لم يقرأ اللبنانيون جيداً، حتى اليوم، خلفيات ونتائج التغييرات التي حصلت في دولة قطر، ربّما لأن الحدث المصري طغى على الاهتمامات، وربما لأن اللبنانيين يحاذرون مقاربة الواقع القطري الجديد نظراً لمصالحهم في هذه الإمارة الصغيرة، وكذلك للعلاقات التي نجحت قطر في نسجها مع العديد من المواقع المؤثرة في لبنان، على المستويين السياسي والشعبي، وكذلك بسبب المخاوف من توقّف تدفّق المال القطري إلى بعض الحالات اللبنانية المسلّحة، من دون أن ينتبهوا إلى أن إنهاء حالة الشيخ أحمد الأسير في صيدا، شكّل بوضوح ما يشبه «تقليم أظافر» طويلة للسياسة القطرية في لبنان، وربما سيتبع ذلك انكفاء قطري عن لبنان بعد سنوات من شراكة قطرية متقدّمة مع الدول المؤثرة في لبنان، نجحت فيها تلك الإمارة بفرض رؤيتها، واستدرجت اللاعبين، العرب والإقليميين والدوليين التاريخيين الكبار في لبنان، الى مشاورتها والوقوف على رأيها لتمرير اتفاق هنا أو لمساهمتها في وضع حلول سياسية للأزمات، وكان أبرزها ما حصل في «اتفاق الدوحة» الذي انتخب العماد ميشال سليمان رئيساً للجمهورية وأنجز الانتخابات النيابية وتوازناتها قبل صندوقة الاقتراع، ثم شكّل حكومة الوحدة الوطنية. لكن الانكفاء القطري عن لبنان يبدو أنه يأتي في سياق الخسائر التي منيت بها هذه الدولة في أكثر من ملف لصالح المملكة العربية السعودية، وخصوصاً في الملف السوري الذي نجحت السعودية مؤخراً بانتزاع قيادة «الائتلاف السوري المعارض» من السيطرة القطرية.

لكن السؤال الذي يطرح نفسه: هل تقتصر التغييرات السياسية في الادارة القطرية على «امارة الغاز»؟ ام ان لها تداعيات على الملفات المرتبطة بالحكم السابق الذي كانت الكلمة الفصل فيه لرئيس الوزراء ووزير الخارجية السابق الشيخ حمد بن جاسم آل ثاني؟.

المعلومات تشير الى ان هذا السقوط السياسي المدوي للحكم القطري السابق، يعني عمليا سقوط كل الالتزامات والاتفاقات العلنية والسرية التي سبق ان ابرمها، وابرزها اتفاق النقاط العشر لمرحلة ما بعد السقوط المفترض لنظام الرئيس السوري بشار الاسد.

وكشفت معلومات على جانب كبير من الاهمية لـ«السفير» عن اتفاق سري تمّ ابرامه على هامش مؤتمر المعارضة السورية الذي انعقد في الدوحة اوائل شهر تشرين الثاني من العام 2012 ولم يعلم معظم المشاركين في المؤتمر عنه شيئاً ولم يعرض عليهم.

وقالت المعلومات ان الاتفاق ابرم بين كل من رئيس الحكومة ووزير الخارجية القطري في حينه حمد بن جاسم آل ثاني، ونظيره التركي احمد داود أوغلو ووزير الخارجية الاماراتي عبد الله بن زايد آل نهيان والسفير الاميركي في سورية روبرت فورد والمعارض السوري رياض سيف (الذي كان يتزعم الائتلاف السوري المعارض) ورئيس جماعة الاخوان المسلمين في سورية محمد رياض الشقفة.

 

بنود الاتفاق

 

ينص الاتفاق، الذي يتم تنفيذه بعد اسقاط بشار الاسد ونظامه وقيام نظام جديد، على التالي:

1. تخفيض عديد الجيش السوري من 600 الف عسكري الى 100 الف.

2. لا يحق لسورية الجديدة المطالبة بالجولان الا بالوسائل الديبلوماسية والسياسية، بعيداً من اي عمل عسكري او مقاوم.

3. عقد معاهدة سلام بين اسرائيل وسورية بإشراف واشنطن والاتحاد الاوروبي وقطر، والسماح بمد خط مياه من سدّ اتاتورك في تركيا مروراً بالأراضي السورية وصولاً الى اسرائيل.

4. قيام النظام السوري الجديد، بإشراف ومساعدة واشنطن، بالتخلص من كافة الاسلحة الكيميائية والجرثومية والصواريخ بكافة انواعها.

5. يتعهد النظام السوري الجديد، خطياً، بالتوقف عن المطالبة بلواء الإسكندرون، والتنازل لتركيا عن بعض القرى الحدودية التي يقطنها تركمان في محافظتي حلب وادلب، وطرد كافة مقاتلي حزب العمال الكردستاني وتسليم المطلوبين منهم ووضع هذا الحزب على لائحة المنظمات الارهابية.

6. قيام النظام السوري «الجديد» بإلغاء كافة الاتفاقيات المبرمة مع الشركات الروسية والصينية في مجال التنقيب عن الثروات الباطنية وصفقات السلاح.

7. السماح لقطر بمد خط انابيب الغاز عبر الاراضي السورية، وصولاً الى تركيا ومنها الى اوروبا.

8. تعهّد دولتي قطر والامارات العربية المتحدة بإعادة اعمار ما خرّبته الحرب، شرط حصر امتيازات البناء والتنقيب عن النفط والغاز في الاراضي السورية والبحر المتوسط بالشركات التابعة لقطر والامارات فقط.

9. تحجيم العلاقة مع ايران وروسيا والصين، وقطع العلاقات مع «حزب الله» والمنظمات والحركات الفلسطينية التي ترفض التخلي عن عمل المقاومة.

10. قيام نظام حكم اسلامي غير اصولي في سورية يبدأ قادته الجدد بتنفيذ بنود هذا الاتفاق فور تسلم المعارضة مقاليد الحكم.

واتفق موقعو الاتفاق في حينه على تصعيد المواجهة وتكثيف الضغط العسكري على النظام خلال الأشهر القليلة المقبلة، متوقعين انهياره بين شهري نيسان وايار من ربيع العام 2013.

وتشير المعلومات الى ان التطورات الميدانية والتي كانت ذروتها سقوط منطقة القصير الاستراتيجية، وصولا الى الحراك الشعبي التركي مع تصاعد الموقف الروسي المتصلّب، قلبت كل الموازين، بحيث ادى سقوط المشروع، الذي كان يتوقع انهيار نظام الاسد خلال اشهر، الى سقوط العاملين على اسقاطه، فكان التغيير في قطر مع انتهاء الربيع وبداية الصيف، واتبعه سقوط مدوٍّ لحكم الاخوان في مصر، الا ان ذلك لا يعني ان سوريا خارج التغيير السياسي، وفق ادارة سياسية جديدة يفترض أن تتوضح معالمها بدءا من العام 2014.

 

  • فريق ماسة
  • 2013-07-09
  • 11936
  • من الأرشيف

بنود "اتفاق" حول سورية كان سينفذ حال اسقاط الدولة السورية..اللبنانيون لم يفهموا التغيير بقطر؟

لم يقرأ اللبنانيون جيداً، حتى اليوم، خلفيات ونتائج التغييرات التي حصلت في دولة قطر، ربّما لأن الحدث المصري طغى على الاهتمامات، وربما لأن اللبنانيين يحاذرون مقاربة الواقع القطري الجديد نظراً لمصالحهم في هذه الإمارة الصغيرة، وكذلك للعلاقات التي نجحت قطر في نسجها مع العديد من المواقع المؤثرة في لبنان، على المستويين السياسي والشعبي، وكذلك بسبب المخاوف من توقّف تدفّق المال القطري إلى بعض الحالات اللبنانية المسلّحة، من دون أن ينتبهوا إلى أن إنهاء حالة الشيخ أحمد الأسير في صيدا، شكّل بوضوح ما يشبه «تقليم أظافر» طويلة للسياسة القطرية في لبنان، وربما سيتبع ذلك انكفاء قطري عن لبنان بعد سنوات من شراكة قطرية متقدّمة مع الدول المؤثرة في لبنان، نجحت فيها تلك الإمارة بفرض رؤيتها، واستدرجت اللاعبين، العرب والإقليميين والدوليين التاريخيين الكبار في لبنان، الى مشاورتها والوقوف على رأيها لتمرير اتفاق هنا أو لمساهمتها في وضع حلول سياسية للأزمات، وكان أبرزها ما حصل في «اتفاق الدوحة» الذي انتخب العماد ميشال سليمان رئيساً للجمهورية وأنجز الانتخابات النيابية وتوازناتها قبل صندوقة الاقتراع، ثم شكّل حكومة الوحدة الوطنية. لكن الانكفاء القطري عن لبنان يبدو أنه يأتي في سياق الخسائر التي منيت بها هذه الدولة في أكثر من ملف لصالح المملكة العربية السعودية، وخصوصاً في الملف السوري الذي نجحت السعودية مؤخراً بانتزاع قيادة «الائتلاف السوري المعارض» من السيطرة القطرية. لكن السؤال الذي يطرح نفسه: هل تقتصر التغييرات السياسية في الادارة القطرية على «امارة الغاز»؟ ام ان لها تداعيات على الملفات المرتبطة بالحكم السابق الذي كانت الكلمة الفصل فيه لرئيس الوزراء ووزير الخارجية السابق الشيخ حمد بن جاسم آل ثاني؟. المعلومات تشير الى ان هذا السقوط السياسي المدوي للحكم القطري السابق، يعني عمليا سقوط كل الالتزامات والاتفاقات العلنية والسرية التي سبق ان ابرمها، وابرزها اتفاق النقاط العشر لمرحلة ما بعد السقوط المفترض لنظام الرئيس السوري بشار الاسد. وكشفت معلومات على جانب كبير من الاهمية لـ«السفير» عن اتفاق سري تمّ ابرامه على هامش مؤتمر المعارضة السورية الذي انعقد في الدوحة اوائل شهر تشرين الثاني من العام 2012 ولم يعلم معظم المشاركين في المؤتمر عنه شيئاً ولم يعرض عليهم. وقالت المعلومات ان الاتفاق ابرم بين كل من رئيس الحكومة ووزير الخارجية القطري في حينه حمد بن جاسم آل ثاني، ونظيره التركي احمد داود أوغلو ووزير الخارجية الاماراتي عبد الله بن زايد آل نهيان والسفير الاميركي في سورية روبرت فورد والمعارض السوري رياض سيف (الذي كان يتزعم الائتلاف السوري المعارض) ورئيس جماعة الاخوان المسلمين في سورية محمد رياض الشقفة.   بنود الاتفاق   ينص الاتفاق، الذي يتم تنفيذه بعد اسقاط بشار الاسد ونظامه وقيام نظام جديد، على التالي: 1. تخفيض عديد الجيش السوري من 600 الف عسكري الى 100 الف. 2. لا يحق لسورية الجديدة المطالبة بالجولان الا بالوسائل الديبلوماسية والسياسية، بعيداً من اي عمل عسكري او مقاوم. 3. عقد معاهدة سلام بين اسرائيل وسورية بإشراف واشنطن والاتحاد الاوروبي وقطر، والسماح بمد خط مياه من سدّ اتاتورك في تركيا مروراً بالأراضي السورية وصولاً الى اسرائيل. 4. قيام النظام السوري الجديد، بإشراف ومساعدة واشنطن، بالتخلص من كافة الاسلحة الكيميائية والجرثومية والصواريخ بكافة انواعها. 5. يتعهد النظام السوري الجديد، خطياً، بالتوقف عن المطالبة بلواء الإسكندرون، والتنازل لتركيا عن بعض القرى الحدودية التي يقطنها تركمان في محافظتي حلب وادلب، وطرد كافة مقاتلي حزب العمال الكردستاني وتسليم المطلوبين منهم ووضع هذا الحزب على لائحة المنظمات الارهابية. 6. قيام النظام السوري «الجديد» بإلغاء كافة الاتفاقيات المبرمة مع الشركات الروسية والصينية في مجال التنقيب عن الثروات الباطنية وصفقات السلاح. 7. السماح لقطر بمد خط انابيب الغاز عبر الاراضي السورية، وصولاً الى تركيا ومنها الى اوروبا. 8. تعهّد دولتي قطر والامارات العربية المتحدة بإعادة اعمار ما خرّبته الحرب، شرط حصر امتيازات البناء والتنقيب عن النفط والغاز في الاراضي السورية والبحر المتوسط بالشركات التابعة لقطر والامارات فقط. 9. تحجيم العلاقة مع ايران وروسيا والصين، وقطع العلاقات مع «حزب الله» والمنظمات والحركات الفلسطينية التي ترفض التخلي عن عمل المقاومة. 10. قيام نظام حكم اسلامي غير اصولي في سورية يبدأ قادته الجدد بتنفيذ بنود هذا الاتفاق فور تسلم المعارضة مقاليد الحكم. واتفق موقعو الاتفاق في حينه على تصعيد المواجهة وتكثيف الضغط العسكري على النظام خلال الأشهر القليلة المقبلة، متوقعين انهياره بين شهري نيسان وايار من ربيع العام 2013. وتشير المعلومات الى ان التطورات الميدانية والتي كانت ذروتها سقوط منطقة القصير الاستراتيجية، وصولا الى الحراك الشعبي التركي مع تصاعد الموقف الروسي المتصلّب، قلبت كل الموازين، بحيث ادى سقوط المشروع، الذي كان يتوقع انهيار نظام الاسد خلال اشهر، الى سقوط العاملين على اسقاطه، فكان التغيير في قطر مع انتهاء الربيع وبداية الصيف، واتبعه سقوط مدوٍّ لحكم الاخوان في مصر، الا ان ذلك لا يعني ان سوريا خارج التغيير السياسي، وفق ادارة سياسية جديدة يفترض أن تتوضح معالمها بدءا من العام 2014.  

المصدر : السفير/ داوود رمال


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة