حسمت قيادة العملية العسكرية السورية أمرها، بعد انتهاء المرحلة الأولى من تطهير الريف الجنوبي لمحافظة حلب، وبدأت بالاستعداد للتقدم نحو البلدات المتبقية في جنوب مدينة حلب، والتي تعتبر معقل المسلحين ومركز ثقلهم.

في تل حريبل بدأت القوات بالتمركز، وانصرف الجنود إلى استكمال استعداداتهم للمعركة القادمة. المعنويات عالية والإحساس بالمسؤولية يغمر الجنود. كما أن عنصر المباغتة السلاح الاقوى بيد قيادة العملية.

وعمل قادة القوات على تقسيم قواتهم حسب تكتيك عسكري جديد، إلى ثلاثة أقسام، لتتعامل كل مجموعة مع اهدافها بمعزل عن الأخرى، وانطلق الجنود في تمام استعداداتهم للنزول من التل إلى بلدة حريبل. لم ترتفع الشمس كثيراً في السماء، حتى بدأت المجموعات المسلحة بقصف مكان تجمع القوات المتقدمة بقذائف الهاون، واستخدمت الرشاشات الثقيلة في محاولة لإعاقة تقدم طلائع الجيش السوري. كان الرد قوياً على مصادر النيران، وبدأ الهجوم مباغتاً المجموعات المسلحة، ومن عدة محاور، وعبر عدة مجموعات، ليتقدم الجنود عبر الوديان المحيطة بالبلدة، وحقول القمح التي تحيط فيها، وتبدأ بالدخول إلى حريبل، من خلال عملية التفاف معقدة، جعلت الذهول يسيطر على المسلحين، حيث بدأوا بالفرار أمام قوة ضربات الجيش السوري.

مراسل "العهد" يحمل لوحة تدل على وجود "جبهة النصرة" في ريف حلب بعد دخوله مع الجيش السوري

الاشتباكات العنيفة التي دارت هناك، جعلت المسلحين كعصف مأكول، نظراً لكثافة القوة النارية التي استخدمها الجيش السوري، وكون البلدة تعتبر أحد أهم معاقل المسلحين وتحديداً "جبهة النصرة"، نظراً لموقعها المهم الذي يتوسط عدة قرى وبلدات مطلة على الطريق الدولي، وتعتبر صلة وصل نحو قرى الريف الشرقي، ليبدأ الجيش السوري بالسيطرة عليها. بعد سيطرة الجيش السوري على بلدة حريبل، لم تتمكن "جبهة النصرة" والمجموعات المسلحة الأخرى الصمود طويلاً في بلدات صكلاية والذهبية، ليدخلها الجيش السوري، ويبدأ في تنظيفها، وينتهي معها جزء مهم من ريف حلب الجنوبي.

سقوط بلدة حريبل كانت ضربة معنوية قاسية للمجموعات المسحلة في صكلاية والذهبية، وفتحت الطريق أمام الجيش السوري لتأمين عدة مناطق في محيطها، ليصل إلى موقع مجبل الزفت الذي يطل على مؤسسة الاسكان العسكري وبلدة تل العصافير الاستراتيجية، التي تتواجد فيها مجموعات كبيرة من "جبهة النصرة".

أما، الهدف التالي فكان فك الحصار عن معامل الاسمنت وثكنة التسليح وصولاً الى منطقة الراموسة. كشلال هادر استمر جنود الجيش السوري في تقدمهم نحو بلدة تل العصافير، متجاوزين كل المعوقات التي زرعها المسلحون في طريقهم، بعد أن فككت وحدات الهندسة في الجيش السوري العشرات من العبوات الناسفة، لتبدأ وحدات المشاة بتمشيط البلدة.

 

بزات عناصر "جبهة النصرة" بعد دخول الجيش السوري الى اماكن تواجدهم في ريف حلب

وبذلك، بدأ الوهن يسري في عناصر "جبهة النصرة" التي كانت متمركزة في معامل مؤسسة الاسكان، لتدخل طلائع الجنود المعامل، التي حولها المسلحون إلى موقع عسكري لهم، بعد أن لاذ بالفرار من بقي منهم على قيد الحياة، كونهم فقدوا كل طرق الإمداد وحتى قدرتهم على المناورة واستمرار خطة الكر والفر التي كانوا يستخدمونها، مخلفين وراءهم عتادهم. كما بقيت الجدران محتفظة بالشعارات التي كتبوها، وحتى البذات العسكرية،التي تحمل شعار تلك المجموعات، والأعلام والشعارات التي كانت تشير إلى أن "جبهة النصرة" هي التي كانت تتمترس في هذا المكان.

وقد تمكن الجيش السوري من فك الحصار عن معمل الاسمنت، وبدأ الجنود بتوسيع رقعة التأمين لمحيط معامل الاسمنت ومؤسسة الاسكان، وصولاً إلى ثكنة التسليح، التي كان المسلحون يحاصرون اطرافها، بالتزامن مع استمرار تقدم وحدات الجيش السوري نحو منطقة الراموسة، ليشرعوا في تطهر الطريق الدولي الذي يصل الراموسة بطريق حلب دمشق، عند ما يسمى النقطة صفر، والذي يلتف حول حي الحمدانية حيث أكاديمية الأسد للهندسة العسكرية، ومنه إلى طريق حلب - الرقة الدولي قرب مطار حلب. وبذلك يستطيع الجيش أن يؤمن هذه النقطة الاستراتيجية من الطريق التي كانت مركز تجمع للمسلحين، ومنفذاً لتسللهم إلى حي الحمدانية. ومن شأن ذلك وضع حد لعمليات الكر والفر، التي تحدث في حي العامرية الملاصق لمنطقة الراموسة، وكذلك تصبح مناطق المرجة والشيخ سعيد وجسر الحج، والتي تعتبر معقلاً رئيسياً للمسحلين، تحت مرمى نيران الجيش السوري.

 

 

الجيش السوري يقضي على عناصر "جبهة النصرة" في ريف حلب الجنوبي

وهذا التقدم الإستراتيجي الجديد، يأتي بالتزامن مع فك الحصار عن معسكري وادي الضيف والحامدية الاستراتيجيين في معرة النعمان بإدلب، المجاورة لطريق حلب دمشق، وتأمين الطريق الذي يصل المعرة بخان شيخون، بعد أن حقق نصراً كبيراً شرق حلب بتأمين الطريق الصحراوي، الذي يصل السلمية في حماة بمطار حلب الدولي، ما مهد لتأمين معامل الدفاع ومركز البحوث العملية بالإضافة إلى مطار حلب الدولي ومطار النيرب العسكري، ما يعطي زخماً للجيش السوري الذي استطاع تأمين طرق امداد من المطار، وفتح شريان جديد لنقل عتاد أخرى، مستفيدين من المساحات الجغرافية.

 

 

  • فريق ماسة
  • 2013-05-12
  • 10171
  • من الأرشيف

حلب ومعركة الفصل الثانية ٢

حسمت قيادة العملية العسكرية السورية أمرها، بعد انتهاء المرحلة الأولى من تطهير الريف الجنوبي لمحافظة حلب، وبدأت بالاستعداد للتقدم نحو البلدات المتبقية في جنوب مدينة حلب، والتي تعتبر معقل المسلحين ومركز ثقلهم. في تل حريبل بدأت القوات بالتمركز، وانصرف الجنود إلى استكمال استعداداتهم للمعركة القادمة. المعنويات عالية والإحساس بالمسؤولية يغمر الجنود. كما أن عنصر المباغتة السلاح الاقوى بيد قيادة العملية. وعمل قادة القوات على تقسيم قواتهم حسب تكتيك عسكري جديد، إلى ثلاثة أقسام، لتتعامل كل مجموعة مع اهدافها بمعزل عن الأخرى، وانطلق الجنود في تمام استعداداتهم للنزول من التل إلى بلدة حريبل. لم ترتفع الشمس كثيراً في السماء، حتى بدأت المجموعات المسلحة بقصف مكان تجمع القوات المتقدمة بقذائف الهاون، واستخدمت الرشاشات الثقيلة في محاولة لإعاقة تقدم طلائع الجيش السوري. كان الرد قوياً على مصادر النيران، وبدأ الهجوم مباغتاً المجموعات المسلحة، ومن عدة محاور، وعبر عدة مجموعات، ليتقدم الجنود عبر الوديان المحيطة بالبلدة، وحقول القمح التي تحيط فيها، وتبدأ بالدخول إلى حريبل، من خلال عملية التفاف معقدة، جعلت الذهول يسيطر على المسلحين، حيث بدأوا بالفرار أمام قوة ضربات الجيش السوري. مراسل "العهد" يحمل لوحة تدل على وجود "جبهة النصرة" في ريف حلب بعد دخوله مع الجيش السوري الاشتباكات العنيفة التي دارت هناك، جعلت المسلحين كعصف مأكول، نظراً لكثافة القوة النارية التي استخدمها الجيش السوري، وكون البلدة تعتبر أحد أهم معاقل المسلحين وتحديداً "جبهة النصرة"، نظراً لموقعها المهم الذي يتوسط عدة قرى وبلدات مطلة على الطريق الدولي، وتعتبر صلة وصل نحو قرى الريف الشرقي، ليبدأ الجيش السوري بالسيطرة عليها. بعد سيطرة الجيش السوري على بلدة حريبل، لم تتمكن "جبهة النصرة" والمجموعات المسلحة الأخرى الصمود طويلاً في بلدات صكلاية والذهبية، ليدخلها الجيش السوري، ويبدأ في تنظيفها، وينتهي معها جزء مهم من ريف حلب الجنوبي. سقوط بلدة حريبل كانت ضربة معنوية قاسية للمجموعات المسحلة في صكلاية والذهبية، وفتحت الطريق أمام الجيش السوري لتأمين عدة مناطق في محيطها، ليصل إلى موقع مجبل الزفت الذي يطل على مؤسسة الاسكان العسكري وبلدة تل العصافير الاستراتيجية، التي تتواجد فيها مجموعات كبيرة من "جبهة النصرة". أما، الهدف التالي فكان فك الحصار عن معامل الاسمنت وثكنة التسليح وصولاً الى منطقة الراموسة. كشلال هادر استمر جنود الجيش السوري في تقدمهم نحو بلدة تل العصافير، متجاوزين كل المعوقات التي زرعها المسلحون في طريقهم، بعد أن فككت وحدات الهندسة في الجيش السوري العشرات من العبوات الناسفة، لتبدأ وحدات المشاة بتمشيط البلدة.   بزات عناصر "جبهة النصرة" بعد دخول الجيش السوري الى اماكن تواجدهم في ريف حلب وبذلك، بدأ الوهن يسري في عناصر "جبهة النصرة" التي كانت متمركزة في معامل مؤسسة الاسكان، لتدخل طلائع الجنود المعامل، التي حولها المسلحون إلى موقع عسكري لهم، بعد أن لاذ بالفرار من بقي منهم على قيد الحياة، كونهم فقدوا كل طرق الإمداد وحتى قدرتهم على المناورة واستمرار خطة الكر والفر التي كانوا يستخدمونها، مخلفين وراءهم عتادهم. كما بقيت الجدران محتفظة بالشعارات التي كتبوها، وحتى البذات العسكرية،التي تحمل شعار تلك المجموعات، والأعلام والشعارات التي كانت تشير إلى أن "جبهة النصرة" هي التي كانت تتمترس في هذا المكان. وقد تمكن الجيش السوري من فك الحصار عن معمل الاسمنت، وبدأ الجنود بتوسيع رقعة التأمين لمحيط معامل الاسمنت ومؤسسة الاسكان، وصولاً إلى ثكنة التسليح، التي كان المسلحون يحاصرون اطرافها، بالتزامن مع استمرار تقدم وحدات الجيش السوري نحو منطقة الراموسة، ليشرعوا في تطهر الطريق الدولي الذي يصل الراموسة بطريق حلب دمشق، عند ما يسمى النقطة صفر، والذي يلتف حول حي الحمدانية حيث أكاديمية الأسد للهندسة العسكرية، ومنه إلى طريق حلب - الرقة الدولي قرب مطار حلب. وبذلك يستطيع الجيش أن يؤمن هذه النقطة الاستراتيجية من الطريق التي كانت مركز تجمع للمسلحين، ومنفذاً لتسللهم إلى حي الحمدانية. ومن شأن ذلك وضع حد لعمليات الكر والفر، التي تحدث في حي العامرية الملاصق لمنطقة الراموسة، وكذلك تصبح مناطق المرجة والشيخ سعيد وجسر الحج، والتي تعتبر معقلاً رئيسياً للمسحلين، تحت مرمى نيران الجيش السوري.     الجيش السوري يقضي على عناصر "جبهة النصرة" في ريف حلب الجنوبي وهذا التقدم الإستراتيجي الجديد، يأتي بالتزامن مع فك الحصار عن معسكري وادي الضيف والحامدية الاستراتيجيين في معرة النعمان بإدلب، المجاورة لطريق حلب دمشق، وتأمين الطريق الذي يصل المعرة بخان شيخون، بعد أن حقق نصراً كبيراً شرق حلب بتأمين الطريق الصحراوي، الذي يصل السلمية في حماة بمطار حلب الدولي، ما مهد لتأمين معامل الدفاع ومركز البحوث العملية بالإضافة إلى مطار حلب الدولي ومطار النيرب العسكري، ما يعطي زخماً للجيش السوري الذي استطاع تأمين طرق امداد من المطار، وفتح شريان جديد لنقل عتاد أخرى، مستفيدين من المساحات الجغرافية.    

المصدر : العهد \حسين مرتضى


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة