سواء كان جسر ‘السلطان سليم الاول’ العثماني على البوسفور الذي يفصل تركيا الاوروبية عن تلك الآسيوية هو من استفز الشعب التركي واشعل شرارة ‘الانتفاضة’ الجماهيرية في بلاد نظام الاتاتوركية العلمانية على حزب اردوغان ذي ‘الطمغة’ الاسلامية او تحويل حديقة في ميدان تقسيم الشهير الى مجمع تجاري هو ما سبب في اطلاق صفارة ‘انتفاضة’ تركيا العاصفة على سياسة ‘التنمية’ العولمية لحزب العدالة والتنمية ، فان القدر المتيقن مما حصل والمرجح ان يستمر باتجاه المجهول هو ان ما كانت تروج له حكومة العثمانية الجديدة لجارتها سورية من سيناريوهات تقسيمية طائفية قد انتقل الى قلب ميدان ‘تقسيم’ الاسطنبولي والقادم اخطر’ كما يقول الراسخون بعلم الانتفاضات والحراكات الشعبية !

الشعارات الاولية التي وصلت الى اسماع المتابعين لاصوات المتظاهرين كانت تفيد باتهام شرطة اردوغان بالفاشية وحزبه بالاستبداد والديكتاتورية !

قد لا يعرف الكثيرون حقيقة توجه الثنائي الذي يتحكم بهذا الحزب اي اوغلو – اردوغان!

يستطيع ان يقول اردوغان عن نفسه ما يشاء وان ينادي بما يشاء و يوحي بما يشاء الا انه لا يستطيع ان يهرب من الاب الروحي الذي يتحكم بسياسات حزبه الكلية الا وهو فتح الله غولين والذي يعيش في واشنطن ويشرف على ادارة وتربية وتمويل كل مؤسسات الحزب التربوية والسياسية والدينية !

وبيت القصيد فيما يؤمن به غولين ويشدد عليه هو امران الاول: وهو ضرورة الفصل بين الدين والسياسة في الحياة الاجتماعية والسياسية !

والثاني: تحدثوا عن فلسطين وغير فلسطين ما شئتم ولكن اياكم ثم اياكم الاقتراب من ‘مشروعية’ مسألة الكيان الاسرائيلي او المس بها على الاطلاق !

من هنا لن يستغرب المتابعون لنشأة هذا الحزب اذا ما علموا بان احمد داوود اوغلو وهو الرجل الاكثر جدلا في الحزب كان حريصا ان يأخذ باردوغان مبكرا الى امريكا ليجمعه بقادة ‘الايباك’ وهي المنظمة اليهودية الصهيونية الامريكية الشهيرة ليقلدوا صاحبه وشريكه في السلطة بالدرع الاهم الذي عادة ما يعمدون به اصدقاءهم !

هذان الامران وهذه الخطوة الخطيرة لكنها غير المعروفة للكثيرين ربما كانت هي العلامات التي جعلت المرحوم نجم الدين اربكان – وهو الزعيم الاسلامي الذي خرج اردوغان وحزبه من بطنه منشقا- هي ما دفعت بزعيم حزب السعادة على وصف حزب اردوغان بالحزب الماسوني حيثما حل او ارتحل !

واردوغان هذا قد اثبت في السلوك الشخصي كما في الممارسة السياسية لمن يعرف الرجل عن قرب بأنه ليس لديه هاجس اثبات ما يخالف ذلك ابدا !

العكس تماما فهو يفخر بانه ‘اسلامي’ من نوع خاص ومتميز عن سائر اسلاميي الحركات السياسية الاسلامية وانه ‘علماني’ في رؤيته الاسلامية هذه كما ظهر بوضوح في دعوته للمصريين ان يحذو حذوه كما ورد في خطابه الشهير لهم من على منبر قاهري !

على مقربة من ميدان تقسيم ثمة شارع لا اذكر اسمه تماما لكنه قيل لنا مرة ان اردوغان هذا ‘المسلم المعتدل’ ليس فقط لم يستنكف من التجوال فيه او ابدى يوما رغبة في تغيير طبيعته اثناء تصديه لمهمة بلدية اسطنبول لانه مليء بالبارات والمنتديات الليلية بل انه كان حريصا للتردد عليه بفخر اثناء حملاته الانتخابية لاستقطاب آراء العاملات فيه لصالح فوز حزبه ‘الاسلامي’ المعروف بحزب العدالة والتنمية اكثرمن اي حزب آخر!

وهذا الامر بالذات كان يذكر من قبل المعجبين به وبنموذج حزبه على انه من مواصفات الرجل الاستثنائية والتي تسجل له في تاريخ نضاله السياسي الانفتاحي التسامحي والمعتدل !

انها فلسفة ‘التنمية’ باي ثمن كان واي قيمة كانت و الى اي نتيجة اوصلت لان المفهوم الذي يقف وراء هذه السياسة هو مفهوم: ‘الهاكم التكاثر حتى زرتم المقابر’!

اي ان المهم هو الكثرة.

بينما يحرص الاسلاميون الحقيقيون على فلسفة او مقولة التقدم ‘والتي فيها مبدأ للحركة معلوم ونهاية للحركة معلومة وهي البدء من حيث نحن كبشر والانطلاق باتجاه محاولة الوصول الى الله’ عملا بالاية القرانية التي تقول: ‘يا ايها الانسان انك كادح الى ربك كدحا فملاقيه’!

والفرق بين المنهجين والمذهبين والمقولتين كبير وكبير جدا !

هذا الرجل وهذا الحزب ومن ورائه الاب الروحي الذي يسكن في واشنطن يقتربون جميعا اليوم من نهاية مشروع التنمية والاستقرار الذي لطالما تغنوا به فيما ستثبت الاحداث بان نهايته ستكون مثل نهاية التاريخ الذي تحدث عنه فوكوياما للرأسمالية الغربية !

ثمة مقولة جميلة يستخدمها الاعلام السوري تقول: سورية حكاية لا تنتهي!

اما حكاية اردوغان مع المسلمين الذين اراد غشهم والضحك عليهم والتلاعب بالكلمات والالفاظ واللعب على الحبل بين الغرب والشرق في محاولة منه ومن رفيق دربه احمد داوود اوغلو صديق منظمة ايباك اليهودية الحميم فهي حكاية وصلت الى نهاياتها في ساحة ‘تقسيم ‘ فيما تمضي حكاية سورية لتعبر القصير الى دمشق الى حلب وهي ممنوعة القسمة على اثنين رغم كل خطط تقسيم او ضرب او تعطيل الدور السوري التاريخي!

سيكتب التاريخ يوما بان ‘اسلام’ اردوغان ‘الاعتذاري’ هذا كما يصفه الغيورون عليه ليس فقط لم يدخله نادي اوروبا المسيحي بل وجعله يخسر ‘عمق الشرق الاستراتيجي’ الذي حاول رفيقه اوغلو ان يغطي به عورة درع ‘ايباك’!

  • فريق ماسة
  • 2013-06-02
  • 11548
  • من الأرشيف

تقسيم تركيا تطيح بسليم الثاني

سواء كان جسر ‘السلطان سليم الاول’ العثماني على البوسفور الذي يفصل تركيا الاوروبية عن تلك الآسيوية هو من استفز الشعب التركي واشعل شرارة ‘الانتفاضة’ الجماهيرية في بلاد نظام الاتاتوركية العلمانية على حزب اردوغان ذي ‘الطمغة’ الاسلامية او تحويل حديقة في ميدان تقسيم الشهير الى مجمع تجاري هو ما سبب في اطلاق صفارة ‘انتفاضة’ تركيا العاصفة على سياسة ‘التنمية’ العولمية لحزب العدالة والتنمية ، فان القدر المتيقن مما حصل والمرجح ان يستمر باتجاه المجهول هو ان ما كانت تروج له حكومة العثمانية الجديدة لجارتها سورية من سيناريوهات تقسيمية طائفية قد انتقل الى قلب ميدان ‘تقسيم’ الاسطنبولي والقادم اخطر’ كما يقول الراسخون بعلم الانتفاضات والحراكات الشعبية ! الشعارات الاولية التي وصلت الى اسماع المتابعين لاصوات المتظاهرين كانت تفيد باتهام شرطة اردوغان بالفاشية وحزبه بالاستبداد والديكتاتورية ! قد لا يعرف الكثيرون حقيقة توجه الثنائي الذي يتحكم بهذا الحزب اي اوغلو – اردوغان! يستطيع ان يقول اردوغان عن نفسه ما يشاء وان ينادي بما يشاء و يوحي بما يشاء الا انه لا يستطيع ان يهرب من الاب الروحي الذي يتحكم بسياسات حزبه الكلية الا وهو فتح الله غولين والذي يعيش في واشنطن ويشرف على ادارة وتربية وتمويل كل مؤسسات الحزب التربوية والسياسية والدينية ! وبيت القصيد فيما يؤمن به غولين ويشدد عليه هو امران الاول: وهو ضرورة الفصل بين الدين والسياسة في الحياة الاجتماعية والسياسية ! والثاني: تحدثوا عن فلسطين وغير فلسطين ما شئتم ولكن اياكم ثم اياكم الاقتراب من ‘مشروعية’ مسألة الكيان الاسرائيلي او المس بها على الاطلاق ! من هنا لن يستغرب المتابعون لنشأة هذا الحزب اذا ما علموا بان احمد داوود اوغلو وهو الرجل الاكثر جدلا في الحزب كان حريصا ان يأخذ باردوغان مبكرا الى امريكا ليجمعه بقادة ‘الايباك’ وهي المنظمة اليهودية الصهيونية الامريكية الشهيرة ليقلدوا صاحبه وشريكه في السلطة بالدرع الاهم الذي عادة ما يعمدون به اصدقاءهم ! هذان الامران وهذه الخطوة الخطيرة لكنها غير المعروفة للكثيرين ربما كانت هي العلامات التي جعلت المرحوم نجم الدين اربكان – وهو الزعيم الاسلامي الذي خرج اردوغان وحزبه من بطنه منشقا- هي ما دفعت بزعيم حزب السعادة على وصف حزب اردوغان بالحزب الماسوني حيثما حل او ارتحل ! واردوغان هذا قد اثبت في السلوك الشخصي كما في الممارسة السياسية لمن يعرف الرجل عن قرب بأنه ليس لديه هاجس اثبات ما يخالف ذلك ابدا ! العكس تماما فهو يفخر بانه ‘اسلامي’ من نوع خاص ومتميز عن سائر اسلاميي الحركات السياسية الاسلامية وانه ‘علماني’ في رؤيته الاسلامية هذه كما ظهر بوضوح في دعوته للمصريين ان يحذو حذوه كما ورد في خطابه الشهير لهم من على منبر قاهري ! على مقربة من ميدان تقسيم ثمة شارع لا اذكر اسمه تماما لكنه قيل لنا مرة ان اردوغان هذا ‘المسلم المعتدل’ ليس فقط لم يستنكف من التجوال فيه او ابدى يوما رغبة في تغيير طبيعته اثناء تصديه لمهمة بلدية اسطنبول لانه مليء بالبارات والمنتديات الليلية بل انه كان حريصا للتردد عليه بفخر اثناء حملاته الانتخابية لاستقطاب آراء العاملات فيه لصالح فوز حزبه ‘الاسلامي’ المعروف بحزب العدالة والتنمية اكثرمن اي حزب آخر! وهذا الامر بالذات كان يذكر من قبل المعجبين به وبنموذج حزبه على انه من مواصفات الرجل الاستثنائية والتي تسجل له في تاريخ نضاله السياسي الانفتاحي التسامحي والمعتدل ! انها فلسفة ‘التنمية’ باي ثمن كان واي قيمة كانت و الى اي نتيجة اوصلت لان المفهوم الذي يقف وراء هذه السياسة هو مفهوم: ‘الهاكم التكاثر حتى زرتم المقابر’! اي ان المهم هو الكثرة. بينما يحرص الاسلاميون الحقيقيون على فلسفة او مقولة التقدم ‘والتي فيها مبدأ للحركة معلوم ونهاية للحركة معلومة وهي البدء من حيث نحن كبشر والانطلاق باتجاه محاولة الوصول الى الله’ عملا بالاية القرانية التي تقول: ‘يا ايها الانسان انك كادح الى ربك كدحا فملاقيه’! والفرق بين المنهجين والمذهبين والمقولتين كبير وكبير جدا ! هذا الرجل وهذا الحزب ومن ورائه الاب الروحي الذي يسكن في واشنطن يقتربون جميعا اليوم من نهاية مشروع التنمية والاستقرار الذي لطالما تغنوا به فيما ستثبت الاحداث بان نهايته ستكون مثل نهاية التاريخ الذي تحدث عنه فوكوياما للرأسمالية الغربية ! ثمة مقولة جميلة يستخدمها الاعلام السوري تقول: سورية حكاية لا تنتهي! اما حكاية اردوغان مع المسلمين الذين اراد غشهم والضحك عليهم والتلاعب بالكلمات والالفاظ واللعب على الحبل بين الغرب والشرق في محاولة منه ومن رفيق دربه احمد داوود اوغلو صديق منظمة ايباك اليهودية الحميم فهي حكاية وصلت الى نهاياتها في ساحة ‘تقسيم ‘ فيما تمضي حكاية سورية لتعبر القصير الى دمشق الى حلب وهي ممنوعة القسمة على اثنين رغم كل خطط تقسيم او ضرب او تعطيل الدور السوري التاريخي! سيكتب التاريخ يوما بان ‘اسلام’ اردوغان ‘الاعتذاري’ هذا كما يصفه الغيورون عليه ليس فقط لم يدخله نادي اوروبا المسيحي بل وجعله يخسر ‘عمق الشرق الاستراتيجي’ الذي حاول رفيقه اوغلو ان يغطي به عورة درع ‘ايباك’!

المصدر : القدس العربي/ محمد صادق الحسيني


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة