بدأت أمس في العاصمة التركية مباحثات إعادة العلاقات الإسرائيلية التركية إلى طبيعتها، وتسوية أمر التعويضات المالية لضحايا مجزرة أسطول الحرية وسفينة «مافي مرمرة». وقد وصل إلى أنقرة وفد إسرائيلي برئاسة مستشار الأمن القومي الجنرال يعقوب عاميدريور ومبعوث رئيس الحكومة إلى تركيا المحامي يوسف تشاخنوفر. وأعلن في تركيا أن رئيس الحكومة رجب طيب أردوغان رفض طلباً أميركياً نقله وزير الخارجية جون كيري بتأجيل زيارته المقررة لقطاع غزة.

وجرت المباحثات بين الوفد الإسرائيلي ووفد تركي برئاسة المدير العام لوزارة الخارجية فريدون سينيرلولو. وبحسب أنباء إسرائيلية فإن الوفد اجتمع أيضاً مع نائب رئيس الحكومة التركية بولنت أرينتش. وبعد اللقاءات عاد الإسرائيليون إلى تل أبيب من دون أن يوضّح إن كانت المباحثات إيجابية أم لا. لكن مصادر إسرائيلية شددت على أن غاية اللقاء هي الاستماع إلى مطالب الأتراك بشأن التعويضات، وشرح موقف إسرائيل من الدعاوى القضائية. وأكدت المصادر أن الأمر يتطلب أكثر من جولة لقاءات لإنهاء هذه المسألة.

وكانت صحيفة «صاندي تايمز» البريطانية قد أشارت إلى أن إسرائيل تتوقع من تركيا في مباحثات المصالحة قبول نشر طائرات إسرائيلية في تركيا كجزء من الاستعداد لمواجهة محتملة مع إيران. وأضافت أن الأتراك معنيون بالحصول من إسرائيل على منظومة «حيتس» المضادة للصواريخ. غير أن مصدراً رسمياً تركيا استخف بهذا التقرير، واعتبره مجرد «تكهنات» في حديث نشرته صحيفة «حرييت».

وقد بدأت المفاوضات الرسمية التركية الإسرائيلية في ظل عراقيل متعددة، أبرزها رفض عائلات الضحايا الأتراك التنازل عن حقهم في مقاضاة القادة الإسرائيليين في المحاكم التركية. فلم تفشل الحكومة التركية فقط في إقناع عائلات الضحايا بالتنازل عن الدعاوى، بل انهم رفضوا أيضاً قبول تعويضات. وأعلن ممثلون لهذه العائلات أنهم قلقون من تصريحات المسؤولين الأتراك عن احتمال التنازل عن هذه الدعاوى، وقالوا انها ستبقى قائمة ما بقي الحصار مفروضاً على قطاع غزة.

وكثرت الأحاديث أيضاً عن خلاف جوهري بين إسرائيل وتركيا حول قيمة التعويضات للضحايا وعائلاتهم. ومن الجائز أن تلك الخلافات تظهر أن عودة العلاقات إلى مجاريها، كما يريد الأميركيون، ليست بالسهولة التي كانوا يتصورونها. فالتعهد الرسمي التركي، بموجب اتفاق المصالحة، يوجب تخلي الحكومة عن ملاحقة الإسرائيليين قضائياً. وهنا يظهر السؤال: هل يمكن أن توافق إسرائيل على دفع تعويضات مع استمرار الدعاوى ضد قادتها وضباطها في المحاكم التركية؟

وكان وزير الخارجية الأميركية جون كيري قد أوضح في لقاءاته أمس الأول مع أردوغان ووزير خارجيته أحمد داوود أوغلو في اسطنبول أن أميركا معنية برؤية تقدم في مباحثات المصالحة مع إسرائيل. وقد اضطر كيري للتوجه مباشرة لعائلات الضحايا الأتراك مطالباً إياها بتفهم وتسهيل تسوية التعويضات.

وطلب كيري من أردوغان تأجيل زيارته المقررة الشهر المقبل لغزة بانتظار ظروف أفضل، وخشية أن تؤثر في مساعي المصالحة مع إسرائيل. غير أن رئيس الحكومة التركية أعلن إصراره على زيارة القطاع بعد عودته من زيارته المقبلة لواشنطن ولقائه الرئيس باراك أوباما.

وقالت مصادر تركية ان أردوغان يطمح الى أن يصل إلى غزة في موعد قريب من الذكرى السنوية الثالثة لمجزرة سفينة «مرمرة» في 31 أيار. وكانت وسائل إعلام إسرائيلية قد أشارت إلى أن الرئيس الفلسطيني محمود عباس طلب أيضاً من أردوغان تأجيل زيارته لغزة، لكن ليس هناك من يؤكد ذلك. وبالعكس أشارت جهات فلسطينية إلى أن عباس يريد من تركيا أن تقوم بدور أكبر في التوسط من أجل تحقيق المصالحة مع حركة حماس.

غير أن العقبات أمام المصالحة التركية الإسرائيلية ليست قصراً على تركيا بل هي قائمة أيضاً في إسرائيل. إذ مع إرسال الوفد الإسرائيلي إلى أنقرة قررت الكنيست أن تبدأ اليوم (الثلاثاء) مناقشة مشروع قانون يتعلق بالاعتراف بإبادة الأتراك للشعب الأرمني. ومعروف أن مثل هذا الموضوع كفيل بتفجير أزمة مع تركيا التي تنكر حدوث أي إبادة للأرمن، وترى في ذلك وسيلة للضغط عليها. واستغربت بعض الجهات في إسرائيل أن توافق رئاسة الكنيست على مناقشة هذا الموضوع في الوقت الذي تعلن فيه حكومة إسرائيل أن استعادة العلاقات مع تركيا أمر يتسم بأهمية قصوى.

 

 

  • فريق ماسة
  • 2013-04-22
  • 6954
  • من الأرشيف

المصالحة التركية ـ الإسرائيلية: تعقيدات أكبر من «مرمرة»

بدأت أمس في العاصمة التركية مباحثات إعادة العلاقات الإسرائيلية التركية إلى طبيعتها، وتسوية أمر التعويضات المالية لضحايا مجزرة أسطول الحرية وسفينة «مافي مرمرة». وقد وصل إلى أنقرة وفد إسرائيلي برئاسة مستشار الأمن القومي الجنرال يعقوب عاميدريور ومبعوث رئيس الحكومة إلى تركيا المحامي يوسف تشاخنوفر. وأعلن في تركيا أن رئيس الحكومة رجب طيب أردوغان رفض طلباً أميركياً نقله وزير الخارجية جون كيري بتأجيل زيارته المقررة لقطاع غزة. وجرت المباحثات بين الوفد الإسرائيلي ووفد تركي برئاسة المدير العام لوزارة الخارجية فريدون سينيرلولو. وبحسب أنباء إسرائيلية فإن الوفد اجتمع أيضاً مع نائب رئيس الحكومة التركية بولنت أرينتش. وبعد اللقاءات عاد الإسرائيليون إلى تل أبيب من دون أن يوضّح إن كانت المباحثات إيجابية أم لا. لكن مصادر إسرائيلية شددت على أن غاية اللقاء هي الاستماع إلى مطالب الأتراك بشأن التعويضات، وشرح موقف إسرائيل من الدعاوى القضائية. وأكدت المصادر أن الأمر يتطلب أكثر من جولة لقاءات لإنهاء هذه المسألة. وكانت صحيفة «صاندي تايمز» البريطانية قد أشارت إلى أن إسرائيل تتوقع من تركيا في مباحثات المصالحة قبول نشر طائرات إسرائيلية في تركيا كجزء من الاستعداد لمواجهة محتملة مع إيران. وأضافت أن الأتراك معنيون بالحصول من إسرائيل على منظومة «حيتس» المضادة للصواريخ. غير أن مصدراً رسمياً تركيا استخف بهذا التقرير، واعتبره مجرد «تكهنات» في حديث نشرته صحيفة «حرييت». وقد بدأت المفاوضات الرسمية التركية الإسرائيلية في ظل عراقيل متعددة، أبرزها رفض عائلات الضحايا الأتراك التنازل عن حقهم في مقاضاة القادة الإسرائيليين في المحاكم التركية. فلم تفشل الحكومة التركية فقط في إقناع عائلات الضحايا بالتنازل عن الدعاوى، بل انهم رفضوا أيضاً قبول تعويضات. وأعلن ممثلون لهذه العائلات أنهم قلقون من تصريحات المسؤولين الأتراك عن احتمال التنازل عن هذه الدعاوى، وقالوا انها ستبقى قائمة ما بقي الحصار مفروضاً على قطاع غزة. وكثرت الأحاديث أيضاً عن خلاف جوهري بين إسرائيل وتركيا حول قيمة التعويضات للضحايا وعائلاتهم. ومن الجائز أن تلك الخلافات تظهر أن عودة العلاقات إلى مجاريها، كما يريد الأميركيون، ليست بالسهولة التي كانوا يتصورونها. فالتعهد الرسمي التركي، بموجب اتفاق المصالحة، يوجب تخلي الحكومة عن ملاحقة الإسرائيليين قضائياً. وهنا يظهر السؤال: هل يمكن أن توافق إسرائيل على دفع تعويضات مع استمرار الدعاوى ضد قادتها وضباطها في المحاكم التركية؟ وكان وزير الخارجية الأميركية جون كيري قد أوضح في لقاءاته أمس الأول مع أردوغان ووزير خارجيته أحمد داوود أوغلو في اسطنبول أن أميركا معنية برؤية تقدم في مباحثات المصالحة مع إسرائيل. وقد اضطر كيري للتوجه مباشرة لعائلات الضحايا الأتراك مطالباً إياها بتفهم وتسهيل تسوية التعويضات. وطلب كيري من أردوغان تأجيل زيارته المقررة الشهر المقبل لغزة بانتظار ظروف أفضل، وخشية أن تؤثر في مساعي المصالحة مع إسرائيل. غير أن رئيس الحكومة التركية أعلن إصراره على زيارة القطاع بعد عودته من زيارته المقبلة لواشنطن ولقائه الرئيس باراك أوباما. وقالت مصادر تركية ان أردوغان يطمح الى أن يصل إلى غزة في موعد قريب من الذكرى السنوية الثالثة لمجزرة سفينة «مرمرة» في 31 أيار. وكانت وسائل إعلام إسرائيلية قد أشارت إلى أن الرئيس الفلسطيني محمود عباس طلب أيضاً من أردوغان تأجيل زيارته لغزة، لكن ليس هناك من يؤكد ذلك. وبالعكس أشارت جهات فلسطينية إلى أن عباس يريد من تركيا أن تقوم بدور أكبر في التوسط من أجل تحقيق المصالحة مع حركة حماس. غير أن العقبات أمام المصالحة التركية الإسرائيلية ليست قصراً على تركيا بل هي قائمة أيضاً في إسرائيل. إذ مع إرسال الوفد الإسرائيلي إلى أنقرة قررت الكنيست أن تبدأ اليوم (الثلاثاء) مناقشة مشروع قانون يتعلق بالاعتراف بإبادة الأتراك للشعب الأرمني. ومعروف أن مثل هذا الموضوع كفيل بتفجير أزمة مع تركيا التي تنكر حدوث أي إبادة للأرمن، وترى في ذلك وسيلة للضغط عليها. واستغربت بعض الجهات في إسرائيل أن توافق رئاسة الكنيست على مناقشة هذا الموضوع في الوقت الذي تعلن فيه حكومة إسرائيل أن استعادة العلاقات مع تركيا أمر يتسم بأهمية قصوى.    

المصدر : الماسة السورية


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة