إننا نعيش أحلامنا. إننا نرى أمانينا تقترب من التحقق حتى لنكاد نأخذها بأيدينا. إن شعب مصر يصنع تاريخه، تاريخ الأمة العربية جميعاً الآن، من أدنى المشرق إلى أقصى المغرب. إنه يُسقط الزور وتزوير الإرادة والخروج على إرادة الأمة. إنه يُسقط أعتى تنظيمات الإسلام السياسي (الإخوان)، الذي حاول توظيف الدين ضد حقوق الشعب ومطامحه إلى الحرية والكرامة والعدل.

إن شعب مصر العظيم يكتب الغد، غد مصر وغد الأمة العربية جميعاً، وما جاورها وماثل أوضاع شعوبها المقهورة من حولها. إنه يُسقط التخلف والغربة عن العصر. إنه يعيد الاعتبار إلى الدين، خصوصاً أنه يكاد يكون الأعمق تديناً في العالم، فيخرجه من البازار السياسي. إنه يواجه المتاجرين بالشعار الديني والذين استخدموه سلَّماً للوصول إلى السلطة وما زالوا يستخدمونه للتغطية على التبعية للإرادة الأميركية وعلى الخضوع للإذلال الإسرائيلي. إنه يعيد الاعتبار إلى الدين الذي يحض على حفظ الكرامة والتحرر ومقاومة الطغيان.

إن شعب مصر يستعيد روحه ودوره، ويعيد الروح إلى الأمة العربية جميعاً. لقد نزل هذا الشعب بالملايين، ملايين الملايين، مسجلاً سابقة في التاريخ الإنساني جميعاً. لقد أكد حضوره. لقد أكد وعيه. لقد أكد حقه بنظام حكم يليق بكرامته. لقد رفض الحكم المتستر بالشعار الديني وهو يهينه في كرامته ودينه، عبر جهره بتبعيته للإرادة الأميركية، ووقوفه متسولاً على بابها مستجدياً قروض البنك الدولي وصندوق النقد الدولي.

إن هذا الشعب يعرف بالتجربة الغنية أن هذا الارتهان للخارج يُسقط حقه في الحرية وينسف حقه بالتقدم، وهو المؤهل لبناء بلاده بكفاءاته وقدراته وجدارته بصنع مستقبله الأفضل بعقول أبنائه وزنودهم واستعدادهم غير المحدود للتعب والعرق والجهاد في البناء والإعمار... وها هو ماضيهم القريب يشهد أنهم استطاعوا أن يستغنوا عن المعونات والمساعدات التي تسترهن قرار البلاد وسيادتها، فيبنوا أهم قلعة صناعية في المنطقة ويفيدوا من النيل عبر بناء السد العالي في ري الأرض القاحلة وإنتاج الطاقة.

إنه يثأر لخداعه بالشعار الإسلامي واللباس الإسلامي وادعاء الحكم بأحكام الشريعة. وها هو ثأره ممّن مكروا وخدعوه مبهر العالم: الملايين في الميادين، في القاهرة التي تكاد تكون بلا نهاية لامتدادها، في الإسكندرية والوجه البحري عموماً وفي الوجه القبلي من الجيزة وحتى الصعيد البراني منه والجواني.

لقد خدعه المجلس العسكري الأعلى، مرة، ربما لشدة تلهفه إلى التغيير، إلى إسقاط حكم الطغيان، ممثلاً بحسني مبارك وبطانته من أهل السوء. وخدعه ذلك المجلس مرة أخرى حين تواطأ مع «الإخوان المسلمين» على إرادة التغيير... وبعدها تولى «الإخوان» متابعة المخادعة وهم فيها أدهى وعليها أقدر: سرقوا منه انتفاضته الأولى المجيدة، وصادروا الميدان. سرقوا أصواته. زوّروا إرادته في الانتخابات، وحين افتضح تزويرهم كان قد فات الأوان. وسرقوا الرئاسة بالمخادعة وبانقسام الميدان نتيجة افتقاده القيادة الموحدة والمؤهلة بالبرنامج المعبر عن مطامح الشعب المقهور.

ها هو شعب مصر يستعيد ميدانه، وينزل إليه في كل مصر، أعظم عدداً، حتى أنه حقق سابقة دولية، وأكثر تنظيماً. وها هو جيشه يتقدم لحماية أهداف الثورة، متخلياً عن مهمته التقليدية في حماية النظام وإن طغى، وحماية الخطأ ولو صار خطيئة.

.. وكان يكفي الشعب ألا يستخدم جيشه وسائر القوى الأمنية ضده. أن يستعيد أبناءه البررة في القوات المسلحة فلا ينصروا عليه الظالم والمزوّر... ولقد تجاوز الجيش والقوى الأمنية تقديرات الشعب فإذا بشبابه في مختلف المؤسسات العسكرية والأمنية ينحازون إليه ويعززون موقفه ويؤكدون مطالبه الشرعية والمشروعة. وكان هذا التبدّل في موقف الجيش حاسماً... وهكذا نفتح الباب أمام إسقاط الطغيان بالشعار الديني بعد إسقاط الطغيان بالفساد، وإسقاط الانحياز الأعمى للقوات المسلحة إلى «الشرعية» المزعومة للرئيس المنتخب بعدما أسقطته الملايين التي هدرت بالشعار ذي الرنين المنشي: «ارحل».

ها هي مصر تستعيد روحها. وسيرحل طاغيتها الجديد المصفّح بالشعار الديني. سيرحل مهما كان الدعم الدولي. ولن تنفعه «النصائح» الأميركية التي تحاول استنقاذ النظام الإخواني ولو ببعض التنازلات التي قد تتخذ شكل الاستعداد لإصلاح بعض وجوه الطغيان والتفرّد والفساد.

إنه السقوط التاريخي للإخوان المسلمين وأهليتهم لأن يتولوا الحكم في أي بلد. إنه السقوط المدوي للشعار الديني كطريق إلى السلطة. إنه استنقاذ للإسلام من رافعي شعاره من أجل التسلّط والهيمنة.

إن شعب مصر الذي يشهد العالم كله على عمق إيمانه يعيد الاعتبار إلى الدين الحنيف بتبرئته من متسلقي شعاراته ومنتحلي صفة القيمين على مبادئه السامية.

إن شعب مصر يستعيد قراره. إن شعب مصر يقدم إنجازاً عظيماً للأمة جميعاً وهو كشف المتاجرين بالشعار الديني من أجل الوصول إلى السلطة والتفرد بها وكأنهم «يحققون كلمة الله»، في حين أن تجربتهم البائسة أنهم كانوا يسخّرون الشعار الديني لتضليل المؤمنين وللهيمنة على قرارهم وعلى «وراثة» نظام الطغيان السابق في الحرص على الخضوع لمقتضيات السياسة الأميركية في الهيمنة على المنطقة جميعاً، وأخطرها حماية أمن العدو الإسرائيلي وتمكينه على حساب كرامة شعب مصر وحقه في ثروته الوطنية وعلى حساب أمنها الوطني ودور مصر القيادي الذي لا بديل منه في أمته.

لقد حقق شعب مصر بثورته المجيدة الذي نزلت ملايينه إلى ميادين مدنه وقراه إنجازاً تاريخياً غير مسبوق: لقد فتح باب الغد الأفضل أمام الأمة العربية وسائر الشعوب المقهورة بالتركة الثقيلة للطغيان والاحتلال الأجنبي.

«صباح الخير على الورد اللي فتح في جناين مصر..».

  • فريق ماسة
  • 2013-07-02
  • 8849
  • من الأرشيف

مصر تُسقط الطغيان بالشعار الديني

إننا نعيش أحلامنا. إننا نرى أمانينا تقترب من التحقق حتى لنكاد نأخذها بأيدينا. إن شعب مصر يصنع تاريخه، تاريخ الأمة العربية جميعاً الآن، من أدنى المشرق إلى أقصى المغرب. إنه يُسقط الزور وتزوير الإرادة والخروج على إرادة الأمة. إنه يُسقط أعتى تنظيمات الإسلام السياسي (الإخوان)، الذي حاول توظيف الدين ضد حقوق الشعب ومطامحه إلى الحرية والكرامة والعدل. إن شعب مصر العظيم يكتب الغد، غد مصر وغد الأمة العربية جميعاً، وما جاورها وماثل أوضاع شعوبها المقهورة من حولها. إنه يُسقط التخلف والغربة عن العصر. إنه يعيد الاعتبار إلى الدين، خصوصاً أنه يكاد يكون الأعمق تديناً في العالم، فيخرجه من البازار السياسي. إنه يواجه المتاجرين بالشعار الديني والذين استخدموه سلَّماً للوصول إلى السلطة وما زالوا يستخدمونه للتغطية على التبعية للإرادة الأميركية وعلى الخضوع للإذلال الإسرائيلي. إنه يعيد الاعتبار إلى الدين الذي يحض على حفظ الكرامة والتحرر ومقاومة الطغيان. إن شعب مصر يستعيد روحه ودوره، ويعيد الروح إلى الأمة العربية جميعاً. لقد نزل هذا الشعب بالملايين، ملايين الملايين، مسجلاً سابقة في التاريخ الإنساني جميعاً. لقد أكد حضوره. لقد أكد وعيه. لقد أكد حقه بنظام حكم يليق بكرامته. لقد رفض الحكم المتستر بالشعار الديني وهو يهينه في كرامته ودينه، عبر جهره بتبعيته للإرادة الأميركية، ووقوفه متسولاً على بابها مستجدياً قروض البنك الدولي وصندوق النقد الدولي. إن هذا الشعب يعرف بالتجربة الغنية أن هذا الارتهان للخارج يُسقط حقه في الحرية وينسف حقه بالتقدم، وهو المؤهل لبناء بلاده بكفاءاته وقدراته وجدارته بصنع مستقبله الأفضل بعقول أبنائه وزنودهم واستعدادهم غير المحدود للتعب والعرق والجهاد في البناء والإعمار... وها هو ماضيهم القريب يشهد أنهم استطاعوا أن يستغنوا عن المعونات والمساعدات التي تسترهن قرار البلاد وسيادتها، فيبنوا أهم قلعة صناعية في المنطقة ويفيدوا من النيل عبر بناء السد العالي في ري الأرض القاحلة وإنتاج الطاقة. إنه يثأر لخداعه بالشعار الإسلامي واللباس الإسلامي وادعاء الحكم بأحكام الشريعة. وها هو ثأره ممّن مكروا وخدعوه مبهر العالم: الملايين في الميادين، في القاهرة التي تكاد تكون بلا نهاية لامتدادها، في الإسكندرية والوجه البحري عموماً وفي الوجه القبلي من الجيزة وحتى الصعيد البراني منه والجواني. لقد خدعه المجلس العسكري الأعلى، مرة، ربما لشدة تلهفه إلى التغيير، إلى إسقاط حكم الطغيان، ممثلاً بحسني مبارك وبطانته من أهل السوء. وخدعه ذلك المجلس مرة أخرى حين تواطأ مع «الإخوان المسلمين» على إرادة التغيير... وبعدها تولى «الإخوان» متابعة المخادعة وهم فيها أدهى وعليها أقدر: سرقوا منه انتفاضته الأولى المجيدة، وصادروا الميدان. سرقوا أصواته. زوّروا إرادته في الانتخابات، وحين افتضح تزويرهم كان قد فات الأوان. وسرقوا الرئاسة بالمخادعة وبانقسام الميدان نتيجة افتقاده القيادة الموحدة والمؤهلة بالبرنامج المعبر عن مطامح الشعب المقهور. ها هو شعب مصر يستعيد ميدانه، وينزل إليه في كل مصر، أعظم عدداً، حتى أنه حقق سابقة دولية، وأكثر تنظيماً. وها هو جيشه يتقدم لحماية أهداف الثورة، متخلياً عن مهمته التقليدية في حماية النظام وإن طغى، وحماية الخطأ ولو صار خطيئة. .. وكان يكفي الشعب ألا يستخدم جيشه وسائر القوى الأمنية ضده. أن يستعيد أبناءه البررة في القوات المسلحة فلا ينصروا عليه الظالم والمزوّر... ولقد تجاوز الجيش والقوى الأمنية تقديرات الشعب فإذا بشبابه في مختلف المؤسسات العسكرية والأمنية ينحازون إليه ويعززون موقفه ويؤكدون مطالبه الشرعية والمشروعة. وكان هذا التبدّل في موقف الجيش حاسماً... وهكذا نفتح الباب أمام إسقاط الطغيان بالشعار الديني بعد إسقاط الطغيان بالفساد، وإسقاط الانحياز الأعمى للقوات المسلحة إلى «الشرعية» المزعومة للرئيس المنتخب بعدما أسقطته الملايين التي هدرت بالشعار ذي الرنين المنشي: «ارحل». ها هي مصر تستعيد روحها. وسيرحل طاغيتها الجديد المصفّح بالشعار الديني. سيرحل مهما كان الدعم الدولي. ولن تنفعه «النصائح» الأميركية التي تحاول استنقاذ النظام الإخواني ولو ببعض التنازلات التي قد تتخذ شكل الاستعداد لإصلاح بعض وجوه الطغيان والتفرّد والفساد. إنه السقوط التاريخي للإخوان المسلمين وأهليتهم لأن يتولوا الحكم في أي بلد. إنه السقوط المدوي للشعار الديني كطريق إلى السلطة. إنه استنقاذ للإسلام من رافعي شعاره من أجل التسلّط والهيمنة. إن شعب مصر الذي يشهد العالم كله على عمق إيمانه يعيد الاعتبار إلى الدين الحنيف بتبرئته من متسلقي شعاراته ومنتحلي صفة القيمين على مبادئه السامية. إن شعب مصر يستعيد قراره. إن شعب مصر يقدم إنجازاً عظيماً للأمة جميعاً وهو كشف المتاجرين بالشعار الديني من أجل الوصول إلى السلطة والتفرد بها وكأنهم «يحققون كلمة الله»، في حين أن تجربتهم البائسة أنهم كانوا يسخّرون الشعار الديني لتضليل المؤمنين وللهيمنة على قرارهم وعلى «وراثة» نظام الطغيان السابق في الحرص على الخضوع لمقتضيات السياسة الأميركية في الهيمنة على المنطقة جميعاً، وأخطرها حماية أمن العدو الإسرائيلي وتمكينه على حساب كرامة شعب مصر وحقه في ثروته الوطنية وعلى حساب أمنها الوطني ودور مصر القيادي الذي لا بديل منه في أمته. لقد حقق شعب مصر بثورته المجيدة الذي نزلت ملايينه إلى ميادين مدنه وقراه إنجازاً تاريخياً غير مسبوق: لقد فتح باب الغد الأفضل أمام الأمة العربية وسائر الشعوب المقهورة بالتركة الثقيلة للطغيان والاحتلال الأجنبي. «صباح الخير على الورد اللي فتح في جناين مصر..».

المصدر : السفير/طلال سلمان


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة