يقول ديبلوماسي لبناني مخضرم، استناداً إلى ما سمعه من أكثر من موفد دولي، إن الإسرائيليين يضغطون، بعنوان الأسلحة الكيميائية، لفتح معركة دمشق وصولاً إلى تدمير ما تبقى من معالم الدولة السورية،

ويشير إلى أن الأميركيين لم يتوقعوا هذا الحد من الانغماس الروسي في الشرق الأوسط، وقد استفزتهم كثيراً زيارة الرئيس المصري محمد مرسي إلى روسيا وما تخللها من تقديم إغراءات مصرية بالجملة والمفرق للقيادة الروسية، وصلت حد استعداد مصر القبول ببناء مفاعلات نووية لأغراض سلمية في مصر، بما يؤسس لما أسماه المصريون «شراكة إستراتيجية مع روسيا»، لا بل إن الأمر بلغ حد مطالبة الرئيس المصري لنظيره الروسي فلاديمير بوتين بانضمام مصر إلى منظومة دول «البريكس».

ويضيف الديبلوماسي نفسه «إن السؤال المطروح، ما هو الموقف الأميركي من هذا الانفتاح المصري على روسيا، وهل سترد واشنطن على القيادة المصرية بقطع المساعدات الاميركية المخصصة لمصر، لا سيما شحنات القمح والسلاح والذخيرة، وفي هذه الحالة، كيف سيتصرف المصريون الذين يمارسون براغماتية في علاقاتهم الدولية ولكن ليس معروفاً ضمن أي سياق إستراتيجي؟».

ويتابع «لا احد يمكنه التكهن بالرد الروسي على ما طرحه مرسي، هل تذهب موسكو بعيداً في خياراتها المصرية بإقراض المصريين مليارات الدولارات وتوقيع اتفاقيات تشمل استيراد القمح الروسي وبناء مفاعلات نووية لأغراض سلمية والتعاون في المجالات النفطية والغازية»؟ ويضيف «نحن الآن في مرحلة خلط أوراق في الشرق الاوسط، فهل تستطيع واشنطن إعادة تنظيم اوراقها من جديد، وهل هناك انكفاء للدور التركي بعد الانعطافة المصرية باتجاه روسيا وإبرام تفاهمات عدة مع إيران؟».يتوقف الديبلوماسي المخضرم عند اول رد اميركي على زيارة مرسي الى موسكو المتمثل في إعلان وزير الدفاع الاميركي تشاك هيغل بأن بلاده «ستزيد المساعدات العسكرية لإسرائيل وستطور تعاونها الإستراتيجي معها»، ويرى «ان الاميركيين امام ثلاثة خيارات في التعامل مع الحكم المصري «الإخواني»: إما يبقون الوضع على حاله، او ينكفئون ويتفاوضون مع الروس، او يتورطون اكثر، فإذا انكفأوا يعني انهم سيتفاوضون مع الروس ويمارسون ضغوطاً على مصر عبر وسائل اقتصادية، والمثال القبرصي خير دليل، إذ عندما تعاونت قبرص مع روسيا وانزعج الاميركيون من ذلك، انهارت قبرص مالياً واقتصادياً، فالمشكلة هي عند الرئيس محمد مرسي، الى اين يذهب وإلى أي حد سيصل وكيف سيرد الروس على ما عرضه وكيف سيتعامل الأميركيون وما هو دور الأزمة السورية، هل سيسرعون معركة دمشق او سيعمدون الى الانكفاء او إبقاء الوضع على حاله؟ ثمة مؤشرات تقول إن الأميركيين سيؤخّرون معركة دمشق».

ويشير الديبلوماسي نفسه الى أن «حركة مرسي في المنطقة ستؤدي إلى جمود على كل المسارات، لا سيما السوري واللبناني، لأن هذه الحركة المصرية باتجاه روسيا والشرق، مثل باكستان والهند والصين وإيران، تحاول إعطاء إشارات إلى استعداد مصر للخروج من تحت العباءة الأميركية، وبالتالي علينا في الأسابيع والأشهر المقبلة أن نراقب التعامل الأميركي مع الحركة المصرية من جهة وطريقة تلقف الروس للانفتاح المصري من جهة أخرى، علماً أن موسكو تحتاج إلى ما يشبه «الكفارة» في دغدغة مصالح أنظمة الربيع العربي «الإخوانية» في شمال أفريقيا، في ظل دعمها النظام في سوريا  بمواجهة «الإخوان» و«النصرة» و«القاعدة» وغيرهم».

ويعتبر الديبلوماسي نفسه «أن الجميع سيكون في حالة ترقب وانتظار في الشهرين المقبلين، والأجوبة ستأتي من نافذتين، الأولى، إيرانية مصرية، والثانية، روسية أميركية، من دون إغفال النافذة الإيرانية ـ الأميركية».

ويشير إلى أن ثمة تحشيدا يجري في كل ساحات المنطقة من إيران إلى مصر، مروراً بالعراق وسوريا ولبنان وفلسطين والأردن، هناك من يريد التعجيل في معركة دمشق ويسلح المعارضة السورية ويورط الأردن مباشرة في الحرب السورية ويزيد المشهد العراقي تعقيداً، والثابت، في هذا المشهد الإقليمي أن هناك حيرة أميركية».

ويختم: «هل يصعّد الأميركيون وحلفاؤهم ويتقدمون خطوة للأمام، ام يعمدون الى التروي والتمهل، ام يتراجعون خطوة الى الوراء عبر إعطاء فرص للحلول والتسويات؟ على هذه الخيارات الأميركية، يتوقف مصير استحقاقات لبنانية وسورية، وبينها تشكيل الحكومة الجديدة وولادة قانون انتخابي جديد، من دون إغفال حجم الضغوط التي يتعرض لها وليد جنبلاط من هذا الطرف أو ذاك، إقليمياً ومحلياً».

  • فريق ماسة
  • 2013-04-28
  • 8017
  • من الأرشيف

القاهرة "تغري" موسكو.. وواشنطن مربكة

يقول ديبلوماسي لبناني مخضرم، استناداً إلى ما سمعه من أكثر من موفد دولي، إن الإسرائيليين يضغطون، بعنوان الأسلحة الكيميائية، لفتح معركة دمشق وصولاً إلى تدمير ما تبقى من معالم الدولة السورية، ويشير إلى أن الأميركيين لم يتوقعوا هذا الحد من الانغماس الروسي في الشرق الأوسط، وقد استفزتهم كثيراً زيارة الرئيس المصري محمد مرسي إلى روسيا وما تخللها من تقديم إغراءات مصرية بالجملة والمفرق للقيادة الروسية، وصلت حد استعداد مصر القبول ببناء مفاعلات نووية لأغراض سلمية في مصر، بما يؤسس لما أسماه المصريون «شراكة إستراتيجية مع روسيا»، لا بل إن الأمر بلغ حد مطالبة الرئيس المصري لنظيره الروسي فلاديمير بوتين بانضمام مصر إلى منظومة دول «البريكس». ويضيف الديبلوماسي نفسه «إن السؤال المطروح، ما هو الموقف الأميركي من هذا الانفتاح المصري على روسيا، وهل سترد واشنطن على القيادة المصرية بقطع المساعدات الاميركية المخصصة لمصر، لا سيما شحنات القمح والسلاح والذخيرة، وفي هذه الحالة، كيف سيتصرف المصريون الذين يمارسون براغماتية في علاقاتهم الدولية ولكن ليس معروفاً ضمن أي سياق إستراتيجي؟». ويتابع «لا احد يمكنه التكهن بالرد الروسي على ما طرحه مرسي، هل تذهب موسكو بعيداً في خياراتها المصرية بإقراض المصريين مليارات الدولارات وتوقيع اتفاقيات تشمل استيراد القمح الروسي وبناء مفاعلات نووية لأغراض سلمية والتعاون في المجالات النفطية والغازية»؟ ويضيف «نحن الآن في مرحلة خلط أوراق في الشرق الاوسط، فهل تستطيع واشنطن إعادة تنظيم اوراقها من جديد، وهل هناك انكفاء للدور التركي بعد الانعطافة المصرية باتجاه روسيا وإبرام تفاهمات عدة مع إيران؟».يتوقف الديبلوماسي المخضرم عند اول رد اميركي على زيارة مرسي الى موسكو المتمثل في إعلان وزير الدفاع الاميركي تشاك هيغل بأن بلاده «ستزيد المساعدات العسكرية لإسرائيل وستطور تعاونها الإستراتيجي معها»، ويرى «ان الاميركيين امام ثلاثة خيارات في التعامل مع الحكم المصري «الإخواني»: إما يبقون الوضع على حاله، او ينكفئون ويتفاوضون مع الروس، او يتورطون اكثر، فإذا انكفأوا يعني انهم سيتفاوضون مع الروس ويمارسون ضغوطاً على مصر عبر وسائل اقتصادية، والمثال القبرصي خير دليل، إذ عندما تعاونت قبرص مع روسيا وانزعج الاميركيون من ذلك، انهارت قبرص مالياً واقتصادياً، فالمشكلة هي عند الرئيس محمد مرسي، الى اين يذهب وإلى أي حد سيصل وكيف سيرد الروس على ما عرضه وكيف سيتعامل الأميركيون وما هو دور الأزمة السورية، هل سيسرعون معركة دمشق او سيعمدون الى الانكفاء او إبقاء الوضع على حاله؟ ثمة مؤشرات تقول إن الأميركيين سيؤخّرون معركة دمشق». ويشير الديبلوماسي نفسه الى أن «حركة مرسي في المنطقة ستؤدي إلى جمود على كل المسارات، لا سيما السوري واللبناني، لأن هذه الحركة المصرية باتجاه روسيا والشرق، مثل باكستان والهند والصين وإيران، تحاول إعطاء إشارات إلى استعداد مصر للخروج من تحت العباءة الأميركية، وبالتالي علينا في الأسابيع والأشهر المقبلة أن نراقب التعامل الأميركي مع الحركة المصرية من جهة وطريقة تلقف الروس للانفتاح المصري من جهة أخرى، علماً أن موسكو تحتاج إلى ما يشبه «الكفارة» في دغدغة مصالح أنظمة الربيع العربي «الإخوانية» في شمال أفريقيا، في ظل دعمها النظام في سوريا  بمواجهة «الإخوان» و«النصرة» و«القاعدة» وغيرهم». ويعتبر الديبلوماسي نفسه «أن الجميع سيكون في حالة ترقب وانتظار في الشهرين المقبلين، والأجوبة ستأتي من نافذتين، الأولى، إيرانية مصرية، والثانية، روسية أميركية، من دون إغفال النافذة الإيرانية ـ الأميركية». ويشير إلى أن ثمة تحشيدا يجري في كل ساحات المنطقة من إيران إلى مصر، مروراً بالعراق وسوريا ولبنان وفلسطين والأردن، هناك من يريد التعجيل في معركة دمشق ويسلح المعارضة السورية ويورط الأردن مباشرة في الحرب السورية ويزيد المشهد العراقي تعقيداً، والثابت، في هذا المشهد الإقليمي أن هناك حيرة أميركية». ويختم: «هل يصعّد الأميركيون وحلفاؤهم ويتقدمون خطوة للأمام، ام يعمدون الى التروي والتمهل، ام يتراجعون خطوة الى الوراء عبر إعطاء فرص للحلول والتسويات؟ على هذه الخيارات الأميركية، يتوقف مصير استحقاقات لبنانية وسورية، وبينها تشكيل الحكومة الجديدة وولادة قانون انتخابي جديد، من دون إغفال حجم الضغوط التي يتعرض لها وليد جنبلاط من هذا الطرف أو ذاك، إقليمياً ومحلياً».

المصدر : السفير \داود رمال


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة