«لم تعد سوريا ساحة لثورة شعبية ضد نظام سياسي، وإنما ساحة لفرض مشروع سياسي تقوده أميركا والغرب وأدواته. سوريا هي ظهر المقاومة، والمقاومة لا تستطيع أن تقف مكتوفة ويكشف ظهرها. إذا سقطت سوريا في يد الأميركي والإسرائيلي والتكفيري، ستحاصر المقاومة وسيعاد إدخال لبنان إلى العصر الاسرائيلي».

بإعلانه هذا، وضع الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، في خطاب عيد المقاومة والتحرير أول من أمس، قتال حزبه في سوريا في سياق حرب بين معسكرين: معسكر أميركا والمعسكر المعادي لها. نزع نصر الله القفازات: القتال في سوريا هو في سياق تحصين مشروع المقاومة وحماية عمقها الاستراتيجي. لم تعد المسألة تتعلق بحماية لبنانيي غرب العاصي أو حماية المقامات الشيعية. لا يعني ذلك ان هاتين الذريعتين كانتا واهيتين. فلبنانيو غرب العاصي تعرّضوا بالفعل، قبل وقت طويل من قتال الحزب في سوريا، للخطف والتهجير والقتل على أيدي الجماعات المسلحة. ونبش قبر الصحابي حجر بن عدي في منطقة عدرا مؤشر على ما يمكن هذه الجماعات القيام به في ما لو تمكّنت من الوصول الى مقام السيدة زينب الذي كادت أن تسيطر عليه.

«الأهمية الاستراتيجية لمدينة القصير» هي العبارة ــــ المفتاح. معها يصبح مفهوماً، ليس السعار المحلي المعتاد عقب كل خطاب لنصر الله، وإنما السعار الاقليمي الذي ابتدأ منذ ما قبل الخطاب. من إدانة «مؤتمر أصدقاء سوريا» في عمان لتدخل حزب الله في سوريا الى الاتصال الهاتفي الذي أجراه الرئيس الأميركي باراك أوباما بالرئيس اللبناني ميشال سليمان.

بات من نافل القول أن سقوط القصير سيشكّل نقطة تحوّل في مسار الصراع داخل سورية، وعلى الصعيدين الإقليمي والدولي، ويعدّ ضربة قاسية للمعارضة المسلحة.فعلى مدى عامين اعتمد النظام تكتيك الحؤول دون سقوط المدن دون الأرياف في قبضة المعارضين، وهو ما نجح فيه خصوصاً في حمص. ولكن لخصوصية موقع حمص الوسطي وكونها تشكّل مع ريفها عقدة المواصلات الرئيسية في البلاد، تبيّن أن السيطرة على المدينة دون ريفها، وفي قلبه القصير التي تمثّل أكبر قاعدة إمداد لحمص، أمر ملحّ. والنجاح في حسم معركة القصير سيشدّد الحصار على أحياء حمص القديمة التي لا تزال تحت سيطرة المعارضين، ويؤمن التواصل من منطقة درعا مروراً بدمشق والمنطقة الوسطى (حمص وحماة)، وصولاً إلى حلب من جهة، وطرطوس واللاذقية وبقية مدن الساحل السوري من جهة أخرى. وهذه المناطق تتضمن عصب السلطة المركزية وتشكّل 75 في المئة من العصب الاقتصادي للدولة  ويقيم فيها ثلثا الشعب السوري وتتضمن المدن الرئيسية وتعدّ الممر الرئيس لتسلّح النظام عبر الموانئ البحرية.

مصادر مطلعة على سير الأحداث توضح أن سقوط القصير المحتم سيشكّل، أيضاً، ضربة قاصمة لمشروع إقامة طوق لا تخفى ارتباطاته الدولية على مناطق نفوذ حزب الله. هذه المنطقة الممتدة من ريف دمشق الى عرسال مروراً بالقصير وتلكلخ وصولاً الى طرابلس، من شأنها، كما قال السيد نصرالله حرفياً، أن «تكشف ظهر المقاومة» عبر قطع التواصل بين مناطق البقاع الشمالي والعمق السوري بما يعنيه ذلك من قطع شريان التزوّد بالسلاح عبر سوريا. وإذا كانت الدولة اللبنانية بمسؤوليها ونوابها وجيشها عاجزة، منذ أسبوع، عن التواصل مع ما يسمى بـ «قادة المحاور» في طرابلس لوقف حمام الدم الدائر فيها، فعلى اللبنانيين تخيّل ما يمكن أن يكون عليه وضع هؤلاء فيما لو كانوا يعتمدون على عمق استراتيجي تبلغ مساحته أضعاف مساحة لبنان ويضمّ أكبر تجمّع لـ «جبهة النصرة» على الأراضي السورية من دوما في ريف دمشق الى الرستن وتلبيسة في ريف حمص الشمالي.

كل ذلك، معطوفاً على الغارات الاسرائيلية على جمرايا وقاسيون والتي استهدفت مخازن أسلحة أعلنت إسرائيل أنها تخص المقاومة، تضع حزب الله في عين الأزمة السورية، وتؤكّد أن المقصود، أولاً وآخراً، بالحرب العالمية التي تشنّ على سوريا هو حصار المقاومة. «والغبي هو الذي يقف ويتفرج على الموت وعلى الحصار وعلى المؤامرة، تزحف إليه دون أن يحرك ساكناً» على ما قال السيد نصر الله أول من أمس.

 

  • فريق ماسة
  • 2013-05-26
  • 13152
  • من الأرشيف

القصير ظهر المقاومة والغبي من يتفرّج على حصاره

«لم تعد سوريا ساحة لثورة شعبية ضد نظام سياسي، وإنما ساحة لفرض مشروع سياسي تقوده أميركا والغرب وأدواته. سوريا هي ظهر المقاومة، والمقاومة لا تستطيع أن تقف مكتوفة ويكشف ظهرها. إذا سقطت سوريا في يد الأميركي والإسرائيلي والتكفيري، ستحاصر المقاومة وسيعاد إدخال لبنان إلى العصر الاسرائيلي». بإعلانه هذا، وضع الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، في خطاب عيد المقاومة والتحرير أول من أمس، قتال حزبه في سوريا في سياق حرب بين معسكرين: معسكر أميركا والمعسكر المعادي لها. نزع نصر الله القفازات: القتال في سوريا هو في سياق تحصين مشروع المقاومة وحماية عمقها الاستراتيجي. لم تعد المسألة تتعلق بحماية لبنانيي غرب العاصي أو حماية المقامات الشيعية. لا يعني ذلك ان هاتين الذريعتين كانتا واهيتين. فلبنانيو غرب العاصي تعرّضوا بالفعل، قبل وقت طويل من قتال الحزب في سوريا، للخطف والتهجير والقتل على أيدي الجماعات المسلحة. ونبش قبر الصحابي حجر بن عدي في منطقة عدرا مؤشر على ما يمكن هذه الجماعات القيام به في ما لو تمكّنت من الوصول الى مقام السيدة زينب الذي كادت أن تسيطر عليه. «الأهمية الاستراتيجية لمدينة القصير» هي العبارة ــــ المفتاح. معها يصبح مفهوماً، ليس السعار المحلي المعتاد عقب كل خطاب لنصر الله، وإنما السعار الاقليمي الذي ابتدأ منذ ما قبل الخطاب. من إدانة «مؤتمر أصدقاء سوريا» في عمان لتدخل حزب الله في سوريا الى الاتصال الهاتفي الذي أجراه الرئيس الأميركي باراك أوباما بالرئيس اللبناني ميشال سليمان. بات من نافل القول أن سقوط القصير سيشكّل نقطة تحوّل في مسار الصراع داخل سورية، وعلى الصعيدين الإقليمي والدولي، ويعدّ ضربة قاسية للمعارضة المسلحة.فعلى مدى عامين اعتمد النظام تكتيك الحؤول دون سقوط المدن دون الأرياف في قبضة المعارضين، وهو ما نجح فيه خصوصاً في حمص. ولكن لخصوصية موقع حمص الوسطي وكونها تشكّل مع ريفها عقدة المواصلات الرئيسية في البلاد، تبيّن أن السيطرة على المدينة دون ريفها، وفي قلبه القصير التي تمثّل أكبر قاعدة إمداد لحمص، أمر ملحّ. والنجاح في حسم معركة القصير سيشدّد الحصار على أحياء حمص القديمة التي لا تزال تحت سيطرة المعارضين، ويؤمن التواصل من منطقة درعا مروراً بدمشق والمنطقة الوسطى (حمص وحماة)، وصولاً إلى حلب من جهة، وطرطوس واللاذقية وبقية مدن الساحل السوري من جهة أخرى. وهذه المناطق تتضمن عصب السلطة المركزية وتشكّل 75 في المئة من العصب الاقتصادي للدولة  ويقيم فيها ثلثا الشعب السوري وتتضمن المدن الرئيسية وتعدّ الممر الرئيس لتسلّح النظام عبر الموانئ البحرية. مصادر مطلعة على سير الأحداث توضح أن سقوط القصير المحتم سيشكّل، أيضاً، ضربة قاصمة لمشروع إقامة طوق لا تخفى ارتباطاته الدولية على مناطق نفوذ حزب الله. هذه المنطقة الممتدة من ريف دمشق الى عرسال مروراً بالقصير وتلكلخ وصولاً الى طرابلس، من شأنها، كما قال السيد نصرالله حرفياً، أن «تكشف ظهر المقاومة» عبر قطع التواصل بين مناطق البقاع الشمالي والعمق السوري بما يعنيه ذلك من قطع شريان التزوّد بالسلاح عبر سوريا. وإذا كانت الدولة اللبنانية بمسؤوليها ونوابها وجيشها عاجزة، منذ أسبوع، عن التواصل مع ما يسمى بـ «قادة المحاور» في طرابلس لوقف حمام الدم الدائر فيها، فعلى اللبنانيين تخيّل ما يمكن أن يكون عليه وضع هؤلاء فيما لو كانوا يعتمدون على عمق استراتيجي تبلغ مساحته أضعاف مساحة لبنان ويضمّ أكبر تجمّع لـ «جبهة النصرة» على الأراضي السورية من دوما في ريف دمشق الى الرستن وتلبيسة في ريف حمص الشمالي. كل ذلك، معطوفاً على الغارات الاسرائيلية على جمرايا وقاسيون والتي استهدفت مخازن أسلحة أعلنت إسرائيل أنها تخص المقاومة، تضع حزب الله في عين الأزمة السورية، وتؤكّد أن المقصود، أولاً وآخراً، بالحرب العالمية التي تشنّ على سوريا هو حصار المقاومة. «والغبي هو الذي يقف ويتفرج على الموت وعلى الحصار وعلى المؤامرة، تزحف إليه دون أن يحرك ساكناً» على ما قال السيد نصر الله أول من أمس.  

المصدر : الماسة السورية / الأخبار


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة