احتفت القيادة السورية بسقوط حكم جماعة «الإخوان المسلمين» في مصر، حيث رأى الرئيس السوري بشار الأسد، في حديث صحافي، نشر أمس، أن ما جرى في مصر يؤكد فشل تجربة الإسلامي السياسي، ملمّحاً بطرق مختلفة الى أن صراع سوريا يشكل أحد أوجهه، ومبدياً انفتاحه على الحوار مع «شخصيات» من «الاخوان» لا مع الجماعة نفسها، باعتبارها «حزباً دينياً» محظوراً في سوريا.

في هذا الوقت، سرّب المكتب الإعلامي لرئاسة الجمهورية أول تعليق رسمي على أحداث مصر، تضمّن هجوماً لاذعاً على «الإخوان»، معتبرا أنهاً نتيجة لـ«الشروخ المجتمعية» الناتجة عن سقوط مشاريع التوحيد الإسلامية والقومية الكبرى، وأنها مسؤولة عن محاولة «خلق وطنين، وطن للإسلاميين ووطن للقوميين». كما حمّلها مسؤولية ظهور تنظيم «القاعدة».

وفي إطلالة جديدة مع الإعلام الحكومي، اعتبر الأسد، في مقابلة مع صحيفة «الثورة» لمناسبة مرور خمسين عاماً على صدورها، أن ما يجري في سوريا الآن «ثورة الشعب والجيش ضد الإرهابيين... وهي الثورة الحقيقية»، مجرّداً الحركة الاحتجاجية في سوريا من أي بعد داخلي.

وبدا تركيز الأسد على انتقاد جماعة «الإخوان» واضحاً، ربما تحت تأثر ما يجري غير بعيد في مصر، ولاعتبارات أخرى، من بينها أن الرئاسة السورية اتهمت منذ آذار العام 2011 «الإخوان المسلمين» بالتخطيط للاهتزازات التي أصابت سوريا.

ونفى الأسد صفة الثورة عما يجري في سوريا، قائلاً إن «أي ثورة حقيقية هي ثورة داخلية صرفة، ولا علاقة لها بالخارج من قريب ولا من بعيد، وفيها جانب عفوي، وتتزعمها نخب فكرية وإيديولوجية وتفاصيل أخرى، بينما ما حصل في سوريا منذ البداية كان العامل الخارجي واضحاً فيه».

وفي السياق، أشار الأسد الى أن «ثورة العام 1963 هي ثورة سورية أتت لتعزز الوطن والمجتمع والإنسان»، لافتاً إلى ان المسؤولين الغربيين «لم يعودوا يذكرون كلمة ثورة، بل يتحدثون الآن عن الإرهاب».

واعتبر الأسد أن توصيف النزاع في سوريا بالطائفي، ولا سيما بعد مشاركة «حزب الله» في معارك القصير، هدفه «ضرب المحور المقاوم في المنطقة» و«تغيير تعريف العدو والحليف عبر تحويل (حزب الله) من مشروع مقاومة إلى مشروع طائفي».

ورداً على سؤال عمّا إذا كانت سوريا في حاجة إلى عناصر من «حزب الله» للقتال، قال الأسد إن «موضوع القصير مرتبط بموضوع المقاومة أكثر من ارتباطه بالوضع الداخلي السوري»، مفسّراً اهتمام الغرب بمعركة القصير كونها «تعني موضوعاً مشتركاً، موضوعا داخليا سورياً، لكنها تعني المقاومة أيضاً، وخاصة أنها منطقة حدودية تتعلق بالحديقة الخلفية للمقاومة». وشدد على أن «المقاومة لا يمكن أن تكون قوية من دون عمق حقيقي لها فسوريا هي عمق المقاومة، وهذا المكان من الناحية الجغرافية استراتيجي بالنسبة إلى علاقة سوريا بلبنان، وتحديداً بالمقاومة».

وأضاف «في هذه الحال ثمة ضرورة لأن تخوض المقاومة المعركة المرتبطة بها كما هي مرتبطة بسوريا».

وتابع «نعم، هو شيء ضروري، ولن نتردد ولا نخفي هذا الشيء ولا نخجل به، لذلك أنا قلت إذا كنا في حاجة للمقاومة، ولماذا احتجنا إليها في القصير، ولم نحتج إليها في دمشق أو حلب أو في بقية المناطق».

ورفض الأسد وصف الصراع في سوريا باعتباره بين أقليات وأكثرية، معتبراً أن «أكثرية الشعب هي التي دعمت الدولة، وهنا عندما نتحدث عن أكثرية الشعب لا بد أن تشمل كل الطوائف».

وحول العلاقة مع «الإخوان» وما إذا كانت الدولة مستعدة للتحاور مع الجماعة، قال الأسد» نحن نتعامل مع أي طرف. وللمناسبة نحن تحاورنا مع الإخوان المسلمين بعدما ضربوا المسلمين، وبعدما ضربوا في سوريا في الثمانينيات. نحن نتحاور من منطلق أن الحوار ربما يعيد الطرف الآخر إلى الموقع الصحيح... لكن في كل مرة كنا نكتشف أن الإخوان المسلمين لم يتخلوا عن منطق النفاق بكل بساطة، لم يتخلوا عن هدف وحيد وهو السيطرة والحكم، ولم يكن في يوم من الأيام هدفهم الوطن أو الدين. من جانب آخر نحن نتحاور معهم كأشخاص وليس كحزب، لأن مبدأ الحزب الديني مرفوض بالنسبة إلينا. وهذا واضح في الدستور الجديد وفي قوانين الأحزاب. فإذاً نحن نحاور الجميع مع معرفتنا المسبقة بالتوجهات الحقيقية لهؤلاء، ومع معرفتنا المسبقة بأن الأمل بتبدل بني على عقيدة عمرها أقل من قرن بقليل»، لكنه اشترط حصول استفتاء شعبي «قبل ذلك».

ووصف الأسد سقوط الرئيس المصري محمد مرسي بانه بمثابة «سقوط لما يسمى الإسلام السياسي». وقال «مشروع الإخوان هو مشروع منافق، يهدف حقيقة إلى خلق فتنة في العالم العربي، فهم أول من طرح في سوريا المفهوم الطائفي ومشروع الفتنة الطائفية منذ السبعينيات. حينها لم نكن نعرف كلمة طائفية أو نتحدث بها».

وحول قرار عزل مرسي من قبل الجيش وعلاقته بدعوته إلى «الجهاد» في سوريا وقطع العلاقات الديبلوماسية معها، أشار الأسد إلى ان تجاهل «العلاقة الاستراتيجية بين البلدين القديمة كان جهلا مخجلا».

وفي الموضوع الداخلي، رأى الأسد أن «التسامح ضروري في حل الأزمات الوطنية بشرط أن يكون شعبياً وليس رسمياً. نحن في عائلتنا أصبنا في الأحداث وخسرنا أشخاصاً، لكن في النهاية كأي عائلة أخرى يجب أن نفكر أولاً بالوطن قبل أن نفكر بمشاعرنا الشخصية. لا بد من أن نفكر بهذه الطريقة داخلياً وخارجياً».

واعتبر الأسد أن تحسن الموضوع الاقتصادي الصعب يحتاج إلى تحسن في الوضع الأمني، مؤكدا في إجابة عن ســؤال وجود ثروات غازية كبيرة جدا على الساحل السوري لم تســـتثمر بعد. وأعلن انه متـــفائل دوما بنهاية الأزمة، وأن الناس التي يلتقيها تعود لتذكر عبارة «سوريا الله حاميها».

 

  • فريق ماسة
  • 2013-07-03
  • 10162
  • من الأرشيف

الأسد يهاجم «الإخوان»: مشروع فتنة تاريخي

احتفت القيادة السورية بسقوط حكم جماعة «الإخوان المسلمين» في مصر، حيث رأى الرئيس السوري بشار الأسد، في حديث صحافي، نشر أمس، أن ما جرى في مصر يؤكد فشل تجربة الإسلامي السياسي، ملمّحاً بطرق مختلفة الى أن صراع سوريا يشكل أحد أوجهه، ومبدياً انفتاحه على الحوار مع «شخصيات» من «الاخوان» لا مع الجماعة نفسها، باعتبارها «حزباً دينياً» محظوراً في سوريا. في هذا الوقت، سرّب المكتب الإعلامي لرئاسة الجمهورية أول تعليق رسمي على أحداث مصر، تضمّن هجوماً لاذعاً على «الإخوان»، معتبرا أنهاً نتيجة لـ«الشروخ المجتمعية» الناتجة عن سقوط مشاريع التوحيد الإسلامية والقومية الكبرى، وأنها مسؤولة عن محاولة «خلق وطنين، وطن للإسلاميين ووطن للقوميين». كما حمّلها مسؤولية ظهور تنظيم «القاعدة». وفي إطلالة جديدة مع الإعلام الحكومي، اعتبر الأسد، في مقابلة مع صحيفة «الثورة» لمناسبة مرور خمسين عاماً على صدورها، أن ما يجري في سوريا الآن «ثورة الشعب والجيش ضد الإرهابيين... وهي الثورة الحقيقية»، مجرّداً الحركة الاحتجاجية في سوريا من أي بعد داخلي. وبدا تركيز الأسد على انتقاد جماعة «الإخوان» واضحاً، ربما تحت تأثر ما يجري غير بعيد في مصر، ولاعتبارات أخرى، من بينها أن الرئاسة السورية اتهمت منذ آذار العام 2011 «الإخوان المسلمين» بالتخطيط للاهتزازات التي أصابت سوريا. ونفى الأسد صفة الثورة عما يجري في سوريا، قائلاً إن «أي ثورة حقيقية هي ثورة داخلية صرفة، ولا علاقة لها بالخارج من قريب ولا من بعيد، وفيها جانب عفوي، وتتزعمها نخب فكرية وإيديولوجية وتفاصيل أخرى، بينما ما حصل في سوريا منذ البداية كان العامل الخارجي واضحاً فيه». وفي السياق، أشار الأسد الى أن «ثورة العام 1963 هي ثورة سورية أتت لتعزز الوطن والمجتمع والإنسان»، لافتاً إلى ان المسؤولين الغربيين «لم يعودوا يذكرون كلمة ثورة، بل يتحدثون الآن عن الإرهاب». واعتبر الأسد أن توصيف النزاع في سوريا بالطائفي، ولا سيما بعد مشاركة «حزب الله» في معارك القصير، هدفه «ضرب المحور المقاوم في المنطقة» و«تغيير تعريف العدو والحليف عبر تحويل (حزب الله) من مشروع مقاومة إلى مشروع طائفي». ورداً على سؤال عمّا إذا كانت سوريا في حاجة إلى عناصر من «حزب الله» للقتال، قال الأسد إن «موضوع القصير مرتبط بموضوع المقاومة أكثر من ارتباطه بالوضع الداخلي السوري»، مفسّراً اهتمام الغرب بمعركة القصير كونها «تعني موضوعاً مشتركاً، موضوعا داخليا سورياً، لكنها تعني المقاومة أيضاً، وخاصة أنها منطقة حدودية تتعلق بالحديقة الخلفية للمقاومة». وشدد على أن «المقاومة لا يمكن أن تكون قوية من دون عمق حقيقي لها فسوريا هي عمق المقاومة، وهذا المكان من الناحية الجغرافية استراتيجي بالنسبة إلى علاقة سوريا بلبنان، وتحديداً بالمقاومة». وأضاف «في هذه الحال ثمة ضرورة لأن تخوض المقاومة المعركة المرتبطة بها كما هي مرتبطة بسوريا». وتابع «نعم، هو شيء ضروري، ولن نتردد ولا نخفي هذا الشيء ولا نخجل به، لذلك أنا قلت إذا كنا في حاجة للمقاومة، ولماذا احتجنا إليها في القصير، ولم نحتج إليها في دمشق أو حلب أو في بقية المناطق». ورفض الأسد وصف الصراع في سوريا باعتباره بين أقليات وأكثرية، معتبراً أن «أكثرية الشعب هي التي دعمت الدولة، وهنا عندما نتحدث عن أكثرية الشعب لا بد أن تشمل كل الطوائف». وحول العلاقة مع «الإخوان» وما إذا كانت الدولة مستعدة للتحاور مع الجماعة، قال الأسد» نحن نتعامل مع أي طرف. وللمناسبة نحن تحاورنا مع الإخوان المسلمين بعدما ضربوا المسلمين، وبعدما ضربوا في سوريا في الثمانينيات. نحن نتحاور من منطلق أن الحوار ربما يعيد الطرف الآخر إلى الموقع الصحيح... لكن في كل مرة كنا نكتشف أن الإخوان المسلمين لم يتخلوا عن منطق النفاق بكل بساطة، لم يتخلوا عن هدف وحيد وهو السيطرة والحكم، ولم يكن في يوم من الأيام هدفهم الوطن أو الدين. من جانب آخر نحن نتحاور معهم كأشخاص وليس كحزب، لأن مبدأ الحزب الديني مرفوض بالنسبة إلينا. وهذا واضح في الدستور الجديد وفي قوانين الأحزاب. فإذاً نحن نحاور الجميع مع معرفتنا المسبقة بالتوجهات الحقيقية لهؤلاء، ومع معرفتنا المسبقة بأن الأمل بتبدل بني على عقيدة عمرها أقل من قرن بقليل»، لكنه اشترط حصول استفتاء شعبي «قبل ذلك». ووصف الأسد سقوط الرئيس المصري محمد مرسي بانه بمثابة «سقوط لما يسمى الإسلام السياسي». وقال «مشروع الإخوان هو مشروع منافق، يهدف حقيقة إلى خلق فتنة في العالم العربي، فهم أول من طرح في سوريا المفهوم الطائفي ومشروع الفتنة الطائفية منذ السبعينيات. حينها لم نكن نعرف كلمة طائفية أو نتحدث بها». وحول قرار عزل مرسي من قبل الجيش وعلاقته بدعوته إلى «الجهاد» في سوريا وقطع العلاقات الديبلوماسية معها، أشار الأسد إلى ان تجاهل «العلاقة الاستراتيجية بين البلدين القديمة كان جهلا مخجلا». وفي الموضوع الداخلي، رأى الأسد أن «التسامح ضروري في حل الأزمات الوطنية بشرط أن يكون شعبياً وليس رسمياً. نحن في عائلتنا أصبنا في الأحداث وخسرنا أشخاصاً، لكن في النهاية كأي عائلة أخرى يجب أن نفكر أولاً بالوطن قبل أن نفكر بمشاعرنا الشخصية. لا بد من أن نفكر بهذه الطريقة داخلياً وخارجياً». واعتبر الأسد أن تحسن الموضوع الاقتصادي الصعب يحتاج إلى تحسن في الوضع الأمني، مؤكدا في إجابة عن ســؤال وجود ثروات غازية كبيرة جدا على الساحل السوري لم تســـتثمر بعد. وأعلن انه متـــفائل دوما بنهاية الأزمة، وأن الناس التي يلتقيها تعود لتذكر عبارة «سوريا الله حاميها».  

المصدر : السفير/زياد حيدر


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة