دليل ماسة
أكثر الروابط استخداما
لكم أن تعذروني إن اختبأت بين مفرداتي بعض الحميمية الشخصية لجوهر المقالة أو المادة التي سأخوض فيها ، لأنني ببساطة أخوض في ذاتي وأتحسس جراحاتي ، ولأنني أكتب عن الأرض التي أعشق والتراب الذي أقدس ، عن أجمل ما رسم الله من اللوحات ، تلك التي أطلق عليها خلقه إسم .. سوريا . لأنني أعانق سماء الوطن لأغذي كبريائي وأتحسس تربته لأؤكد إنتمائي ، ولأنني أخيراً أفتح جرحي النازف لأغوص في شراييني عبر جراحات الوطن . لن تكون مقالة كسابق ما كتبت ، لن تخوض في تحليل الوضع الميداني والعسكري ، ولن تختص مفرداتها بمستنقعات الحالة السياسية ووحولها الآسنة ، ولن أحاول من خلالها تحديد خطوط الواقع وألوان لوحته ، لن تبحر أيضاً في يم الأديان والآلهة والرسل والكتب السماوية .. لكنني سأحاول ما إستطعت أن أقوم بكل عفوية وتلقائية بالمرور على جميع ما ذكرت .. .
نبدأ بأسئلةٍ تعصف في أذهان معظمنا فنقول : .. بماذا يختلف ثوار سوريا الصناديد عن عصابات البالماخ الصهيونية ؟ وبماذا تختلف هيئاتهم ومجالسهم وإئتلافاتهم وحكوماتهم الورقية التابعة عن مجلس حكماء بني صهيون؟ ، بماذا تختلف جبهة النصرة عن عصابات الأراغون الصهيونية ؟ وبماذا يختلف جيشهم الحر عن جيش العميل أنطوان لحد ؟ ،، وبماذا يختلف من قتل الشيخ أحمد ياسين بعد صلاة الفجر عمن أعد وجهز وأرسل قنبلته الإسلامية المتفجرة " على شكل انسان " وفجرها في مسجد الإيمان لتغتال من أمضى حياته مؤمناً يدعو إلى الإيمان ومعه باقةٌ من الشهداء من المصلين و طلبة العلم والمعرفة .. أو عن كل من خطط أو سهل أو شارك أو نفذ العمليات الإنتحارية التي راح ضحيتها الآلاف من أبناء الوطن السوري في حلب ودمشق وريفها والتي كان آخرها تفجير الأمس في جرمانا وتفجير اليوم في قطنا ، بماذا يختلف من قام بالمجازر الأخيرة بحق الأكراد وأهل الريف الشمالي " للاذقية العرب " وقام بحرق البشر أحياء وبقر بطون الحوامل وذبح أسراً بأكملها بأطفالها ونسائها وشيوخها و رجالها وقام بإختطاف آخرين ،، عن عصابات الهاغانا الصهيونية وتاريخها الأسود ؟.. الجواب على كل الأسئلة بسيطٌ وواحد .. أنهم تفوقوا بجريمتهم على سابقاتها ، وأن إجرامهم طغى على إجرامها وأن دمويتهم أغرقت دمويتها ،،، وأنه صار لزاماً علينا اليوم أن نكتب قصائد المديح بمن سبقهم من القتلة والمجرمين والسفاحين ،، فبعض القتلة أرحم من بعض القتلة ، صار لزاماً علينا أن نقول ونردد ،، سقى الله أيامكم يا سفاحي الأمس ومجرميه فسفاحوا الوهابية التكفيريين طووا صفحتكم واحتلوا مواقعكم وحققوا أرقاماً قياسية في الوحشية والهمجية وعلقوها على جبين التاريخ أوسمةً من نارٍ وعار، التاريخ الذي لن يقو على رفع رأسه مجدداً أمام الأجيال القادمة لشدة ثقل تلك النياشين وهول فظاعتها ، إنه زمنٌ يعلن فيه كل من ذكرت أنهم أحفاد من سبقوهم وأنهم استلموا الراية عنهم وأنهم اعتنقوا الإسلام على طريقتهم طريقاً ونهجاً ومصدراً لتشريع الإرهاب والذبح بإسم الله ، إنهم هاغانيو وبلماخيو الصهيوني بندر بن سلطان وسيده أوباما ،، دخلوا الإسلام قريباً من الكعبة وعاهدوا جدهم محمد بن عبد الوهاب أن يكونوا مخلصين لتعاليمه بعداء شركاء الوطن والمعتقد وهدر مالهم وأعراضهم ودمائهم وأرواحهم خدمةً للشيطان القابع في روحه كما في أرواح من صنعوه وأوجدوه ... .
إنه الدم إذاً ،، بات واضحاً لكل أعمى بصر ولكل فاقد للبصيرة أن لا مكان على طاولة الحوار"للمؤتمر الجنيفي الموعود" للأقلام والدفاتر والحواسيب ، على طاولة الحوار هناك رصاصٌ وبندقية يتسلح بهما السوري الوطني جندياً كان أم عضواً في لجان الدفاع الوطني أم مواطناً يصبر على البلوى ، ذاك الذي يدافع عن نفسه من خلال الدفاع عن الوطن أو العكس ، وهناك السواطير والسكاكين التي تقطر دماً سورياً نقياً ، سكاكين وسواطير قرأت عليها الفاتحة على الطريقة الوهابية التكفيرية ، والطاولة تدار حواراتها اليوم عبر صمود الفريق الأول وثباته وزيادة عمق إيمانه بالنصر ورسوخ قناعته أن الوطن يخطو خطوة إضافية لعناق نصره عبر تضحيات هذا الفريق وبسالته وبطولاته ، وبين إمعان الفريق الثاني في كفره وغيه وعهره من خلال اللعب على الوتر الطائفي كما في المجازر التي ارتكبت في ريف اللاذقية أو على الوتر العرقي كما في المجازر التي ارتكبت بحق أكراد سوريا ... .
حسناً ،، يقول العقل ، وماذا بعد ؟ إن كانت الصورة بهذا الوضوح وكانت جزئياتها تفقأ العيون وتفاصيلها تخلع أقفال العقول وتكسر حواجز التذبذب وتبدد ضبابية المشهد وتسقط بالضربة القاضية كل ما هو رمادي لتلون بعضه بالأسود وبعضه الآخر بالأبيض ، أليس حرياً بكل صاحب عقل متزن أن يسأل نفسه كما غيره ،، وماذا بعد ؟ ، ماذا ينتظر أبناء الوطن وإلى متى ؟؟ ، قد يطلب البعض مني إيضاحاً إضافياً لمغزى الكلام ،، لا بد لي والحالة هذه من أن أسمي الأمور بأسمائها لأقول أنني لطالما كتبت وكررت منذ بداية الحرب على الوطن السوري أن ما هو مطلوب من الجيش السوري يفوق المستحيل بمراتٍ ومرات وأن ما قام به هذا الجيش العظيم يتجاوز حالة الإعجاز بمراتٍ ومرات وأن التاريخ سيقف عاجزاً مكتوف الأيدي والأرجل مطأطئاً رأسه خجلاً إن نحن سألناه أن يأتينا بحالة مشابهة صمد خلالها شعبٌ وجيشٌ كما في سورية طوال سنتين ونصف في وجه هكذا كفر وعهر ووحشية ودموية وهمجية لقطعانٍ من الكفرة تزداد عدداً وعدةً كلما فطس بعضها أو دمرت بعض أدوات إجرامها . لكن صفحات التاريخ قديمها وجديدها "وبعيداً عن فارق مدة الصمود وإمكانيات الصمود " تحفل بالشواهد على جيوشٍ غازية تقهقرت وهزمت شر هزيمة بفضل حالة التلاحم حد التواؤم والإلتصاق بين شعب الوطن المعتدى عليه وبين جيشه ، ولعل حصار ستالينغراد وهزيمة النازي وأعوانه على أسوارها وفي شوارعها وأزقتها وساحاتها خير دليل على ما يمكن لحالة الإلتصاق الشعبي مع الجيش أن تصنعه من المعجزات .... .
اليوم يؤرخ الواقع الميداني السوري معجزاتٍ عديدة توازي نصرأهالي ستالينغراد وجيشها إن لم تفوقها عظمةً وقدراً ، في سوريا اليوم يسجل التاريخ شاء من شاء وأبى من أبى ولاداتٍ جديدة لذاك النصر على الأرض السورية ونقشاً بحروفٍ من ذهب لمآثر أبطاله وعظمة تضحياتهم ، اليوم تسجى بطولات غابر الأزمان جانباً لتفسح المجال لذاك العدد الهائل من البطولات السورية المنشأ واللغة والإنتماء والعقيدة التي يكتبها الجيش السوري بحبرٍ هو خليط أرواحٍ ودماءٍ طاهرة ولغةٍ هي لغة الكرامة والشرف والمجد الذي لا يطال ، لغةٌ لا يفهمها من كان من نسل الشيطان ، من يتبارك ببول البعير ، من كان أوباما سيده و نتنياهو مولاه وأردوغان خليفته ، ولا يقرؤها من لا يدرك أو يفهم معنى كلمة وطن ، ولا يجيدها من ولد من رحم الصهيونية ،، ذاك الذي تعلم أن يقرأ حتى قرآنه باللغة العبرية .... .
الحالة السورية تقول بأن المهام الملقاة على كاهل الجيش السوري هي فوق طاقة جيوش الدول العظمى ، فهو كما قال الرئيس الأسد جيشٌ أعد لمواجهة جيش العدو في حربٍ كلاسيكية تقليدية ، والحرب التقليدية تكون على جبهة واحدة أو جبهتين أو ثلاثة جبهات في أسوأ الأحوال إذا ما اعتبرنا أن العدو الإسرائيلي قد يهاجم الوطن من الجنوب والغرب وأن الحال قد يتطور لتكون هناك جبهة ثالثة إنطلاقاً من الأراضي اللبنانية ، في حالة كهذه تبقى عديد المدن السورية آمنة وبعيدة عن نيران العدو مهما اشتدت الحرب وطال أمدها ، وفي الأحوال الطبيعية يفترض أن هناك حالة من التآخي والتعاضد والمؤازرة بين أبناء الشعب بعضهم لبعض كما مؤازرتهم لحماة الأرض والديار ، ويفترض أن يتم إستدعاء الإحتياطي ممن أدوا خدمة العلم عدا عن توقع مبادرة مئات الآلاف من السوريين للتطوع بشكل تلقائي دفاعاً عن أرضهم وممتلكاتهم وأرواحهم ودمائهم . اليوم تتعرض سوريا لأضعاف تلك الحرب الإفتراضية شدةً وقسوةً وهولاً ودماراً وخطراً يهدد البشر والحجر ، فالقطعان الجهادية الوافدة من كل أنحاء المعمورة تهاجم الوطن إنطلاقاً من حدود الوطن كافة وهي تساق وتعلف بمشاركة أكثر من عشرات النسخ من إسرائيل ، نعم هي عشراتٌ من الدول الصهيونية ، فالمال صهيوأعرابي والسلاح صهيوناتوي والقطعان الجهادية صهيوإسلامية ، ولا ننسى ذاك الفريق "من أهل الوطن " الذي استمرأ خيانة الوطن وأهل الوطن وباع نفسه للشيطان طمعاً بحورية يغتصبها بعد سبيها إثر واحدةٍ من غزواته أو ينكحها مع باقي رفيقاتها في جنان الخلد ،، نكاحاً حلالاً زلالاً .. .
ولأن الحال هو على هذا الحال ، ولأن هكذا مواجهة تتطلب جيشاً تعداده الملايين ، ولأن الدعم الذي يقدمه حزب الله المقاوم مشكوراً محدود ومحصور في رقعةٍ معينة ولأن لا مؤشرات تفيد بأن إيران في وارد إرسال جنودها لمؤازرة الجيش السوري في حربه طالما أن العدوان لم يأخذ بعد شكل الغزو الكلاسيكي الصريح وإن كان في واقع الأمر كذلك ، " يتحتم هنا أيضاً توجيه الشكر لإيران على دعمها الإقتصادي الكبير والتي كان سنداً إضافياً ساهم في صمود الوطن في المجال الاقتصادي بشكل خاص " ، ولأن القيصر الروسي ورغم أن دعمه الإقتصادي والعسكري والسياسي فاعلاً في مواجهة قوى العدوان على سوريا ،إلا أنه لم يعلن بعد إستعداد بلاده للإنتقال إلى مرحلة الحرب المباشرة مع حلف العدوان على سوريا من خلال دخول أسطوله أو جيشه بشكل فاعل في ميدان المعارك ،ولأن لا مؤشرات تقول أن هناك جيشاً يعده سكان غير كواكب سوف يهبط كما النيازك ليدك معاقل الكفر والعهر ويساند جيش الوطن السوري في معركته ، فإن ما يتبقى هو محدود جداً وواضحٌ جداً ومقروءٌ جداً ومفهوم جداً وبسيطٌ جداً . المعادلة التي تعتمد على العقل والمنطق تقول والحالة هذه أن الوقت ليس في صالح الوطن وأن إطالة أمد الحرب قد يأتينا بنتائج صادمة فجيش الوطن محدود العدد وبعض أبطاله يخرجون من ساحة المعركة مستشهدين فيما آخرون يصابون بجروح قد تبعدهم مرحلياً أو كلياً عن تلك الساحة ، وذات المعادلة البسيطة تقول أن قطعان الكفر التي سيقت للجهاد على الأرض السورية وتلك التي ترعرعت في حقولها وبساتينها هي في العموم لا تفتقد الإمداد برفاق المراعي حين اللزوم ، فالعاهر السعودي فتح خزائن "مملكته "ممولاً ، والتائه الأردوغاني يتكفل بسياقة القطعان وما يلزمها من الأعلاف لزوم إتمام المهمة الجهادية ، والإخونجي أوباما يمارس عادته في الإشراف على حسن سير الغزوات ويتابع إنجازات ضباعه وثعابينه بنشوةٍ لا حدود لها ، وكيف لا وهمه هو وطاقمه وإدارته رعاية وحماية مصالح الكيان الغاصب وضمان إستقراره وأمنه وتفوقه العسكري ... .
ليس علينا أن ننتظر من القائد الأسد إعلان حالة النفير العام بالفم الملآن وبصريح المفردات ، لأنها حالة قد تعطي إنطباعاً سلبياً هنا وإيجابياً هناك ، يكفي أن الرئيس الأسد قد تطرق بكثير من الوضوح لمن يقرأ ما بين السطور إلى فكرة الحرب الشعبية ، والحرب الشعبية قد تكون كفيلة لمن لا يعلم بقطع الطريق على حربٍ طائفية يخطط لها ويراد لنيرانها أن تحرق البشر والشجر ، وهي حربٌ ليس من السهل إيقافها أو التحكم بتداعياتها ونتائجها إن هي إشتعلت ، يكفي هنا أن نقول أن من يشارك الجيش معركة الدفاع عن الوطن بإشراف الجيش وتحت أمرة ضباطه وقادته له أن يكون واثقاً أنه يحارب في المكان المناسب ويقاتل العدو الحقيقي ،، حسب أولويات الجيش وتخطيط قيادته . قد يقول البعض أن هناك نفرٌ من السوريين إمتلك السلاح وهو لن يستخدمه إلا دفاعاً عن النفس والمال والعرض إن هو تعرض لغزواتٍ كتلك التي وقعت في ريف اللاذقية الشمالي ، نقول لهذا البعض أن الجميع بات يعلم أن ما تمتلكه القطعان الجهادية من السلاح والعتاد الحربي يفوق عشرات المرات ما قد تمتلكه مجموعة ما أو سكان قرية ما من الأسلحة الفردية ، بمبكشن هنا وكلاشينكوف هناك لن تستطيع مواجهة قواذف الآر بي جي ولا رشاشات الدوشكا ولا مدافع الهاون ، لكن ذات المجموعة البشرية قد تكون شريكاً فاعلاً في صنع المعجزات التي يحققها الجيش السوري البطل إن هي تطوعت بشكل فعلي في خدمة الوطن من خلال الجيش ، وليس فقط من خلال لجان الدفاع الشعبية الوطنية رغم تقديرنا وإكبارنا لما تقدمه من تضحيات وما تقوم به من بطولات .... .
الزمن ليس زمن الإنتظار والمراقبة واللطم والندب والبكاء والعويل إن وقع المحظور ، وليس زمن إبداء مشاعر الحزن والأسى لمصاب آخرين ، كلٌ حسب موقعه يستطيع أن يكون شريكاً في النصر الآت ، بل أن يساهم في الدنو منه أكثر خطوةً أو خطوتين ، أيها السوريون .. لنا أن نرفع رؤوسنا عالياً بكل شهدائنا البواسل ، ولها أن تشمخ جباهنا ببطولات أشاوس الجيش في نسخٍ سورية النكهة والمذاق من ستالينغراد ، بدءًا من مطار منغ العسكر إلى سجن حلب المركزي وصولاً إلى وادي الضيف والقصير وليس إنتهاءً بالخالدية والفرقة 17 وغيرها الكثير الكثير من معارك الشرف والبطولة .. الزمن زمن الوصول إلى الله بل إلى قلب الله "لمن أراد الوصول" عن طريق الجهاد في سبيل درة كونه وجنته على الأرض سوريا .. وترابها المقدس ، عن طريق جعل الوطن كعبتنا وقبلتنا وكنيسة مهدنا وأقصانا .. الزمن زمن تحمل المسؤوليات وتسخير الطاقات والجهود في معركة الدفاع عن الوطن من خلال جيش الوطن .. شعب التجنيد معلومةٌ عناوينها وساحات المعارك تنادي وتطلب مزيداً من الرجال ، وسوريا كانت أبداً مصنعاً للرجال .. أيها الرجال انها معركة وجود .. فإما أن تحيا سوريا فنحيا ... وإما أن تحيا سوريا .. فنحيا .
المصدر :
الماسة السورية/نمير سعد
اكتب تعليق
كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة