبلوماسي - إلى الاستعانة بكل "الجهاديين" والمساجين الجنائيين الخطرين في سجون الخليج، خصوصاً في السعودية وباكستان، فزُجّوا في الحرب ضد النظام السوري بعشرات الآلاف، والذين قدّرهم بأكثر من 150 ألف مسلح، وبهذا سقطت كل أوراق التوت عن الدول والحكومات المعادية لسورية، بدءاً من واشنطن، مروراً بأوروبا، وانتهاء بتركيا والخليج، حيث بدا أن هناك تحالفاً بين الجماعات "الجهادية" وهذه الدول، وهو ما أخذ يهز صورها أمام شعوب العالم، ويُكسب النظام السوري تعاطفاً لم يكن يحلم به، على حد وصفه. وهنا يبلغ الغضب أوجه عند هذا الدبلوماسي، الذي يصف بعصبية أن حلف أصدقاء بشار الأسد يتميّز بالثبات والتماسك والإخلاص والوفاء، بينما الطرف الآخر يتميّز كل مكون بحساباته ومصالحه وحصته، وهو ما ينعكس على المجموعات المسلحة صراعات وحروب دموية، وتصفيات و"اجتهادات فقهية" تحلل السرقة والنهب والاغتصاب والذبح.. فوق كل ذلك، تمكّن حلف أصدقاء بشار الأسد من شن "حرب أعصاب" أفقدتهم صوابهم وأثارت خوفهم وارتباكهم، حتى أن بعض المعارك كان يربحها النظام قبل أن تبدأ، بسبب الحرب النفسية التي استخدمتها دمشق وحزب الله وإيران، وبهذا يمكن القول إن المجموعات المسلحة لم تعد تعرف أين سيفاجئهم النظام بضرباته القاتلة، فمثلاً: هل سيكون في جبال القلمون، أم في درعا، أم دير الزور، أم حلب؟ وهلم جرا.. وهنا تبلغ العصبية بهذا الدبلوماسي ذروتها، كما ينقل هذا الزميل، حينما يتحدث عن دبلوماسية الخليج وتركيا، فيهزأ من كبير دبلوماسية بائعي الكاز سعود الفيصل وحَرَده بامتناعه عن إلقاء كلمة في الجمعية العامة للأمم المتحدة، ورفضه العضوية غير الدائمة في مجلس الأمن، ما أعطى العالم رؤية أن الرياض دولة غير جديرة بالاحترام، في نفس الوقت الذي يتحدث عن فشل زعيم "القاعدة" الفعلي والدبلوماسي الذي تربّى 25 عاماً في واشنطن، ورجل المخابرات الحالي ويعني به بندر بن سلطان، في كل خططه ومشاريعه لهزيمة دمشق، فما عاد منه إلا العمل على إثارة الفتن والنزاعات المذهبية في لبنان، وإرسال السيارات المفخخة، وتوجيه الصواريخ اللقيطة، موسعاً بيكار الفوضى العارمة بتفجيرات العراق الدموية، والتي يندى لها جبين الإنسانية، والأخطر أنه استعاض عن ربيبته واشنطن بتل أبيب التي فتح معها علاقات واسعة وخطيرة. أما تركيا فما يثير هو ذاك الطموح السلجوقي القاتل لرجب طيب أردوغان، وتابعه أحمد داود أوغلو، اللذين ظنا للحظة أن زمن إعادة إمبراطوريتهما قد حانت للسيطرة على بلاد الشام وروحها سورية، وعلى العراق، فكان أن دمّرت العلاقة مع دمشق وبغداد، كما دمّرت العلاقة مع مصر، وكأنه لا يعرف أن مصر هي الدولة الأعرق في العالم، وأن محمد علي باشا كان على وشك احتلال الاستانة لولا أن تهبّ بريطانيا لنجدة الصدر الأعظم.. أما حلفاء سورية الآخرون، إيران وروسيا تحديداً، فذكّر بمقولة فلاديمير بوتين أن أمن دمشق من أمن موسكو، لافتاً إلى دبلوماسية لافروف، الذي يجيد استعمال خيط الحرير لنسج أفضل القماش الذي يريده.. والذي يذبح به أيضاً.. مذكّراً بليلة الفرح "العرمرمي" في الخليج وتركيا والمعارضات السورية، وقت الحديث عن الهجوم الأميركي على دمشق ذات ليل خميس - جمعة، فعاموا جميعاً على شبر ماء.. لكن وليد المعلم ولافروف كان لهما رأي آخر، فانتهت أكذوبة الكيميائي.. أما إيران، فيتكتفي بالقول إنها أبداً لا تفرّط بصديق، فكيف إذا كان صديقاً استراتيجياً..؟ خلاصة هذا اللقاء أن الحاضرين استنتجوا النتيجة الساطعة بأن بشار الأسد انتصر، وانتصاره ستكون له انعكساته على لبنان، ولهذا صدرت الأوامر السعودية والبندرية للتصعيد ضد جبل محسن.. تأمّلوا!.

المصدر : أحمد زين الدين - الثبات


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة