لبنان على صفيح ساخن وتكاد تسابق التطورات الأمنية نفسها، للمشاركة في «الماراتون الأمني الدراماتيكي». بالأمس، لم تكن السيارات المفخخة هي الحدث، وإنما 4 صواريخ أطلقها مجهولون من الجنوب باتجاه الأراضي الفلسطينية المحتلة، وسقوطها في عكا ومستوطنة نهاريا.

بدورها، أكدت مديرية التوجيه في قيادة الجيش أنه «عند الساعة 16,50 من بعد ظهر اليوم (أمس)، أقدم مجهولون على إطلاق 4 صواريخ نوع «كاتيوشا» من جنوب مدينة صور في اتجاه الأراضي الفلسطينية المحتلة». وأضافت: «على الأثر، قامت وحدات الجيش بعملية بحث وتفتيش في المنطقة، حيث عثرت على 4 منصات خشبية لإطلاق الصواريخ في خراج بلدة الحوش، وقد باشرت أجهزة الجيش المختصة، بالتنسيق مع قوات الأمم المتحدة الموقتة في لبنان، التحقيق في الحادث لكشف ملابساته وتحديد هوية الفاعلين وتوقيفهم».

وأوضح جيش الاحتلال الإسرائيلي أن منظومة «القبة الحديدية» المضادة للصواريخ دمّرت أحد الصواريخ بين بلدتي عكا ونهاريا، مشيراً إلى أن الصواريخ الأخرى سقطت خارج المنطقة.

تفاصيل ميدانية

وقد اختار المنفذون إطلاق صواريخ الـ«كاتيوشا» البعيدة المدى، من منطقة مسيّجة من جهاتها الأربع ببساتين الحمضيات والاشجار المعمرة في منطقة الحوش، الى الشرق من مدينة صور.

توقيت اطلاق هذه الصواريخ، من داخل احد البساتين وعلى بعد حوالي ثلاثين متراً من شارع ترابي، لم يخلُ من حنكة أمنية للجهات المنفذة التي عملت بهدوء، لا سيما وأن فاصلاً زمنياً حصل بين الدفعة الاولى والثانية من الصواريخ ليتبعهما أيضاً إطلاق رشقات نارية، بحسب سكان من المنطقة.وسُمعت أصداء إطلاق الصواريخ الأربعة في المنطقة وصولاً إلى عمق مدينة صور، لتصحبها سحب دخان كثيف. وقد رَصد سكان عدد من الابنية المقابلة حركة عدد من الأشخاص الذين كانوا يستقلون دراجتين ناريتين في الطريق المؤدي إلى مكان إطلاق الصواريخ، وقيام سيارة «رابيد» من دون لوحة بالوقوف في وسط الشارع في المدة الزمنية التي فصلت بين إطلاق الدفعة الاولى والثانية من الصواريخ.

على اثر إطلاق الصواريخ التي وصل مداها إلى أكثر 25 كلم، توجّهت قوة كبيرة من الجيش اللبناني إلى المنطقة، حيث عاينت مكان إطلاق الصواريخ، ليتبيّن وجود بقايا أربع منصات خشبية كانت ما تزال موجودة تحت عدد من أشجار الحمضيات، ويبدو أنها استحضرت على عجل.

وبعد حوالي ساعتين على الحادثة، التي أدت إلى نزوح محلي لعدد من العائلات القريبة من المكان، حضر فريق تحقيق من قوات «اليونيفيل» مدعوماً بقوات ايطالية، وعمل على تحديد المنطقة بواسطة جهاز «جي بي اس». كما أخذ كلّ من عناصر الجيش وفريق «اليونيفيل» عيّنات من الموقع، وسط حضور لافت لعناصر من «حزب الله» باللباس المدني.

وأشارت المعلومات إلى أن قوى الأمن الداخلي استجوبت، مساء أمس، أحد النواطير في البستان المذكور، وهو من التابعية المصرية، لاستيضاحه حول ما اذا كان قد رصد أي أمر مستغرب قبل إطلاق الصواريخ وبعده.

وكانت قيادة «اليونيفيل» قد أكدت أن «فريق التحقيق في اليونيفيل على اتصال مع الجيش الاسرائيلي لتحديد الأماكن المحتملة لسقوط الصواريخ، وقد باشر القائد العام لليونيفيل اللواء باولو سييرا على الفور باتصالاته بكبار القادة في الجيش اللبناني والجيش الإسرائيلي، وحثهما على ضرورة ممارسة أقصى درجات ضبط النفس والتعاون مع «اليونيفيل» من أجل منع التصعيد الذي ليس من مصلحة أحد من الاطراف، ولضمان بقاء الحادثة معزولة»، مشيرةً إلى أن «الأطراف أكدت اهتمامها بإبقاء الوضع تحت السيطرة، وتعهدت بالتعاون والعمل بشكل وثيق مع «اليونيفيل» من أجل الوصول إلى هذه الغاية».

ونقل البيان عن سييرا قوله: «إن إطلاق الصواريخ اليوم هو خرق خطير لقرار مجلس الأمن 1701، وبشكل خاص فإن عمل كهذا يعرّض المدنيين في المنطقة للخطر ويظهر بأن هناك بعض الأشخاص الذين يودون زعزعة الهدوء في المنطقة»، مشدداً على أن «الوضع على المحك».

ودان سييرا بشدة هذا الخرق، لافتاً الانتباه إلى أن «هذا العمل لن يحيد «اليونيفيل» عن مهامها التي تقوم بها مع الجيش اللبناني، وسوف يزيد من تصميمنا على القيام بكل ما في طاقتنا من أجل أن يستمر الهدوء الحالي».

وبالنسبة للعدو الإسرائيلي، فقد سارع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، إلى التهديد، فقال: «على كل من يلحق بنا الأذى او يحاول ذلك أن يعلم اننا سنقوم بضربه».

وإذ أوضح المتحدث العسكري الاسرائيلي بيتر ليرنر أن «تقديراتنا حتى الآن تشير إلى أنها عملية إطلاق نفذها تنظيم جهادي»، وصف كبير المتحدثين العسكريين يواف موردخاي الحادث بأنه «فردي».

أما وسائل الإعلام الإسرائيلية فعرضت لقطات لسيارة واحدة على الأقل أصابتها أضرار جراء بقايا الصاروخ، من دون الإشارة إلى وقوع إصابات.

 

.. والرؤساء ينددون

 

وما ذاع الخبر، حتى عمت بيانات الاستنكار. فندّد رئيس الجمهورية ميشال سليمان بإطلاق الصواريخ «نظراً إلى ما يشكل هذا الأمر من خرق للقرار 1701 وتجاوز للسيادة اللبنانية»، وطلب من الأجهزة المعنية «العمل على كشف الذين أقدموا عليه وإحالتهم إلى القضاء».

ودان رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي الحادثة «التي تعتبرها الحكومة اللبنانية انتهاكاً صارخاً لقرار مجلس الأمن الدولي الرقم 1701، وتؤكد أن الجيش اللبناني بدأ، بالتعاون مع القوات الدولية العاملة في جنوب لبنان، تحقيقاً مكثفاً لكشف ملابسات هذه الحادثة وإحالة المسؤولين عنها الى القضاء، ومنع أي محاولات للنيل من الاستقرار الذي ينعم به الجنوب، لا سيما المنطقة الحدودية».

ورأى ميقاتي أن الحادثة «محاولة واضحة لتوتير الوضع الأمني في الجنوب وتحويل لبنان مجدداً إلى ساحة لتصفية الصراعات وتوجيه الرسائل في هذا الاتجاه او ذاك».

بدوره، قال الرئيس المكلف تشكيل الحكومة تمام سلام: «إن إطلاق الصواريخ الأربعة من منطقة صور في اتجاه الاراضي الفلسطينية المحتلة عمل قد يلحق الضرر بلبنان ويورطه في مسار يؤدي الى استجلاب عدوان من جانب العدو الإسرائيلي»، داعياً الجيش اللبناني بالتعاون مع «اليونيفيل» إلى «العمل بسرعة على تحديد الفاعلين وإلقاء القبض عليهم».

كما أكد النائب عبد المجيد صالح أنه «على أثر صدور قرار الاتحاد الأوروبي بإدراج الجناح العسكري لحزب الله على لائحة الإرهاب، حذرنا من أن يستغل التخريبيون ما يُسمى بالقوى الجهادية، هذا القرار للعبث بأمن الجنوب، ومحاولة زرع الشك في صفوف القوة العاملة في اليونيفيل»، واصفاً هذه الصواريخ بـ«الفتنوية الصوتية التي لا ترمي، ولا في استطاعتها، تقديم أي دعم مزعوم الى القضية الفلسطينية، وهي مدانة ومكشوفة ومعروفة الأهداف».

  • فريق ماسة
  • 2013-08-22
  • 14186
  • من الأرشيف

«صواريخ يتيمة» إلى فلسطين المحتلّة.. وإسرائيل تتّهم «تنظيماً جهادياً»

لبنان على صفيح ساخن وتكاد تسابق التطورات الأمنية نفسها، للمشاركة في «الماراتون الأمني الدراماتيكي». بالأمس، لم تكن السيارات المفخخة هي الحدث، وإنما 4 صواريخ أطلقها مجهولون من الجنوب باتجاه الأراضي الفلسطينية المحتلة، وسقوطها في عكا ومستوطنة نهاريا. بدورها، أكدت مديرية التوجيه في قيادة الجيش أنه «عند الساعة 16,50 من بعد ظهر اليوم (أمس)، أقدم مجهولون على إطلاق 4 صواريخ نوع «كاتيوشا» من جنوب مدينة صور في اتجاه الأراضي الفلسطينية المحتلة». وأضافت: «على الأثر، قامت وحدات الجيش بعملية بحث وتفتيش في المنطقة، حيث عثرت على 4 منصات خشبية لإطلاق الصواريخ في خراج بلدة الحوش، وقد باشرت أجهزة الجيش المختصة، بالتنسيق مع قوات الأمم المتحدة الموقتة في لبنان، التحقيق في الحادث لكشف ملابساته وتحديد هوية الفاعلين وتوقيفهم». وأوضح جيش الاحتلال الإسرائيلي أن منظومة «القبة الحديدية» المضادة للصواريخ دمّرت أحد الصواريخ بين بلدتي عكا ونهاريا، مشيراً إلى أن الصواريخ الأخرى سقطت خارج المنطقة. تفاصيل ميدانية وقد اختار المنفذون إطلاق صواريخ الـ«كاتيوشا» البعيدة المدى، من منطقة مسيّجة من جهاتها الأربع ببساتين الحمضيات والاشجار المعمرة في منطقة الحوش، الى الشرق من مدينة صور. توقيت اطلاق هذه الصواريخ، من داخل احد البساتين وعلى بعد حوالي ثلاثين متراً من شارع ترابي، لم يخلُ من حنكة أمنية للجهات المنفذة التي عملت بهدوء، لا سيما وأن فاصلاً زمنياً حصل بين الدفعة الاولى والثانية من الصواريخ ليتبعهما أيضاً إطلاق رشقات نارية، بحسب سكان من المنطقة.وسُمعت أصداء إطلاق الصواريخ الأربعة في المنطقة وصولاً إلى عمق مدينة صور، لتصحبها سحب دخان كثيف. وقد رَصد سكان عدد من الابنية المقابلة حركة عدد من الأشخاص الذين كانوا يستقلون دراجتين ناريتين في الطريق المؤدي إلى مكان إطلاق الصواريخ، وقيام سيارة «رابيد» من دون لوحة بالوقوف في وسط الشارع في المدة الزمنية التي فصلت بين إطلاق الدفعة الاولى والثانية من الصواريخ. على اثر إطلاق الصواريخ التي وصل مداها إلى أكثر 25 كلم، توجّهت قوة كبيرة من الجيش اللبناني إلى المنطقة، حيث عاينت مكان إطلاق الصواريخ، ليتبيّن وجود بقايا أربع منصات خشبية كانت ما تزال موجودة تحت عدد من أشجار الحمضيات، ويبدو أنها استحضرت على عجل. وبعد حوالي ساعتين على الحادثة، التي أدت إلى نزوح محلي لعدد من العائلات القريبة من المكان، حضر فريق تحقيق من قوات «اليونيفيل» مدعوماً بقوات ايطالية، وعمل على تحديد المنطقة بواسطة جهاز «جي بي اس». كما أخذ كلّ من عناصر الجيش وفريق «اليونيفيل» عيّنات من الموقع، وسط حضور لافت لعناصر من «حزب الله» باللباس المدني. وأشارت المعلومات إلى أن قوى الأمن الداخلي استجوبت، مساء أمس، أحد النواطير في البستان المذكور، وهو من التابعية المصرية، لاستيضاحه حول ما اذا كان قد رصد أي أمر مستغرب قبل إطلاق الصواريخ وبعده. وكانت قيادة «اليونيفيل» قد أكدت أن «فريق التحقيق في اليونيفيل على اتصال مع الجيش الاسرائيلي لتحديد الأماكن المحتملة لسقوط الصواريخ، وقد باشر القائد العام لليونيفيل اللواء باولو سييرا على الفور باتصالاته بكبار القادة في الجيش اللبناني والجيش الإسرائيلي، وحثهما على ضرورة ممارسة أقصى درجات ضبط النفس والتعاون مع «اليونيفيل» من أجل منع التصعيد الذي ليس من مصلحة أحد من الاطراف، ولضمان بقاء الحادثة معزولة»، مشيرةً إلى أن «الأطراف أكدت اهتمامها بإبقاء الوضع تحت السيطرة، وتعهدت بالتعاون والعمل بشكل وثيق مع «اليونيفيل» من أجل الوصول إلى هذه الغاية». ونقل البيان عن سييرا قوله: «إن إطلاق الصواريخ اليوم هو خرق خطير لقرار مجلس الأمن 1701، وبشكل خاص فإن عمل كهذا يعرّض المدنيين في المنطقة للخطر ويظهر بأن هناك بعض الأشخاص الذين يودون زعزعة الهدوء في المنطقة»، مشدداً على أن «الوضع على المحك». ودان سييرا بشدة هذا الخرق، لافتاً الانتباه إلى أن «هذا العمل لن يحيد «اليونيفيل» عن مهامها التي تقوم بها مع الجيش اللبناني، وسوف يزيد من تصميمنا على القيام بكل ما في طاقتنا من أجل أن يستمر الهدوء الحالي». وبالنسبة للعدو الإسرائيلي، فقد سارع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، إلى التهديد، فقال: «على كل من يلحق بنا الأذى او يحاول ذلك أن يعلم اننا سنقوم بضربه». وإذ أوضح المتحدث العسكري الاسرائيلي بيتر ليرنر أن «تقديراتنا حتى الآن تشير إلى أنها عملية إطلاق نفذها تنظيم جهادي»، وصف كبير المتحدثين العسكريين يواف موردخاي الحادث بأنه «فردي». أما وسائل الإعلام الإسرائيلية فعرضت لقطات لسيارة واحدة على الأقل أصابتها أضرار جراء بقايا الصاروخ، من دون الإشارة إلى وقوع إصابات.   .. والرؤساء ينددون   وما ذاع الخبر، حتى عمت بيانات الاستنكار. فندّد رئيس الجمهورية ميشال سليمان بإطلاق الصواريخ «نظراً إلى ما يشكل هذا الأمر من خرق للقرار 1701 وتجاوز للسيادة اللبنانية»، وطلب من الأجهزة المعنية «العمل على كشف الذين أقدموا عليه وإحالتهم إلى القضاء». ودان رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي الحادثة «التي تعتبرها الحكومة اللبنانية انتهاكاً صارخاً لقرار مجلس الأمن الدولي الرقم 1701، وتؤكد أن الجيش اللبناني بدأ، بالتعاون مع القوات الدولية العاملة في جنوب لبنان، تحقيقاً مكثفاً لكشف ملابسات هذه الحادثة وإحالة المسؤولين عنها الى القضاء، ومنع أي محاولات للنيل من الاستقرار الذي ينعم به الجنوب، لا سيما المنطقة الحدودية». ورأى ميقاتي أن الحادثة «محاولة واضحة لتوتير الوضع الأمني في الجنوب وتحويل لبنان مجدداً إلى ساحة لتصفية الصراعات وتوجيه الرسائل في هذا الاتجاه او ذاك». بدوره، قال الرئيس المكلف تشكيل الحكومة تمام سلام: «إن إطلاق الصواريخ الأربعة من منطقة صور في اتجاه الاراضي الفلسطينية المحتلة عمل قد يلحق الضرر بلبنان ويورطه في مسار يؤدي الى استجلاب عدوان من جانب العدو الإسرائيلي»، داعياً الجيش اللبناني بالتعاون مع «اليونيفيل» إلى «العمل بسرعة على تحديد الفاعلين وإلقاء القبض عليهم». كما أكد النائب عبد المجيد صالح أنه «على أثر صدور قرار الاتحاد الأوروبي بإدراج الجناح العسكري لحزب الله على لائحة الإرهاب، حذرنا من أن يستغل التخريبيون ما يُسمى بالقوى الجهادية، هذا القرار للعبث بأمن الجنوب، ومحاولة زرع الشك في صفوف القوة العاملة في اليونيفيل»، واصفاً هذه الصواريخ بـ«الفتنوية الصوتية التي لا ترمي، ولا في استطاعتها، تقديم أي دعم مزعوم الى القضية الفلسطينية، وهي مدانة ومكشوفة ومعروفة الأهداف».

المصدر : الماسة السورية


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة