دليل ماسة
أكثر الروابط استخداما
استيقظت دمشق على صوت تفجير بالقرب من مؤسسة الإتصالات خلف اوستراد المزة. وبعد أن جلى الغبار تبين أن الانفجار كان يستهدف موكب رئيس الوزراء السوري وائل الحلقي، وهو في طريقه إلى مكتبه، ما أسفر عن استشهاد وجرح عدد من المدنيين بالإضافة إلى مرافقي رئيس الوزراء السوري.
ربما يكون الانفجار أصبح عاديا في ظل ما تمر به سورية من أحداث، لكن هذه المرة التفجير فيه دقة واحتراف أكثر، حيث كان الطابع الاستخباراتي هو الغالب عليه. لا يحتاج أي مراقب للأحداث والمتابع للتفجيرات التي وقعت في قلب العاصمة السورية دمشق، ليعرف أن هذا النوع من التفجيرات يحتاج إلى قدرات وإمكانات كبيرة، لا تشمل تأمينها المادي فقط، وإنما أيضا لجهة المعلومات الدقيقة والأجهزة الحديثة، والتغلب على الإجراءات المتخذة، مما يتطلب توفير استعدادات عالية في التجهيز والتنفيذ.
إن دقة التنفيذ والمكان الذي تم فيه التفجير، بالإضافة الى الشخصية التي تم استهدافها، له دلالات من الناحية الأمنية، أي أنه كان هناك أكثر من فريق يعمل من أجل تنفيذ هذه العملية. فريق يرصد المكان، وآخر ركن السيارة ووضعها في المكان المطلوب، على زواية الشارع، حيث يضطر الموكب لتخفيف سرعته، كي يلتف نحو الاوستراد العام، والتي تعتبر في العلم العسكري نقطة مقتل وكمين، والجهة التي قامت بتنفيذ العملية وربما التفجير عن بعد ـ وهنا يأتي الواقع ليقول، أنه وبحسب طبيعة الانفجار، لا يمكن لمجموعة عادية ان تقوم بهذا التفجير، ومثل هذه الأنواع من التفجيرات تقف وراءها أجهزة لها خبرة وتجربة طويلة في مثل هكذا عمليات، ما يعني ان دولاً تشارك وربما تشرف. والتفجير الأخير، شبيه بالتفجير الذي استهدف الضباط القادة الذي استشهدوا قبل عام من ناحية دلالاته السياسية، وكذلك قبل عدة أشهر نجى احد القادة الامنيين من تفجير مماثل استهدف موكبه عندما مرّ على اوستراد المزة، وحينها تبين ان التفجير تم عن بعد، وكان تفجيراً موجها ويدل على دقة المعلومة وطبيعة الانفجار ونوعه.
وهنا يطرح أكثر من سؤال عن الدورالذي تقوم به أجهزة المخابرات بتزويد المنفذين بالمعلومات وحتى أحيانا بصور الاقمار الاصطناعية، واذا ما ربطنا هذه التفجيرات ودقتها بما تم الكشف عنه مؤخراً عن أجهزة رصد واتصالات وكاميرات كان قد زرعها كيان الاحتلال الاسرائيلي على أحد الشواطىء السورية وقدرتها على تزويد غرفة العمليات بالأصوات والصور والتحركات، كذلك قبل ايام عندما تم استهداف منطاد فوق إدلب كان بداخله أجهزة اتصالات امريكية الصنع حيث كانت تزود المسلحين بتحركات الجيش السوري اثناء عملياته. وهذا ما أكدته صحيفة "ايدنلك" التركية الصادرة في 27 آذار، بأن فرق المخابرات المركزية الأمريكية و"الموساد" الاسرائيلي تقف وراء التفجيرات الأخيرة في دمشق.
وهذا التفجير والاستهداف في هذا الوقت بالذات، له دلالات من الناحيتين السياسية والعسكرية. من الناحية السياسية، كانت هناك محاولة لإعادة خلط الأوراق في ظل الحراك في السياسي في المنطقة وزيارة المبعوث الروسي وإعادة تفعيل المبادرة الرباعية التي طرحتها ايران من أجل حل سياسي للحرب في سوريا.
أما عسكرياً ، فياتي بعد الانجازات الاستراتيجية التي يحققها الجيش السوري على الأرض، وبالذات في منطقة القصير التي فصل الحدود اللبنانية عن منطقة القصير، ونجاح الطوق الأمني في منطقة ريف دمشق الذي ادى إلى قطع شريان امداد المسلحين القادم عبر الصحراء السورية نحو مناطق ريف دمشق والمحافظات الوسطى، وجعل الدول التي تقف وراء المجموعات المسلحة تشعر بالارتباك، وانهيارِ للمعنويات، ما يدفعها إلى القيام بتلك التفجيرات، لرفع معنويات عناصرها المنهارة، والتي بدأت بتسليم نفهسا وسلاحها إلى الجيش السوري في مناطق عدة.
المصدر :
العهد \ حسين مرتضى
اكتب تعليق
كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة