احتفلت مصر وسورية ـ كلٌ على حـدة ـ بذكرى انتصار اكتوبر بعد مرور 40 عاماً على هذا الحدث الكبير.

وتعبير كلٌ على حدة هو هنا الجملة الاساسية لا الاعتراضية، كما قد يبدو من هذه الصياغة. وصحيح ان البلدين الشقيقين لم يحتفلا بذكرى اكتوبر في الاعوام الماضية، الا ان الذكرى الاربعين تعني الكثير وكان المتوقع ـ لولا ظروف البلدين – ان يحتفلا معاً بلا انفصال وبلا انشغال عن المناسبة العظيمة.

مع ذلك فقد تميز العيد الاربعين لحرب «اكتوبر» بسمة خاصة جمعت بين مصر وسوريا، حتى وإن لم يكن ذلك في مستوى الوعي. وذلك بسبب الاحداث التي حالت بين البلدين الشقيقين وبين الانضمام معاً في هذا الاحتفال. مصر شغلتها وابتعدت بها عن الاحتفال تدخلات جماعة «الاخوان»، المدعوين بالمسلمين، التي ارادت إفساد الاحتفال، لأن «الاخوان» لا يؤمنون بحرب «اكتوبر» ولا بأهميتها في التاريخ العربي المعاصر. وسوريا شغلتها حروب التنظيمات الاجنبية التي ارّقتها على مدى عشرات الشهور الماضية، ولا تزال هذه التنظيمات تتلقى العون والمساعدة من الأشقاء العرب لمواصلة هذه الحروب التي اضيفت اليها حروب هذه التنظيمات في ما بينها. غير ان سوريا تذكرت مصر وذكرتها في هذه المناسبة، أما مصر فقد شغلت باضطراباتها وكذلك باحتفالاتها فلم تتذكر سوريا ولم تذكرها.

كيف؟

الرئيس السوري بشار الأسد لم تشغله حروب العصابات الاجنبية العديدة ضد القوات السورية عن ان يعلن «ان الجيشين السوري والمصري يواجهان معاً ـ مثلما حدث في العام 1973 – عدواً واحداً». وبمناسبة الذكرى الاربعين لحرب « اكتوبر» اضاف ـ في مقابلة مع صحيفة «تشرين» السورية: «في ذلك الوقت كان الجيشان السوري والمصري يخوضان معركة واحدة ضد عدو واحد هو العدو الاسرائيلي… اليوم للمصادفة، في هذه الاسابيع الاخيرة، الجيشان يخوضان ايضاً معركة ضد عدو واحد. ولكن لم يعد العدو هذه المرة هو العدو الاسرائيلي، بل اصبح العدو المشترك عربياً ومسلماً… إن أول انتصار وأكبر انتصار اليوم هو القضاء على الارهابيين والارهاب والفكر التفكيري. وهذا سيعني بالتالي القضاء على المخطط الذي وضعته بعض دول الخارج وساهمت فيه دول اخرى من منطقتنا من اجل تدمير سوريا».

وكان من الطبيعي ان يتناول الرئيس الأسد أحداث الاعوام الاربعين التي وقعت منذ حرب 1973 فقال «إن أشياء كثيرة تغيرت خلال الاربعين عاماً الماضية مع تغير الاجيال وتغير الظروف طبعاً. نستطيع القول إنه منذ اربعين عاماً كانت الدول العربية موحدة بكل قطاعاتها وبكل جوانبها، إعلامياً وثقافياً وعقائدياً، معنوياً وسياسياً وعسكرياً، في وجه عدو واحد هو العدو الصهيوني، اليوم نرى ان الدول العربية موحدة لكن ضد سوريا».

وقد لا نتفق تماماً مع هذا التوصيف الاخير من الرئيس السوري بأن الدول العربية موحدة ضد سوريا، ولكننا لا بد ان نتساءل اين تقف مصر اليوم في ذكرى مرور اربعين عاماً على حرب اكتوبر؟

اذ لا يكفي ان نرى مصر تتذكر هذه الحرب وذلك الانتصار وتنسى بطريقة كــلية الدور الذي أدتــه سوريا الى جانبها في تلك الحرب وما انتــهت اليه. وللرد على السؤال اين تقف مصر اليوم لا بد ان نضع في الاعتبار ما يواجه مصر من تحديات داخلية وخارجية، ولا بد أيضا من ان نلاحظ ان مصر لم تتذكر ـ وربما نقول هنا إنها لم تتذكر بصفة مطلقة ـ الدور السوري الى جانبها في تلك الحرب حتى اقتربت من نهايتها.

إن أحداً من المسؤولين المصريين او حتى من العسكريين المصريين الذين شاركوا في تلك الحرب ولا يزالون على قيد الحياة لم يتذكر سوريا والدور السوري. ولا يكفي هنا ان نتذكر ان مصر تواجه تحديات داخلية من اعداء حرب 1973 وهم « الاخوان» الذي نجح الجيش المصري في إخراجهم من السلطة قبل شهور معدودة. الصحف المصرية غزيرة الانتاج، وقد احتفلت بذكرى حرب اكتوبر طوال اكثر من اسبوع وأصدرت من الملاحق الداخلية ما حمل قصص البطولات المصرية وقصص الفواجع الاسرائيلية بما حدث في تلك الحرب، لم تتذكر او هي ربما تذكرت ولكنها لم تذكر الدور السوري الى جانب دور مصر في تلك الحرب. وقد يكون من الطبيعي ان لا تذكر الصحافة المصرية شيئاً عن النهايات التي انتهت اليها تلك الحرب على الجانب المصري وعلى الجانب السوري على السواء، ولكن ان لا يرد اسم سوريا نهائياً في الصحافة المصرية الورقية او الالكترونية، فهذا ما يدعو للدهشة. بل لعلنا مضطرون لأن نذكر ان تصريحات بشار الأسد عن ذكرى الحرب لم تنشر إلا في صحيفة مصرية واحدة على عمود واحد على الصفحة الثالثة منها (…) وأما ما نشرته الصحافة المصرية عن سوريا فلم يتــجاوز الأخــذ من التغــطية التي يتكفل بها الاعــلام ـ وخاصــة وكالات الانــباء الغــربية الاميركية والبريطانيـة والفرنـسية ـ وهي تتعلق فقط بأحداث سوريا الراهنة. وأحداث سوريا الراهنة تتعلق بالحروب التي تخوضها سوريا ضد التنظيمات الاجنبية التي جندتها الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا بهدف تقسيم سوريا بل تمزيقها. وهو الهدف الذي تمكنت مصر من الإفلات منه ـ حتى الآن على الأقل ـ بفضل تماسك الجيش المصري وبفضل الدور الذي قام به قائده الفريق اول عبدالفتاح السيسي.

لماذا لم يدرك الجيش المصري وقادته الكــبار أن ما أريد بمصــر خــلال الفــترة السابقــة من جــانب «الاخوان» هو نفسه ما يراد بسوريا خلال الفترة نفسها، فذلك هــو اللغــز الذي يتــعذر فهــمه او حلــه. إننا اذا اتجــهنا بذهننا الى بلدان الخليج النفــطية الغــنية نصــطدم بالاخــتلاف الشاسع بين دور هذه البلدان المالي والتسليــحي والتدريبي في سوريا مساعدة للتنظيمات الاجنبية، ولكننا اذا اتجــهنا الى دور هذه البــلدان نفســها والدور نفسـه في مصــر نــتبــين ان البــلدان الخليـــجية الغنــية تمد يد المســاعدة لمصر إنما للأهداف ذاتها، إخضاع مــصر للنــفوذ المالي والسياسي والإستراتيجي لهذه البلدان النفطية، ما دام قد تعذر وتعثر دورها ازاء يقظة الجيش المصري وافتضاح دور «الاخوان» وحكومتهم وتنظيمهم. هل سيأتي الوقت الذي تكشف فيه القوى الوطنية المصرية ـ وبينها الجيش ـ دور البلدان الخليجية؟

إن الرد على هذا السؤال يرتبط أشد الارتباط بمدى معرفة القوى الوطنية المصرية ـ وبصفة خاصة الجيش ـ بالدور الذي تؤديه بلدان الخليج في حروب سوريا الراهنة.والامر المؤكد ان مصــر وقــواها الوطنــية، وعــلى رأسها الجيش، هي على علم تام ودقيق بأدوار كل الاطراف في الحروب السورية. ادوار البلدان الخليجية وأموالها وأسلحتها وتدريباتها، وأدوار البلدان الغربية، بما فيها اميركا وأوروبا، في هذه الحروب بين التخطيط والتنظيم والدعم السياسي والنفسي. كذلك أدوار البلدان العربيــة المؤيدة لهــذه الحــروب. ولا تحتاج مصر ولا الجــيش المصــري ان تنتظر لتعرف ما يجري. إنها تعــرف بالفــعل وبدقة ما الــذي يجــري في سوريا. انــها فقــط لم تظــهر لجماهــير مصــر والعرب والعالم انها تعرف. وقد تكون لها اسبابها في إخفاء حقيقة أنها تعرف أنَّ ما يجري في سوريا كان معداً لمصر مثله تماماً، ولكن دور الجيش المصري هو الذي ادى الى إزاحة «الاخوان» من السلطة وأدى بالتالي الى انحسار دور «الاخوان» في مصر على النحو الذي نتبينه الآن.

ولقد كان بإمكان بلدان الخليج ان تستخدم فوائضها المالية لاخراج سوريا من مأزقهــا بالمــثل، لو انها لم تكــن تخــضع لإمــلاءات الــدول الغربيــة، وخاصة الولايات المتحدة. ولكن، لأن الدول الغربية، وخاصة الولايات المتحــدة، عرفــت في الوقــت المنــاسب ان مصـر تملــك قــوة تماسك وطنية كافيــة لا تفــلح معها خطط التقسيم، وجدت بلدان الخليج الغنية نفسها تسلك تجاه مصر كما تسلك الآن تجاه سوريا.

لا يبقى إلا ان تتخذ مصر موقفاً كافياً لإيقاظ بلدان الخليج الغنية الى حقيقة سوريا.

يتوجب على مصر ان تمد يد الأخوة العربية الى سوريا. هذا شرط ضروري لإنهاء محنة سوريا. وقد بدأت مصر السير على هذا الطريق.

 

  • فريق ماسة
  • 2013-10-10
  • 11598
  • من الأرشيف

المسافة الفاصلة بين مصر وسورية

احتفلت مصر وسورية ـ كلٌ على حـدة ـ بذكرى انتصار اكتوبر بعد مرور 40 عاماً على هذا الحدث الكبير. وتعبير كلٌ على حدة هو هنا الجملة الاساسية لا الاعتراضية، كما قد يبدو من هذه الصياغة. وصحيح ان البلدين الشقيقين لم يحتفلا بذكرى اكتوبر في الاعوام الماضية، الا ان الذكرى الاربعين تعني الكثير وكان المتوقع ـ لولا ظروف البلدين – ان يحتفلا معاً بلا انفصال وبلا انشغال عن المناسبة العظيمة. مع ذلك فقد تميز العيد الاربعين لحرب «اكتوبر» بسمة خاصة جمعت بين مصر وسوريا، حتى وإن لم يكن ذلك في مستوى الوعي. وذلك بسبب الاحداث التي حالت بين البلدين الشقيقين وبين الانضمام معاً في هذا الاحتفال. مصر شغلتها وابتعدت بها عن الاحتفال تدخلات جماعة «الاخوان»، المدعوين بالمسلمين، التي ارادت إفساد الاحتفال، لأن «الاخوان» لا يؤمنون بحرب «اكتوبر» ولا بأهميتها في التاريخ العربي المعاصر. وسوريا شغلتها حروب التنظيمات الاجنبية التي ارّقتها على مدى عشرات الشهور الماضية، ولا تزال هذه التنظيمات تتلقى العون والمساعدة من الأشقاء العرب لمواصلة هذه الحروب التي اضيفت اليها حروب هذه التنظيمات في ما بينها. غير ان سوريا تذكرت مصر وذكرتها في هذه المناسبة، أما مصر فقد شغلت باضطراباتها وكذلك باحتفالاتها فلم تتذكر سوريا ولم تذكرها. كيف؟ الرئيس السوري بشار الأسد لم تشغله حروب العصابات الاجنبية العديدة ضد القوات السورية عن ان يعلن «ان الجيشين السوري والمصري يواجهان معاً ـ مثلما حدث في العام 1973 – عدواً واحداً». وبمناسبة الذكرى الاربعين لحرب « اكتوبر» اضاف ـ في مقابلة مع صحيفة «تشرين» السورية: «في ذلك الوقت كان الجيشان السوري والمصري يخوضان معركة واحدة ضد عدو واحد هو العدو الاسرائيلي… اليوم للمصادفة، في هذه الاسابيع الاخيرة، الجيشان يخوضان ايضاً معركة ضد عدو واحد. ولكن لم يعد العدو هذه المرة هو العدو الاسرائيلي، بل اصبح العدو المشترك عربياً ومسلماً… إن أول انتصار وأكبر انتصار اليوم هو القضاء على الارهابيين والارهاب والفكر التفكيري. وهذا سيعني بالتالي القضاء على المخطط الذي وضعته بعض دول الخارج وساهمت فيه دول اخرى من منطقتنا من اجل تدمير سوريا». وكان من الطبيعي ان يتناول الرئيس الأسد أحداث الاعوام الاربعين التي وقعت منذ حرب 1973 فقال «إن أشياء كثيرة تغيرت خلال الاربعين عاماً الماضية مع تغير الاجيال وتغير الظروف طبعاً. نستطيع القول إنه منذ اربعين عاماً كانت الدول العربية موحدة بكل قطاعاتها وبكل جوانبها، إعلامياً وثقافياً وعقائدياً، معنوياً وسياسياً وعسكرياً، في وجه عدو واحد هو العدو الصهيوني، اليوم نرى ان الدول العربية موحدة لكن ضد سوريا». وقد لا نتفق تماماً مع هذا التوصيف الاخير من الرئيس السوري بأن الدول العربية موحدة ضد سوريا، ولكننا لا بد ان نتساءل اين تقف مصر اليوم في ذكرى مرور اربعين عاماً على حرب اكتوبر؟ اذ لا يكفي ان نرى مصر تتذكر هذه الحرب وذلك الانتصار وتنسى بطريقة كــلية الدور الذي أدتــه سوريا الى جانبها في تلك الحرب وما انتــهت اليه. وللرد على السؤال اين تقف مصر اليوم لا بد ان نضع في الاعتبار ما يواجه مصر من تحديات داخلية وخارجية، ولا بد أيضا من ان نلاحظ ان مصر لم تتذكر ـ وربما نقول هنا إنها لم تتذكر بصفة مطلقة ـ الدور السوري الى جانبها في تلك الحرب حتى اقتربت من نهايتها. إن أحداً من المسؤولين المصريين او حتى من العسكريين المصريين الذين شاركوا في تلك الحرب ولا يزالون على قيد الحياة لم يتذكر سوريا والدور السوري. ولا يكفي هنا ان نتذكر ان مصر تواجه تحديات داخلية من اعداء حرب 1973 وهم « الاخوان» الذي نجح الجيش المصري في إخراجهم من السلطة قبل شهور معدودة. الصحف المصرية غزيرة الانتاج، وقد احتفلت بذكرى حرب اكتوبر طوال اكثر من اسبوع وأصدرت من الملاحق الداخلية ما حمل قصص البطولات المصرية وقصص الفواجع الاسرائيلية بما حدث في تلك الحرب، لم تتذكر او هي ربما تذكرت ولكنها لم تذكر الدور السوري الى جانب دور مصر في تلك الحرب. وقد يكون من الطبيعي ان لا تذكر الصحافة المصرية شيئاً عن النهايات التي انتهت اليها تلك الحرب على الجانب المصري وعلى الجانب السوري على السواء، ولكن ان لا يرد اسم سوريا نهائياً في الصحافة المصرية الورقية او الالكترونية، فهذا ما يدعو للدهشة. بل لعلنا مضطرون لأن نذكر ان تصريحات بشار الأسد عن ذكرى الحرب لم تنشر إلا في صحيفة مصرية واحدة على عمود واحد على الصفحة الثالثة منها (…) وأما ما نشرته الصحافة المصرية عن سوريا فلم يتــجاوز الأخــذ من التغــطية التي يتكفل بها الاعــلام ـ وخاصــة وكالات الانــباء الغــربية الاميركية والبريطانيـة والفرنـسية ـ وهي تتعلق فقط بأحداث سوريا الراهنة. وأحداث سوريا الراهنة تتعلق بالحروب التي تخوضها سوريا ضد التنظيمات الاجنبية التي جندتها الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا بهدف تقسيم سوريا بل تمزيقها. وهو الهدف الذي تمكنت مصر من الإفلات منه ـ حتى الآن على الأقل ـ بفضل تماسك الجيش المصري وبفضل الدور الذي قام به قائده الفريق اول عبدالفتاح السيسي. لماذا لم يدرك الجيش المصري وقادته الكــبار أن ما أريد بمصــر خــلال الفــترة السابقــة من جــانب «الاخوان» هو نفسه ما يراد بسوريا خلال الفترة نفسها، فذلك هــو اللغــز الذي يتــعذر فهــمه او حلــه. إننا اذا اتجــهنا بذهننا الى بلدان الخليج النفــطية الغــنية نصــطدم بالاخــتلاف الشاسع بين دور هذه البلدان المالي والتسليــحي والتدريبي في سوريا مساعدة للتنظيمات الاجنبية، ولكننا اذا اتجــهنا الى دور هذه البــلدان نفســها والدور نفسـه في مصــر نــتبــين ان البــلدان الخليـــجية الغنــية تمد يد المســاعدة لمصر إنما للأهداف ذاتها، إخضاع مــصر للنــفوذ المالي والسياسي والإستراتيجي لهذه البلدان النفطية، ما دام قد تعذر وتعثر دورها ازاء يقظة الجيش المصري وافتضاح دور «الاخوان» وحكومتهم وتنظيمهم. هل سيأتي الوقت الذي تكشف فيه القوى الوطنية المصرية ـ وبينها الجيش ـ دور البلدان الخليجية؟ إن الرد على هذا السؤال يرتبط أشد الارتباط بمدى معرفة القوى الوطنية المصرية ـ وبصفة خاصة الجيش ـ بالدور الذي تؤديه بلدان الخليج في حروب سوريا الراهنة.والامر المؤكد ان مصــر وقــواها الوطنــية، وعــلى رأسها الجيش، هي على علم تام ودقيق بأدوار كل الاطراف في الحروب السورية. ادوار البلدان الخليجية وأموالها وأسلحتها وتدريباتها، وأدوار البلدان الغربية، بما فيها اميركا وأوروبا، في هذه الحروب بين التخطيط والتنظيم والدعم السياسي والنفسي. كذلك أدوار البلدان العربيــة المؤيدة لهــذه الحــروب. ولا تحتاج مصر ولا الجــيش المصــري ان تنتظر لتعرف ما يجري. إنها تعــرف بالفــعل وبدقة ما الــذي يجــري في سوريا. انــها فقــط لم تظــهر لجماهــير مصــر والعرب والعالم انها تعرف. وقد تكون لها اسبابها في إخفاء حقيقة أنها تعرف أنَّ ما يجري في سوريا كان معداً لمصر مثله تماماً، ولكن دور الجيش المصري هو الذي ادى الى إزاحة «الاخوان» من السلطة وأدى بالتالي الى انحسار دور «الاخوان» في مصر على النحو الذي نتبينه الآن. ولقد كان بإمكان بلدان الخليج ان تستخدم فوائضها المالية لاخراج سوريا من مأزقهــا بالمــثل، لو انها لم تكــن تخــضع لإمــلاءات الــدول الغربيــة، وخاصة الولايات المتحدة. ولكن، لأن الدول الغربية، وخاصة الولايات المتحــدة، عرفــت في الوقــت المنــاسب ان مصـر تملــك قــوة تماسك وطنية كافيــة لا تفــلح معها خطط التقسيم، وجدت بلدان الخليج الغنية نفسها تسلك تجاه مصر كما تسلك الآن تجاه سوريا. لا يبقى إلا ان تتخذ مصر موقفاً كافياً لإيقاظ بلدان الخليج الغنية الى حقيقة سوريا. يتوجب على مصر ان تمد يد الأخوة العربية الى سوريا. هذا شرط ضروري لإنهاء محنة سوريا. وقد بدأت مصر السير على هذا الطريق.  

المصدر : السفير/سمير كرم


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة