حين طرح الأمين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصرالله افتراض “لو سقطت سوريا.. ضاعت فلسطين للأبد”، لم يفته، في الوقت نفسه، أن يعطينا الصورة المشرقة عن المستقبل بحال تمّ النصر لسوريا في معركتها ضد المحور الثلاثي الأميركي والإسرائيلي والتكفيري..

ووعدنا بالنصر وقال :”كما وعدتكم بالنصر دائماً أعدكم بالنصر مجدداً”. وبالفعل كان الأداء عملانياً ونافذاً جعل من القول فعلا كتابياً سيشرق بين كلمات التاريخ العربي والإسلامي القادم..ويحفر فيه للأبد ..

في مقالنا التحقيقي السابق قدّمنا جولة مع مجموعة من الباحثين حول التوقعات المخيفة التي من الممكن أن تتحول إليها المنطقة العربية والإسلامية في المشرق العربي بحال سقطت سوريا في ذلك المحور العدواني.. اليوم في هذا المقال الثاني نجول معكم قرائنا الكرام، في ما يمكن أن تؤول إليه منطقتنا من تغيرات مصيرية كبرى لو كانت النتيجة عكسية أي باتجاه النصر الاستراتيجي الكبير، الذي يذهب باتجاه فتح جبهة الجولان المحتل .. وهذا ما تدعمه بقوة استعادة الجيش السوري العربي السيطرة على المدن التي كانت تستبيحها الجماعات المسلحة التكفيرية من جهة، وتأكيد الرئيس السوري إقدامه الفعلي على فتح تلك الجبهة على الحدود مع فلسطين المحتلة..من جهة أخرى.

فهل يحق لنا أن نتفائل إلى هذا الحد؟!..
الانتصار يعني استعادة المنطقة لهويتها “المشرق العربي” ولتاريخها الحضاري :
منذ أيام، كتب رئيس تحرير جريدة الأخبار اللبنانية إبراهيم الأمين، في معرض حديثه عن دور حزب الله في سوريا إنه :” يتمثل في قيادة تيار مشرقي، إن لم يكن عربياً بالكامل، هدفه إعادة رسم الخريطة السياسية والاقتصادية والاجتماعية لبلاد تتسع اليوم لنحو 75 مليون عربي. وهو قادر على لعب دور الرافعة، لكنه ليس القادر على إنتاج عملية التغيير الكاملة. وهو لا يدّعي ذلك أصلاً. وهذه المهمة، تعني بداهة وأولاً، إعادة الاعتبار للحق الفردي والعام لكل عربي بأن يقاوم الاحتلال الأميركي أو الإسرائيلي أو عملائهما في أي بقعة من بلاد المشرق. وهي مهمة، هدفها إعادة الاعتبار للفكرة القومية، باعتبارها الهوية الوطنية الفعلية لكل عربي، والتي تتطلب، في مرحلة أولى، القضاء على كل فكرة ضيقة، سواء كان اسمها «القرار الوطني المستقل» أو «بلدي أولاً» أو المنظومات السياسية والاجتماعية والطائفية المحلية. وهذا كلام يعني كل أبناء المشرق العربي. من فلسطين والأردن، الى لبنان وسوريا، وصولاً الى العراق وإلى الجوار في تركيا والخليج العربي.”.

انطلاقاً من هذا المعيار يصبح حكماً الانتصار، في سوريا، ولسوريا وللأمة العربية والإسلامية، مساراً يعيد صناعة التاريخ الحر والسيد والمستقل والحضاري، ويعيد ربطها بالعهد الأول من حركة الإسلام، بعدما انفصلت عنه بمئات السنين، ويعيد لمنطقتنا اسمها الحقيقي وهويتها الحقيقية “المشرق العربي والإسلامي”، وليس “الشرق الأوسط” ….

والقدرة على إنتاج عملية التغيير الكاملة، في السياق نفسه لتكسير القيود التاريخية والجغرافية والعلمية لخارطة سايكس بيكو، يؤكد الباحث التاريخي والدكتور حسن جابر- لموقع المنار- أنها عملية ليست سهلة الانسياق، فـ”مسألة إلغاء مفاعيل سايكس – بيكو يحسمها خلق شعور لدى الجمهور العريض بأن بقاء واقع التجزئة بات معيقآ لحركة تقدمه. وهذا الأمر يفترض خطوات كثيرة منها :
١ – تشبيك المصالح الإقتصادية، عبر التكامل في حركة التصنيع وتوسيع التجارة البينية فضلآ عن تدفق السواح بإنسيابية دون معوقات.
٢ – التبادل العلمي والثقافي من خلال تعاون الجامعات ومراكز التخطيط السياسي والتنموى والإستراتيجي إلى جانب منع تسرب المبدعين إلى خارج المنطقة كما هو حاصل اليوم.
٣ – اللقاءات الجماهيرية الدائمة والمتواصلة لخلق حالة وعي شاملة.

وعن إمكانية تجاوز آثار سايكس بيكو يرى “جابر” أنها لن تحقق الهدف المنشود بدون خطوات تمهيدية واسعة. ويستشهد بتاريخ السلطنة العثمانية التي “كانت تشكل إطارآ جامعآ إلا أنها لم تنجح في خلق اللحمة بين مكوناتها لأنها شكلت على مدى قرنين من الزمن عضلآ قويآ يهدد أوروبا بلا عقل بينما كان العقل الأوربي في حال تشكل قبل أن يشتد ساعده. وأخيرآ كان قصب السبق للعقل الذي أبدع تكنولوجيا القوة وليس العكس. علينا أن نعتبر من معطى التجربة كما أمرنا الله تعالى في كتابه العزيز ” قل سيروا فانظروا كيف كانت عاقبة الذين من قبلكم …”.

توحيد جبهة المقاومة في الجولان ضد العدو يحمي الداخل ويحقق انجازات حضارية كبرى :
هذا الاعتبار بالتجربة التاريخية يبدو أن الرئيس السوري الدكتور بشار الأسد يلتقطها بقوة القارئ الواعي لحركة التاريخ، وهو يدرك بعمق أن «الفكر التكفيري الذي اخترق المجتمع السوري هو بمثابة تشويه للمجتمع السوري الحي، ومعالجته وإعادة رأب الصدع تحتاج إلى قيام حركات فاعلة وحقيقية تعيد تصويب ما دمره التكفير». هذا ما ينقله عنه زواره، في تقرير نشرته جريدة الأخبار اللبنانية في عددها الصادر صبيحة اليوم.

وهذا محور ما يؤكده الباحث الدكتور عصام نور الدين، لموقع المنار، حين يردّ يقوله: السؤال المنهجي الواقعي هو : ماذا بعد انتصار سوريا الأسد وحلفائها وعلى رأسهم حزب الله؟!.”. ويعدّد نور الدين أربعة توقعات مشرقة، على رأسها سيادة “إسلام التسامح والإبداع وقبول الآخر، بحيث لا يرى بعد ذلك تكفيري أبداً في أي قطر عربي أو إسلامي .وثانياً :سيسود منهج المقاومة المنقذ، وسترتفع أعلام المقاومة الموحدة –بفتح الواو المشددة – فوق الجولان ومرتفعات فلسطين المحتلة، وستندحر الصهيونية لاجتماع عناصر النصر : مقاومة مجربة منتصرة، جيش عقائدي يستند إلى مقاومة شاملة، وقيادة سياسية وعسكرية، تعرف كيف تنتصر وكيف تحافظ على النصر “.

وأهم ما يتوقعه “نور الدين” هو “إلغاء اتفاق سايكس بيكو ومفاعيله، وإلغاء الحدود، على الأقل في سوريا الطبيعية المحاذية لإيران الثورة، المحاذية للصين وروسيا: لبنان، فلسطين، سوريا، الأردن، العراق تمهيداً لنشر المقاومة وروحها في كل البلاد العربية والإسلامية وحيث يجب، بما يعني هزيمة عسكرية وسياسية واقتصادية وثقافية للصهيونية وللإمبريالية الأميركية”. أما من اروع ما يمكن أن نشهده هو :” نهضة علمية اقتصادية حقيقية، تنقذ الإنسان من العوز والفقر والجهل، وتجعل العلم في خدمته فتحرير الإنسان في كل زمان ومكان، ما يعني تحرير الأرض وتحرير الإنسان في الوقت نفسه وبعد كتابتي هذه الكلمة دوّى انتصارنا الباهر في القصير ما يثبت صحة ما ذهبنا إليه” .

تركيز الباحث “نور الدين” في نشر ثقافة المقاومة وترسيخها، بحال انتصرت سوريا، يستتبعه مدير مركز باحث الأستاذ وليد محمد علي، بتوضيح يؤكد فيه أن “الثالوث المعادي” (تخلف وتجزئة وصهينة) كان يواجه العالم العربي والإسلامي منذ عقود طويلة، إلى أن :”جاء الأنتصار التاريخي لآبطال حزب الله، فخرجت المظاهرات من الأزهر الشريف ترفع صور السيد حسن بعمامته السوداء، لآول مره منذ مئات السنين، وحدة الملتزمين خيار المقاومة من طهران التي يزداد تمكنها من عوامل القوه، الى لبنان والجولان حيث يمارس خيار المقاومة سينعكس سريعاً على فلسطين التي تعيش تحت النار . ما يعني اننا أصبحنا أمام ثلاثية: تمكن من ركائز القوه، وحدة مكونات محور المقاومة، مواجهة صهينة فلسطين، في مواجهة الثالوث المعادي” .

ولا يرى الأستاذ وليد محمد علي أن تفاءلنا إلى هذا الحد مبالغ فيه، إذ يؤكد :” نعم يحق لنا أن نتفائل، بشكل موضوعي، فالجيش الصهيوني الذي هزم عام 67 على ثلاث جيوش عربية في ساعات قليلة، بات عاجزاً أمام المقاومة رغم كل التأمر عليها. لم يعد أمام الأعداء الا اللعب على العصبيات الاثنية والطائفية والمذهبية، ولا أعتقد أنه سينجح وإن كان هناك تكفريون يخدمون الاعداء بتخلفه ، لكنهم سيبقوا أقلية في بحر الأمة التي خرجت من قمقم الهزيمة والتخلف ولن تعود اليه فهذا يتناقض مع سنن التاريخ”.

هذا تحديداً ما ذهب إليه الرئيس الشاب الأسد، الذي ينقل عنه زواره، منذ أيام، أن «انخراط المجتمع السوري في عملية الصراع مع العدو الاسرائيلي عبر المقاومة يساهم في تحصين الجبهة الداخلية». ويؤكدون ان لديه خطّة كبيرة وطويلة الأمد لمشروع المقاومة في الجولان على غرار ما حققته المقاومة في جنوب لبنان، بعدما باتت الصورة واضحة للخارج والداخل عن منظومة المقاومة، والمطلوب اليوم، بحسب الأسد، «عودة جميع الأحزاب والقوى الوطنية إلى المقاومة، وكذلك القوى الفلسطينية، وسوريا اليوم هي بوابة تحرير الانسان في الشرق والعالم عبر مشروع المقاومة».

انتصار سوريا هزيمة للعقل التفكيكي وأمل حقيقي بزوال “إسرائيل” :
هذا تقدير استراتيجي مفصلي ورؤية تاريخية عميقة لهذه المرحلة العصيبة التي نمرّ فيها، فانتصار سورية، كما يؤكد، لموقع المنار، الدكتور علي زيتون :” يمثّل هزيمة للتفكيكيّة التي ترى أنّ الحقيقة مجرّد وجهة نظر وهي من حيّز الأقوى. وهذه الهزيمة تأكيد للعقل العلمي الذي يطيح بالكيان الاسرائيلي ومن ورائه كلّ ما جاءت به اتفاقية سايكس بيكو. هو انتصار مذهل النتائج، يأتي تتويجا لها إزالة الكيان الاسرائيلي وقيام الوحدة العربية والاسلامية”.

ولا تبتعد رؤية الرئيس الأسد عن رؤية الباحث التاريخي الدكتور حسن جابر، حين يؤكد لموقعنا، “لا شك أن تجاوز سوريا ومعها محور المقاومة لمحنة الصراع في الداخل سيشيع مناخآ جديدآ في المنطقة ينبغي الإفادة منه لتجذير ثقافة المقاومة. وهذا يفترض العمل على نشر مفاهيم وأفكار تولي القضايا الكبرى أهمية خاصة. فالرد على ثقافة التفتيت التي أحدثت الكثير من التشوهات وتركت ندوبآ في جسد الأمة لن يكون سهلآ وسيتطلب الأمر مثابرة وأناة ومراكمة قد تستغرق جيلآ بكامله. ولا يغرب عن بالنا أن الآ خرين لن يدعوا الأمور تجري على سجيتها بل سيحاولون إعاقة إندفاعة المشروع المقاوم ما وسعهم”.

ويرى الدكتور جابر بعين ثاقبة، تلتقي مع رؤية الرئيس الأسد :”بيد أن إعطاء العمل المقاوم فرصة الإشتباك مع العدو الأساسي سيضعف إلى حدود كبيرة منطق الشحن الطائفي والمذهبي وسيبلور تيارآ عريضآ في جسم الأمة يحمل هم القضية الأم وسيعري الخطاب الآخر ويضعف منطقه”.

إذاً هناك تداعيات خطيرة وكارثيّة للغاية ستحلّ بالإدارة الأميركيّة لدى خسارة الجبهة الغربيّة ـ العربيّة في سوريا، وانكسارها. إنّ هزيمة أميركا في سوريا تعني سقوط السلاح الأخير الذي تلجأ إليه للقضاء على محور المقاومة في منطقتنا. إنّ هزيمة أميركا في سوريا تعني فشل السلاح الأخير الذي يُعدّ ـ عمليّاً ـ آخر الأسلحة التي يمكن لها أن تستعملها ضدّ الشعب السوريّ، كما لم يعد في جعبتها لمواجهة إيران والمقاومة اللبنانية أيضاً سوى سلاح الانتحاريّين والتكفيريين، فلو جرى تعطيل إمكانيّة استخدامهم هناك، وهذا ما سيحدث، لأوقع ذلك أميركا في فشل استراتيجيّ ذريع، ولن يبقى أمامها إلا تقديم تنازلاتٍ استراتيجيّة كبرى.

وأمّا سوريا وإيران والمقاومة في لبنان، والصين وروسيا، سيحققون نصرا فعليا بإخراج أميركا من المنطقة بما تشكله من عقيدةٍ استعماريّة وتوسّعيّة. وسيكون لسوريا الدور المهمّ والمركزي في هذا المجال. وأمّا شيوخ الخليج، فإنّهم سيخسرون هذا الدعم الأميركيّ الذي كان هو ما حافظ لهم على عروشهم وأنظمتهم حتى وقتنا هذا، وسيجدون أنفسهم مرغمين على التفكير بإجراء إصلاحاتٍ داخليّة عميقة، هذا، إن بقيت تلك الأنظمة ولم تتدحرج ويأتي بدلاً منها أنظمة أُخرى.

يحق لنا التفاؤل بانتصار سوريا لأنه انتصار للأمة واستعادة للتاريخ المشرق :
وهذا ما يؤكده الدكتور والباحث عبدالله زيعور، لموقع المنار، أن :”الموقع الديمغرافي والتنوع الطائفي والمذهبي لسوريا الذي يضم مروحة من الطوائف والمذاهب والأقليات المتعايشة والتي عاشت بنجاح وتفاهم كامل, يجعل من تجربة الدولة في سوريا نموذجاً واعداً في استيعاب التنوع, ليصب في اتجاه الدولة القوية التي تتجه بكل مكوناتها لمواجهة الخطر الصهيوني الجاثم على كل المنطقة, ولذا فإن كما إن سقوط سوريا هو سقوط لآمال معقودة على تطور اجتماعي جدي يمثل شرطاً لازماً لأي عملية نهوض حقيقية لسوريا خاصة وللأمة بوجه أعم..

وليس هذا ما تمثله سوريا فحسب، إذ يؤكد الدكتور زيعور :”فضلاً عن ذلك تضم سوريا وبحسب ما تقوله منظمة اليونسكو تراثاً تاريخياً وأثاراً لحضارات تشهد على الأهمية الإستراتيجية لها تاريخياً يجعل من هذا البلد إرثاً حضارياً حقيقياً ومن دولته القوية حافظاً وحامياً لهذا التراث, ليكون التاريخ والحاضر معاً شاهدين على أن مفتاح السيطرة على المنطقة برمتها إنما هو سوريا والتي هي اليوم البلد الوحيد من ضمن قوى الممانعة على تماس مع كيان العدو”. من هنا يرى الدكتور زيعور :” إن ما يريده الأميركي والغربي هو أن تسيير الأحداث في سوريا في إطار مشروع الفوضى الخلاقة والتي يهدم بها كل شيء لأجل أن يعمر سوريا كما يريد: دويلات ظلامية تكفيرية طائفية إقصائية للرأي الآخر, محتاجة للسيد الأميركي ولا تشكل مطلق تهديد لأمن وكيان الصهاينة الغاصبين. .ولذا, فإن انتصار سوريا على الحرب الكونية عليها هو انتصار للأمة, وهو يضع حداً لعملية تزييف تاريخ الأمة ومستقبلها, وإنهاء لأوهام الأزلام والمشيخات التي تقدم نفسها كنعاج أمام سيدها الأميركي, ولحلمها بالوحدة الفكرية والاجتماعية والسياسية”.

ويشجعنا الدكتور زيعور على تفاؤلنا في طرح السؤال ويقول :” نعم، إن انتصار سوريا يستحق أن نراهن عليه, وهو حلم يقترب ليكون حقيقة, روحها الانتصار على قاعدة أن قضية القدس وفلسطين هي البوصلة, مع الأسف ما يجري هو معاقبة لسوريا على خيارتها الأمينة تجاه هذه القضية وهو رسالة مفادها ممنوع الحلم بأمة ذات كرامة ومستقبل, لكن وبحمد الله تؤكد الوقائع يوماً بعد يوم وساعة بعد ساعة سقوط رهاناتهم: سوريا تاريخياً وتراثاً وخيارات ليست فقط باقية لكنها ستكون أقوى من السابق: لنتابع الوقائع..”.

التفاؤل الأكبر لم يتردد بطرحه المثقف والروائي الفلسطيني رئيس اتحاد كتاب العرب في سوريا الدكتور حسن حميد، في تصريحه لموقعنا، أنه : “وعبر التاريخ الفارط، كانت سورية تنحني أمام صولة الغازي المتوحش، ولكنها لم تهزم يوماً. ظلّت الأرض والثقافة واللغة، وظلّ الإنسان، وظلّت الكرامة التي مشت بأهلها نحو المجد، والآن هذه البلاد لن تهزم بعون الله، والكرامة ستمشي بأهلها -مرة أخرى- نحو المجد. إذا ما انتصرت سورية فهزيمة أعداء الأمة، وأعداء الحق، ستكون جسيمة، وباهظة جداً .. وهو ما يعني أن زمناً مبهجاً للأرض، والثقافة، والبشر، والقيم.. سيسود هذه البلاد، البلاد التي انبتت المعرفة، والكتب، والإبداع .. مثلما تنبت الحقول قمحها”. ويؤكد حميد :”فليس لنا ما نقرؤه في كتاب الحياة سوى التفاؤل. فالنصر الجديد يعني تفكيك بناءات اليأس والإحباط التي زُرعت في بلادنا منذ ألف سنة وأزيد، ولا يعني تفكيك الحدود الجغرافية فقط ، وهو يعني أيضاً العمل بذهنية جديدة فحوى ما فيها هو أننا قادرون بالإخلاص، والعمل، والاجتهاد، والصبر، والعلم .. على هزيمة مشاريع الشر، وفي رأسها المشروع الأمريكي / الاسرائيلي / التكفيري”.

أما الدكتور حسن جابر يختم تصريحه لموقعنا بالتأكيد على أن :” منع سقوط دمشق بيد التكفيريين سيعطينا فرصة لإعادة الصورة الناصعة للدين الذي يدعو لنفع الناس من خلال العمل الصالح ،” فأما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض “.

 

  • فريق ماسة
  • 2013-06-13
  • 7572
  • من الأرشيف

ماذا ينتظرنا لو انتصرت سورية وفتحت جبهة الجولان المحتل ؟

حين طرح الأمين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصرالله افتراض “لو سقطت سوريا.. ضاعت فلسطين للأبد”، لم يفته، في الوقت نفسه، أن يعطينا الصورة المشرقة عن المستقبل بحال تمّ النصر لسوريا في معركتها ضد المحور الثلاثي الأميركي والإسرائيلي والتكفيري.. ووعدنا بالنصر وقال :”كما وعدتكم بالنصر دائماً أعدكم بالنصر مجدداً”. وبالفعل كان الأداء عملانياً ونافذاً جعل من القول فعلا كتابياً سيشرق بين كلمات التاريخ العربي والإسلامي القادم..ويحفر فيه للأبد .. في مقالنا التحقيقي السابق قدّمنا جولة مع مجموعة من الباحثين حول التوقعات المخيفة التي من الممكن أن تتحول إليها المنطقة العربية والإسلامية في المشرق العربي بحال سقطت سوريا في ذلك المحور العدواني.. اليوم في هذا المقال الثاني نجول معكم قرائنا الكرام، في ما يمكن أن تؤول إليه منطقتنا من تغيرات مصيرية كبرى لو كانت النتيجة عكسية أي باتجاه النصر الاستراتيجي الكبير، الذي يذهب باتجاه فتح جبهة الجولان المحتل .. وهذا ما تدعمه بقوة استعادة الجيش السوري العربي السيطرة على المدن التي كانت تستبيحها الجماعات المسلحة التكفيرية من جهة، وتأكيد الرئيس السوري إقدامه الفعلي على فتح تلك الجبهة على الحدود مع فلسطين المحتلة..من جهة أخرى. فهل يحق لنا أن نتفائل إلى هذا الحد؟!.. الانتصار يعني استعادة المنطقة لهويتها “المشرق العربي” ولتاريخها الحضاري : منذ أيام، كتب رئيس تحرير جريدة الأخبار اللبنانية إبراهيم الأمين، في معرض حديثه عن دور حزب الله في سوريا إنه :” يتمثل في قيادة تيار مشرقي، إن لم يكن عربياً بالكامل، هدفه إعادة رسم الخريطة السياسية والاقتصادية والاجتماعية لبلاد تتسع اليوم لنحو 75 مليون عربي. وهو قادر على لعب دور الرافعة، لكنه ليس القادر على إنتاج عملية التغيير الكاملة. وهو لا يدّعي ذلك أصلاً. وهذه المهمة، تعني بداهة وأولاً، إعادة الاعتبار للحق الفردي والعام لكل عربي بأن يقاوم الاحتلال الأميركي أو الإسرائيلي أو عملائهما في أي بقعة من بلاد المشرق. وهي مهمة، هدفها إعادة الاعتبار للفكرة القومية، باعتبارها الهوية الوطنية الفعلية لكل عربي، والتي تتطلب، في مرحلة أولى، القضاء على كل فكرة ضيقة، سواء كان اسمها «القرار الوطني المستقل» أو «بلدي أولاً» أو المنظومات السياسية والاجتماعية والطائفية المحلية. وهذا كلام يعني كل أبناء المشرق العربي. من فلسطين والأردن، الى لبنان وسوريا، وصولاً الى العراق وإلى الجوار في تركيا والخليج العربي.”. انطلاقاً من هذا المعيار يصبح حكماً الانتصار، في سوريا، ولسوريا وللأمة العربية والإسلامية، مساراً يعيد صناعة التاريخ الحر والسيد والمستقل والحضاري، ويعيد ربطها بالعهد الأول من حركة الإسلام، بعدما انفصلت عنه بمئات السنين، ويعيد لمنطقتنا اسمها الحقيقي وهويتها الحقيقية “المشرق العربي والإسلامي”، وليس “الشرق الأوسط” …. والقدرة على إنتاج عملية التغيير الكاملة، في السياق نفسه لتكسير القيود التاريخية والجغرافية والعلمية لخارطة سايكس بيكو، يؤكد الباحث التاريخي والدكتور حسن جابر- لموقع المنار- أنها عملية ليست سهلة الانسياق، فـ”مسألة إلغاء مفاعيل سايكس – بيكو يحسمها خلق شعور لدى الجمهور العريض بأن بقاء واقع التجزئة بات معيقآ لحركة تقدمه. وهذا الأمر يفترض خطوات كثيرة منها : ١ – تشبيك المصالح الإقتصادية، عبر التكامل في حركة التصنيع وتوسيع التجارة البينية فضلآ عن تدفق السواح بإنسيابية دون معوقات. ٢ – التبادل العلمي والثقافي من خلال تعاون الجامعات ومراكز التخطيط السياسي والتنموى والإستراتيجي إلى جانب منع تسرب المبدعين إلى خارج المنطقة كما هو حاصل اليوم. ٣ – اللقاءات الجماهيرية الدائمة والمتواصلة لخلق حالة وعي شاملة. وعن إمكانية تجاوز آثار سايكس بيكو يرى “جابر” أنها لن تحقق الهدف المنشود بدون خطوات تمهيدية واسعة. ويستشهد بتاريخ السلطنة العثمانية التي “كانت تشكل إطارآ جامعآ إلا أنها لم تنجح في خلق اللحمة بين مكوناتها لأنها شكلت على مدى قرنين من الزمن عضلآ قويآ يهدد أوروبا بلا عقل بينما كان العقل الأوربي في حال تشكل قبل أن يشتد ساعده. وأخيرآ كان قصب السبق للعقل الذي أبدع تكنولوجيا القوة وليس العكس. علينا أن نعتبر من معطى التجربة كما أمرنا الله تعالى في كتابه العزيز ” قل سيروا فانظروا كيف كانت عاقبة الذين من قبلكم …”. توحيد جبهة المقاومة في الجولان ضد العدو يحمي الداخل ويحقق انجازات حضارية كبرى : هذا الاعتبار بالتجربة التاريخية يبدو أن الرئيس السوري الدكتور بشار الأسد يلتقطها بقوة القارئ الواعي لحركة التاريخ، وهو يدرك بعمق أن «الفكر التكفيري الذي اخترق المجتمع السوري هو بمثابة تشويه للمجتمع السوري الحي، ومعالجته وإعادة رأب الصدع تحتاج إلى قيام حركات فاعلة وحقيقية تعيد تصويب ما دمره التكفير». هذا ما ينقله عنه زواره، في تقرير نشرته جريدة الأخبار اللبنانية في عددها الصادر صبيحة اليوم. وهذا محور ما يؤكده الباحث الدكتور عصام نور الدين، لموقع المنار، حين يردّ يقوله: السؤال المنهجي الواقعي هو : ماذا بعد انتصار سوريا الأسد وحلفائها وعلى رأسهم حزب الله؟!.”. ويعدّد نور الدين أربعة توقعات مشرقة، على رأسها سيادة “إسلام التسامح والإبداع وقبول الآخر، بحيث لا يرى بعد ذلك تكفيري أبداً في أي قطر عربي أو إسلامي .وثانياً :سيسود منهج المقاومة المنقذ، وسترتفع أعلام المقاومة الموحدة –بفتح الواو المشددة – فوق الجولان ومرتفعات فلسطين المحتلة، وستندحر الصهيونية لاجتماع عناصر النصر : مقاومة مجربة منتصرة، جيش عقائدي يستند إلى مقاومة شاملة، وقيادة سياسية وعسكرية، تعرف كيف تنتصر وكيف تحافظ على النصر “. وأهم ما يتوقعه “نور الدين” هو “إلغاء اتفاق سايكس بيكو ومفاعيله، وإلغاء الحدود، على الأقل في سوريا الطبيعية المحاذية لإيران الثورة، المحاذية للصين وروسيا: لبنان، فلسطين، سوريا، الأردن، العراق تمهيداً لنشر المقاومة وروحها في كل البلاد العربية والإسلامية وحيث يجب، بما يعني هزيمة عسكرية وسياسية واقتصادية وثقافية للصهيونية وللإمبريالية الأميركية”. أما من اروع ما يمكن أن نشهده هو :” نهضة علمية اقتصادية حقيقية، تنقذ الإنسان من العوز والفقر والجهل، وتجعل العلم في خدمته فتحرير الإنسان في كل زمان ومكان، ما يعني تحرير الأرض وتحرير الإنسان في الوقت نفسه وبعد كتابتي هذه الكلمة دوّى انتصارنا الباهر في القصير ما يثبت صحة ما ذهبنا إليه” . تركيز الباحث “نور الدين” في نشر ثقافة المقاومة وترسيخها، بحال انتصرت سوريا، يستتبعه مدير مركز باحث الأستاذ وليد محمد علي، بتوضيح يؤكد فيه أن “الثالوث المعادي” (تخلف وتجزئة وصهينة) كان يواجه العالم العربي والإسلامي منذ عقود طويلة، إلى أن :”جاء الأنتصار التاريخي لآبطال حزب الله، فخرجت المظاهرات من الأزهر الشريف ترفع صور السيد حسن بعمامته السوداء، لآول مره منذ مئات السنين، وحدة الملتزمين خيار المقاومة من طهران التي يزداد تمكنها من عوامل القوه، الى لبنان والجولان حيث يمارس خيار المقاومة سينعكس سريعاً على فلسطين التي تعيش تحت النار . ما يعني اننا أصبحنا أمام ثلاثية: تمكن من ركائز القوه، وحدة مكونات محور المقاومة، مواجهة صهينة فلسطين، في مواجهة الثالوث المعادي” . ولا يرى الأستاذ وليد محمد علي أن تفاءلنا إلى هذا الحد مبالغ فيه، إذ يؤكد :” نعم يحق لنا أن نتفائل، بشكل موضوعي، فالجيش الصهيوني الذي هزم عام 67 على ثلاث جيوش عربية في ساعات قليلة، بات عاجزاً أمام المقاومة رغم كل التأمر عليها. لم يعد أمام الأعداء الا اللعب على العصبيات الاثنية والطائفية والمذهبية، ولا أعتقد أنه سينجح وإن كان هناك تكفريون يخدمون الاعداء بتخلفه ، لكنهم سيبقوا أقلية في بحر الأمة التي خرجت من قمقم الهزيمة والتخلف ولن تعود اليه فهذا يتناقض مع سنن التاريخ”. هذا تحديداً ما ذهب إليه الرئيس الشاب الأسد، الذي ينقل عنه زواره، منذ أيام، أن «انخراط المجتمع السوري في عملية الصراع مع العدو الاسرائيلي عبر المقاومة يساهم في تحصين الجبهة الداخلية». ويؤكدون ان لديه خطّة كبيرة وطويلة الأمد لمشروع المقاومة في الجولان على غرار ما حققته المقاومة في جنوب لبنان، بعدما باتت الصورة واضحة للخارج والداخل عن منظومة المقاومة، والمطلوب اليوم، بحسب الأسد، «عودة جميع الأحزاب والقوى الوطنية إلى المقاومة، وكذلك القوى الفلسطينية، وسوريا اليوم هي بوابة تحرير الانسان في الشرق والعالم عبر مشروع المقاومة». انتصار سوريا هزيمة للعقل التفكيكي وأمل حقيقي بزوال “إسرائيل” : هذا تقدير استراتيجي مفصلي ورؤية تاريخية عميقة لهذه المرحلة العصيبة التي نمرّ فيها، فانتصار سورية، كما يؤكد، لموقع المنار، الدكتور علي زيتون :” يمثّل هزيمة للتفكيكيّة التي ترى أنّ الحقيقة مجرّد وجهة نظر وهي من حيّز الأقوى. وهذه الهزيمة تأكيد للعقل العلمي الذي يطيح بالكيان الاسرائيلي ومن ورائه كلّ ما جاءت به اتفاقية سايكس بيكو. هو انتصار مذهل النتائج، يأتي تتويجا لها إزالة الكيان الاسرائيلي وقيام الوحدة العربية والاسلامية”. ولا تبتعد رؤية الرئيس الأسد عن رؤية الباحث التاريخي الدكتور حسن جابر، حين يؤكد لموقعنا، “لا شك أن تجاوز سوريا ومعها محور المقاومة لمحنة الصراع في الداخل سيشيع مناخآ جديدآ في المنطقة ينبغي الإفادة منه لتجذير ثقافة المقاومة. وهذا يفترض العمل على نشر مفاهيم وأفكار تولي القضايا الكبرى أهمية خاصة. فالرد على ثقافة التفتيت التي أحدثت الكثير من التشوهات وتركت ندوبآ في جسد الأمة لن يكون سهلآ وسيتطلب الأمر مثابرة وأناة ومراكمة قد تستغرق جيلآ بكامله. ولا يغرب عن بالنا أن الآ خرين لن يدعوا الأمور تجري على سجيتها بل سيحاولون إعاقة إندفاعة المشروع المقاوم ما وسعهم”. ويرى الدكتور جابر بعين ثاقبة، تلتقي مع رؤية الرئيس الأسد :”بيد أن إعطاء العمل المقاوم فرصة الإشتباك مع العدو الأساسي سيضعف إلى حدود كبيرة منطق الشحن الطائفي والمذهبي وسيبلور تيارآ عريضآ في جسم الأمة يحمل هم القضية الأم وسيعري الخطاب الآخر ويضعف منطقه”. إذاً هناك تداعيات خطيرة وكارثيّة للغاية ستحلّ بالإدارة الأميركيّة لدى خسارة الجبهة الغربيّة ـ العربيّة في سوريا، وانكسارها. إنّ هزيمة أميركا في سوريا تعني سقوط السلاح الأخير الذي تلجأ إليه للقضاء على محور المقاومة في منطقتنا. إنّ هزيمة أميركا في سوريا تعني فشل السلاح الأخير الذي يُعدّ ـ عمليّاً ـ آخر الأسلحة التي يمكن لها أن تستعملها ضدّ الشعب السوريّ، كما لم يعد في جعبتها لمواجهة إيران والمقاومة اللبنانية أيضاً سوى سلاح الانتحاريّين والتكفيريين، فلو جرى تعطيل إمكانيّة استخدامهم هناك، وهذا ما سيحدث، لأوقع ذلك أميركا في فشل استراتيجيّ ذريع، ولن يبقى أمامها إلا تقديم تنازلاتٍ استراتيجيّة كبرى. وأمّا سوريا وإيران والمقاومة في لبنان، والصين وروسيا، سيحققون نصرا فعليا بإخراج أميركا من المنطقة بما تشكله من عقيدةٍ استعماريّة وتوسّعيّة. وسيكون لسوريا الدور المهمّ والمركزي في هذا المجال. وأمّا شيوخ الخليج، فإنّهم سيخسرون هذا الدعم الأميركيّ الذي كان هو ما حافظ لهم على عروشهم وأنظمتهم حتى وقتنا هذا، وسيجدون أنفسهم مرغمين على التفكير بإجراء إصلاحاتٍ داخليّة عميقة، هذا، إن بقيت تلك الأنظمة ولم تتدحرج ويأتي بدلاً منها أنظمة أُخرى. يحق لنا التفاؤل بانتصار سوريا لأنه انتصار للأمة واستعادة للتاريخ المشرق : وهذا ما يؤكده الدكتور والباحث عبدالله زيعور، لموقع المنار، أن :”الموقع الديمغرافي والتنوع الطائفي والمذهبي لسوريا الذي يضم مروحة من الطوائف والمذاهب والأقليات المتعايشة والتي عاشت بنجاح وتفاهم كامل, يجعل من تجربة الدولة في سوريا نموذجاً واعداً في استيعاب التنوع, ليصب في اتجاه الدولة القوية التي تتجه بكل مكوناتها لمواجهة الخطر الصهيوني الجاثم على كل المنطقة, ولذا فإن كما إن سقوط سوريا هو سقوط لآمال معقودة على تطور اجتماعي جدي يمثل شرطاً لازماً لأي عملية نهوض حقيقية لسوريا خاصة وللأمة بوجه أعم.. وليس هذا ما تمثله سوريا فحسب، إذ يؤكد الدكتور زيعور :”فضلاً عن ذلك تضم سوريا وبحسب ما تقوله منظمة اليونسكو تراثاً تاريخياً وأثاراً لحضارات تشهد على الأهمية الإستراتيجية لها تاريخياً يجعل من هذا البلد إرثاً حضارياً حقيقياً ومن دولته القوية حافظاً وحامياً لهذا التراث, ليكون التاريخ والحاضر معاً شاهدين على أن مفتاح السيطرة على المنطقة برمتها إنما هو سوريا والتي هي اليوم البلد الوحيد من ضمن قوى الممانعة على تماس مع كيان العدو”. من هنا يرى الدكتور زيعور :” إن ما يريده الأميركي والغربي هو أن تسيير الأحداث في سوريا في إطار مشروع الفوضى الخلاقة والتي يهدم بها كل شيء لأجل أن يعمر سوريا كما يريد: دويلات ظلامية تكفيرية طائفية إقصائية للرأي الآخر, محتاجة للسيد الأميركي ولا تشكل مطلق تهديد لأمن وكيان الصهاينة الغاصبين. .ولذا, فإن انتصار سوريا على الحرب الكونية عليها هو انتصار للأمة, وهو يضع حداً لعملية تزييف تاريخ الأمة ومستقبلها, وإنهاء لأوهام الأزلام والمشيخات التي تقدم نفسها كنعاج أمام سيدها الأميركي, ولحلمها بالوحدة الفكرية والاجتماعية والسياسية”. ويشجعنا الدكتور زيعور على تفاؤلنا في طرح السؤال ويقول :” نعم، إن انتصار سوريا يستحق أن نراهن عليه, وهو حلم يقترب ليكون حقيقة, روحها الانتصار على قاعدة أن قضية القدس وفلسطين هي البوصلة, مع الأسف ما يجري هو معاقبة لسوريا على خيارتها الأمينة تجاه هذه القضية وهو رسالة مفادها ممنوع الحلم بأمة ذات كرامة ومستقبل, لكن وبحمد الله تؤكد الوقائع يوماً بعد يوم وساعة بعد ساعة سقوط رهاناتهم: سوريا تاريخياً وتراثاً وخيارات ليست فقط باقية لكنها ستكون أقوى من السابق: لنتابع الوقائع..”. التفاؤل الأكبر لم يتردد بطرحه المثقف والروائي الفلسطيني رئيس اتحاد كتاب العرب في سوريا الدكتور حسن حميد، في تصريحه لموقعنا، أنه : “وعبر التاريخ الفارط، كانت سورية تنحني أمام صولة الغازي المتوحش، ولكنها لم تهزم يوماً. ظلّت الأرض والثقافة واللغة، وظلّ الإنسان، وظلّت الكرامة التي مشت بأهلها نحو المجد، والآن هذه البلاد لن تهزم بعون الله، والكرامة ستمشي بأهلها -مرة أخرى- نحو المجد. إذا ما انتصرت سورية فهزيمة أعداء الأمة، وأعداء الحق، ستكون جسيمة، وباهظة جداً .. وهو ما يعني أن زمناً مبهجاً للأرض، والثقافة، والبشر، والقيم.. سيسود هذه البلاد، البلاد التي انبتت المعرفة، والكتب، والإبداع .. مثلما تنبت الحقول قمحها”. ويؤكد حميد :”فليس لنا ما نقرؤه في كتاب الحياة سوى التفاؤل. فالنصر الجديد يعني تفكيك بناءات اليأس والإحباط التي زُرعت في بلادنا منذ ألف سنة وأزيد، ولا يعني تفكيك الحدود الجغرافية فقط ، وهو يعني أيضاً العمل بذهنية جديدة فحوى ما فيها هو أننا قادرون بالإخلاص، والعمل، والاجتهاد، والصبر، والعلم .. على هزيمة مشاريع الشر، وفي رأسها المشروع الأمريكي / الاسرائيلي / التكفيري”. أما الدكتور حسن جابر يختم تصريحه لموقعنا بالتأكيد على أن :” منع سقوط دمشق بيد التكفيريين سيعطينا فرصة لإعادة الصورة الناصعة للدين الذي يدعو لنفع الناس من خلال العمل الصالح ،” فأما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض “.  

المصدر : المنار


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة