دليل ماسة
أكثر الروابط استخداما
صار لزاما على رئيس الجمهورية ميشال سليمان أن يتقبل فكرة الذهاب إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة بعد أقل من أسبوعين من دون وجود حكومة كان مقدرا لها أن تولد قبل الثالث والعشرين من أيلول.
أما «تطيير» مشروع الحكومة الجديدة، فله صاحب حصري وحيد اسمه رئيس الاستخبارات السعودية الأمير بندر بن سلطان... والسبب هو اقتناعه بحتمية الضربة العسكرية الأميركية لسوريا... وما سينتج عنها من تداعيات على كل المنطقة، بما فيها لبنان.
وتقول مصادر واسعة الاطلاع لـ«السفير» إنه غداة متفجرتي طرابلس في الثالث والعشرين من آب الماضي، جرت اتصالات عاجلة بين بيروت والرياض، أثمرت عودة عاجلة للسفير السعودي علي عواض عسيري إلى لبنان.
كما تزامنت مع مشاورات سياسية مكثفة في بيروت توجت كلها بالاجتماع المطول الذي عقدته «قوى 14 آذار» في «بيت الوسط» ليل التاسع والعشرين من آب، في غياب «القوات اللبنانية»، وتم خلاله إقرار مبدأ السير بالحكومة الجامعة التي دعا إليها سليمان، بمشاركة «حزب الله»، لكن وفق قاعدة 8-8-8، وعلى أساس المداورة في الحقائب.
وبعد مرحلة ثانية من المشاورات شملت رئيس «جبهة النضال الوطني» النائب وليد جنبلاط، تم إقرار الحصص الوزارية كالآتي:
8 وزراء لـ«فريق 8 آذار» يتوزعون كالآتي: اثنان من حصة حركة «أمل»(أحدهما الوزير الحالي علي حسن خليل)، اثنان من حصة «حزب الله»(محمد فنيش وحسين الحاج حسن)، أربعة وزراء مسيحيين من حصة «تكتل التغيير والإصلاح».
8 وزراء لـ«فريق 14 آذار» يتوزعون كالآتي: 4 وزراء يمثلون «المستقبل»(بينهم وزير مسيحي)، 4 وزراء يمثلون مسيحيي هذا الفريق («قوات» و«كتائب» ومستقلون).
8 وزراء لمن يسمون أنفسهم «الفريق الوسطي»، تتوزع حصصهم كالآتي: وليد جنبلاط (وزيران درزيان)، وزيران لتمام سلام أحدهما سني والثاني مسيحي(بالإضافة إلى الرئيس المكلف نفسه)، ثلاثة وزراء لرئيس الجمهورية بينهم وزير شيعي غير
استفزازي لكل من «حزب الله» و«أمل»(من أصل ثلاثة أسماء تم تداولها)، ووزيران مسيحيان.
وقالت المصادر إن سلام كان قد وضع اللمسات الأخيرة وطلب موعدا لتسليم التشكيلة يوم الخميس الماضي إلى سليمان، غير أن «تطورا ما» حصل في غضون أقل من 72 ساعة (بين الاثنين والأربعاء)، أدى إلى تطيير مشروع إعلان حكومة الأربعة وعشرين وزيرا.
وردا على سؤال، قالت المصادر إن بندر بن سلطان طلب تجميد عملية التأليف، معتبرا أنه إذا حصلت الضربة العسكرية لسوريا، يمكن الذهاب نحو خيارات أخرى، بينها تكليف الرئيس سعد الحريري نفسه، ومن دون أي التزام بتوزير «حزب الله».
وأشارت المصادر إلى أن رئيس الجمهورية تبلغ بالقرار السعودي عبر قنوات غير مباشرة، ومن بعدها شكلت زيارة الرئيس تمام سلام إلى القصر الجمهوري، مناسبة لطي مشروع التشكيلة وطلب فترة سماح جديدة تمتد حتى نهاية شهر أيلول على الأقل.
تداعيات معلولا
في هذه الاثناء، احتدم السجال على الساحة المسيحية، حول أحداث معلولا السورية، مع بروز مقاربتين متناقضتين لما يجري فيها بين «التيار الوطني الحر» و«القوات اللبنانية».
وقال رئيس حزب «القوات» سمير جعجع لـ«السفير» إنه متعاطف بشكل كامل مع معلولا، «لكنني في الوقت ذاته لا أستطيع إلا أن أعبر عن اسفي الشديد لكون بعض الفرقاء اللبنانيين يستعملون عذاب أهلها لأغراض سياسية ضيقة». وأضاف: خطأ، بل خطيئة أن يعمد البعض الى المتاجرة بآلام سكان هذه البلدة التاريخية، ووضع ما يجري فيها ضمن سياق غير واقعي وغير حقيقي.
واعتبر جعجع أن الكلام حول مسؤولية «جبهة النصرة» عما يحدث في معلولا هو «مجرد حكي، يندرج في سياق دعاية منظمة».
واستهجن جعجع محاولة «التيار الوطني الحر» توظيف ما يحدث في معلولا لصالح منطقه السياسي، مشيرا الى أنه من المعيب أن يكون «التيار» متحالفا مع نظام لا يتورع عن استخدام السلاح الكيميائي ضد شعبه.
واستغرب قول الوزير جبران باسيل إن ما يجري في معلولا يأتي في سياق تفريغ الشرق من مسيحييه، معتبرا أن هذا النوع من الطروحات ليس سوى دعاية تعبوية، تُستخدم من أيام صدام حسين وصولا الى بشار الاسد، في إطار سعي الدكتاتوريات الحاكمة في الشرق الى الإيحاء بأنها أنظمة علمانية تحقق الأمان للأقليات.
في المقابل، رأى الوزير باسيل أن ضرب معلولا هو ضرب لمشرقية المسيحيين واشارة جدية الى تنفيذ مخطط تهجير المسيحيين من الشرق.
وقال باسيل في مؤتمر صحافي إن هناك فريقا لبنانيا يرفض اعمال التكفيريين ويواجههم، وفريق آخر يقبل ما يجري، وهذا بدوره ينقسم الى فئتين، أولى تعتبر انها تستفيد من هذه الظاهرة وهي منغمسة بتشجيعها، والفئة الثانية مسيحية تقوم بتبسيط الموضوع الى حد انكاره انطلاقا من مبدأ «فليحكم الإخوان».
واشار الى أن جعجع «دعانا منذ اسبوع الى اعادة النظر في موقفنا ثم جاءت احداث معلولا لتجيب عليه، ونحن لا نفرح لأنه ظهر أن الحق معنا لأن ما النفع اذا كان الحق معنا وحصل اعتداء علينا جميعا؟».
المصدر :
الماسة السورية / السفير
اكتب تعليق
كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة