التزم الرئيس السوري بشار الأسد بأن بلاده سترد على "إسرائيل" إن قامت بعدوان جديد. وقبله بيومين التزم وزير الخارجية السوري وليد المعلم بالأمر نفسه. المعلومات تؤكد أن دمشق جادة بهذا التحذير، وأنها أوصلت رسالة واضحة إلى من يعنيهم الأمر وخصوصا الأميركيين، بأن على "إسرائيل" أن تفكر مرتين، أو ربما مرات كثيرة، قبل أن تجدد الغارات. فماذا تغير؟

أولا: إن الدمار الذي لحق بسورية خلال الحرب الحالية، ما عاد يتأثر بتدمير إضافي لو قامت إسرائيل بغارة. بينما لو ردت سورية بعدد من الصواريخ على  "اسرائيل" فان الدمار سيكون مؤذيا والتأثير النفسي كبيرا. وبهذا المعنى يقول مسؤول سوري «ليس لدينا ما نخسره، هم خسارتهم ستكون كبيرة».

ثانيا: إن جبهة الجولان التي هدأت عقودا طويلة ستفتح سريعا ويكون فيها أطراف شعبية، سورية وعربية وفلسطينية، جاهزة لعدد من العمليات النوعية.

ثالثا: إن العدوان الإسرائيلي، إن حصل، محكوم بضوابط وخطوط حمراء، إذ ليس مسموحا أن تطال الضربة ما قد يشعل حربا إقليمية، وبالتالي فان حجم الضربة سيقابله رد اكبر بقليل منها، ذلك أن الحرب الإقليمية والدولية لها شروطها التي ما عادت معزولة عن إيران وروسيا والولايات المتحدة. معروف أن واشنطن الماضية بتقاربها مع طهران تحت الطاولات، تريد تجنب أي حرب تورطها في المنطقة.

رابعا: إن شركاء سورية في معركتها الحالية، وفي مقدمهم «حزب الله»، يدركون أن الضربات الإسرائيلية تستهدفهم أكثر مما تستهدف دمشق، فالمطلوب هو وقف تصدير السلاح الاستراتيجي إلى المقاومة. مع دخول الحزب علانية في المعركة إلى جانب الجيش السوري، فان الرد سيكون مشتركا.

خامسا: إن صواريخ «اس 300» التي تقلق "إسرائيل" حاليا، قد لا تكون السلاح الأهم الذي حصلت أو ستحصل عليه سورية. ثمة معلومات شبه مؤكدة عن أن التكنولوجيا العالية وأسلحة استراتيجية قد تدخل المعركة المقبلة. واضح بهذا المعنى أن موسكو التي حذرت رسميا رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو من أي مغامرة جديدة في سورية، قررت توفير غطاء للرد السوري. هي قالت ذلك صراحة للسوريين والأميركيين وحلف شمال الأطلسي، رغم أنها تفضل تجنب فتح هذه الجبهة.

سادسا: إن أفضل رد على خطط الفتنة المذهبية التي يراد لسورية وللمقاومة السقوط فيها، هو إعادة البوصلة إلى مكانها الطبيعي. أي حرب مع "إسرائيل" حتى ولو كانت محدودة ستزيد التعاطف العربي مع سورية، خصوصا أن المناخ الشعبي في عدد من الدول العربية بدأ يتغير فعليا.

سابعا: إن أي تخاطب بالسلاح بين "إسرائيل" وسورية، سيحرج الدول التي يشرف عليها حاليا الإخوان المسلمون، كما قد يحرج حركة حماس والمعارضة السورية. إن رحبت المعارضة بالضربة فستخطئ، وان صمتت فستزيد السكوت، وان جاهرت بالشجب فستصب في خانة النظام.

لهذه الأسباب مجتمعة، تبدو سورية جادة فعلا في الرد على "إسرائيل"، والمعلومات المتوافرة من مراكز القرار فيها تؤكد أن الجيش السوري و«حزب الله» وإيران لديهم خطط جاهزة لهذا الاحتمال. وفي جميع الأحوال فان رفع منسوب التهديد إلى هذا الحد ينفع في أكثر من اتجاه.

  • فريق ماسة
  • 2013-05-31
  • 8358
  • من الأرشيف

هل يضرب الأسد فعلاً "إسرائيل"؟

التزم الرئيس السوري بشار الأسد بأن بلاده سترد على "إسرائيل" إن قامت بعدوان جديد. وقبله بيومين التزم وزير الخارجية السوري وليد المعلم بالأمر نفسه. المعلومات تؤكد أن دمشق جادة بهذا التحذير، وأنها أوصلت رسالة واضحة إلى من يعنيهم الأمر وخصوصا الأميركيين، بأن على "إسرائيل" أن تفكر مرتين، أو ربما مرات كثيرة، قبل أن تجدد الغارات. فماذا تغير؟ أولا: إن الدمار الذي لحق بسورية خلال الحرب الحالية، ما عاد يتأثر بتدمير إضافي لو قامت إسرائيل بغارة. بينما لو ردت سورية بعدد من الصواريخ على  "اسرائيل" فان الدمار سيكون مؤذيا والتأثير النفسي كبيرا. وبهذا المعنى يقول مسؤول سوري «ليس لدينا ما نخسره، هم خسارتهم ستكون كبيرة». ثانيا: إن جبهة الجولان التي هدأت عقودا طويلة ستفتح سريعا ويكون فيها أطراف شعبية، سورية وعربية وفلسطينية، جاهزة لعدد من العمليات النوعية. ثالثا: إن العدوان الإسرائيلي، إن حصل، محكوم بضوابط وخطوط حمراء، إذ ليس مسموحا أن تطال الضربة ما قد يشعل حربا إقليمية، وبالتالي فان حجم الضربة سيقابله رد اكبر بقليل منها، ذلك أن الحرب الإقليمية والدولية لها شروطها التي ما عادت معزولة عن إيران وروسيا والولايات المتحدة. معروف أن واشنطن الماضية بتقاربها مع طهران تحت الطاولات، تريد تجنب أي حرب تورطها في المنطقة. رابعا: إن شركاء سورية في معركتها الحالية، وفي مقدمهم «حزب الله»، يدركون أن الضربات الإسرائيلية تستهدفهم أكثر مما تستهدف دمشق، فالمطلوب هو وقف تصدير السلاح الاستراتيجي إلى المقاومة. مع دخول الحزب علانية في المعركة إلى جانب الجيش السوري، فان الرد سيكون مشتركا. خامسا: إن صواريخ «اس 300» التي تقلق "إسرائيل" حاليا، قد لا تكون السلاح الأهم الذي حصلت أو ستحصل عليه سورية. ثمة معلومات شبه مؤكدة عن أن التكنولوجيا العالية وأسلحة استراتيجية قد تدخل المعركة المقبلة. واضح بهذا المعنى أن موسكو التي حذرت رسميا رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو من أي مغامرة جديدة في سورية، قررت توفير غطاء للرد السوري. هي قالت ذلك صراحة للسوريين والأميركيين وحلف شمال الأطلسي، رغم أنها تفضل تجنب فتح هذه الجبهة. سادسا: إن أفضل رد على خطط الفتنة المذهبية التي يراد لسورية وللمقاومة السقوط فيها، هو إعادة البوصلة إلى مكانها الطبيعي. أي حرب مع "إسرائيل" حتى ولو كانت محدودة ستزيد التعاطف العربي مع سورية، خصوصا أن المناخ الشعبي في عدد من الدول العربية بدأ يتغير فعليا. سابعا: إن أي تخاطب بالسلاح بين "إسرائيل" وسورية، سيحرج الدول التي يشرف عليها حاليا الإخوان المسلمون، كما قد يحرج حركة حماس والمعارضة السورية. إن رحبت المعارضة بالضربة فستخطئ، وان صمتت فستزيد السكوت، وان جاهرت بالشجب فستصب في خانة النظام. لهذه الأسباب مجتمعة، تبدو سورية جادة فعلا في الرد على "إسرائيل"، والمعلومات المتوافرة من مراكز القرار فيها تؤكد أن الجيش السوري و«حزب الله» وإيران لديهم خطط جاهزة لهذا الاحتمال. وفي جميع الأحوال فان رفع منسوب التهديد إلى هذا الحد ينفع في أكثر من اتجاه.

المصدر : السفير/ سامي كليب


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة