أوضح صورة للمشروع الذي يجتاح المنطقة تحت مسمى "الربيع العربي" رأيناها وعايشناها في الأحداث السورية، فسورية تختصر المشهد وحقيقة الصراع الذي يجري في المنطقة وعليها،  والأهم أن شعوب ومجتمعات المنطقة العربية بدأت تتلمس أوجه "الخديعة" التي سقطنا في فخّها منذ بدايات العام 2011، وصولاً إلى وقتنا الحالي.

أخذتنا في البداية العاطفة، وما يمكن تسميته برومانسية "ميدان التحرير"، ولأن جميع شعوب المنطقة تنظر إلى مصر نظرة أبوية، وترى فيها رائدة وقائدة ومحركة العالم العربي، اندفع بعضها إلى محاكاة "الثورة المصرية" بين مزدوجين كبيرين، بمعزل عن موقفنا من نظام حسني مبارك وانتسابه إلى محور أميركا - "إسرائيل" بشكل سافر.. وكانت اندفاعة محقة في بعض أطروحاتها الداخلية، لكنّ تسلسل الأحداث والوقائع وما جرى ويجري في سورية أوضح الموقف بشكل لا لبس فيه: نحن أمام حفلة تقسيم وتفتيت وإضعاف لما تبقّى من هذه "الأمة"، تحت عناوين وشعارات "مُحقة" ظاهرياً، لكنّ أعداء هذه المنطقة استعملوها ضدنا بغية ضرب التعدد والتنوع في بلادنا، وخلق تناقضات جوهرية ورئيسية بين الشرائح الاجتماعية، تمهيداً للتقسيم والتفتيت والمزيد من الهيمنة والسيطرة وضمان أمن "إسرائيل".

في وسعنا إلقاء نظرة على خارطة الوطن العربي السياسية والأمنية لنكتشف "المؤامرة"، ليس في الحديث عن مؤامرة مبالغات واستعانة باللغة "الخشبية" لتوصيف الأمور.. انظروا إلى الفوضى والحروب والنزاعات والصدامات الأهلية في الدول التي اجتاحها "الربيع العربي"، فيظهر أمامكم المخطط بوضوح.

في تونس حيث ثمة تجانس اجتماعي، جرى خلق تناقض مفتعَل بين الدين والمجتمع، وبدأت الظواهر المتشددة تعبّر عن نفسها وتقسّم المجتمع التونسي وتشيع الفوضى في البلاد..

وفي مصر حيث الهوية أصلب وأقوى وأكثر متانة، يجري ضرب المكونات الكبيرة بعضها ببعض، ودفع القاهرة نحو حرب أهلية، وإشغال للجيش المصري في الداخل..

ليبيا يتمّ تقسيمها تحت أعيننا بخلق تناقضات قبلية وجهوية، والخطوة الأولى جرت في ظل فوضى عارمة تجتاح البلاد، وأُعلن عن قيام "إقيلم برقة" وعاصمته بنغازي، في خطوة انفصالية تمهّد للمستقبل.

اليمن ليس أفضل حالاً؛ من صنعاء إلى الحراك الجنوبي إلى صعدة، وهو مهدَّد بتقسيم فعلي أصبح قريباً من التحقق.

العراق دولة كونفدرالية تقريباً، ويتم خوض "الفتنة" بالاستناد إلى المكون الاجتماعي الإسلامي، كما هي الحال في الحرب على سورية، حيث يتوسل أصحاب المشروع التفتيتي لغة مذهبية مقيتة لطالما كانت مصدر غنى المشرق وسحره وفرادته.

وفي لبنان يجري استنساخ الحالة العراقية والسورية والدفع بنا نحو الظلام..

أما فلسطين فلا أحد يذكرها طبعاً..

هل قلتم "ربيع عربي"، أم أننا حيال خريف كئيب وشتاء مظلم وصيف شديد الحر؟! ولماذا لا نصنع فصلنا العربي الإسلامي الخاص، ونفوّت على الأعداء استغلال مشاكلنا لمزيد من الإضعاف والشرذمة؟
  • فريق ماسة
  • 2013-08-21
  • 9363
  • من الأرشيف

هل قلتم "ربيع"؟ ...نحن أمام حفلة تقسيم وتفتيت وإضعاف لما تبقّى من هذه "الأمة"

أوضح صورة للمشروع الذي يجتاح المنطقة تحت مسمى "الربيع العربي" رأيناها وعايشناها في الأحداث السورية، فسورية تختصر المشهد وحقيقة الصراع الذي يجري في المنطقة وعليها،  والأهم أن شعوب ومجتمعات المنطقة العربية بدأت تتلمس أوجه "الخديعة" التي سقطنا في فخّها منذ بدايات العام 2011، وصولاً إلى وقتنا الحالي. أخذتنا في البداية العاطفة، وما يمكن تسميته برومانسية "ميدان التحرير"، ولأن جميع شعوب المنطقة تنظر إلى مصر نظرة أبوية، وترى فيها رائدة وقائدة ومحركة العالم العربي، اندفع بعضها إلى محاكاة "الثورة المصرية" بين مزدوجين كبيرين، بمعزل عن موقفنا من نظام حسني مبارك وانتسابه إلى محور أميركا - "إسرائيل" بشكل سافر.. وكانت اندفاعة محقة في بعض أطروحاتها الداخلية، لكنّ تسلسل الأحداث والوقائع وما جرى ويجري في سورية أوضح الموقف بشكل لا لبس فيه: نحن أمام حفلة تقسيم وتفتيت وإضعاف لما تبقّى من هذه "الأمة"، تحت عناوين وشعارات "مُحقة" ظاهرياً، لكنّ أعداء هذه المنطقة استعملوها ضدنا بغية ضرب التعدد والتنوع في بلادنا، وخلق تناقضات جوهرية ورئيسية بين الشرائح الاجتماعية، تمهيداً للتقسيم والتفتيت والمزيد من الهيمنة والسيطرة وضمان أمن "إسرائيل". في وسعنا إلقاء نظرة على خارطة الوطن العربي السياسية والأمنية لنكتشف "المؤامرة"، ليس في الحديث عن مؤامرة مبالغات واستعانة باللغة "الخشبية" لتوصيف الأمور.. انظروا إلى الفوضى والحروب والنزاعات والصدامات الأهلية في الدول التي اجتاحها "الربيع العربي"، فيظهر أمامكم المخطط بوضوح. في تونس حيث ثمة تجانس اجتماعي، جرى خلق تناقض مفتعَل بين الدين والمجتمع، وبدأت الظواهر المتشددة تعبّر عن نفسها وتقسّم المجتمع التونسي وتشيع الفوضى في البلاد.. وفي مصر حيث الهوية أصلب وأقوى وأكثر متانة، يجري ضرب المكونات الكبيرة بعضها ببعض، ودفع القاهرة نحو حرب أهلية، وإشغال للجيش المصري في الداخل.. ليبيا يتمّ تقسيمها تحت أعيننا بخلق تناقضات قبلية وجهوية، والخطوة الأولى جرت في ظل فوضى عارمة تجتاح البلاد، وأُعلن عن قيام "إقيلم برقة" وعاصمته بنغازي، في خطوة انفصالية تمهّد للمستقبل. اليمن ليس أفضل حالاً؛ من صنعاء إلى الحراك الجنوبي إلى صعدة، وهو مهدَّد بتقسيم فعلي أصبح قريباً من التحقق. العراق دولة كونفدرالية تقريباً، ويتم خوض "الفتنة" بالاستناد إلى المكون الاجتماعي الإسلامي، كما هي الحال في الحرب على سورية، حيث يتوسل أصحاب المشروع التفتيتي لغة مذهبية مقيتة لطالما كانت مصدر غنى المشرق وسحره وفرادته. وفي لبنان يجري استنساخ الحالة العراقية والسورية والدفع بنا نحو الظلام.. أما فلسطين فلا أحد يذكرها طبعاً.. هل قلتم "ربيع عربي"، أم أننا حيال خريف كئيب وشتاء مظلم وصيف شديد الحر؟! ولماذا لا نصنع فصلنا العربي الإسلامي الخاص، ونفوّت على الأعداء استغلال مشاكلنا لمزيد من الإضعاف والشرذمة؟

المصدر : الماسة السورية/ الثبات


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة