أبلغ الرئيس بشار الأسد في أحدث اجتماع له مع قياداته بعد تعاظم أخبار الضربة الأميركية، أنّه «منذ بداية الأزمة، وأنتم تعلمون جيداً أننا ننتظر اللحظة التي يطلّ بها عدونا الحقيقي برأسه متدخلاً.

 وأعرف أن معنوياتكم مرتفعة وجاهزيتكم كاملة لاحتواء أي عدوان والحفاظ على الوطن. ولكن أطالبكم بأن تنقلوا هذه المعنويات إلى مرؤوسيكم والمواطنين السوريين. فهذه مواجهة تاريخية سنخرج منها منتصرين».

وكشفت صحيفة السفير نقلاً عن مصدر سوري مطلعّ على أعلى مصادر القرار صورة للموقف الراهن كما تراه دمشق، وذلك على النحو الآتي:

يقول إنه بحسب تقديرات دمشق، فإن الضربة الأميركية العسكرية لسورية حاصلة على الأرجح، وهذا التطور لم يفاجئ القيادة؛ فمنذ طرحت واشنطن موضوع السلاح الكيميائي كقضية مثارة على طاولة النقاش الدولي، كان النظام يدرك أنّ أميركا تجهز هذه الورقة لتطرحها في الوقت المناسب كذريعة تبرر عدوانها العسكري.

يؤكد المصدر، نفسه، أن إخراج «فيلم تلفيق استخدام النظام للسلاح الكيميائي، لم يكن موفقاً؛ فهو يذكر بتلفيق تهمة الملف النووي للعراق، الذي عادت الدول الغربية التي فبركته للاعتراف لاحقاً بأنها كانت تكذب». ويلفت إلى مفارقة لافتة حصلت في ذات اليوم الذي فبرك فيه الغرب كذبة استخدام الكيميائي؛ حيث قبل ساعة من امتلاء الفضائيات العربية والغربية بصور قتلى الهجوم المزعوم، كان التلفزيون السوري يعرض مباشرة صور مقابر جماعية اكتشفها الجيش في بلدة بيت الشكوحي في شمال ريف اللاذقية إثر سيطرته عليها. احتوت المقابر على جثث ١٢٠ امرأة و٥٠ طفلاً. وكانت المجموعات المسلحة حينما باغتت قراهم، انطلاقاً من جبال التركمان، قد احتجزتهم، وتوزعت أسرهم الكتائب الخمس المشاركة في الهجوم، وهم الليبية والشيشانية والسعودية ولواء أحفاد الرسول ودولة العراق والشام الإسلامية. وما حدث أن مشاهد ما سمّته فضائيات عربية وغربية صوراً مباشرة لمجزرة كيميائية في الغوطة الشرقية، لفتت انتباه الرأي العام عن متابعة ما هو حاصل داخل مقابر بيت الشكوحي.

ومن وجهة نظر المصدر نفسه، إنّ الاتهامات باستخدام الكيميائي لا تستند إلى أي دليل يعتد به. أساساً لا يوجد مسرح جريمة يمكن معاينته لاكتشاف المرتكب؛ فالمعارضة تقول إنّ عشرة مواقع على الأقل في الغوطة الشرقية تعرضت لهجمات، علماً بأنّ هذه المنطقة تشتمل على أكثر من ١٢٠ قرية. ووفق بديهيات القانون، لا يمكن تحرير محضر اتهام من دون وجود مسرح جريمة غير ممسوس به. لكن المعارضة افتتحت تلفيقة اتهام النظام بعرض صور جثامين قتلى الكيميائي على شاشات التلفزة وهي ملفوفة بالأكفان، بعد أن نقلتهم من مسرح الجريمة المفترض، وقبل أن تعلم أي جهة رسمية بحدوثها. لا أحد يعلم يقيناً أين قتل هؤلاء الأشخاص ومتى جمعت المعارضة جثامينهم، ولا يوجد مسرح جريمة حيّ لمعاينته. لقد مست المعارضة به بالكامل. وكل ما فعله مفتشو الأمم المتحدة خلال زيارتهم الأولى، أنهم حددوا مواعيد لبعض الأشخاص الذين عاينوا نوعية إصاباتهم للتأكد من أنها ناتجة من مادة كيميائية، ثم انكبوا على كتابة تقريرهم.

تستعيد القيادة السورية اليوم وقائع قصة الفبركة الأميركية للسلاح العراقي النووي، مع تأكيدها أنّ سورية غير العراق. ففي الأخير كانت واشنطن تعلم أنه بسقوط بغداد تسقط كل بلاد ما بين النهرين، وهذا ما يفسر تصرف الدبابات الأميركية عندما اجتازت الطريق الاسفلتي من أم القصر نحو بغداد مباشرة، من دون أن تعرج على أية محافظة. أما إخضاع سوريا، فيحتاج الدخول إلى كل قرية وكل بلدة فيها.

يقول المصدر إنّ محادث الرئيس الأسد في ظروف أجواء هذه المعركة المتوقعة، تختلط عليه قضية تفسير مصدر شجاعته الذي يدفعه لإيمانه بالنصر، فهل هو حالة شخصية لديه، أم أنه مبني أيضاً على وقائع ومعطيات وتوازنات؟ ويكشف المصدر، في هذا السياق، ملامح عن طبيعة تقدير دمشق لكيفية مواجهة العدوان. يقول: صاغت سوريا رؤية للمواجهة تتشكل من 3 أقانيم. أولاً: احتواء العدوان، ثمّ الردّ عليه بمكان مؤلم، وثالثاً، الجزم بأن الأميركي أو الناتو لن يجرؤ على إنزال جيوشه على الأرض. ومجمل تجارب العدوان الإسرائيلي والغربي في العقود الثلاثة الماضية تركت في أثرها رسالة واضحة، هي أنّ الجيل الجديد من الحروب الكبرى لا يحسم من الجو أو عبر إرسال الصواريخ البعيدة المدى، بل عبر إثبات القدرة للنزول إلى الأرض والثبات فوقها.

أما بخصوص «احتواء الضربة»، فإن مستلزماته تحتم التنبه لأمرين اثنين، هما إعلامي وعسكري، يقول المصدر المطلع. ويضيف: «على المستوى الأول نحن نتوقع منذ الآن السيناريوهات التي أعدتها مسبقاً فضائيات عربية معروفة لمواكبة القصف الجوي والبري لحظة بدئه، بقصف إعلامي يهدف لتثبيط معنويات الشعب ومحاولة كسب المعركة بالأعلام قبل انتهائها».

ويقول المصدر السوري المطلع على تفاعل تفكير النظام تجاه الأزمة منذ بدئها حتى الآن، إنّ الفكرة الإستراتيجية التي تجعل رأس النظام مؤمن بأن حرب أميركا عليه ستفشل، تتمثل بأن أوباما في ظل قراره الحالي بضرب سوريا، يأخذ نفسه إلى ذات تجربة الرئيس السابق جورج بوش، التي خلّفت لأميركا كوارث عسكرية واقتصادية وهزائم إستراتيجية على مستوى تراجع مكانتها العالمية. وبرأي النظام، إن قوته بمواجهة الحرب الأميركية المرتقبة تكمن في أنّ واشنطن تكرّر تجربة الغزوات الفاشلة السابقة، إضافة إلى أنّها لا تملك حالياً إستراتيجية واضحة تجاه الأزمة السورية؛ فأوباما يملك مواقف تجاه الرئيس الأسد ولا يملك سياسة محددة تجاه أزمة جيو سياسية مركبة. وواقعه في هذه اللحظة يشير إلى أنّه قرّر الخروج من حالة الموقف تجاه سوريا إلى حالة انتهاج سياسة احتواء الأزمة، واعتقال توازناتها، ومنعها من الاستمرار في التمدد إلى فضاءات دولية وإقليمية، وذلك من خلال إتباع أسلوب التدخل العسكري الجراحي. لكن من المشكوك فيه أن تنجح واشنطن - كما نعرفها اليوم - بتجسيد هدفها الآنف، بل كل التوقع السائد عالمياً هو فشل الضربة سياسياً مع التسبب في إطالة أمد الأزمة وإضافة تعقيدات إليها.

يتوقعون في دمشق أن يشنّ الناتو حرباً تحاكي النموذج اليمني وليس نموذج حربها في ليبيا. والترجمة العملية المتوقعة، هو أنّ تنفذ أميركا ضربة إستراتيجية أولى تستهدف بالأغلب نقاط الجيش، التي تشكّل نوعاً من الجدارات التي تفصل بين تجمعات المعارضة، وتؤدي وظيفة عزلها، ما سمح بمحاصرتها في مربعات معزولة. والهدف من ضرب هذه الحواجز هو السماح لمربعات المعارضة المحاصرة باستعادة قدرتها على التواصل والتمدد في مناطق شاسعة، وعلى نحو يعيدها لوجستياً إلى الوضع الذي كانت عليه قبل معركة القصير، ومجمل اندفاعة الجيش السوري في ريفي دمشق وحمص وفي حلب. وتريد هذه الضربة سياسياً الاستجابة لمقولة المعارضة عن أنها لن تشارك في مؤتمر «جنيف ٢» ما دام توازن القوى على الأرض هو في مصلحة النظام.

الهدف الثاني الأساس للضربة هو أن تشكّل سابقة لتدشين مرحلة تدخل عسكري مستديم في سوريا، وعلى مدى طويل، وبأسلوب يحاكي النموذج اليمني، لا الليبي أو الصربي. وتريد أميركا من ذلك أن تجعل العالم يتكيّف مع قيام طائراتها المنقادة من دون طيار بضرب أهداف منتقاة في سوريا بين فترة وأخرى. وداخل بنك أهداف هذا النوع من الغارات اغتيال الرئيس بشار الأسد، على اعتبار أن ذلك يزيح من أمام «جنيف ٢» العقبة الأساس أمام عقده، والمتمثلة من وجهة نظر الغرب وبعض العرب بالسؤال: عملية سياسية مع الأسد أو من دونه؟! ويخلُص المصدر السوري إلى القول أنه ليس هناك شك لدى سوريا بأنّها ستخرج من هذه المعركة منتصرة، رغم التيقن بأنّها ستزيد آلام الشعب السوري وسترفع من كلفة مواجهة الحرب على سوريا، لكن هذه المرة لن تكون الكلفة من طرف واحد، بل أوباما بتصرفه هذا، يدعو كل المنطقة إلى المشاركة بدفع فاتورة الدم.

  • فريق ماسة
  • 2013-08-28
  • 12000
  • من الأرشيف

الأسد لقيادته: ننتظر اللحظة التي يطل بها عدونا الحقيقي برأسه متدخل والجاهزية كاملة

أبلغ الرئيس بشار الأسد في أحدث اجتماع له مع قياداته بعد تعاظم أخبار الضربة الأميركية، أنّه «منذ بداية الأزمة، وأنتم تعلمون جيداً أننا ننتظر اللحظة التي يطلّ بها عدونا الحقيقي برأسه متدخلاً.  وأعرف أن معنوياتكم مرتفعة وجاهزيتكم كاملة لاحتواء أي عدوان والحفاظ على الوطن. ولكن أطالبكم بأن تنقلوا هذه المعنويات إلى مرؤوسيكم والمواطنين السوريين. فهذه مواجهة تاريخية سنخرج منها منتصرين». وكشفت صحيفة السفير نقلاً عن مصدر سوري مطلعّ على أعلى مصادر القرار صورة للموقف الراهن كما تراه دمشق، وذلك على النحو الآتي: يقول إنه بحسب تقديرات دمشق، فإن الضربة الأميركية العسكرية لسورية حاصلة على الأرجح، وهذا التطور لم يفاجئ القيادة؛ فمنذ طرحت واشنطن موضوع السلاح الكيميائي كقضية مثارة على طاولة النقاش الدولي، كان النظام يدرك أنّ أميركا تجهز هذه الورقة لتطرحها في الوقت المناسب كذريعة تبرر عدوانها العسكري. يؤكد المصدر، نفسه، أن إخراج «فيلم تلفيق استخدام النظام للسلاح الكيميائي، لم يكن موفقاً؛ فهو يذكر بتلفيق تهمة الملف النووي للعراق، الذي عادت الدول الغربية التي فبركته للاعتراف لاحقاً بأنها كانت تكذب». ويلفت إلى مفارقة لافتة حصلت في ذات اليوم الذي فبرك فيه الغرب كذبة استخدام الكيميائي؛ حيث قبل ساعة من امتلاء الفضائيات العربية والغربية بصور قتلى الهجوم المزعوم، كان التلفزيون السوري يعرض مباشرة صور مقابر جماعية اكتشفها الجيش في بلدة بيت الشكوحي في شمال ريف اللاذقية إثر سيطرته عليها. احتوت المقابر على جثث ١٢٠ امرأة و٥٠ طفلاً. وكانت المجموعات المسلحة حينما باغتت قراهم، انطلاقاً من جبال التركمان، قد احتجزتهم، وتوزعت أسرهم الكتائب الخمس المشاركة في الهجوم، وهم الليبية والشيشانية والسعودية ولواء أحفاد الرسول ودولة العراق والشام الإسلامية. وما حدث أن مشاهد ما سمّته فضائيات عربية وغربية صوراً مباشرة لمجزرة كيميائية في الغوطة الشرقية، لفتت انتباه الرأي العام عن متابعة ما هو حاصل داخل مقابر بيت الشكوحي. ومن وجهة نظر المصدر نفسه، إنّ الاتهامات باستخدام الكيميائي لا تستند إلى أي دليل يعتد به. أساساً لا يوجد مسرح جريمة يمكن معاينته لاكتشاف المرتكب؛ فالمعارضة تقول إنّ عشرة مواقع على الأقل في الغوطة الشرقية تعرضت لهجمات، علماً بأنّ هذه المنطقة تشتمل على أكثر من ١٢٠ قرية. ووفق بديهيات القانون، لا يمكن تحرير محضر اتهام من دون وجود مسرح جريمة غير ممسوس به. لكن المعارضة افتتحت تلفيقة اتهام النظام بعرض صور جثامين قتلى الكيميائي على شاشات التلفزة وهي ملفوفة بالأكفان، بعد أن نقلتهم من مسرح الجريمة المفترض، وقبل أن تعلم أي جهة رسمية بحدوثها. لا أحد يعلم يقيناً أين قتل هؤلاء الأشخاص ومتى جمعت المعارضة جثامينهم، ولا يوجد مسرح جريمة حيّ لمعاينته. لقد مست المعارضة به بالكامل. وكل ما فعله مفتشو الأمم المتحدة خلال زيارتهم الأولى، أنهم حددوا مواعيد لبعض الأشخاص الذين عاينوا نوعية إصاباتهم للتأكد من أنها ناتجة من مادة كيميائية، ثم انكبوا على كتابة تقريرهم. تستعيد القيادة السورية اليوم وقائع قصة الفبركة الأميركية للسلاح العراقي النووي، مع تأكيدها أنّ سورية غير العراق. ففي الأخير كانت واشنطن تعلم أنه بسقوط بغداد تسقط كل بلاد ما بين النهرين، وهذا ما يفسر تصرف الدبابات الأميركية عندما اجتازت الطريق الاسفلتي من أم القصر نحو بغداد مباشرة، من دون أن تعرج على أية محافظة. أما إخضاع سوريا، فيحتاج الدخول إلى كل قرية وكل بلدة فيها. يقول المصدر إنّ محادث الرئيس الأسد في ظروف أجواء هذه المعركة المتوقعة، تختلط عليه قضية تفسير مصدر شجاعته الذي يدفعه لإيمانه بالنصر، فهل هو حالة شخصية لديه، أم أنه مبني أيضاً على وقائع ومعطيات وتوازنات؟ ويكشف المصدر، في هذا السياق، ملامح عن طبيعة تقدير دمشق لكيفية مواجهة العدوان. يقول: صاغت سوريا رؤية للمواجهة تتشكل من 3 أقانيم. أولاً: احتواء العدوان، ثمّ الردّ عليه بمكان مؤلم، وثالثاً، الجزم بأن الأميركي أو الناتو لن يجرؤ على إنزال جيوشه على الأرض. ومجمل تجارب العدوان الإسرائيلي والغربي في العقود الثلاثة الماضية تركت في أثرها رسالة واضحة، هي أنّ الجيل الجديد من الحروب الكبرى لا يحسم من الجو أو عبر إرسال الصواريخ البعيدة المدى، بل عبر إثبات القدرة للنزول إلى الأرض والثبات فوقها. أما بخصوص «احتواء الضربة»، فإن مستلزماته تحتم التنبه لأمرين اثنين، هما إعلامي وعسكري، يقول المصدر المطلع. ويضيف: «على المستوى الأول نحن نتوقع منذ الآن السيناريوهات التي أعدتها مسبقاً فضائيات عربية معروفة لمواكبة القصف الجوي والبري لحظة بدئه، بقصف إعلامي يهدف لتثبيط معنويات الشعب ومحاولة كسب المعركة بالأعلام قبل انتهائها». ويقول المصدر السوري المطلع على تفاعل تفكير النظام تجاه الأزمة منذ بدئها حتى الآن، إنّ الفكرة الإستراتيجية التي تجعل رأس النظام مؤمن بأن حرب أميركا عليه ستفشل، تتمثل بأن أوباما في ظل قراره الحالي بضرب سوريا، يأخذ نفسه إلى ذات تجربة الرئيس السابق جورج بوش، التي خلّفت لأميركا كوارث عسكرية واقتصادية وهزائم إستراتيجية على مستوى تراجع مكانتها العالمية. وبرأي النظام، إن قوته بمواجهة الحرب الأميركية المرتقبة تكمن في أنّ واشنطن تكرّر تجربة الغزوات الفاشلة السابقة، إضافة إلى أنّها لا تملك حالياً إستراتيجية واضحة تجاه الأزمة السورية؛ فأوباما يملك مواقف تجاه الرئيس الأسد ولا يملك سياسة محددة تجاه أزمة جيو سياسية مركبة. وواقعه في هذه اللحظة يشير إلى أنّه قرّر الخروج من حالة الموقف تجاه سوريا إلى حالة انتهاج سياسة احتواء الأزمة، واعتقال توازناتها، ومنعها من الاستمرار في التمدد إلى فضاءات دولية وإقليمية، وذلك من خلال إتباع أسلوب التدخل العسكري الجراحي. لكن من المشكوك فيه أن تنجح واشنطن - كما نعرفها اليوم - بتجسيد هدفها الآنف، بل كل التوقع السائد عالمياً هو فشل الضربة سياسياً مع التسبب في إطالة أمد الأزمة وإضافة تعقيدات إليها. يتوقعون في دمشق أن يشنّ الناتو حرباً تحاكي النموذج اليمني وليس نموذج حربها في ليبيا. والترجمة العملية المتوقعة، هو أنّ تنفذ أميركا ضربة إستراتيجية أولى تستهدف بالأغلب نقاط الجيش، التي تشكّل نوعاً من الجدارات التي تفصل بين تجمعات المعارضة، وتؤدي وظيفة عزلها، ما سمح بمحاصرتها في مربعات معزولة. والهدف من ضرب هذه الحواجز هو السماح لمربعات المعارضة المحاصرة باستعادة قدرتها على التواصل والتمدد في مناطق شاسعة، وعلى نحو يعيدها لوجستياً إلى الوضع الذي كانت عليه قبل معركة القصير، ومجمل اندفاعة الجيش السوري في ريفي دمشق وحمص وفي حلب. وتريد هذه الضربة سياسياً الاستجابة لمقولة المعارضة عن أنها لن تشارك في مؤتمر «جنيف ٢» ما دام توازن القوى على الأرض هو في مصلحة النظام. الهدف الثاني الأساس للضربة هو أن تشكّل سابقة لتدشين مرحلة تدخل عسكري مستديم في سوريا، وعلى مدى طويل، وبأسلوب يحاكي النموذج اليمني، لا الليبي أو الصربي. وتريد أميركا من ذلك أن تجعل العالم يتكيّف مع قيام طائراتها المنقادة من دون طيار بضرب أهداف منتقاة في سوريا بين فترة وأخرى. وداخل بنك أهداف هذا النوع من الغارات اغتيال الرئيس بشار الأسد، على اعتبار أن ذلك يزيح من أمام «جنيف ٢» العقبة الأساس أمام عقده، والمتمثلة من وجهة نظر الغرب وبعض العرب بالسؤال: عملية سياسية مع الأسد أو من دونه؟! ويخلُص المصدر السوري إلى القول أنه ليس هناك شك لدى سوريا بأنّها ستخرج من هذه المعركة منتصرة، رغم التيقن بأنّها ستزيد آلام الشعب السوري وسترفع من كلفة مواجهة الحرب على سوريا، لكن هذه المرة لن تكون الكلفة من طرف واحد، بل أوباما بتصرفه هذا، يدعو كل المنطقة إلى المشاركة بدفع فاتورة الدم.

المصدر : الماسة السورية


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة