أثار قرار الرئيس الأميركي باراك أوباما تعيين سوزان رايس مستشارة للأمن القومي في البيت الأبيض وترشيح سامانتا باور خلفاً لها مندوبةً للولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة، بعض التساؤلات حول تغيير محتمل في سياسة الإدارة الأميركية تجاه سورية.

فكل من رايس وباور من المؤيدين لنظرية التدخل الإنساني في الشؤون الدولية. وخطوة أوباما تزامنت مع تكاثر الحديث عن استخدام أسلحة كيميائية في سورية ومع حسم السلطات السورية معركة القصير واستعدادها لإعادة السيطرة على مناطق أخرى تتحصن فيها المجموعات المسلحة، في وقت تتعثر الجهود الأميركية ـ الروسية لعقد مؤتمر «جنيف 2» الذي تم تأجيله من حزيران الحالي إلى تموز المقبل.

يشار إلى أن رايس وباور كان لهما دور أساسي في إقناع أوباما بالتدخل عسكرياً في ليبيا، إلا أن هذا الملف الليبي هو ما حال لاحقا دون أن تتولى رايس منصب وزيرة الخارجية خلفا لهيلاري كلينتون، لان الجمهوريين عارضوا ذلك بشدة لأنهم اعتبروا أن تفسيرها للهجوم على مقر البعثة الديبلوماسية الأميركية في بنغازي في 11 أيلول الماضي كان مضللا.

وكانت رايس قد امتنعت، خلال الحملة الانتخابية لأوباما، عن القول إن تنظيم «القاعدة» وراء الهجوم الذي قتل فيه السفير الأميركي، وأعلنت أن ما حدث هو تظاهرات عفوية خرجت عن السيطرة. ويعتبر الجمهوريون أنها لو قالت الحقيقة لكان أوباما فشل في الفوز بولاية ثانية. وتعيين رايس مستشارة للأمن القومي لا يتطلب موافقة مجلس الشيوخ الذي يسيطر الجمهوريون عليه.

أما باور، فبالإضافة إلى دعمها للتدخل العسكري في ليبيا، فإن لها كتابات عديدة تنتقد فيها فشل الإدارة الأميركية في التدخل في رواندا، وهي من دعاة التدخل في البلقان. وانتقدت، في كتابها «مشكلة من الجحيم»، «تسامح الولايات المتحدة مع الفظائع والعنف في وقت كان هناك معرفة كاملة لما يجري». وقد تم انتقادها على أساس أنها ترد على «مشكلة من الجحيم» بـ«حل من الجحيم».

وبالرغم من مواقف كل من باور ورايس من التدخل العسكري لدوافع إنسانية، فإن أكثرية المحللين يتفقون على أن خطوة أوباما لا تعني أي تغيير في سياسته تجاه سوريا. ويعتبرون أنه حتى لو أرادت رايس وباور دفعه للتدخل، فلن تنجحا في ذلك.

وفي حديث الى «السفير»، يقول الباحث في شؤون الشرق الأوسط في «مؤسسة الدفاع عن الديموقراطيات» في واشنطن جوناثان شانزر «لا يبدو أن سياسة الرئيس تجاه سوريا مرنة في الوقت الحالي»، مشيرا إلى أن رايس «قبل هذا التعيين، هي ضمن الحلقة الضيقة لأوباما وتتشاور معه بانتظام حول الشؤون الدولية».

ويشير شانزر إلى الاختلاف بين المحللين ووسط أعضاء الكونغرس حول فكرة التدخل، موضحاً أن «ثمة قلقاً من دعم جهة على أخرى لأنه لا وجود لخيار جيد». ويضيف «من الصعب الاختيار مع وصول جبهة النصرة وغيرها من المجموعات إلى الساحة» السورية.

ويوافقه هذا الرأي الباحث في الشؤون الخارجية في «معهد كاتو» في واشنطن كريستوفر بريبل. ويقول، لـ«السفير»، إنه لا يعتقد أن رايس ستغير السياسة الحالية للإدارة الأميركية تجاه سورية، لافتا إلى أن «مزاج الشعب الأميركي هو أكثر أهمية من مزاج مستشار الأمن القومي».

ويرى بريبل أنه حتى الحظر الجوي الذي يطالب به البعض ليس له تأييد لأنه سيؤدي إلى تدخل أوسع غير مرغوب به. ويوضح «بعد 48 ساعة من بدء الحظر الجوي على ليبيا، كانت القوات الأميركية على الأرض. بالكاد كان الحظر الجوي خطوة أولى. كان مزحة»، مضيفا «من الخطأ أن ينتظر الناس في الشرق الأوسط أن تتدخل الولايات المتحدة في الأزمة السورية. أذكّرهم بأن آخر مرة تدخلت في المنطقة، أي في العراق، تسبب ذلك بضرر فظيع».

غير أن الداعمين للتدخل في سوريا يرون الأمور من ناحية مختلفة. فالباحثة في «معهد الدراسات الحربية» في واشنطن اليزابيث اوباغي تبذل جهوداً كبيرة لدفع الإدارة الأميركية إلى التدخل. وتحاول «خلق زخم في الكونغرس» كما تقول، لتمرير مشروع القرار بشأن تسليح المعارضة السورية. يذكر أن هذا المشروع وافقت عليه مؤخرا لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ. واوباغي هي أيضا مديرة سياسية في «سيريان إمرجنسي تاسك فورس» في واشنطن، وتعمل على تنظيم لقاءات بين أعضاء من المعارضة السورية في واشنطن وموظفين لدى أعضاء الكونغرس.

  • فريق ماسة
  • 2013-06-07
  • 10571
  • من الأرشيف

هل يغيّر تعيين أوباما رايس وباور من سياسته السورية؟

أثار قرار الرئيس الأميركي باراك أوباما تعيين سوزان رايس مستشارة للأمن القومي في البيت الأبيض وترشيح سامانتا باور خلفاً لها مندوبةً للولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة، بعض التساؤلات حول تغيير محتمل في سياسة الإدارة الأميركية تجاه سورية. فكل من رايس وباور من المؤيدين لنظرية التدخل الإنساني في الشؤون الدولية. وخطوة أوباما تزامنت مع تكاثر الحديث عن استخدام أسلحة كيميائية في سورية ومع حسم السلطات السورية معركة القصير واستعدادها لإعادة السيطرة على مناطق أخرى تتحصن فيها المجموعات المسلحة، في وقت تتعثر الجهود الأميركية ـ الروسية لعقد مؤتمر «جنيف 2» الذي تم تأجيله من حزيران الحالي إلى تموز المقبل. يشار إلى أن رايس وباور كان لهما دور أساسي في إقناع أوباما بالتدخل عسكرياً في ليبيا، إلا أن هذا الملف الليبي هو ما حال لاحقا دون أن تتولى رايس منصب وزيرة الخارجية خلفا لهيلاري كلينتون، لان الجمهوريين عارضوا ذلك بشدة لأنهم اعتبروا أن تفسيرها للهجوم على مقر البعثة الديبلوماسية الأميركية في بنغازي في 11 أيلول الماضي كان مضللا. وكانت رايس قد امتنعت، خلال الحملة الانتخابية لأوباما، عن القول إن تنظيم «القاعدة» وراء الهجوم الذي قتل فيه السفير الأميركي، وأعلنت أن ما حدث هو تظاهرات عفوية خرجت عن السيطرة. ويعتبر الجمهوريون أنها لو قالت الحقيقة لكان أوباما فشل في الفوز بولاية ثانية. وتعيين رايس مستشارة للأمن القومي لا يتطلب موافقة مجلس الشيوخ الذي يسيطر الجمهوريون عليه. أما باور، فبالإضافة إلى دعمها للتدخل العسكري في ليبيا، فإن لها كتابات عديدة تنتقد فيها فشل الإدارة الأميركية في التدخل في رواندا، وهي من دعاة التدخل في البلقان. وانتقدت، في كتابها «مشكلة من الجحيم»، «تسامح الولايات المتحدة مع الفظائع والعنف في وقت كان هناك معرفة كاملة لما يجري». وقد تم انتقادها على أساس أنها ترد على «مشكلة من الجحيم» بـ«حل من الجحيم». وبالرغم من مواقف كل من باور ورايس من التدخل العسكري لدوافع إنسانية، فإن أكثرية المحللين يتفقون على أن خطوة أوباما لا تعني أي تغيير في سياسته تجاه سوريا. ويعتبرون أنه حتى لو أرادت رايس وباور دفعه للتدخل، فلن تنجحا في ذلك. وفي حديث الى «السفير»، يقول الباحث في شؤون الشرق الأوسط في «مؤسسة الدفاع عن الديموقراطيات» في واشنطن جوناثان شانزر «لا يبدو أن سياسة الرئيس تجاه سوريا مرنة في الوقت الحالي»، مشيرا إلى أن رايس «قبل هذا التعيين، هي ضمن الحلقة الضيقة لأوباما وتتشاور معه بانتظام حول الشؤون الدولية». ويشير شانزر إلى الاختلاف بين المحللين ووسط أعضاء الكونغرس حول فكرة التدخل، موضحاً أن «ثمة قلقاً من دعم جهة على أخرى لأنه لا وجود لخيار جيد». ويضيف «من الصعب الاختيار مع وصول جبهة النصرة وغيرها من المجموعات إلى الساحة» السورية. ويوافقه هذا الرأي الباحث في الشؤون الخارجية في «معهد كاتو» في واشنطن كريستوفر بريبل. ويقول، لـ«السفير»، إنه لا يعتقد أن رايس ستغير السياسة الحالية للإدارة الأميركية تجاه سورية، لافتا إلى أن «مزاج الشعب الأميركي هو أكثر أهمية من مزاج مستشار الأمن القومي». ويرى بريبل أنه حتى الحظر الجوي الذي يطالب به البعض ليس له تأييد لأنه سيؤدي إلى تدخل أوسع غير مرغوب به. ويوضح «بعد 48 ساعة من بدء الحظر الجوي على ليبيا، كانت القوات الأميركية على الأرض. بالكاد كان الحظر الجوي خطوة أولى. كان مزحة»، مضيفا «من الخطأ أن ينتظر الناس في الشرق الأوسط أن تتدخل الولايات المتحدة في الأزمة السورية. أذكّرهم بأن آخر مرة تدخلت في المنطقة، أي في العراق، تسبب ذلك بضرر فظيع». غير أن الداعمين للتدخل في سوريا يرون الأمور من ناحية مختلفة. فالباحثة في «معهد الدراسات الحربية» في واشنطن اليزابيث اوباغي تبذل جهوداً كبيرة لدفع الإدارة الأميركية إلى التدخل. وتحاول «خلق زخم في الكونغرس» كما تقول، لتمرير مشروع القرار بشأن تسليح المعارضة السورية. يذكر أن هذا المشروع وافقت عليه مؤخرا لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ. واوباغي هي أيضا مديرة سياسية في «سيريان إمرجنسي تاسك فورس» في واشنطن، وتعمل على تنظيم لقاءات بين أعضاء من المعارضة السورية في واشنطن وموظفين لدى أعضاء الكونغرس.

المصدر : الماسة السورية


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة