هو من عائلة النشاشيبي، إحدى أبرز العائلات المقدسية، التي عرف عنها تنافسها مع عائلة الحسيني في أيام الحكم العثماني والانتداب الإنكليزي. كالعديد من شباب القدس، خرج من مدينته إلى بيروت والقاهرة، حيث درس وتعلم وعمل، ليؤسس شبكة من العلاقات السياسية. ناصر الدين النشاشيبي، الصحافي والمؤرخ ورجل السياسة والديبلوماسية، توفي أمس، عن عمر ناهز 94 عاماً، سجل خلاله تاريخ فلسطين، في ظل حياة متنقلة وعلاقات سياسية جعلته عرضة للكثير من التساؤلات.

وشارك أمس مئات المقدسيين، وعدد من المسؤولين الفلسطينيين والشخصيات الإسلامية، في تشييع جثمانه إلى مثواه الأخير، بعد الصلاة عليه في المسجد الأقصى. وهو الذي توفي في منزله في حي الشيخ جراح في القدس العتيقة.

ولد النشاشيبي في مدينة القدس في العام 1919، وأنهى دراسته الثانوية في مدرسة الرشيدية في المدينة المقدسة قبل أن ينتقل إلى لبنان، حيث التحق بالجامعة الوطنية في عاليه، وتخرج منها في العام 1938. ثم دخل الجامعة الأميركية في بيروت، حيث حصل على شهادة البكالوريوس في العلوم السياسية والاقتصاد.

عاد النشاشيبي إلى القدس، حيث انتسب إلى كلية الحقوق فيها ولم يتسن له الوقت لإنهاء تعليمه، خصوصاً في تلك السنوات التاريخية من حياة القدس وفلسطين، التي انتهت بحرب العام 1948 والنكبة. وعن القدس يقول، وفقاً لصحيفة «القبس» الكويتية، «أنا لم أغادر القدس يوماً إلا لأعود إليها وأسكن في أروقتها... لم أودع يوماً بلدي إلا وفي نفسي قرار بأن أعود، وكنت دائماً التزم بذلك».

تنقل النشاشيبي بين الوظائف، وعمل سكرتيراً للوفد الفلسطيني في مجلس جامعة الدول العربية في العام 1945 في القاهرة، ثم مديراً عاماً للإذاعة الأردنية، قبل أن يصبح مراسلاً لصحيفة «أخبار اليوم» المصرية حتى العام 1960. ثم عمل رئيساً لتحرير صحيفة «الجمهورية» حتى العام 1966، وكان من المقربين من الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر.

عُين في القاهرة سفيراً متجولاً للجامعة العربية بإيعاز من عبد الناصر، ثم غادر القاهرة بعدما تسلم الرئيس الراحل أنور السادات سدة الرئاسة. تنقل في دول عدة وقابل العديد من الزعماء العرب والأجانب، ومن بينهم الرئيس الأميركي رونالد ريغان.

وكان يقول، بحسب صحيفة «القبس»، «كنت فخوراً بعلاقتي برجالات العرب وعلى رأسهم نوري السعيد، صانع الوزراء، العراقي، ورياض الصلح بطل الاستقلال اللبناني». وبالرغم من الصراع السياسي بين السعيد وعبد الناصر إلا أنه النشاشيبي حاول ألا يدخل بينهما، «لم أحاول أن أدخل المعارك الصحافية ضد رجل العراق نوري السعيد المعروف بعدائه الشديد لمصر وعبد الناصر»، بحسب تعبيره.

وعن ملك الأردن الراحل حسين بن طلال، قال النشاشيبي «صداقتي بالملك حسين رحمه الله منعتني من خدش الصداقة من قريب أو بعيد، وهذا ينطبق على الكثير من زعماء ورجالات العرب».

يُذكر أن النشاشيبي حمل جواز السفر العراقي واللبناني والسوداني. وكان تزوج من الصحافية اللبنانية الراحلة علياء الصلح، وهي ابنة رئيس الحكومة اللبناني الأول بعد الاستقلال رياض الصلح. ورزقا بابنة اسمها فايزة، إلا أنهما افترقا لاحقاً. ورزق النشاشيبي بولد من زواج آخر يدعى رياض، وفي الثمانينيات عاد إلى القدس المحتلة.

اختلف مع السلطة الفلسطينية سياسياً، وكثيراً ما انتقدها. وعن رؤيته للدولة الفلسطينية، كتب النشاشيبي «ليس المهم أن تأتي الدولة الفلسطينية، المهم أن تعيش ويكون لها سيادة ولا تعتمد على المعونات، وإذا كانت كذلك من الأفضل ألا تأتي».

ترك خلفه أكثر من 50 كتاباً تنوعت بين السياسة والأدب والترجمة، وآخر كتبه صدر في العام 2007 بعنوان «كلام يجر كلاماً». ومن أهم مؤلفاته «شباب محموم» (1949)، و«عندما دخلوا التاريخ» (1956)، و«فلسطين والوحدة» (1959)، و«ماذا جرى في الشرق الأوسط؟» (1960)، و«عربي في الصين» (1965)، و«الحبر الأسود.. أسود» (1977)، و«صلاة بلا مؤذن» (1980)، و«قصتي مع الصحافة» (1973)، و«حضرات الزملاء المحترمين» (1995).
  • فريق ماسة
  • 2013-05-17
  • 6240
  • من الأرشيف

وفاة ناصر الدين النشاشيبي الصحافي السياسي يبقى في القدس

هو من عائلة النشاشيبي، إحدى أبرز العائلات المقدسية، التي عرف عنها تنافسها مع عائلة الحسيني في أيام الحكم العثماني والانتداب الإنكليزي. كالعديد من شباب القدس، خرج من مدينته إلى بيروت والقاهرة، حيث درس وتعلم وعمل، ليؤسس شبكة من العلاقات السياسية. ناصر الدين النشاشيبي، الصحافي والمؤرخ ورجل السياسة والديبلوماسية، توفي أمس، عن عمر ناهز 94 عاماً، سجل خلاله تاريخ فلسطين، في ظل حياة متنقلة وعلاقات سياسية جعلته عرضة للكثير من التساؤلات. وشارك أمس مئات المقدسيين، وعدد من المسؤولين الفلسطينيين والشخصيات الإسلامية، في تشييع جثمانه إلى مثواه الأخير، بعد الصلاة عليه في المسجد الأقصى. وهو الذي توفي في منزله في حي الشيخ جراح في القدس العتيقة. ولد النشاشيبي في مدينة القدس في العام 1919، وأنهى دراسته الثانوية في مدرسة الرشيدية في المدينة المقدسة قبل أن ينتقل إلى لبنان، حيث التحق بالجامعة الوطنية في عاليه، وتخرج منها في العام 1938. ثم دخل الجامعة الأميركية في بيروت، حيث حصل على شهادة البكالوريوس في العلوم السياسية والاقتصاد. عاد النشاشيبي إلى القدس، حيث انتسب إلى كلية الحقوق فيها ولم يتسن له الوقت لإنهاء تعليمه، خصوصاً في تلك السنوات التاريخية من حياة القدس وفلسطين، التي انتهت بحرب العام 1948 والنكبة. وعن القدس يقول، وفقاً لصحيفة «القبس» الكويتية، «أنا لم أغادر القدس يوماً إلا لأعود إليها وأسكن في أروقتها... لم أودع يوماً بلدي إلا وفي نفسي قرار بأن أعود، وكنت دائماً التزم بذلك». تنقل النشاشيبي بين الوظائف، وعمل سكرتيراً للوفد الفلسطيني في مجلس جامعة الدول العربية في العام 1945 في القاهرة، ثم مديراً عاماً للإذاعة الأردنية، قبل أن يصبح مراسلاً لصحيفة «أخبار اليوم» المصرية حتى العام 1960. ثم عمل رئيساً لتحرير صحيفة «الجمهورية» حتى العام 1966، وكان من المقربين من الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر. عُين في القاهرة سفيراً متجولاً للجامعة العربية بإيعاز من عبد الناصر، ثم غادر القاهرة بعدما تسلم الرئيس الراحل أنور السادات سدة الرئاسة. تنقل في دول عدة وقابل العديد من الزعماء العرب والأجانب، ومن بينهم الرئيس الأميركي رونالد ريغان. وكان يقول، بحسب صحيفة «القبس»، «كنت فخوراً بعلاقتي برجالات العرب وعلى رأسهم نوري السعيد، صانع الوزراء، العراقي، ورياض الصلح بطل الاستقلال اللبناني». وبالرغم من الصراع السياسي بين السعيد وعبد الناصر إلا أنه النشاشيبي حاول ألا يدخل بينهما، «لم أحاول أن أدخل المعارك الصحافية ضد رجل العراق نوري السعيد المعروف بعدائه الشديد لمصر وعبد الناصر»، بحسب تعبيره. وعن ملك الأردن الراحل حسين بن طلال، قال النشاشيبي «صداقتي بالملك حسين رحمه الله منعتني من خدش الصداقة من قريب أو بعيد، وهذا ينطبق على الكثير من زعماء ورجالات العرب». يُذكر أن النشاشيبي حمل جواز السفر العراقي واللبناني والسوداني. وكان تزوج من الصحافية اللبنانية الراحلة علياء الصلح، وهي ابنة رئيس الحكومة اللبناني الأول بعد الاستقلال رياض الصلح. ورزقا بابنة اسمها فايزة، إلا أنهما افترقا لاحقاً. ورزق النشاشيبي بولد من زواج آخر يدعى رياض، وفي الثمانينيات عاد إلى القدس المحتلة. اختلف مع السلطة الفلسطينية سياسياً، وكثيراً ما انتقدها. وعن رؤيته للدولة الفلسطينية، كتب النشاشيبي «ليس المهم أن تأتي الدولة الفلسطينية، المهم أن تعيش ويكون لها سيادة ولا تعتمد على المعونات، وإذا كانت كذلك من الأفضل ألا تأتي». ترك خلفه أكثر من 50 كتاباً تنوعت بين السياسة والأدب والترجمة، وآخر كتبه صدر في العام 2007 بعنوان «كلام يجر كلاماً». ومن أهم مؤلفاته «شباب محموم» (1949)، و«عندما دخلوا التاريخ» (1956)، و«فلسطين والوحدة» (1959)، و«ماذا جرى في الشرق الأوسط؟» (1960)، و«عربي في الصين» (1965)، و«الحبر الأسود.. أسود» (1977)، و«صلاة بلا مؤذن» (1980)، و«قصتي مع الصحافة» (1973)، و«حضرات الزملاء المحترمين» (1995).

المصدر : الماسة السورية


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة