مرةً، سرّبت صحافيّة تعمل في bbc الى أحد أصدقائها ما قاله لها وقتها وزير الخارجية السعودي، سعود الفيصل، لدى سؤاله عمّا إذا كانت نسائم الربيع العربي ستطال بلاده، فأجابها: «نعم سيكون. لكن لن يغطّيه أحد». قصة يرويها الكاتب السعودي فؤاد ابراهيم للدلالة على حجم كتم الأصوات الشعبية المطالبة بالحرية والديموقراطية في مناطق عدة في المملكة.

ومن هذا المنطلق، ومن دون ضجيج ولا ترويج مخافة «وأد التجربة قبل ولادتها»، وتزامناً مع «يوم حرية الصحافة العالمي»، انطلق أمس البث التجريبي لقناة «نبأ» الفضائية (11357 عمودي اتجاه «نايل سات») التي سيديرها ابراهيم من العاصمة اللبنانية بعدما تأسس لها مكتب رديف في العاصمة البريطانية. لماذا بيروت؟ يجيب الكاتب السعودي بأنّ هذه المدينة لا تزال تشكل «عاصمة الحرية العربية، رغم مرورها بعواصف الحروب والانقسامات، وبسبب وفرة الأيدي العاملة في المجال الإعلامي». ستشكّل «نبأ» صوت المعارضة السعودية بتلوناتها المذهبية والثقافية والسياسية خلافاً لما يُشاع بأنّها من طيف مذهبي واحد، وتحديداً الشيعة كما يقول ابراهيم. ستطل المحطة على هموم جيرانها من بلدان الخليج العربي الذين تتقاسم معهم المعاناة ذاتها. وفي الأهداف، ستحاول خرق منظومة إعلامية متكاملة تسبح في فلك الإمبراطورية السعودية وكسر هذه الأحادية في الخطاب الإعلامي الفضائي الذي يصفه ابراهيم «بالمسخ» و«المشوه»، فظاهره قشرة ديموقراطية وجوهره ترويج للحكومات المالكة لهذه القنوات.

طبعاً، تشكّل هذه الخطوة مغامرة «ضد من يحتكرون الفضاء ويغيّبون رغبات وتطلعات الشعوب». ستستعين القناة بناشطين سعوديين باتوا مواطنين صحافيين في الداخل للمساعدة في نقل الحراك الشعبي «لمن يريد أن يفهم المنطقة على حقيقتها»، من دون المخاطرة في وقوعهم في أيدي السلطة القامعة عبر تجنبهم استخدام الكاميرات، بما أنّ هذه الآلة كانت المستهدف الأول في التحركات السابقة التي انتهت بشكل دموي. وليس تاريخ 11 آذار (مارس) عام 2011 يوم أعلن انتهاء «الربيع السعودي» وفرض حظر التجوال وقمع الحراك الشعبي واختفاء كاميرات كبريات وسائل الإعلام الأجنبي إلا دليل على صعوبة السير في الحق بالتعبير. وقتها، طُمس عدد شهداء هذا الحراك الذي تجاوز 16 ناشطاً، وسط صمت الجمعيات المعنية، بالإضافة الى وجود آلاف المعتقلين في أقبية السجون السعودية.

يؤكد ابراهيم أنّ «نبأ» ستكون «المرآة الأمينة لكل الحراك الفكري والثقافي والسياسي السعودي» وستشرك وجهة نظر الطبقة الحاكمة عبر إفساح المجال للرأي الآخر عملاً بأحكام القانون الملزم للتوازن في التغطية. ولو رفضت هذه الطبقة الظهور على شاشتها وتبادل النقاشات مع المعارضة، فلن يفرض ذلك على القناة إقامة تسويات أو مساومات سياسية لتحقيق ذلك. والتركيز الأساس سيكون على هموم الشعوب التي غيِّبت لصالح «الحكومات التي احتكرت الفضاء الإعلامي لسنوات. «حان الوقت لهذه الشعوب بأن تحظى بحضورها على هذه الساحة» يقول ابراهيم.

سقف الخطاب سيكون بقدر وعي الشعوب من دون فرض أجندة معينة، بل سيكون همّ المحطة نقل نبض الشارع وتوجهاته. وبالنسبة الى التمويل، ينفي ابراهيم أن تكون الجهة الممولة إيرانية بما أنها تقع في المعسكر المناهض للسعودية، مذكّراً بالسنوات الخوالي حين كانت المعارضة السعودية على تعارض مع الحكومة الإيرانية، مؤكداً أنّ التمويل كان جزءاً من المعوقات التي حالت دون انطلاق القناة قبل 6 سنوات. اليوم، يسهم «أفراد من الشعب» كما يحب أن يصفهم بهذا الضخ المالي لحجز مساحة على هذه الخريطة الإعلامية، مع استعداد القائمين على هذا المنبر لاحتمال محاصرتهم على صعيد الفضاء والتشويش المحتمل. اللافت في البرمجة هو الخروج مما يسمّى «المحرمات» كتخصيص برنامج «بدون محرم» الذي يحكي شؤون المرأة السعودية من قيادتها للسيارة، إلى وصولها الى الحكم مع تنويع في السياسة والدين الذي سيرتكز على الخطاب الوحدوي والتقريب بين المذاهب، علماً بأنّ كل طاقم المحطة النسائي هو من المحجّبات. بعد جولة على مقرّ القناة الذي يتألّف من طبقتين واستديو كبير على طريق المطار، يعد فؤاد ابراهيم بأنّ «نبأ» «ستشاغب كثيراً في الفضاء العربي، لكن مع حذر شديد أيضاً».

 

  • فريق ماسة
  • 2013-05-03
  • 4419
  • من الأرشيف

«نبأ» قناة سعودية «تشاغب كثيراً» في بيروت

مرةً، سرّبت صحافيّة تعمل في bbc الى أحد أصدقائها ما قاله لها وقتها وزير الخارجية السعودي، سعود الفيصل، لدى سؤاله عمّا إذا كانت نسائم الربيع العربي ستطال بلاده، فأجابها: «نعم سيكون. لكن لن يغطّيه أحد». قصة يرويها الكاتب السعودي فؤاد ابراهيم للدلالة على حجم كتم الأصوات الشعبية المطالبة بالحرية والديموقراطية في مناطق عدة في المملكة. ومن هذا المنطلق، ومن دون ضجيج ولا ترويج مخافة «وأد التجربة قبل ولادتها»، وتزامناً مع «يوم حرية الصحافة العالمي»، انطلق أمس البث التجريبي لقناة «نبأ» الفضائية (11357 عمودي اتجاه «نايل سات») التي سيديرها ابراهيم من العاصمة اللبنانية بعدما تأسس لها مكتب رديف في العاصمة البريطانية. لماذا بيروت؟ يجيب الكاتب السعودي بأنّ هذه المدينة لا تزال تشكل «عاصمة الحرية العربية، رغم مرورها بعواصف الحروب والانقسامات، وبسبب وفرة الأيدي العاملة في المجال الإعلامي». ستشكّل «نبأ» صوت المعارضة السعودية بتلوناتها المذهبية والثقافية والسياسية خلافاً لما يُشاع بأنّها من طيف مذهبي واحد، وتحديداً الشيعة كما يقول ابراهيم. ستطل المحطة على هموم جيرانها من بلدان الخليج العربي الذين تتقاسم معهم المعاناة ذاتها. وفي الأهداف، ستحاول خرق منظومة إعلامية متكاملة تسبح في فلك الإمبراطورية السعودية وكسر هذه الأحادية في الخطاب الإعلامي الفضائي الذي يصفه ابراهيم «بالمسخ» و«المشوه»، فظاهره قشرة ديموقراطية وجوهره ترويج للحكومات المالكة لهذه القنوات. طبعاً، تشكّل هذه الخطوة مغامرة «ضد من يحتكرون الفضاء ويغيّبون رغبات وتطلعات الشعوب». ستستعين القناة بناشطين سعوديين باتوا مواطنين صحافيين في الداخل للمساعدة في نقل الحراك الشعبي «لمن يريد أن يفهم المنطقة على حقيقتها»، من دون المخاطرة في وقوعهم في أيدي السلطة القامعة عبر تجنبهم استخدام الكاميرات، بما أنّ هذه الآلة كانت المستهدف الأول في التحركات السابقة التي انتهت بشكل دموي. وليس تاريخ 11 آذار (مارس) عام 2011 يوم أعلن انتهاء «الربيع السعودي» وفرض حظر التجوال وقمع الحراك الشعبي واختفاء كاميرات كبريات وسائل الإعلام الأجنبي إلا دليل على صعوبة السير في الحق بالتعبير. وقتها، طُمس عدد شهداء هذا الحراك الذي تجاوز 16 ناشطاً، وسط صمت الجمعيات المعنية، بالإضافة الى وجود آلاف المعتقلين في أقبية السجون السعودية. يؤكد ابراهيم أنّ «نبأ» ستكون «المرآة الأمينة لكل الحراك الفكري والثقافي والسياسي السعودي» وستشرك وجهة نظر الطبقة الحاكمة عبر إفساح المجال للرأي الآخر عملاً بأحكام القانون الملزم للتوازن في التغطية. ولو رفضت هذه الطبقة الظهور على شاشتها وتبادل النقاشات مع المعارضة، فلن يفرض ذلك على القناة إقامة تسويات أو مساومات سياسية لتحقيق ذلك. والتركيز الأساس سيكون على هموم الشعوب التي غيِّبت لصالح «الحكومات التي احتكرت الفضاء الإعلامي لسنوات. «حان الوقت لهذه الشعوب بأن تحظى بحضورها على هذه الساحة» يقول ابراهيم. سقف الخطاب سيكون بقدر وعي الشعوب من دون فرض أجندة معينة، بل سيكون همّ المحطة نقل نبض الشارع وتوجهاته. وبالنسبة الى التمويل، ينفي ابراهيم أن تكون الجهة الممولة إيرانية بما أنها تقع في المعسكر المناهض للسعودية، مذكّراً بالسنوات الخوالي حين كانت المعارضة السعودية على تعارض مع الحكومة الإيرانية، مؤكداً أنّ التمويل كان جزءاً من المعوقات التي حالت دون انطلاق القناة قبل 6 سنوات. اليوم، يسهم «أفراد من الشعب» كما يحب أن يصفهم بهذا الضخ المالي لحجز مساحة على هذه الخريطة الإعلامية، مع استعداد القائمين على هذا المنبر لاحتمال محاصرتهم على صعيد الفضاء والتشويش المحتمل. اللافت في البرمجة هو الخروج مما يسمّى «المحرمات» كتخصيص برنامج «بدون محرم» الذي يحكي شؤون المرأة السعودية من قيادتها للسيارة، إلى وصولها الى الحكم مع تنويع في السياسة والدين الذي سيرتكز على الخطاب الوحدوي والتقريب بين المذاهب، علماً بأنّ كل طاقم المحطة النسائي هو من المحجّبات. بعد جولة على مقرّ القناة الذي يتألّف من طبقتين واستديو كبير على طريق المطار، يعد فؤاد ابراهيم بأنّ «نبأ» «ستشاغب كثيراً في الفضاء العربي، لكن مع حذر شديد أيضاً».  

المصدر : الماسة السورية


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة