دليل ماسة
أكثر الروابط استخداما
لم تخف المفوضة السامية لشؤون اللاجئين في لبنان نينات كيلي أن اليأس بدأ يدبّ في نفوس العاملين في مجال إغاثة النازحين السوريين لا سيّما في لبنان. أولاً بسبب الأعداد التي تتضاعف سريعاً، وثانياً بسبب الظروف التي يعيشونها، وثالثاً لأن البلد المضيف ما عاد قادراً على استيعاب الأعداد التي وفدت إليه وتلك المتوقّع نزوحها حتى نهاية العام.
ووجهّت كيلي، خلال مؤتمر صحافي مشترك مع مدير «برنامج الأمم المتحدة للتنمية» في لبنان لوكا رندا في مركز المفوضية، أمس، نداء إلى الدول الأجنبية وخصوصاً الخليجية لاستضافة أعداد من السوريين النازحين، ولو بصورة مؤقتة للمشاركة في تحمّل الأعباء مع لبنان.
وأكدت أنّ لا مجال للحديث عن إعادة توطين في المرحلة الراهنة، «لأنّ إعادة التوطين لا تتم في أيام الطوارئ»، موضحة أنه تمّت مساعدة عدد قليل جداً من السوريين للإقامة في بلدان أخرى، «كون وجودهم في لبنان كان يشكّل خطراً داهماً على حياتهم». وحدها ألمانيا ماضية في استقبال خمسة آلاف منهم بشكل موقت، أيضاً.
وأشارت كيلي إلى أن العاملين في مجال الإغاثة ما عاد همّهم الوحيد مساعدة النازحين، بل أضيفت إلى خططهم الإغاثية مسألة تنمية المجتمعات المضيفة مع التركيز على الأكثر فقراً منها.
هكذا أضيف نداء وخطط تنموية جديدة إلى أجندة المفوضية وشركائها، لكن ذلك لا يعني أنهم دخلوا إلى لبّ المشكلة، فهم «ما زالوا يعالجون القشور» وفق رندا.
قد يزيد بطء الاستجابة الدولية لنداء المفوضية، وقد اشترك فيه لبنان، من صعوبة تنفيذ الخطط لا سيما أنّ ما حصلت عليه من ندائها الخامس والأخير لا يتخطى 26 في المئة من الأموال المطلوبة، علماً بأن المطلوب هو تأمين 530 مليون دولار لإغاثة أكثر من 600 ألف نازح. من جهته حصل «برنامج الأمم المتحدة الإنمائي» على 15 في المئة من التمويل الذي يتطلبه، وفق رندا، والذي يخصصه لبرنامج ومشاريع تنموية للمجتمعات المضيفة.
في الموضوع الأمني، لفتت كيلي أنه من حقّ الدولة اللبنانية أن تتشدّد على المعابر لا سيما أن سوريا ليس بلداً آمناً. وأكدت أن المفوضية من جهتها تتشدّد في عملية التسجيل لتطال مدنيين بحاجة إلى مساعدة، نافية أن تكون قد شملت من خلال تقديماتها عناصر من «الجيش السوري الحرّ».
إلى ذلك أوضحت المفوضة السامية أن مشاكل كثيرة ترتبط بمسألة الإيواء، أولاها أن العائلات المضيفة والتي تستضيف نحو 100 ألف نازح، هي من الأكثر فقراً وبالتالي أوضاعها تتطلب الإغاثة. كما أن بعض السوريين يقيمون في مخيمات غير شرعية وفي ظروف قاسية، فيتعرضون لمشاكل كثيرة أبرزها صحّية. وأكّدت على هذا الصعيد أن المفوضية لا تؤيد إقامة مخيمات ولكن إن كان لا بدّ من إنشاء مخيّم فليكن شرعياً وآمناً. وأوضحت أنه جرى حديث عن إنشاء مخيمين رسميين، واحد في البقاع وثان في الشمال، لكنّ حتى الساعة ما من قرار سياسي للمباشرة بإنشائهما.
العودة ليست سهلة
وبحثت المفوضية في إمكان إعادة بعض النازحين إلى المناطق الآمنة في سوريا، لكنّ العملية ليست سهلة، أولاً لناحية تحديد الأماكن الآمنة، وثانياً لجهة اتخاذ الأذونات من السلطات السورية.
بعد الإيواء يواجه النازحون مشاكل مختلفة مرتبطة بالمياه والصرف الصحي وغيرهما من المسائل. ولا تقلل المفوضية من حجم مشكلة التعليم التي تبقي أكثر من مئة ألف طالب خارج الصفوف، بسبب صعوبة المناهج اللبنانية، وتنقّل العائلات المستمر من منطقة إلى أخرى، إضافة إلى الكلفة التي يمكن أن تقع على عاتق الأهل جراء إرسال أولادهم إلى المدارس.
يتوقّع رندا أن يزيد عدد السوريين الذين يرتادون المدارس الرسمية اللبنانية على عدد التلاميذ اللبنانيين، الأمر الذي يحتّم تأهيل المدارس وتوسيعها.
وتؤكد كيلي أن الحرب السورية أكثر الحروب قسوة وتراجيدية بالنسبة لها، وهي تدرك أن المجتمع اللبناني قلق وخائف من ارتفاع أعداد النازحين، وأن إشكالات وقعت بين الطرفين. لكنّ التحدي والخوف من الخطر الاقتصادي الذي يشكّله ملف النازحين في لبنان يمكن أن يشكل فرصة في الوقت نفسه للإفادة من هذا النزوح. وأوضحت أن هناك لبنانيين غاضبون من منافسة السوريين لهم في عقر دارهم، لكن في الوقت نفسه فان هؤلاء النازحين جميعاً يصرفون ما يجنونه في لبنان.
وأكّدت أنه لم يتم إقفال أي من المحال التي افتتحها سوريين باستثناء تلك التي أنشئت بشكل غير شرعي.
من جهته أوضح رندا أن خطط البرنامج وضعت حين لم تكن أعداد النازحين قد تخطت الثلاثين ألفاً، لكنه وعد بمحاورة المجتمع الدولي بطريقة مختلفة وإشراك الجمعيات لحراك مجتمعي أكثر فعالية، وتحويل السوريين النازحين إلى يد منتجة.
يذكر أنه تسجّل لدى المفوضية حتى 19 تموز الحالي نحو 530 ألف نازح سوري، بينما هناك نحو 96 ألفاً قيد التسجيل. وقد أنهت 30 مشروعاً تنموياً للمجتمعات المضيفة في مختلف المناطق وقد بلغت كلفتها نحو 330 ألف دولار بينما يبقى نحو 29 برنامجاً قيد التنفيذ بكلفة تبلغ نحو 686 ألف دولار.
المصدر :
الماسة السورية
اكتب تعليق
كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة