حفل يوم أمس، الأربعاء، بثلاثة إعلانات سياسية، سوف تشكّل المشهد الأردني في المرحلة المقبلة. الأول، جاء على شكل مقال في يومية «الغد»، كشف فيه الصحافي المقرّب من دوائر الديوان الملكي، فهد الخيطان، المرافق للملك عبدالله الثاني في زيارته للولايات المتحدة الأميركية،عن تفاصيل الخطة التي يحملها الملك الأردني إلى الرئيس الأميركي بشأن الأزمة السورية. وهي تتكون من مرحلتين: تكوين إجماع دولي لإقناع الرئيس بشار الأسد بالتفاوض مع المعارضة من أجل الانتقال السلمي للسلطة، في مهلة حتى نهاية العام الحالي، فإذا لم يستجب، يتم العمل، في المرحلة التالية، على تدريب المعارضة السورية وتسليحها لحسم الأزمة عسكرياً، ولكن من دون دخول قوات أجنبية أو أردنية إلى سوريا. ويمكن النظر إلى هذه الخطة بوصفها انقلاباً سياسياً على الموقف الأردني التقليدي الداعي إلى حل سلمي بمشاركة جميع الأطراف؛ فالمطلوب الآن من الأسد تسليم السلطة، سلماً أو حرباً.

في الإعلان الثاني، حسم الإخوان المسلمون الأردنيون، الحمساويّو الولاء، بعد أسبوع من التردد، توجههم بالانضمام، علناً، إلى الحملة ضد سورية؛ ففي بيان لافت صدر الأربعاء عن حزبهم، حزب جبهة العمل الإسلامي، استنكروا «التهديدات التي عبّر عنها رأس النظام السوري للأردن، وأكدوا أن الأردن بجيشه وشعبه قادر على أن يدافع عن الأردن من كيد الكائدين وعدوان المعتدين، ....

وفي إشارة إلى حزب الله، أعلن الإخوان رفضهم «للتدخل العسكري الذي تمارسه بعض القوى اللبنانية (في سورية)، وطالبوا الحكومة اللبنانية بالاضطلاع بمسؤولياتها لوقف هذا التدخل، وأن تنسجم في مواقفها مع قرارات القمة العربية والجامعة العربية، وأن تتعظ من تجربة الحرب الأهلية التي دفع اللبنانيون فيها الثمن غاليا»ً. ولم يوفّر البيان الإخواني «الجيش العراقي المنطلق من منطلقات طائفية»، وطالبوا «بوضع حدّ لطغيان النظام الحاكم في العراق».

ويشير الإعلان الإخواني، ضمناً، إلى نيتهم خوض الصراع اللاحق من منظور التحشيد المذهبي ضد "الشيعة والعلويين". وهي الورقة الوحيدة التي يمكنهم اللعب بها في ظل الاتساع غير المسبوق في التيار الشعبي المساند لسوريا.

في الإعلان الثالث، أشهرت قوى وطنية وقومية ويسارية وشعبية في عمان، أمس، «اللقاء الوطني لحماية الأردن ومساندة سورية» الذي سيعقد مؤتمره التأسيسي الجماهيري في النصف الثاني من الشهر المقبل. وتحت عنوان «لن يكون الأردن معبراً للاعتداء على سورية، وتنفيذ مؤامرة الوطن البديل والكونفدرالية»، تلا رئيس اللجنة الوطنية للمتقاعدين العسكريين، العميد المتقاعد علي الحباشنة، في مؤتمر صحافي في عمان، بيان اللقاء الذي قدم تحليلاً موسعاً للوضع الداخلي وعلى الجبهتين السورية والفلسطينية، ولاحظ أن «محاولات توريط الأردن في العدوان على سورية إنما تأتي في سياق تفكيك الدولة الأردنية، وبصورة أساسية من خلال تدمير قدرات الجيش العربي الأردني بوضعه في مواجهة الجيش العربي السوري، تمهيداً لإعادة تركيب الدولة الأردنية على مقاس مؤامرة الكونفدرالية والوطن البديل، وخدمة للأهداف الاستعمارية في المنطقة والهيمنة على الوطن العربي». واختتم بدعوة الشعب والجيش الأردنيين إلى «التصدي لمؤامرة توريط الأردن في العدوان على سورية، ولمخططات الكونفدرالية التآمرية، وإلى كنس القوات الأجنبية المعتدية من بلادنا».

أخذت أطراف المعادلة الداخلية، إذاً، مواقعها؛ النظام ينسق مواقفه السورية على الإيقاع الأميركي، والإخوان المسلمون ـ وحلفاؤهم الليبراليون ودعاة التوطين والكونفدرالية، الذين وقّعوا رسالة شكر وتضامن مع الرياض والدوحة ـ يغازلون النظام ويندفعون نحو تصعيد مواقفه ضد سوريا الأسد، وفي الجانب الآخر، جبهة واسعة تشمل البيروقراطية المدنية والعسكرية، والقوى الوطنية، والعشائرية، والقومية واليسارية، تستعد لخوض الصراع من موقع صريح في مساندة الدولة السورية ضد المؤامرة والتدخل الأجنبي.

ميزان القوى الداخلي، الغائب حتى الآن عن وعي مطبخ القرار، سوف يصدم قريباً، عندما يتضح حجم وقوة وفعالية التحالف بين الدولة الأردنية العميقة والحراك الشعبي والتيارات التقدمية، في مقابل تحالف النظام مع قوى متصارعة في ما بينها، من الإسلاميين والليبراليين.

  • فريق ماسة
  • 2013-04-24
  • 9938
  • من الأرشيف

الخطة الأردنية تجاه سورية بعد زيارة واشنطن : ارحل سلماً أو حرباً

حفل يوم أمس، الأربعاء، بثلاثة إعلانات سياسية، سوف تشكّل المشهد الأردني في المرحلة المقبلة. الأول، جاء على شكل مقال في يومية «الغد»، كشف فيه الصحافي المقرّب من دوائر الديوان الملكي، فهد الخيطان، المرافق للملك عبدالله الثاني في زيارته للولايات المتحدة الأميركية،عن تفاصيل الخطة التي يحملها الملك الأردني إلى الرئيس الأميركي بشأن الأزمة السورية. وهي تتكون من مرحلتين: تكوين إجماع دولي لإقناع الرئيس بشار الأسد بالتفاوض مع المعارضة من أجل الانتقال السلمي للسلطة، في مهلة حتى نهاية العام الحالي، فإذا لم يستجب، يتم العمل، في المرحلة التالية، على تدريب المعارضة السورية وتسليحها لحسم الأزمة عسكرياً، ولكن من دون دخول قوات أجنبية أو أردنية إلى سوريا. ويمكن النظر إلى هذه الخطة بوصفها انقلاباً سياسياً على الموقف الأردني التقليدي الداعي إلى حل سلمي بمشاركة جميع الأطراف؛ فالمطلوب الآن من الأسد تسليم السلطة، سلماً أو حرباً. في الإعلان الثاني، حسم الإخوان المسلمون الأردنيون، الحمساويّو الولاء، بعد أسبوع من التردد، توجههم بالانضمام، علناً، إلى الحملة ضد سورية؛ ففي بيان لافت صدر الأربعاء عن حزبهم، حزب جبهة العمل الإسلامي، استنكروا «التهديدات التي عبّر عنها رأس النظام السوري للأردن، وأكدوا أن الأردن بجيشه وشعبه قادر على أن يدافع عن الأردن من كيد الكائدين وعدوان المعتدين، .... وفي إشارة إلى حزب الله، أعلن الإخوان رفضهم «للتدخل العسكري الذي تمارسه بعض القوى اللبنانية (في سورية)، وطالبوا الحكومة اللبنانية بالاضطلاع بمسؤولياتها لوقف هذا التدخل، وأن تنسجم في مواقفها مع قرارات القمة العربية والجامعة العربية، وأن تتعظ من تجربة الحرب الأهلية التي دفع اللبنانيون فيها الثمن غاليا»ً. ولم يوفّر البيان الإخواني «الجيش العراقي المنطلق من منطلقات طائفية»، وطالبوا «بوضع حدّ لطغيان النظام الحاكم في العراق». ويشير الإعلان الإخواني، ضمناً، إلى نيتهم خوض الصراع اللاحق من منظور التحشيد المذهبي ضد "الشيعة والعلويين". وهي الورقة الوحيدة التي يمكنهم اللعب بها في ظل الاتساع غير المسبوق في التيار الشعبي المساند لسوريا. في الإعلان الثالث، أشهرت قوى وطنية وقومية ويسارية وشعبية في عمان، أمس، «اللقاء الوطني لحماية الأردن ومساندة سورية» الذي سيعقد مؤتمره التأسيسي الجماهيري في النصف الثاني من الشهر المقبل. وتحت عنوان «لن يكون الأردن معبراً للاعتداء على سورية، وتنفيذ مؤامرة الوطن البديل والكونفدرالية»، تلا رئيس اللجنة الوطنية للمتقاعدين العسكريين، العميد المتقاعد علي الحباشنة، في مؤتمر صحافي في عمان، بيان اللقاء الذي قدم تحليلاً موسعاً للوضع الداخلي وعلى الجبهتين السورية والفلسطينية، ولاحظ أن «محاولات توريط الأردن في العدوان على سورية إنما تأتي في سياق تفكيك الدولة الأردنية، وبصورة أساسية من خلال تدمير قدرات الجيش العربي الأردني بوضعه في مواجهة الجيش العربي السوري، تمهيداً لإعادة تركيب الدولة الأردنية على مقاس مؤامرة الكونفدرالية والوطن البديل، وخدمة للأهداف الاستعمارية في المنطقة والهيمنة على الوطن العربي». واختتم بدعوة الشعب والجيش الأردنيين إلى «التصدي لمؤامرة توريط الأردن في العدوان على سورية، ولمخططات الكونفدرالية التآمرية، وإلى كنس القوات الأجنبية المعتدية من بلادنا». أخذت أطراف المعادلة الداخلية، إذاً، مواقعها؛ النظام ينسق مواقفه السورية على الإيقاع الأميركي، والإخوان المسلمون ـ وحلفاؤهم الليبراليون ودعاة التوطين والكونفدرالية، الذين وقّعوا رسالة شكر وتضامن مع الرياض والدوحة ـ يغازلون النظام ويندفعون نحو تصعيد مواقفه ضد سوريا الأسد، وفي الجانب الآخر، جبهة واسعة تشمل البيروقراطية المدنية والعسكرية، والقوى الوطنية، والعشائرية، والقومية واليسارية، تستعد لخوض الصراع من موقع صريح في مساندة الدولة السورية ضد المؤامرة والتدخل الأجنبي. ميزان القوى الداخلي، الغائب حتى الآن عن وعي مطبخ القرار، سوف يصدم قريباً، عندما يتضح حجم وقوة وفعالية التحالف بين الدولة الأردنية العميقة والحراك الشعبي والتيارات التقدمية، في مقابل تحالف النظام مع قوى متصارعة في ما بينها، من الإسلاميين والليبراليين.

المصدر : الأخبار/ ناهض حتر


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة