يكاد جنكيز شاندار يقول «تعالوا نبحث عن اردوغان بين الانقاض في سورية». نأمل ألا يقول تعالوا نبحث عنه بين الانقاض في مصر...

الكلام جاء تلميحاً، ومن خلال مقاربة ترتيب البيت (او الاقليم) الكردي في سورية، فماذا لو ظلت الدولة في سورية تتحلل هكذا بفعل التدخلات الخارجية بما في ذلك التدخل التركي، وقامت الدولة الكردية في سورية او على الاقل الاقليم الكردي في سورية؟

الذين يتابعون ما يكتب في الصحافة التركية او ما تأتي به الشبكة العنكبوتية، يسألون هل يمكن لاحمد داود اوغلو ان يكون، في رؤيته الاستراتيجية، غبياً الى هذا الحد؟ وهل يمكن لرجب طيب اردوغان ان يكون، بافتتانه بالمنحى الكيسنجري لوزير الخارجية، ظلاً لذلك الغباء، وهو الذي كان يراهن على ان يستتبع سقوط دمشق امام الخيول العثمانية، مثلما امام الخيال العثماني، سقوط بغداد بل وسقوط مكة...

انهم يكتبون في تركيا عن السلطان الذي اختلط عليه الامر بين عمامة سليمان القانوني وقبعة مكيافيلي، فالرجل وضع نفسه، وبناء على نصيحة اوغلو، في خدمة السلطان الاميركي. وعندما كان الاوروبيون يتريثون او يمتنعون عن استضافة الدرع الصاروخية في بلادهم، كان هو يبعث برسالة مؤثرة الى الرئيس باراك اوباما متمنياً عليه اقامة هذه الدرع في بلاده، ودون اي اعتبار لصرخته الشهيرة «نحن احفاد السلاجقة والعثمانيين»، فيما كان يتصرف كما لو انه حفيد رعاة البقر( الكاوبوي) في الغرب الاميركي.

واضح ان الغاية من الدرع تأمين المظلة الاميركية لمشروعه الامبراطوري، اي وضع اليد على المنطقة بعربها وكردها وبكل الاتنيات الاخرى التي عانت الامرّين إبان العهد العثماني، قبل ان يصدمه،بداية، موقف العزيزة اسرائيل» التي مثلما تقف في وجه التكنولوجيا الايرانية، تعارض بشدة استنساخ السلطنة العثمانية ولو تحت رايات حلف شمال الاطلسي، فيما بدا وكأن قياصرة روسيا خرجوا من قبورهم وتقمصوا شخصية فلاديمير بوتين الذي ابدى الاستعداد للجؤ الى الخيار العسكري اذا ما حاول اردوغان التمدد باتجاه جنوب القوقاز.

هذا فيما كان التنين يكشّر عن انيابه، فالصينيون حساسون جدا حيال تعاطف الاتراك مع الثوار الايغور في اقليم سينكيانغ والذي كان يعرف في ما مضى بتركستان الشرقية.

كم تهللت اسارير اردوغان حين انتخب محمد مرسي رئيساً لمصر وإن برتبة والٍ عثماني؟ وكم يراهن على ان امساك «الاخوان المسلمين»، وعبر محمد رياض الشقفة، بسوريا يعني الاطباق على المنطقة بأسرها، قبل ان يرتطم بالواقع السوري الذي يرتبط بتعقيدات اقليمية ودولية شديدة الحساسية، حتى اذا ما هوى نظام «الاخوان» في مصر كانت الطامة الكبرى.

وكتبوا في تركيا عن اردوغان المهيض الجناحين، وليس مهيض الجناح فقط، وبعدما فوجىء بالتفاف نوري المالكي عليه واعادة مسعود البرزاني الى الحظيرة العراقية، وبضغط من القاعدة الكردية حتى داخل تركيا، فالاكراد حذروا من الانخراط في لعبة اردوغان الذي اذا ما استطاع تحقيق اهدافه لن يتورع عن القاء القضية الكردية على قارعة الطريق او وراء القضبان.

حتماً لم تكن الازمة السورية لتصل الى ما وصلت اليه، وحيث لا يظهر في الافق سوى الحطام، لولا الدور الذي اضطلع به رئيس الحكومة التركية. ولا شك ان الكثيرين يستذكرون كيف انه كان يأمل بسقوط  بشار الاسد . انه الدور إياه الذي كان وراء الاستنفار الاستراتيجي لكل من موسكو وطهران والذي ادى الى حماية النظام الذي يعاني من تخلخل بنيوي قاتل، من الانهيار.

الآن، وبعدما طرد المقاتلون الاكراد قوات المعارضة من بلدة رأس العين ذات الموقع الجغرافي وحتى الاتني البالغ الاهمية، بدأ رجب طيب اردوغان يشعر بالهلع، فماذا اذا قام الاقليم الكردي في سوريا على غرار الاقليم الكردي في العراق، او اكثر، وكيف لانقرة منع قيام الاقليم الكردي في تركيا التي يبدي معلقون بارزون خشيتهم من ان تنزلق الى الحرب الاهلية وبفعل مكيافيلية رجب طيب اردوغان؟

حائراً وتائهاً وقانطاً يبدو الرجل الذي لن يفلح في الوصول الى رئاسة الجمهورية بتعديلات دستورية تتوّجه سلطاناً فعلاً. التاج الآن صنع من...الشوك!
  • فريق ماسة
  • 2013-07-22
  • 13686
  • من الأرشيف

إبحثوا عن أردوغان بين الأنقاض

يكاد جنكيز شاندار يقول «تعالوا نبحث عن اردوغان بين الانقاض في سورية». نأمل ألا يقول تعالوا نبحث عنه بين الانقاض في مصر... الكلام جاء تلميحاً، ومن خلال مقاربة ترتيب البيت (او الاقليم) الكردي في سورية، فماذا لو ظلت الدولة في سورية تتحلل هكذا بفعل التدخلات الخارجية بما في ذلك التدخل التركي، وقامت الدولة الكردية في سورية او على الاقل الاقليم الكردي في سورية؟ الذين يتابعون ما يكتب في الصحافة التركية او ما تأتي به الشبكة العنكبوتية، يسألون هل يمكن لاحمد داود اوغلو ان يكون، في رؤيته الاستراتيجية، غبياً الى هذا الحد؟ وهل يمكن لرجب طيب اردوغان ان يكون، بافتتانه بالمنحى الكيسنجري لوزير الخارجية، ظلاً لذلك الغباء، وهو الذي كان يراهن على ان يستتبع سقوط دمشق امام الخيول العثمانية، مثلما امام الخيال العثماني، سقوط بغداد بل وسقوط مكة... انهم يكتبون في تركيا عن السلطان الذي اختلط عليه الامر بين عمامة سليمان القانوني وقبعة مكيافيلي، فالرجل وضع نفسه، وبناء على نصيحة اوغلو، في خدمة السلطان الاميركي. وعندما كان الاوروبيون يتريثون او يمتنعون عن استضافة الدرع الصاروخية في بلادهم، كان هو يبعث برسالة مؤثرة الى الرئيس باراك اوباما متمنياً عليه اقامة هذه الدرع في بلاده، ودون اي اعتبار لصرخته الشهيرة «نحن احفاد السلاجقة والعثمانيين»، فيما كان يتصرف كما لو انه حفيد رعاة البقر( الكاوبوي) في الغرب الاميركي. واضح ان الغاية من الدرع تأمين المظلة الاميركية لمشروعه الامبراطوري، اي وضع اليد على المنطقة بعربها وكردها وبكل الاتنيات الاخرى التي عانت الامرّين إبان العهد العثماني، قبل ان يصدمه،بداية، موقف العزيزة اسرائيل» التي مثلما تقف في وجه التكنولوجيا الايرانية، تعارض بشدة استنساخ السلطنة العثمانية ولو تحت رايات حلف شمال الاطلسي، فيما بدا وكأن قياصرة روسيا خرجوا من قبورهم وتقمصوا شخصية فلاديمير بوتين الذي ابدى الاستعداد للجؤ الى الخيار العسكري اذا ما حاول اردوغان التمدد باتجاه جنوب القوقاز. هذا فيما كان التنين يكشّر عن انيابه، فالصينيون حساسون جدا حيال تعاطف الاتراك مع الثوار الايغور في اقليم سينكيانغ والذي كان يعرف في ما مضى بتركستان الشرقية. كم تهللت اسارير اردوغان حين انتخب محمد مرسي رئيساً لمصر وإن برتبة والٍ عثماني؟ وكم يراهن على ان امساك «الاخوان المسلمين»، وعبر محمد رياض الشقفة، بسوريا يعني الاطباق على المنطقة بأسرها، قبل ان يرتطم بالواقع السوري الذي يرتبط بتعقيدات اقليمية ودولية شديدة الحساسية، حتى اذا ما هوى نظام «الاخوان» في مصر كانت الطامة الكبرى. وكتبوا في تركيا عن اردوغان المهيض الجناحين، وليس مهيض الجناح فقط، وبعدما فوجىء بالتفاف نوري المالكي عليه واعادة مسعود البرزاني الى الحظيرة العراقية، وبضغط من القاعدة الكردية حتى داخل تركيا، فالاكراد حذروا من الانخراط في لعبة اردوغان الذي اذا ما استطاع تحقيق اهدافه لن يتورع عن القاء القضية الكردية على قارعة الطريق او وراء القضبان. حتماً لم تكن الازمة السورية لتصل الى ما وصلت اليه، وحيث لا يظهر في الافق سوى الحطام، لولا الدور الذي اضطلع به رئيس الحكومة التركية. ولا شك ان الكثيرين يستذكرون كيف انه كان يأمل بسقوط  بشار الاسد . انه الدور إياه الذي كان وراء الاستنفار الاستراتيجي لكل من موسكو وطهران والذي ادى الى حماية النظام الذي يعاني من تخلخل بنيوي قاتل، من الانهيار. الآن، وبعدما طرد المقاتلون الاكراد قوات المعارضة من بلدة رأس العين ذات الموقع الجغرافي وحتى الاتني البالغ الاهمية، بدأ رجب طيب اردوغان يشعر بالهلع، فماذا اذا قام الاقليم الكردي في سوريا على غرار الاقليم الكردي في العراق، او اكثر، وكيف لانقرة منع قيام الاقليم الكردي في تركيا التي يبدي معلقون بارزون خشيتهم من ان تنزلق الى الحرب الاهلية وبفعل مكيافيلية رجب طيب اردوغان؟ حائراً وتائهاً وقانطاً يبدو الرجل الذي لن يفلح في الوصول الى رئاسة الجمهورية بتعديلات دستورية تتوّجه سلطاناً فعلاً. التاج الآن صنع من...الشوك!

المصدر : الديار /نبيه البرجي


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة