صعد رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان إلى المنصة في اسطنبول أمس، ليقول لمؤيديه إنه فعل واجبه بـ«تطهير» الميدان من «الإرهابيين»، ما يعكس اصراره على رفع سقف التهديدات والإهانات في وجه المتظاهرين ضد حكومته وحزبه الحاكم في المدن التركية، وفي «ميدان تقسيم» و«حديقة جيزي» في اسطنبول خاصة، وذلك غداة قيام الشرطة باقتحام الميدان والحديقة، والاعتداء على المتظاهرين وإخلائهم، تنفيذا لتهديدات اردوغان.

إلا أنه وكما لم يفلح اقتحام «تقسيم» أو خطاب أردوغان في أنقرة في ردع المتظاهرين، لم يوقفهم خطاب «التطهير» عن تحركهم. فقد استمرت التظاهرات في اسطنبول وعلى بعد كيلومترات من أردوغان ومؤيديه. كذلك، ورداً على سياسة الحكومة، أعلنت اثنتان من كبرى نقابات تركيا الإضراب العام اليوم.

وبعد يوم واحد من التظاهرة التي دعا إليها في أنقرة، خطب أردوغان أمس، أمام الآلاف في اسطنبول. وقال «قلت إننا وصلنا إلى النهاية، وأن الأمر بات لا يحتمل. أمس (الأول)، تم تنفيذ العملية وتم تطهير (ساحة تقسيم وحديقة جيزي)... كان ذلك واجبي كرئيس للوزراء». وأضاف «لن نتخلى عن هذه الساحة للإرهابيين... لا يمكنكم تنظيم تجمع في أي مكان تشاؤون. تستطيعون القيام بذلك في المكان المسموح به».

ودافع أردوغان عن أعمال الشرطة، وقال لمعارضيه «إذا كنتم لا تريدون رؤيتنا في الحكم فان الحل موجود: الانتخابات».

وفي الوقت الذي كان يخطب فيه أردوغان، كانت شرطة مكافحة الشغب، وعلى بعد عشرة كيلومترات، تطلق الغاز المسيل للدموع في وجه المتظاهرين الرافضين للخروج من «تقسيم».

ورداً على اقتحام «ميدان تقسيم» و«حديقة جيزي»، أعلن «الاتحاد النقابي للعمال الثوريين» (ديسك)، ويضم 420 ألف عضو، و«الاتحاد النقابي لموظفي القطاع العام» (كيسك)، ويشمل 250 ألف عضو، الإضراب العام اليوم في كافة أنحاء البلاد.

وقال المتحدث باسم «كيسك» باكي جينار «سننفذ إضراباً في أنحاء البلاد مع (نقابة) ديسك ومنظمات أخرى» تمثل الأطباء والمهندسين والمعماريين وأطباء الأسنان.

ومنذ صباح أمس، اندلعت اشتباكات بين المحتجين والشرطة في أنقرة حيث لجأت قوات الأمن إلى الغاز المسيل للدموع. كذلك، استمرت المواجهات في اسطنبول.

وفي حي سيسلي على بعد مئات الأمتار من «تقسيم»، فرقت الشرطة المتظاهرين مستخدمة قنابل الغاز المسيل للدموع وخراطيم المياه. وبموازاة ذلك، وللمرة الأولى في اسطنبول منذ بدء الاحتجاجات، تم نشر وحدات من الدرك، وهي قوة عسكرية تأتمر بأوامر وزارة الداخلية، عند مدخل جسر البوسفور لحماية الجانب الأوروبي من المدينة من أي تجمع للمتظاهرين القادمين من القسم الآسيوي.

وفي الساعات الأولى من الصباح، عبر عدد كبير من الأشخاص الجسر من الجانب الآسيوي. وقال أحدهم «نحتل جسر البوسفور بنحو 500 أو 600 شخص. أوقفنا حركة السير على الجسر. وقد هاجمتنا الشرطة بقوة حين وصلنا إلى ميسيدييكوي (حي قريب من ساحة تقسيم)».

ورداً على محاولات المتظاهرين العودة إلى «تقسيم» وجيزي»، قال محافظ اسطنبول حسين عوني موطلو، في لقاء مع صحافيين، إن «أي دعوة للنزول إلى تقسيم لن تساهم في إقرار النظام والأمن»، مضيفاً «بعدما تستقر الأوضاع الحالية يمكنهم ممارسة حقوقهم الديموقراطية. في ظل الأوضاع الحالية لن نسمح بأي تجمع».

وجاء اقتحام «جيزي» أمس الأول، بعد ساعات من تهديد أردوغان للمتظاهرين خلال كلمة ألقاها أمام مؤيديه في أنقرة. وقال أردوغان «إذا لم يتم إخلاء ساحة تقسيم فإن قوات الأمن في هذا البلد ستعرف كيف تخليها»، مضيفاً أن «البقاء هناك لم يعد له أي معنى لأن الملف بات بين يدي القضاء... لا اعلم ماذا سيكون قرار القضاء ولكن سواء قرر (إبقاء الحديقة) أو لا فسيكون هناك تصويت شعبي في اسطنبول... وسنحترم نتيجة هذا التصويت». وتابع «لا احد يمكنه ترهيبنا... لن نتلقى أمراً أو تعليمات من احد إلا من الله».

ورد المتظاهرون في «تقسيم» في بيان على تهديد أردوغان، بالقول «سنتابع مقاومتنا ضد الظلم في بلادنا... هذه ليست سوى البداية، وسنواصل النضال».

واستمرت الاشتباكات أمس الأول طوال الليل بعد عملية الاقتحام، حيث دخل عناصر الشرطة ببزاتهم العسكرية أو باللباس المدني، وبأيديهم الهراوات وقنابل الغاز المسيل للدموع، والرصاص المطاطي، وقاموا بانتزاع الخيام.

وتدفق الآلاف إلى الشارع الرئيسي المؤدي إلى «تقسيم» بعد مداهمة الشرطة، وبدأوا بناء حواجز، فيما أطلقت الشرطة الغاز المسيل للدموع على الشوارع الخلفية حول الساحة لمحاولة منعهم من التجمع مرة أخرى.

وتظاهر محتجون في عدة أحياء في شتى أنحاء اسطنبول، وبنوا حواجز من أسيجة معدنية وحجارة أرصفة ولوحات إعلانية. وقطع متظاهرون طريقاً رئيسياً إلى مطار أتاتورك على الطرف الغربي من المدينة، كما سار المئات شرقاً باتجاه جسر رئيسي على مضيق البوسفور تجاه «تقسيم». واحتشد الآلاف أيضاً في حي «جازي» العمالي. كذلك، تجمع متظاهرون في أنقرة حول متنزه «كوجولو» في وسط المدينة.

وبحسب اتحاد الأطباء التركي فإن الاضطرابات أسفرت عن سقوط أربعة قتلى ونحو خمسة آلاف جريح حتى الآن.

  • فريق ماسة
  • 2013-06-16
  • 6874
  • من الأرشيف

أردوغان: طهّرنا «تقسيم» من الإرهابيين

صعد رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان إلى المنصة في اسطنبول أمس، ليقول لمؤيديه إنه فعل واجبه بـ«تطهير» الميدان من «الإرهابيين»، ما يعكس اصراره على رفع سقف التهديدات والإهانات في وجه المتظاهرين ضد حكومته وحزبه الحاكم في المدن التركية، وفي «ميدان تقسيم» و«حديقة جيزي» في اسطنبول خاصة، وذلك غداة قيام الشرطة باقتحام الميدان والحديقة، والاعتداء على المتظاهرين وإخلائهم، تنفيذا لتهديدات اردوغان. إلا أنه وكما لم يفلح اقتحام «تقسيم» أو خطاب أردوغان في أنقرة في ردع المتظاهرين، لم يوقفهم خطاب «التطهير» عن تحركهم. فقد استمرت التظاهرات في اسطنبول وعلى بعد كيلومترات من أردوغان ومؤيديه. كذلك، ورداً على سياسة الحكومة، أعلنت اثنتان من كبرى نقابات تركيا الإضراب العام اليوم. وبعد يوم واحد من التظاهرة التي دعا إليها في أنقرة، خطب أردوغان أمس، أمام الآلاف في اسطنبول. وقال «قلت إننا وصلنا إلى النهاية، وأن الأمر بات لا يحتمل. أمس (الأول)، تم تنفيذ العملية وتم تطهير (ساحة تقسيم وحديقة جيزي)... كان ذلك واجبي كرئيس للوزراء». وأضاف «لن نتخلى عن هذه الساحة للإرهابيين... لا يمكنكم تنظيم تجمع في أي مكان تشاؤون. تستطيعون القيام بذلك في المكان المسموح به». ودافع أردوغان عن أعمال الشرطة، وقال لمعارضيه «إذا كنتم لا تريدون رؤيتنا في الحكم فان الحل موجود: الانتخابات». وفي الوقت الذي كان يخطب فيه أردوغان، كانت شرطة مكافحة الشغب، وعلى بعد عشرة كيلومترات، تطلق الغاز المسيل للدموع في وجه المتظاهرين الرافضين للخروج من «تقسيم». ورداً على اقتحام «ميدان تقسيم» و«حديقة جيزي»، أعلن «الاتحاد النقابي للعمال الثوريين» (ديسك)، ويضم 420 ألف عضو، و«الاتحاد النقابي لموظفي القطاع العام» (كيسك)، ويشمل 250 ألف عضو، الإضراب العام اليوم في كافة أنحاء البلاد. وقال المتحدث باسم «كيسك» باكي جينار «سننفذ إضراباً في أنحاء البلاد مع (نقابة) ديسك ومنظمات أخرى» تمثل الأطباء والمهندسين والمعماريين وأطباء الأسنان. ومنذ صباح أمس، اندلعت اشتباكات بين المحتجين والشرطة في أنقرة حيث لجأت قوات الأمن إلى الغاز المسيل للدموع. كذلك، استمرت المواجهات في اسطنبول. وفي حي سيسلي على بعد مئات الأمتار من «تقسيم»، فرقت الشرطة المتظاهرين مستخدمة قنابل الغاز المسيل للدموع وخراطيم المياه. وبموازاة ذلك، وللمرة الأولى في اسطنبول منذ بدء الاحتجاجات، تم نشر وحدات من الدرك، وهي قوة عسكرية تأتمر بأوامر وزارة الداخلية، عند مدخل جسر البوسفور لحماية الجانب الأوروبي من المدينة من أي تجمع للمتظاهرين القادمين من القسم الآسيوي. وفي الساعات الأولى من الصباح، عبر عدد كبير من الأشخاص الجسر من الجانب الآسيوي. وقال أحدهم «نحتل جسر البوسفور بنحو 500 أو 600 شخص. أوقفنا حركة السير على الجسر. وقد هاجمتنا الشرطة بقوة حين وصلنا إلى ميسيدييكوي (حي قريب من ساحة تقسيم)». ورداً على محاولات المتظاهرين العودة إلى «تقسيم» وجيزي»، قال محافظ اسطنبول حسين عوني موطلو، في لقاء مع صحافيين، إن «أي دعوة للنزول إلى تقسيم لن تساهم في إقرار النظام والأمن»، مضيفاً «بعدما تستقر الأوضاع الحالية يمكنهم ممارسة حقوقهم الديموقراطية. في ظل الأوضاع الحالية لن نسمح بأي تجمع». وجاء اقتحام «جيزي» أمس الأول، بعد ساعات من تهديد أردوغان للمتظاهرين خلال كلمة ألقاها أمام مؤيديه في أنقرة. وقال أردوغان «إذا لم يتم إخلاء ساحة تقسيم فإن قوات الأمن في هذا البلد ستعرف كيف تخليها»، مضيفاً أن «البقاء هناك لم يعد له أي معنى لأن الملف بات بين يدي القضاء... لا اعلم ماذا سيكون قرار القضاء ولكن سواء قرر (إبقاء الحديقة) أو لا فسيكون هناك تصويت شعبي في اسطنبول... وسنحترم نتيجة هذا التصويت». وتابع «لا احد يمكنه ترهيبنا... لن نتلقى أمراً أو تعليمات من احد إلا من الله». ورد المتظاهرون في «تقسيم» في بيان على تهديد أردوغان، بالقول «سنتابع مقاومتنا ضد الظلم في بلادنا... هذه ليست سوى البداية، وسنواصل النضال». واستمرت الاشتباكات أمس الأول طوال الليل بعد عملية الاقتحام، حيث دخل عناصر الشرطة ببزاتهم العسكرية أو باللباس المدني، وبأيديهم الهراوات وقنابل الغاز المسيل للدموع، والرصاص المطاطي، وقاموا بانتزاع الخيام. وتدفق الآلاف إلى الشارع الرئيسي المؤدي إلى «تقسيم» بعد مداهمة الشرطة، وبدأوا بناء حواجز، فيما أطلقت الشرطة الغاز المسيل للدموع على الشوارع الخلفية حول الساحة لمحاولة منعهم من التجمع مرة أخرى. وتظاهر محتجون في عدة أحياء في شتى أنحاء اسطنبول، وبنوا حواجز من أسيجة معدنية وحجارة أرصفة ولوحات إعلانية. وقطع متظاهرون طريقاً رئيسياً إلى مطار أتاتورك على الطرف الغربي من المدينة، كما سار المئات شرقاً باتجاه جسر رئيسي على مضيق البوسفور تجاه «تقسيم». واحتشد الآلاف أيضاً في حي «جازي» العمالي. كذلك، تجمع متظاهرون في أنقرة حول متنزه «كوجولو» في وسط المدينة. وبحسب اتحاد الأطباء التركي فإن الاضطرابات أسفرت عن سقوط أربعة قتلى ونحو خمسة آلاف جريح حتى الآن.

المصدر : الماسة السورية


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة