في لحظة فاجأت البعض جاء الإعلان الأميركي الروسي المشترك عن اتفاق الطرفين حول عقد مؤتمر دولي لحل الازمة السورية ،انطلاقا من اعلان جنيف 30 حزيران – 2012 ، هذا الاعلان الذي يمكّن من تشكيل بيئة دولية تتيح للسوريين استعادة الامن على ارضهم وادارة حوار داخلي فيما بينهم لتحديد الاطر والاصول والقواعد التي تلزمهم لبناء سورية ونظامها المستقبلي.‏

وهو اعلان يعرف الجميع أن اميركا شاركت ودول الغرب الاستعماري الاخرى في اعتماده، ثم عمل هؤلاء جميعا على تجميده وادارة الظهر له بعد أن حاولوا تحريفه أو الانقلاب عليه، ثم أتبعوا انقلابهم بالسعي الحثيث لاسقاط سورية بالعمل العسكري.‏

 

واليوم ومع الاعلان عن اتفاق على مؤتمر دولي حول سورية يستعيد الحرارة لاعلان جنيف نطرح السؤال عما تغير حتى عادت اميركا لهذا الاعلان، ثم هل هناك فرص حقيقية لعقد المؤتمر الدولي العتيد؟ أم هي مناورة اميركية جديدة لكسب الوقت؟ وأخيراً ما هي آفاق هذا المؤتمر إذا انعقد؟ وما مسارات الازمة السورية في الانعقاد أو عدمه؟‏

في مواجهة هذه التساؤلات نبدأ بالاسباب والخلفية التي دفعت اميركا للقبول بفكرة المؤتمر، وهي ما يعني قبولاً بالحل السلمي المبني على الحوار واحترام إرادة الشعب السوري باختيار نظامه وحكامه، وهو تماما ما طرحته سورية وحلفاؤها منذ اللحظات الاولى للعدوان الذي شن عليها منذ نيف وسنتين بقيادة أميركية وتنفيذ اقليمي عربي ودولي.‏

وهنا نرى انه عندما تبين لأوباما ان خطته الاخيرة فشلت على أعتاب دمشق وهي الخطة التي اطلقتها من اجل تعويض إخفاقات العدوان في إسقاط سورية، عندما تبين له الفشل، استنجد بالطيران الحربي الاسرائيلي للاغارة على أهداف في محيط دمشق تحت ذريعة “منع نقل سلاح نوعي الى حزب الله ” وهي الذريعة الملفقة التي تبين كذبها كما كانت أكذوبة سلاح الدمار الشامل تلفيقا اتخذته اميركا ذريعة لاحتلال العراق، ولكن الغارة الاسرائيلية أحدثت من المفاعيل تماما ما هو عكس المرتجى وكان العصف المرتد استراتيجيا بنتيجتها فوق ما يحتمله قادة العدوان ومنفذوه، عصف لم يكن يخطر ببالهم من قريب ولا من بعيد، حيث إن الرد من محور المقاومة جاء مركبا من طبيعة ميدانية واستراتيجية وسياسية وفي اتجاهات ثلاثة فرضت نفسها على كل مجريات الحدث.‏

ففي الميدان كان الثبات العسكري السوري والنجاح في احتواء الهجوم الارهابي المنسق مع القصف الجوي الاسرائيلي وفشل المعتدين على المحاور الـ 12 التي اعتمدوها لغزو دمشق، وفي المجال السياسي كان الحراك الايراني في المنطقة بشكل عام وباتجاه الاردن بشكل خاص ما فرض واقعاً ولد نتائج هائلة أيضا ذات تأثير ميداني على المحاور الجنوبية في سورية، وكانت النتائج انهيار المسلحين ايضا تحت مطرقة الجيش العربي السوري وفتح الطريق بين دمشق ودرعا بعد أن اقفلت طريق الامداد للارهاب بين الاردن وسورية.‏

لكن الأخطر والأهم في الرد كان في المجال الاستراتيجي العام وعلى خطين، الاول قرار سورية تزويد المقاومة في لبنان بكل ما تريد وما تستوعب من سلاح مهما كانت نوعيته وطبيعته وأثره الاستراتيجي، والثاني كان في القرار الاستراتيجي الكبير الذي اتخذه الرئيس الأسد بتحويل سورية الى دولة مقاومة وفتح جبهة الجولان لتكون جبهة المقاومة الوطنية القومية العربية الاسلامية، جبهة تختبر فيها وعليها الامة وكل من يدعي بأنه يريد تحرير فلسطين واستنقاذ الحقوق المغتصبة على يد الغرب الصهيوني الاستعماري.‏

إذن وجدت أميركا نفسها امام متغير استراتيجي كبير ينذر بأفدح المخاطر على مصالحها ومصالح اسرائيل، حيث إنها في حين ادعت سعيها لمنع وصول سلاح سوري الى حزب الله وهو أمر كان بعيداً عن التداول والنقاش الفعلي في الاشهر الاخيرة، وجدت نفسها امام قرار يعلن وبكل شجاعة أن كل ما لدى الجيش السوري سيعطى الى المقاومة التي ينظمها حزب الله وفقا لحاجته، وفي حين كانت اسرائيل مرتاحة الى سكوت الجبهات على صعيد المقاومة او الجيوش التقليدية وجدت نفسها الأن أمام تحضير لفتح جبهة مقاومة تكاد تصل في طولها من لبنان حيث مزارع شبعا الى الحمة في جنوبي الجولان العربي السوري المحتل تكاد تصل الى 100 كلم، وفي حين كانت تمني النفس بأن المحيط او الجوار السوري سيتابع انخراطه في خطة أوباما لحصار سورية، وجدت الجوار هذا يتراجع بدءاً من لبنان، حيث تعطل دوره نتيجة ما جرى في ميدان القصير مرورا بالاردن حيث كان للترهيب والترغيب دور في ثنيه عن المتابعة، وصولا الى العراق الذي ابدت قيادته حزماً في الميدان وعطلت على القوى الارهابية فرص الوصول الآمن الى سورية، أما تركيا فان شأنها بات يترنح وبدأت بالصراخ والتهديد الفارغ بعد ان بدأت بتلقي اللكمات على قاعدة طابخ السم آكله.‏

كل ذلك قاد اميركا الى استنتاج واضح مفاده أن استمرار السير في العمل العسكري وبالطريقة التي اعتمدت في سورية او بأي طريقة أخرى، لن يكون له من أثر إلا زيادة الخسائر وتفاقمها ميدانيا أولا واستراتيجيا ثانيا، لذلك هرع جون كيري الى موسكو للقاء قادتها وليعرض عليهم ما كانوا عرضوه عليه سابقاً ورفضه او عطله بعد اتخاذ القرار به، يعرض عليهم حلا سلميا للازمة السورية يكون من شأنه تحديد الخسائر الاميركية في المنطقة والعالم. وبالتالي لم يكن الاتفاق المعلن مكرمة او تفضلا اميركيا بل كان نتيجة شعور اميركي بالخسارة وخشية من المستقبل، والحل السلمي بات حاجة أميركية ضرورية، اما المناورات الاميركية اللفظية بعد الاتفاق فلا قيمة عملية لها برأينا وان وظيفتها ستبقى محصورة في اطار الحرب النفسية والابقاء على مسك العملاء والتابعين حتى لا يسارعوا الى إلقاء السلاح قبل أوانه ويفاقموا بذلك الخسارة الاميركية.‏

و عليه فإننا نرى أن اميركا الآن امام خيارين لا ثالث لهما : إما السير بالحل السلمي عبر اتفاق موسكو، وهو امر يوفر الخسائر الاضافية على الجميع ويقصر المهل اللازمة للحل، او المناورة والانقلاب على الاتفاق والاستمرار في العمل العسكري وهو ما يقود وبشكل حتمي لا نقاش فيه الى خسارة اميركية متعاظمة في المنطقة، رغم أن المدافع سيتكبد هو أيضا بعض الخسائر ويضطر للعمل الدفاعي لوقت إضافي ايضاً.‏

و بالتالي إننا لا نرى أي أثر الآن للارادة الاميركية على طبيعة نتائج المواجهة، واننا وبطمأنينة علمية واقعية نقول أن لا مجال وفي اي أسلوب او تصور لا مجال لاميركا ان تربح او تنتصر في سورية، وان نتائج المواجهة باتت محسومة نصراً مؤزراً لسورية ومحورها المقاوم وجبهتها الدولية المؤيدة لها، اما المناورات والحيل الخداعية فلن يبق في مقدورها تغير اتجاه النتائج.‏

ويبقى في المؤتمر الدولي كلمات نقولها في حال انعقاده، وهو انعقاد لا نتصور ان يكون سريعا وقريبا لأن هناك حاجة اميركية ايضا لاعطاء الفرصة والوقت للتابعين لتفهم الفكرة وهضمها وتكييف الانفس وفقا لها، كما المحاولة لوقف الانهيار الميداني للمسلحين حتى لا يعقد المؤتمر في ظل انعدام اثرهم.‏

 

أما عن المشاركين في هذا المؤتمر فإننا نرى ضرورة شموله لدول وكيانات تكرس واقع النظام العالمي الذي بدأ يتشكل على اساس المجموعات الاستراتيجية دول وكيانات تنضوي تحت عناوين أربعة :‏

- الدول الدائمة العضوية في مجلس الامن ويضم اليها المانيا والهند والبرازيل وجنوبي افريقيا (البريكس).‏

- دول الجوار السوري ومعها ايضا الدول الاقليمية سواء في ذلك من كان في عداد جبهة العدوان والهجوم على سورية مثل السعودية وقطر، أو من كان في جبهة الدفاع كايران.‏

- دول الثروات والقدرة على منح المساعدات لأن هناك حاجة اليها في تحمل كلفة الخروج من الواقع المؤلم اقتصاديا.‏

- الهيئات والمنظمات الدولية المعنية بالسلام الدولي وحقوق الانسان.‏

أما في وظيفة المؤتمر فإننا لا نرى انها تتعدى ما يلي:‏

- إنتاج بيئة دولية جدية لتمكين السوريين من ادارة حوار داخلي بينهم يمكنهم من وضع المشاريع المتعلقة بالحكم والنظام بما يمكنهم من العودة الى الشعب لاقرارها.‏

- وقف اي نوع من أنواع المساعدة والدعم للمسلحين وضبط الحدود بما يحول دون تسرب السلاح والعناصر الارهابية الى الداخل السوري.‏

- وقف حملات التحريض الاعلامي وملاحقة اي وسيلة اعلامية تفسد بيئة المصالحة الوطنية.‏

- وضع الاسس والقواعد لإعمار سورية عبر منحها الاموال اللازمة تحت صيغ متعددة بين قرض او مساعدة.‏

وفي النهاية ينبغي ان يعلم المشاركون في المؤتمر ان سورية دافعت عن نفسها وانتصرت في معركتها الدفاعية وهي ليست هنا الآن لتقدم نفسها لتوضع تحت انتداب دولي مهما كان مصدره او تخضع لنظام سياسي يفرض عليها وينتهك وحدتها الاقليمية والجغرافية او يفسد نظامها السياسي القائم على المساواة في المواطنة والوحدة الوطنية.‏

 

  • فريق ماسة
  • 2013-05-12
  • 11923
  • من الأرشيف

المؤتمر الدولي حول سورية بين الخلفية والضوابط والاحتمالات

في لحظة فاجأت البعض جاء الإعلان الأميركي الروسي المشترك عن اتفاق الطرفين حول عقد مؤتمر دولي لحل الازمة السورية ،انطلاقا من اعلان جنيف 30 حزيران – 2012 ، هذا الاعلان الذي يمكّن من تشكيل بيئة دولية تتيح للسوريين استعادة الامن على ارضهم وادارة حوار داخلي فيما بينهم لتحديد الاطر والاصول والقواعد التي تلزمهم لبناء سورية ونظامها المستقبلي.‏ وهو اعلان يعرف الجميع أن اميركا شاركت ودول الغرب الاستعماري الاخرى في اعتماده، ثم عمل هؤلاء جميعا على تجميده وادارة الظهر له بعد أن حاولوا تحريفه أو الانقلاب عليه، ثم أتبعوا انقلابهم بالسعي الحثيث لاسقاط سورية بالعمل العسكري.‏   واليوم ومع الاعلان عن اتفاق على مؤتمر دولي حول سورية يستعيد الحرارة لاعلان جنيف نطرح السؤال عما تغير حتى عادت اميركا لهذا الاعلان، ثم هل هناك فرص حقيقية لعقد المؤتمر الدولي العتيد؟ أم هي مناورة اميركية جديدة لكسب الوقت؟ وأخيراً ما هي آفاق هذا المؤتمر إذا انعقد؟ وما مسارات الازمة السورية في الانعقاد أو عدمه؟‏ في مواجهة هذه التساؤلات نبدأ بالاسباب والخلفية التي دفعت اميركا للقبول بفكرة المؤتمر، وهي ما يعني قبولاً بالحل السلمي المبني على الحوار واحترام إرادة الشعب السوري باختيار نظامه وحكامه، وهو تماما ما طرحته سورية وحلفاؤها منذ اللحظات الاولى للعدوان الذي شن عليها منذ نيف وسنتين بقيادة أميركية وتنفيذ اقليمي عربي ودولي.‏ وهنا نرى انه عندما تبين لأوباما ان خطته الاخيرة فشلت على أعتاب دمشق وهي الخطة التي اطلقتها من اجل تعويض إخفاقات العدوان في إسقاط سورية، عندما تبين له الفشل، استنجد بالطيران الحربي الاسرائيلي للاغارة على أهداف في محيط دمشق تحت ذريعة “منع نقل سلاح نوعي الى حزب الله ” وهي الذريعة الملفقة التي تبين كذبها كما كانت أكذوبة سلاح الدمار الشامل تلفيقا اتخذته اميركا ذريعة لاحتلال العراق، ولكن الغارة الاسرائيلية أحدثت من المفاعيل تماما ما هو عكس المرتجى وكان العصف المرتد استراتيجيا بنتيجتها فوق ما يحتمله قادة العدوان ومنفذوه، عصف لم يكن يخطر ببالهم من قريب ولا من بعيد، حيث إن الرد من محور المقاومة جاء مركبا من طبيعة ميدانية واستراتيجية وسياسية وفي اتجاهات ثلاثة فرضت نفسها على كل مجريات الحدث.‏ ففي الميدان كان الثبات العسكري السوري والنجاح في احتواء الهجوم الارهابي المنسق مع القصف الجوي الاسرائيلي وفشل المعتدين على المحاور الـ 12 التي اعتمدوها لغزو دمشق، وفي المجال السياسي كان الحراك الايراني في المنطقة بشكل عام وباتجاه الاردن بشكل خاص ما فرض واقعاً ولد نتائج هائلة أيضا ذات تأثير ميداني على المحاور الجنوبية في سورية، وكانت النتائج انهيار المسلحين ايضا تحت مطرقة الجيش العربي السوري وفتح الطريق بين دمشق ودرعا بعد أن اقفلت طريق الامداد للارهاب بين الاردن وسورية.‏ لكن الأخطر والأهم في الرد كان في المجال الاستراتيجي العام وعلى خطين، الاول قرار سورية تزويد المقاومة في لبنان بكل ما تريد وما تستوعب من سلاح مهما كانت نوعيته وطبيعته وأثره الاستراتيجي، والثاني كان في القرار الاستراتيجي الكبير الذي اتخذه الرئيس الأسد بتحويل سورية الى دولة مقاومة وفتح جبهة الجولان لتكون جبهة المقاومة الوطنية القومية العربية الاسلامية، جبهة تختبر فيها وعليها الامة وكل من يدعي بأنه يريد تحرير فلسطين واستنقاذ الحقوق المغتصبة على يد الغرب الصهيوني الاستعماري.‏ إذن وجدت أميركا نفسها امام متغير استراتيجي كبير ينذر بأفدح المخاطر على مصالحها ومصالح اسرائيل، حيث إنها في حين ادعت سعيها لمنع وصول سلاح سوري الى حزب الله وهو أمر كان بعيداً عن التداول والنقاش الفعلي في الاشهر الاخيرة، وجدت نفسها امام قرار يعلن وبكل شجاعة أن كل ما لدى الجيش السوري سيعطى الى المقاومة التي ينظمها حزب الله وفقا لحاجته، وفي حين كانت اسرائيل مرتاحة الى سكوت الجبهات على صعيد المقاومة او الجيوش التقليدية وجدت نفسها الأن أمام تحضير لفتح جبهة مقاومة تكاد تصل في طولها من لبنان حيث مزارع شبعا الى الحمة في جنوبي الجولان العربي السوري المحتل تكاد تصل الى 100 كلم، وفي حين كانت تمني النفس بأن المحيط او الجوار السوري سيتابع انخراطه في خطة أوباما لحصار سورية، وجدت الجوار هذا يتراجع بدءاً من لبنان، حيث تعطل دوره نتيجة ما جرى في ميدان القصير مرورا بالاردن حيث كان للترهيب والترغيب دور في ثنيه عن المتابعة، وصولا الى العراق الذي ابدت قيادته حزماً في الميدان وعطلت على القوى الارهابية فرص الوصول الآمن الى سورية، أما تركيا فان شأنها بات يترنح وبدأت بالصراخ والتهديد الفارغ بعد ان بدأت بتلقي اللكمات على قاعدة طابخ السم آكله.‏ كل ذلك قاد اميركا الى استنتاج واضح مفاده أن استمرار السير في العمل العسكري وبالطريقة التي اعتمدت في سورية او بأي طريقة أخرى، لن يكون له من أثر إلا زيادة الخسائر وتفاقمها ميدانيا أولا واستراتيجيا ثانيا، لذلك هرع جون كيري الى موسكو للقاء قادتها وليعرض عليهم ما كانوا عرضوه عليه سابقاً ورفضه او عطله بعد اتخاذ القرار به، يعرض عليهم حلا سلميا للازمة السورية يكون من شأنه تحديد الخسائر الاميركية في المنطقة والعالم. وبالتالي لم يكن الاتفاق المعلن مكرمة او تفضلا اميركيا بل كان نتيجة شعور اميركي بالخسارة وخشية من المستقبل، والحل السلمي بات حاجة أميركية ضرورية، اما المناورات الاميركية اللفظية بعد الاتفاق فلا قيمة عملية لها برأينا وان وظيفتها ستبقى محصورة في اطار الحرب النفسية والابقاء على مسك العملاء والتابعين حتى لا يسارعوا الى إلقاء السلاح قبل أوانه ويفاقموا بذلك الخسارة الاميركية.‏ و عليه فإننا نرى أن اميركا الآن امام خيارين لا ثالث لهما : إما السير بالحل السلمي عبر اتفاق موسكو، وهو امر يوفر الخسائر الاضافية على الجميع ويقصر المهل اللازمة للحل، او المناورة والانقلاب على الاتفاق والاستمرار في العمل العسكري وهو ما يقود وبشكل حتمي لا نقاش فيه الى خسارة اميركية متعاظمة في المنطقة، رغم أن المدافع سيتكبد هو أيضا بعض الخسائر ويضطر للعمل الدفاعي لوقت إضافي ايضاً.‏ و بالتالي إننا لا نرى أي أثر الآن للارادة الاميركية على طبيعة نتائج المواجهة، واننا وبطمأنينة علمية واقعية نقول أن لا مجال وفي اي أسلوب او تصور لا مجال لاميركا ان تربح او تنتصر في سورية، وان نتائج المواجهة باتت محسومة نصراً مؤزراً لسورية ومحورها المقاوم وجبهتها الدولية المؤيدة لها، اما المناورات والحيل الخداعية فلن يبق في مقدورها تغير اتجاه النتائج.‏ ويبقى في المؤتمر الدولي كلمات نقولها في حال انعقاده، وهو انعقاد لا نتصور ان يكون سريعا وقريبا لأن هناك حاجة اميركية ايضا لاعطاء الفرصة والوقت للتابعين لتفهم الفكرة وهضمها وتكييف الانفس وفقا لها، كما المحاولة لوقف الانهيار الميداني للمسلحين حتى لا يعقد المؤتمر في ظل انعدام اثرهم.‏   أما عن المشاركين في هذا المؤتمر فإننا نرى ضرورة شموله لدول وكيانات تكرس واقع النظام العالمي الذي بدأ يتشكل على اساس المجموعات الاستراتيجية دول وكيانات تنضوي تحت عناوين أربعة :‏ - الدول الدائمة العضوية في مجلس الامن ويضم اليها المانيا والهند والبرازيل وجنوبي افريقيا (البريكس).‏ - دول الجوار السوري ومعها ايضا الدول الاقليمية سواء في ذلك من كان في عداد جبهة العدوان والهجوم على سورية مثل السعودية وقطر، أو من كان في جبهة الدفاع كايران.‏ - دول الثروات والقدرة على منح المساعدات لأن هناك حاجة اليها في تحمل كلفة الخروج من الواقع المؤلم اقتصاديا.‏ - الهيئات والمنظمات الدولية المعنية بالسلام الدولي وحقوق الانسان.‏ أما في وظيفة المؤتمر فإننا لا نرى انها تتعدى ما يلي:‏ - إنتاج بيئة دولية جدية لتمكين السوريين من ادارة حوار داخلي بينهم يمكنهم من وضع المشاريع المتعلقة بالحكم والنظام بما يمكنهم من العودة الى الشعب لاقرارها.‏ - وقف اي نوع من أنواع المساعدة والدعم للمسلحين وضبط الحدود بما يحول دون تسرب السلاح والعناصر الارهابية الى الداخل السوري.‏ - وقف حملات التحريض الاعلامي وملاحقة اي وسيلة اعلامية تفسد بيئة المصالحة الوطنية.‏ - وضع الاسس والقواعد لإعمار سورية عبر منحها الاموال اللازمة تحت صيغ متعددة بين قرض او مساعدة.‏ وفي النهاية ينبغي ان يعلم المشاركون في المؤتمر ان سورية دافعت عن نفسها وانتصرت في معركتها الدفاعية وهي ليست هنا الآن لتقدم نفسها لتوضع تحت انتداب دولي مهما كان مصدره او تخضع لنظام سياسي يفرض عليها وينتهك وحدتها الاقليمية والجغرافية او يفسد نظامها السياسي القائم على المساواة في المواطنة والوحدة الوطنية.‏  

المصدر : د.أمين محمد حطيط\ الثورة


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة