بعد تردد وانقسام داخل «حزب العدالة والتنمية»، اختار رجب طيب أردوغان الرد على انتفاضة تقسيم بأن يكون له استقبال شعبي في مطار اسطنبول في الساعة الثالثة من فجر امس، ليخاطب المحتشدين مدافعاً عن سياساته.

وبدا أردوغان مصرّا على استكمال مشروع تغيير معالم ميدان تقسيم عبر إقامة مركز تجاري وثكنة عثمانية وجامع فيه، وفي الوقت ذاته هدم «مركز اتاتورك الثقافي»، الذي يعد من أبرز المعالم السياحية في اسطنبول، وهو ما دفع بقيادة «انتفاضة تقسيم» الى اتخاذ قرار باستمرار التحركات الاحتجاجية، ما ينذر بتصعيد في الوضع. وعاد أردوغان إلى تركيا بعد قيامه بجولة شملت المغرب والجزائر وتونس.

وقال أمام حشود من أنصاره يحملون الأعلام في مطار اسطنبول «هذه الاحتجاجات يجب أن تتوقف فورا»، معتبراً أن «أحداً لا يستطيع وقف صعود تركيا سوى الله وحده».

وتحدث أردوغان من حافلة ذات سطح مفتوح، وقد وقفت الى جواره زوجته، وأقر بأن الشرطة التركية ربما تكون استخدمت القوة المفرطة لفض تظاهرة صغيرة يوم الجمعة الماضي، لكنه أضاف «لا يحق لأحد أن يهاجمنا من خلال هذا. ليحفظ الله إخوتنا ووحدتنا. لا شأن لنا بالعراك والتخريب. سر نجاحنا ليس التوتر والاستقطاب. والشرطة تقوم بواجبها»، مكرراً أن «الاحتجاجات التي تحولت الى تخريب وخروج كامل على القانون، يجب أن تتوقف فورا».

وأكد أردوغان أنه ليست لديه أي نيه للاستقالة، مشيرا إلى فوزه بخمسين في المئة من الأصوات في الانتخابات الأخيرة.

وفي أول رد على مواقف أردوغان، احتل آلاف المتظاهرين مجددا ميدان تقسيم في اسطنبول، مساء أمس، وذلك لليوم الثامن على التوالي، مطالبين رئيس الحكومة بالاستقالة.

وفي تحد لدعوة أردوغان لهم بوقف التظاهر، اجتاح المتظاهرون الساحة على أصوات الموسيقى وهتافات مناهضة للحكومة، ولكن في أجواء أقل توتراً من الليالي السابقة.

وفي ردود فعل على التطورات، قال القيادي السابق في «حزب الشعب الجمهوري» أونور اويمين انه لا يمكن توقع ان يتراجع أردوغان لأن الديموقراطية بالنسبة إليه بمثابة قطار ليست له وجهة إلى الخلف، وبالتالي فإن المستقبل يبدو مخيفا.

ورأى مليح عاشق في صحيفة «ميللييت» ان الولايات المتحدة تسعى لفرملة خطوات أردوغان وكبح تشدده لأنها تخشى من انفلات الأمور فتفقد واشنطن تركيا في هذه المرحلة.

وعكس طه اقيول في صحيفة «حرييت» جانبا من النقاش الذي جرى حول التطور الاقتصادي في تركيا، مشيرا الى النظرية التي تقول ان التطور الاقتصادي يفترض تلقائيا تطوير الديموقراطية، لم تصح في تركيا حيث ساهم التطور الاقتصادي في تعزيز الاستئثار بالسلطة.

وأظهرت دراسة أجرتها جامعة «بيلغي» التركية على ثلاثة آلاف من المشاركين في «انتفاضة تقسيم» ان 93 في المئة من المحتجين هدفهم من التحرك الاحتجاج على السياسة التسلطية لرئيس الحكومة أردوغان وأن 96 في المئة مطلبهم الأساسي احترام الحريات.

ومن مفارقات الانتفاضة وعلاماتها المميزة هي تحول كلمة «لص» أو «حرامي» التي وصف بها اردوغان المتظاهرين الى محطة للتهكم والسخرية.

وقد حوّل المحتجون ميدان تقسيم وحديقتها الى مدينة صغيرة فيها دكاكين ومطاعم ومكتبات وقد أطلقوا على قسم منها أسماء مثل «مكتبة الحرامية» استهزاءً بأردوغان.

لكن الفضيحة الكبرى كانت لدى مجمع اللغة التركية الذي عبث بمعاني الكلمات في القاموس الخاص باللغة التركية الذي صدر للمرة الأولى في العام 1943، وتوالت طبعاته حتى الآن، وهو يعتبر المرجع الأكثر رصانة في قواميس اللغة التركية.

ويلاحظ أن كلمة «تشابولجو» التي استخدمها أردوغان وردت في الصفحة 437 من الجزء الأول من النسخة الموجودة في المكتبات على أن معناها «الذي يسرق مال الآخرين وممتلكاتهم». لكن المفاجأة أن مجمع اللغة هذا، الذي ينشر على موقعه على الانترنت قاموس اللغة التركية، قد غيّر على الموقع الالكتروني معنى كلمة «تشابولجو»، إذ بات القارئ يقرأ أن معناها هو «الذي يخرّب النظام العام» فيما اختفى المعنى السابق.

وقد سخر الكثير من الكتّاب من هذا العبث باللغة وتغيير المعاني فقط من أجل تبرير استخدام أردوغان للكلمة ومن انه لم يكن يقصد اتهام المحتجين بالحرامية.

وتحول مصطلح «الحرامي» الى ماركة لعدد كبير من التعليقات والعناوين المستخدمة.

  • فريق ماسة
  • 2013-06-07
  • 11415
  • من الأرشيف

تركيا: أردوغان لا يتراجع.. و«تقسيم» يصعّد

بعد تردد وانقسام داخل «حزب العدالة والتنمية»، اختار رجب طيب أردوغان الرد على انتفاضة تقسيم بأن يكون له استقبال شعبي في مطار اسطنبول في الساعة الثالثة من فجر امس، ليخاطب المحتشدين مدافعاً عن سياساته. وبدا أردوغان مصرّا على استكمال مشروع تغيير معالم ميدان تقسيم عبر إقامة مركز تجاري وثكنة عثمانية وجامع فيه، وفي الوقت ذاته هدم «مركز اتاتورك الثقافي»، الذي يعد من أبرز المعالم السياحية في اسطنبول، وهو ما دفع بقيادة «انتفاضة تقسيم» الى اتخاذ قرار باستمرار التحركات الاحتجاجية، ما ينذر بتصعيد في الوضع. وعاد أردوغان إلى تركيا بعد قيامه بجولة شملت المغرب والجزائر وتونس. وقال أمام حشود من أنصاره يحملون الأعلام في مطار اسطنبول «هذه الاحتجاجات يجب أن تتوقف فورا»، معتبراً أن «أحداً لا يستطيع وقف صعود تركيا سوى الله وحده». وتحدث أردوغان من حافلة ذات سطح مفتوح، وقد وقفت الى جواره زوجته، وأقر بأن الشرطة التركية ربما تكون استخدمت القوة المفرطة لفض تظاهرة صغيرة يوم الجمعة الماضي، لكنه أضاف «لا يحق لأحد أن يهاجمنا من خلال هذا. ليحفظ الله إخوتنا ووحدتنا. لا شأن لنا بالعراك والتخريب. سر نجاحنا ليس التوتر والاستقطاب. والشرطة تقوم بواجبها»، مكرراً أن «الاحتجاجات التي تحولت الى تخريب وخروج كامل على القانون، يجب أن تتوقف فورا». وأكد أردوغان أنه ليست لديه أي نيه للاستقالة، مشيرا إلى فوزه بخمسين في المئة من الأصوات في الانتخابات الأخيرة. وفي أول رد على مواقف أردوغان، احتل آلاف المتظاهرين مجددا ميدان تقسيم في اسطنبول، مساء أمس، وذلك لليوم الثامن على التوالي، مطالبين رئيس الحكومة بالاستقالة. وفي تحد لدعوة أردوغان لهم بوقف التظاهر، اجتاح المتظاهرون الساحة على أصوات الموسيقى وهتافات مناهضة للحكومة، ولكن في أجواء أقل توتراً من الليالي السابقة. وفي ردود فعل على التطورات، قال القيادي السابق في «حزب الشعب الجمهوري» أونور اويمين انه لا يمكن توقع ان يتراجع أردوغان لأن الديموقراطية بالنسبة إليه بمثابة قطار ليست له وجهة إلى الخلف، وبالتالي فإن المستقبل يبدو مخيفا. ورأى مليح عاشق في صحيفة «ميللييت» ان الولايات المتحدة تسعى لفرملة خطوات أردوغان وكبح تشدده لأنها تخشى من انفلات الأمور فتفقد واشنطن تركيا في هذه المرحلة. وعكس طه اقيول في صحيفة «حرييت» جانبا من النقاش الذي جرى حول التطور الاقتصادي في تركيا، مشيرا الى النظرية التي تقول ان التطور الاقتصادي يفترض تلقائيا تطوير الديموقراطية، لم تصح في تركيا حيث ساهم التطور الاقتصادي في تعزيز الاستئثار بالسلطة. وأظهرت دراسة أجرتها جامعة «بيلغي» التركية على ثلاثة آلاف من المشاركين في «انتفاضة تقسيم» ان 93 في المئة من المحتجين هدفهم من التحرك الاحتجاج على السياسة التسلطية لرئيس الحكومة أردوغان وأن 96 في المئة مطلبهم الأساسي احترام الحريات. ومن مفارقات الانتفاضة وعلاماتها المميزة هي تحول كلمة «لص» أو «حرامي» التي وصف بها اردوغان المتظاهرين الى محطة للتهكم والسخرية. وقد حوّل المحتجون ميدان تقسيم وحديقتها الى مدينة صغيرة فيها دكاكين ومطاعم ومكتبات وقد أطلقوا على قسم منها أسماء مثل «مكتبة الحرامية» استهزاءً بأردوغان. لكن الفضيحة الكبرى كانت لدى مجمع اللغة التركية الذي عبث بمعاني الكلمات في القاموس الخاص باللغة التركية الذي صدر للمرة الأولى في العام 1943، وتوالت طبعاته حتى الآن، وهو يعتبر المرجع الأكثر رصانة في قواميس اللغة التركية. ويلاحظ أن كلمة «تشابولجو» التي استخدمها أردوغان وردت في الصفحة 437 من الجزء الأول من النسخة الموجودة في المكتبات على أن معناها «الذي يسرق مال الآخرين وممتلكاتهم». لكن المفاجأة أن مجمع اللغة هذا، الذي ينشر على موقعه على الانترنت قاموس اللغة التركية، قد غيّر على الموقع الالكتروني معنى كلمة «تشابولجو»، إذ بات القارئ يقرأ أن معناها هو «الذي يخرّب النظام العام» فيما اختفى المعنى السابق. وقد سخر الكثير من الكتّاب من هذا العبث باللغة وتغيير المعاني فقط من أجل تبرير استخدام أردوغان للكلمة ومن انه لم يكن يقصد اتهام المحتجين بالحرامية. وتحول مصطلح «الحرامي» الى ماركة لعدد كبير من التعليقات والعناوين المستخدمة.

المصدر : الماسة السورية/ محمد نور الدين


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة