هي قاهرة أخرى، أعظم حيوية مما كانت في أي يوم، تمور بالنقاش الجدي، حول الحاضر والمستقبل، حول الجيش ودوره، حول الحياة السياسية التي تعاني من انفصام بين الميدان وملايينه التي لبّت النداء مرة ومرتين وثلاثاً فبدّلت في مسار التاريخ، وبين الطبقة السياسية التي يصعب تحديدها بدقة، في غياب الأحزاب الفاعلة وذات البرامج التي تحدد المسار إلى الغد.

لم يحدث أن توالت الانتفاضات على مدى عامين ونصف العام رافعة شعار التغيير، فلما تمّ «تضليل» الانتفاضة الأولى بإسقاط حسني مبارك وعصبته، تفجرت انتفاضة ثانية سرعان ما صادرها «الإخوان» الذين كانوا وحدهم جاهزين للاستيلاء على السلطة... ولقد اندفعوا إلى احتكار المواقع القيادية في الدولة جميعاً، الرئاسة، الحكومة، الإدارة، من دون أن يتخلوا عن مشاريعهم الاستثمارية، ومن دون إخفاء سعيهم إلى الحصول على الرضا الأميركي، مشفوعاً ببركات الشيخ القرضاوي المعززة بوعود المساعدة القطرية.

... وكان طبيعياً أن تتفجر الانتفاضة الثالثة، وهي تجاوزت بحشدها ووضوح شعاراتها وتأكيد زخمها والصمود على شعارها المتوهج: إسقاط الحكم الإخواني.

على أن المفاجأة العظمى جاءت بانحياز الجيش إلى هذه الانتفاضة التي ملأت ملايينها «الميدان» في القاهرة بكل الطرق والجسور والأحياء المجاورة، فضلاً عن ميادين الضواحي ثم مراكز المحافظات ومدن الداخل وصولاً إلى البلدات والقرى من ساحل المتوسط وحتى الصعيد الجواني..

تتهاطل الأسئلة هنا: لماذا انحاز الجيش إلى الثوار الذين تمثلوا أساساً بحركة «تمرد» التي لعبت دوراً تاريخياً في الحشد كما في صياغة الشعارات وفي استنفار القوى النقابية والهيئات الاجتماعية، كما في سائر الأحزاب والهيئات والمنظمات الشعبية؟ وكيف استطاعت هذه المجموعة الوليدة من شباب الثورة أن تستنفر وتحرك كل الملايين التي تدفقت إلى الميدان مقدمة حدثاً تاريخياً غير مسبوق؟

يروي بعض العارفين أن قيادة الجيش ذهبت إلى الرئيس الإخواني الدكتور محمد مرسي تطلعه على الوضع الخطير الذي لا تمكنها مواجهته بالقوة كما يستحيل تفريق الحشود، فكان تعليقه: كلهم 130 ألف متظاهر، ويمكنكم تفريقهم ولمّ المشاغبين منهم خلال ساعتين؟! ولما عجز القائد العام عن إقناع مرسي بالحقيقة أرسل الطائرات لتصور حشود الملايين في «الميدان» في قلب القاهرة والميادين الأخرى في مختلف جهات مصر، وعاد إليه بالرقم الصاعق: في القاهرة لوحدها تجاوز عديد المحتشدين السبعة ملايين مواطن ومواطنة، أما في سائر أنحاء مصر فالأعداد هائلة.

كيف استطاع هؤلاء الفتية أن يطلقوا النداء ويوصلوه إلى المصريين كافة، ثم أن ينظموا هذا الحشد وأن يوحّدوا الشعارات وأن يسهروا، مع آلاف المتبرعين، على حماية المتظاهرين طوال ساعات النهار وبامتداد الليل، وكيف أمكن توفير الخدمات؟!

المهم أن تلك الحشود قد حسمت الموقف، خصوصاً أن الرئيس مرسي قد تصرف بحماقة موصوفة، فأطلق خطابه الشهير الذي تكررت فيه كلمة «الشرعية» 36 مرة.. وهكذا فقد تولى اللواء السيسي إبلاغه بضرورة التنحي، مع تأمين سلامته... والباقي معروف.

صباح أمس الأول، الاثنين، كان علينا أن نمضي أربع ساعات في الطريق من المطار إلى قلب القاهرة. كانت ساعات الفجر قد شهدت الاشتباك الدموي بين الحرس الجمهوري والإخوان، أمام مقر الحرس. وشهدنا، ونحن نحاول العثور على طريق آمن، لأن الشوارع الرئيسة كانت مغلقة بالجيش أو بمناصري الإخوان، مناظر شبه بيروتية: شعارات بذيئة معادية للجيش على الجدران في مدينة نصر، تقابلها شعارات تحيي الجيش وتسفّه منطق الإخوان وتلعن مرسي وسائر الأقطاب في هذا التنظيم العريق الذي لم يتعلم من تجاربه المكلفة أن الحكم، لا سيما في بلد كمصر، أخطر من أن يترك في أيدي الممتلئين حقداً والآتين للثأر من التاريخ، ومن الشعب الذي لم يمكّنهم من السلطة إلا في وقت متأخر جداً، وعبر مصادفة قدرية لم تعمر طويلاً.

وعلى امتداد يومين طويلين من المناقشات مع شخصيات كانت لها أدوارها المؤثرة في الصيغة المؤقتة للحكم، في انتظار الانتخابات النيابية تمهيداً لانتخاب الرئيس الجديد، كان واضحاً أن الجميع يشعرون بثقل المسؤولية وبخطورة المرحلة التي تعيشها مصر.

فالثورة بلا حزب قائد، وبلا برنامج واضح. والقوى الفاعلة مثل «تمرد» ناقصة الخبرة، أعظم ما يحركها حبها لمصر والحرص على تعويضها سنوات الضياع، والنهوض باقتصادها، مع الحرص على سيادتها واستقلالها وإنصاف فقرائها والنهوض بتعليمها إلخ...

والجيش ضمانة، لكنه ليس قيادة سياسية ولا يريد أن يكون، فضلاً عن أنه لا يجوز أن تنتهي هذه الثورة الشعبية الرائعة، وغير المسبوقة في حشدها وفي سرعة إنجازها،

إلى تسليم الحكم للجيش الذي يكرر قائده على مدار الساعة أن مهمة الجيش حراسة الثورة وتمكينها من إعادة بناء السلطة بما يحقق طموحات جماهير الميدان.

ولقد حُلّت مشكلة «الرئيس المؤقت» بسرعة، نسبياً، وذلك باللجوء إلى أهل القضاء، وإلى أعلاهم مرتبة. أما مشكلة الحكومة فقد استغرق تشكيلها أياماً طويلة، في ظرف دقيق. وقد صاحب اختيار رئيسها والوزراء حملات ضارية على كفاءات محترمة، وأمكن أخيراً «تركيبها» أمس، بأقل الأضرار.

أين يقف «الخارج» من هذه الثورة الشعبية الرائدة؟

أما الأميركيون فقد تحفظوا، بداية، ثم تعاملوا بواقعية، ثم حاولوا احتواء النتائج السياسية المباشرة. ولقد تحركت السفيرة الأميركية في كل اتجاه ليمكنها الادعاء، في ما بعد، أنها كانت صاحبة كلمة في ما تمّ التوافق عليه.

وأما «العرب» فقد انقسموا معسكرين واضحين: الإخوان ومن معهم، بدءاً من تونس وانتهاءً بقطر مروراً بالقرضاوي، فإنهم قد أعلنوا «الجهاد» ضد هؤلاء «البغاة» الذين أسقطوا الحكم الشرعي، ونادوا بإسقاط الحكم العسكري في مصر...

بالمقابل فإن السعودية والإمارات قد اندفعتا في محاولة واضحة لاحتواء الوضع الجديد في مصر، معلنتين استعدادهما لدعمه بمليارات الدولارات، مفيدين من هذه الفرصة التاريخية لضرب الإخوان داخل مصر وفي جوارها التونسي وصولاً إلى قطر والقرضاوي فيها.

وأما إيران فقد تحفظت على الحكم الجديد، ربما بتأثير العلاقة التاريخية التي تعبت في نسجها مع «الإخوان» في مصر، خصوصاً، وفي البلاد العربية المختلفة عموماً.

ولعل الصعوبة في استيلاد الحكومة الجديدة تعكس الكثير من وجوه الصراع بين الحرص على الاستقلالية ونقاء الأهداف والوسائل، وتوكيد التوجه العروبي لهذه الثورة التي كانت أناشيد المرحلة الناصرية فضلاً عن صور جمال عبد الناصر الدليل القاطع على هويتها.

كيف يتم التواؤم بين حكومة التكنوقراط والشعارات الثورية؟

وكيف يمكن حل مشكلة العلاقة مع الإخوان بعد إسقاط «عهدهم» وهو في سنته الأولى، وبأي ثمن... خصوصاً أن جمهورهم ما زال يعتصم في ميدان رابعة العدوية، في حين تم توقيف معظم قياداتهم الفاعلة؟

يضج ميدان القاهرة بالتساؤلات. ويحاول شباب «حركة تمرد» أن يستخدموا حق الفيتو لمنع التنازلات والخروج عن خط الثورة وشعاراتها..

ولكن من أين يأتي المال وبأية شروط؟

وهل يمكن لهذا الحكم الوليد المعزز بقدرات الجيش، وبعضها أميركي المصدر، أن يبني مصر بقرار وطني مستقل، وما هي الكلفة؟

وبرغم التأكيدات المتكررة للقائد السيسي فإن التساؤلات تتوالد من ذاتها على مدار الساعة، لدى من يجتهد في تحليل شخصيته بأفكاره الناصرية والارتباطات المالية فضلاً عن السلاح والتدريب، بالإدارة الأميركية... ثم بهذا السخاء السعودي ـ الإماراتي المباغت والذي لا يمكن التسليم بأنه قد جاء من دون إيعاز أميركي قد يكون مؤشراً على مرحلة جديدة أبرز الخاسرين فيها تركيا الإخوانية والتي تصرفت وكأنها ذاهبة إلى الحرب ضد النظام الجديد.. حتى لو كانت تعرف أنها لن تكسبها؟

وللحديث صلة..

  • فريق ماسة
  • 2013-07-09
  • 11974
  • من الأرشيف

عن قاهرة «الثورة الثالثة»

هي قاهرة أخرى، أعظم حيوية مما كانت في أي يوم، تمور بالنقاش الجدي، حول الحاضر والمستقبل، حول الجيش ودوره، حول الحياة السياسية التي تعاني من انفصام بين الميدان وملايينه التي لبّت النداء مرة ومرتين وثلاثاً فبدّلت في مسار التاريخ، وبين الطبقة السياسية التي يصعب تحديدها بدقة، في غياب الأحزاب الفاعلة وذات البرامج التي تحدد المسار إلى الغد. لم يحدث أن توالت الانتفاضات على مدى عامين ونصف العام رافعة شعار التغيير، فلما تمّ «تضليل» الانتفاضة الأولى بإسقاط حسني مبارك وعصبته، تفجرت انتفاضة ثانية سرعان ما صادرها «الإخوان» الذين كانوا وحدهم جاهزين للاستيلاء على السلطة... ولقد اندفعوا إلى احتكار المواقع القيادية في الدولة جميعاً، الرئاسة، الحكومة، الإدارة، من دون أن يتخلوا عن مشاريعهم الاستثمارية، ومن دون إخفاء سعيهم إلى الحصول على الرضا الأميركي، مشفوعاً ببركات الشيخ القرضاوي المعززة بوعود المساعدة القطرية. ... وكان طبيعياً أن تتفجر الانتفاضة الثالثة، وهي تجاوزت بحشدها ووضوح شعاراتها وتأكيد زخمها والصمود على شعارها المتوهج: إسقاط الحكم الإخواني. على أن المفاجأة العظمى جاءت بانحياز الجيش إلى هذه الانتفاضة التي ملأت ملايينها «الميدان» في القاهرة بكل الطرق والجسور والأحياء المجاورة، فضلاً عن ميادين الضواحي ثم مراكز المحافظات ومدن الداخل وصولاً إلى البلدات والقرى من ساحل المتوسط وحتى الصعيد الجواني.. تتهاطل الأسئلة هنا: لماذا انحاز الجيش إلى الثوار الذين تمثلوا أساساً بحركة «تمرد» التي لعبت دوراً تاريخياً في الحشد كما في صياغة الشعارات وفي استنفار القوى النقابية والهيئات الاجتماعية، كما في سائر الأحزاب والهيئات والمنظمات الشعبية؟ وكيف استطاعت هذه المجموعة الوليدة من شباب الثورة أن تستنفر وتحرك كل الملايين التي تدفقت إلى الميدان مقدمة حدثاً تاريخياً غير مسبوق؟ يروي بعض العارفين أن قيادة الجيش ذهبت إلى الرئيس الإخواني الدكتور محمد مرسي تطلعه على الوضع الخطير الذي لا تمكنها مواجهته بالقوة كما يستحيل تفريق الحشود، فكان تعليقه: كلهم 130 ألف متظاهر، ويمكنكم تفريقهم ولمّ المشاغبين منهم خلال ساعتين؟! ولما عجز القائد العام عن إقناع مرسي بالحقيقة أرسل الطائرات لتصور حشود الملايين في «الميدان» في قلب القاهرة والميادين الأخرى في مختلف جهات مصر، وعاد إليه بالرقم الصاعق: في القاهرة لوحدها تجاوز عديد المحتشدين السبعة ملايين مواطن ومواطنة، أما في سائر أنحاء مصر فالأعداد هائلة. كيف استطاع هؤلاء الفتية أن يطلقوا النداء ويوصلوه إلى المصريين كافة، ثم أن ينظموا هذا الحشد وأن يوحّدوا الشعارات وأن يسهروا، مع آلاف المتبرعين، على حماية المتظاهرين طوال ساعات النهار وبامتداد الليل، وكيف أمكن توفير الخدمات؟! المهم أن تلك الحشود قد حسمت الموقف، خصوصاً أن الرئيس مرسي قد تصرف بحماقة موصوفة، فأطلق خطابه الشهير الذي تكررت فيه كلمة «الشرعية» 36 مرة.. وهكذا فقد تولى اللواء السيسي إبلاغه بضرورة التنحي، مع تأمين سلامته... والباقي معروف. صباح أمس الأول، الاثنين، كان علينا أن نمضي أربع ساعات في الطريق من المطار إلى قلب القاهرة. كانت ساعات الفجر قد شهدت الاشتباك الدموي بين الحرس الجمهوري والإخوان، أمام مقر الحرس. وشهدنا، ونحن نحاول العثور على طريق آمن، لأن الشوارع الرئيسة كانت مغلقة بالجيش أو بمناصري الإخوان، مناظر شبه بيروتية: شعارات بذيئة معادية للجيش على الجدران في مدينة نصر، تقابلها شعارات تحيي الجيش وتسفّه منطق الإخوان وتلعن مرسي وسائر الأقطاب في هذا التنظيم العريق الذي لم يتعلم من تجاربه المكلفة أن الحكم، لا سيما في بلد كمصر، أخطر من أن يترك في أيدي الممتلئين حقداً والآتين للثأر من التاريخ، ومن الشعب الذي لم يمكّنهم من السلطة إلا في وقت متأخر جداً، وعبر مصادفة قدرية لم تعمر طويلاً. وعلى امتداد يومين طويلين من المناقشات مع شخصيات كانت لها أدوارها المؤثرة في الصيغة المؤقتة للحكم، في انتظار الانتخابات النيابية تمهيداً لانتخاب الرئيس الجديد، كان واضحاً أن الجميع يشعرون بثقل المسؤولية وبخطورة المرحلة التي تعيشها مصر. فالثورة بلا حزب قائد، وبلا برنامج واضح. والقوى الفاعلة مثل «تمرد» ناقصة الخبرة، أعظم ما يحركها حبها لمصر والحرص على تعويضها سنوات الضياع، والنهوض باقتصادها، مع الحرص على سيادتها واستقلالها وإنصاف فقرائها والنهوض بتعليمها إلخ... والجيش ضمانة، لكنه ليس قيادة سياسية ولا يريد أن يكون، فضلاً عن أنه لا يجوز أن تنتهي هذه الثورة الشعبية الرائعة، وغير المسبوقة في حشدها وفي سرعة إنجازها، إلى تسليم الحكم للجيش الذي يكرر قائده على مدار الساعة أن مهمة الجيش حراسة الثورة وتمكينها من إعادة بناء السلطة بما يحقق طموحات جماهير الميدان. ولقد حُلّت مشكلة «الرئيس المؤقت» بسرعة، نسبياً، وذلك باللجوء إلى أهل القضاء، وإلى أعلاهم مرتبة. أما مشكلة الحكومة فقد استغرق تشكيلها أياماً طويلة، في ظرف دقيق. وقد صاحب اختيار رئيسها والوزراء حملات ضارية على كفاءات محترمة، وأمكن أخيراً «تركيبها» أمس، بأقل الأضرار. أين يقف «الخارج» من هذه الثورة الشعبية الرائدة؟ أما الأميركيون فقد تحفظوا، بداية، ثم تعاملوا بواقعية، ثم حاولوا احتواء النتائج السياسية المباشرة. ولقد تحركت السفيرة الأميركية في كل اتجاه ليمكنها الادعاء، في ما بعد، أنها كانت صاحبة كلمة في ما تمّ التوافق عليه. وأما «العرب» فقد انقسموا معسكرين واضحين: الإخوان ومن معهم، بدءاً من تونس وانتهاءً بقطر مروراً بالقرضاوي، فإنهم قد أعلنوا «الجهاد» ضد هؤلاء «البغاة» الذين أسقطوا الحكم الشرعي، ونادوا بإسقاط الحكم العسكري في مصر... بالمقابل فإن السعودية والإمارات قد اندفعتا في محاولة واضحة لاحتواء الوضع الجديد في مصر، معلنتين استعدادهما لدعمه بمليارات الدولارات، مفيدين من هذه الفرصة التاريخية لضرب الإخوان داخل مصر وفي جوارها التونسي وصولاً إلى قطر والقرضاوي فيها. وأما إيران فقد تحفظت على الحكم الجديد، ربما بتأثير العلاقة التاريخية التي تعبت في نسجها مع «الإخوان» في مصر، خصوصاً، وفي البلاد العربية المختلفة عموماً. ولعل الصعوبة في استيلاد الحكومة الجديدة تعكس الكثير من وجوه الصراع بين الحرص على الاستقلالية ونقاء الأهداف والوسائل، وتوكيد التوجه العروبي لهذه الثورة التي كانت أناشيد المرحلة الناصرية فضلاً عن صور جمال عبد الناصر الدليل القاطع على هويتها. كيف يتم التواؤم بين حكومة التكنوقراط والشعارات الثورية؟ وكيف يمكن حل مشكلة العلاقة مع الإخوان بعد إسقاط «عهدهم» وهو في سنته الأولى، وبأي ثمن... خصوصاً أن جمهورهم ما زال يعتصم في ميدان رابعة العدوية، في حين تم توقيف معظم قياداتهم الفاعلة؟ يضج ميدان القاهرة بالتساؤلات. ويحاول شباب «حركة تمرد» أن يستخدموا حق الفيتو لمنع التنازلات والخروج عن خط الثورة وشعاراتها.. ولكن من أين يأتي المال وبأية شروط؟ وهل يمكن لهذا الحكم الوليد المعزز بقدرات الجيش، وبعضها أميركي المصدر، أن يبني مصر بقرار وطني مستقل، وما هي الكلفة؟ وبرغم التأكيدات المتكررة للقائد السيسي فإن التساؤلات تتوالد من ذاتها على مدار الساعة، لدى من يجتهد في تحليل شخصيته بأفكاره الناصرية والارتباطات المالية فضلاً عن السلاح والتدريب، بالإدارة الأميركية... ثم بهذا السخاء السعودي ـ الإماراتي المباغت والذي لا يمكن التسليم بأنه قد جاء من دون إيعاز أميركي قد يكون مؤشراً على مرحلة جديدة أبرز الخاسرين فيها تركيا الإخوانية والتي تصرفت وكأنها ذاهبة إلى الحرب ضد النظام الجديد.. حتى لو كانت تعرف أنها لن تكسبها؟ وللحديث صلة..

المصدر : السفير/ طلال سلمان


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة