دليل ماسة
أكثر الروابط استخداما
ليس من صورة معبّرة عن المأزق الذي يوجد فيه الحلف المعادي للنظام في سوريا من استقالة احمد معاذ الخطيب من رئاسة «الائتلاف الوطني السوري» المعارض بعد يوم واحد فقط من صورة جمعته في مؤتمر «أصدقاء سوريا» في اسطنبول مع كل من وزيري خارجيتي أميركا جون كيري وتركيا أحمد داود اوغلو.
الرهان على الخطيب كان يسقط بعد يوم واحد فقط. ولعل فشل الرهان على تغييرات ميدانية على الأرض لمصلحة المعارضة تحسم المعركة، ليس اليوم بل منذ سنتين، شكل أكبر التحديات أمام سياسة إسقاط النظام في سوريا، ولا سيما للجانب التركي الذي لا يزال يعتبر أحد اكبر الخاسرين من اتجاه الرياح المعاكسة في سوريا.
ورغم أن الولايات المتحدة مرتاحة جدا لمدى التفتت والدمار الذي يلحق بسوريا على كل المستويات، لكن إدراكها المخاطر الكبيرة لعمل عسكري خارجي ضد دمشق على مصالحها ومصالح إسرائيل وعلى التوازنات مع روسيا كان يحد من اندفاعها لمحاولة إسقاط النظام. ولقد تبين جيدا أن سوريا ليست ليبيا، وأن سوريا ليست وحيدة.
تخبط القوى المعارضة للنظام السوري وفشلها في إحراز تقدم على الأرض، وفي توحيد المعارضة، انعكسا على نظرة الأتراك إلى نتائج مؤتمر «أصدقاء سوريا»، حيث ساد الشعور بالإحباط في إمكان المبادرة إلى خطوة جدية لتغيير موازين القوى الراهنة.
أصلي آيدين طاشباش، الكاتبة التي تستعجل إسقاط النظام، عكست هذا المزاج في مقالة في صحيفة «ميللييت»، محمّلة الولايات المتحدة مسؤولية كبح اندفاع الجهود لإسقاط النظام السوري.
وتقول الكاتبة ان «الأميركيين تكلموا بصوت عال في المؤتمر، لكن إذا كان البعض يظن أنهم قد ضغطوا على الزر لرحيل (الرئيس بشار) الأسد فهو واهم. بل إن واشنطن لا تريد أن تقف الحرب في منتصفها بل تريد لها الاستمرار مدة طويلة. وهي لا تريد أن تعطي المعارضة قدرات لتحقق الانتصار على الأسد».
وترى طاشباش أن واشنطن تريد أن تستمر الحرب إلى أن تظهر قوى «ديموقراطية وعلمانية» وسط المعارضة. وتقول ان واشنطن تخشى وصول المتطرفين إلى السلطة، ولا سيما «جبهة النصرة». وتضيف ان الولايات المتحدة رفضت سابقا، ولا تزال، إقامة مناطق للاجئين السوريين داخل سوريا، وهو ما تريده تركيا وفرنسا، كما لا تريد إنشاء مناطق حظر جوي. ورغم تأكيد الاستخبارات التركية استخدام صواريخ بالستية ترفض واشنطن استخدام منظومة «الباتريوت» لحماية الشمال السوري. أيضا فإن وزير الدفاع الأميركي تشاك هايغل ليس واثقا بالجهات التي يمكن أن تُمد بالسلاح.
وتقول الكاتبة انه «رغم المسرح الضخم الذي أقامته تركيا في اسطنبول لمؤتمر أصدقاء سوريا، فإن حسابات الولايات المتحدة اختلفت عن حسابات تركيا، التي لا يمكن لها أن تحمل بمفردها هذا العبء. الشيء الوحيد الذي يمكن أن يغير موقف (الرئيس الأميركي) باراك أوباما هو أن يقنعه (رئيس الحكومة التركية) رجب طيب اردوغان خلال لقائه معه في 16 أيار المقبل بتغيير موقفه، أو أن يحدث تغيير جذري في موازين القوى على الأرض لمصلحة المعارضة، وإلا فإننا أمام طريق طويل ودموي».
أما الكاتب سامي كوهين، وفي الصحيفة ذاتها، فقد اعتبر مؤتمر «أصدقاء سوريا» في اسطنبول الفرصة الأخيرة للسلام في سوريا. وقال «من الواضح أن تسليح المعارضة لم يحظ بإجماع، وان الميل هو إلى الخيار السلمي، لا سيما في البيان الختامي الذي أشار إلى الحل عن طريق المفاوضات، وما يعنيه ذلك من الاعتراف بحل في ظل وجود الأسد. وهي رسالة إلى الأسد». وأضاف ان «إدراج اتفاق جنيف في البيان الختامي له دلالة كبيرة، لجهة مراحل الحل مع ضرورة حسم تفسيره لجهة مع الأسد أو من دونه».
ويرى كوهين أن خلاصة المؤتمر تعطي انطباعا بأن «أصدقاء» سوريا، بمن فيهم تركيا، في موقف الآن أكثر مرونة وانفتاحا على طريقة حل الأزمة في سوريا، ويمكن لذلك أن يشكل أرضية مشتركة، إن لم يكن مع الأسد، فمع روسيا على الأقل التي يمكن أن تؤدي دورا في غاية الأهمية، نظرا لتأثيرها في النظام السوري وإيجاد صيغة وسط حول المرحلة الانتقالية، وربما يكون هذا آخر فرصة للحل السلمي.
المصدر :
السفير\محمد نور الدين
اكتب تعليق
كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة