دليل ماسة
أكثر الروابط استخداما
شبه جزيرة قطر، التي لا يتجاوز عدد سكانها نصف عدد سكان أصغر ضاحية في أي بلد عربي، تستغل ثراءها المالي وتضع نفسها على رأس المتصارعين الدوليين، مستخدمة جياداً إسلامية، لتطرح نفسها على الخريطة، وأمير المشيخة حمد آل ثاني يحاول اللعب على الحبال ومحاورة ومصادقة عدوين في آن واحد، فيدعم الجماعات الإرهابية في مالي، ويعلن دعم العملية العسكرية الفرنسية ضد الإرهاب، في الوقت نفسه، وهو حليف قوي للولايات المتحدة الأمريكية، وفي الآن ذاته يقيم علاقات مع حركة طالبان، ما وضع الدويلة المتناهية في الصغر، تاريخياً وجغرافياً ومكانة، في عين العاصفة، وقلّب عليها حتى حلفائها الخليجيين..
الشبكة الاجتماعية لم تعرف احتقاناً ضد المشيخة النفطية كالذي تعرفه هذه الأيام، فقد أطلق أكثر من 25 ألف ناشط تونسي "حملة التطاول على قطر"، فيما وصلت حملة الانتقادات للدول الخليجية نفسها..
واتهم ناشطو "الفيسبوك" الرئيس المرزوقي بمحاباة الإمارة الخليجية، خاصة بعدما أقر مستشار الرئيس الهادي عباس بأن المرزوقي يتقاضى منذ أن كان في باريس ٢٥٠ دولاراً عن كل مقال ينشره في موقع "الجزيرة نت"، وهو ما عدّه عدد من التونسيين إهانة لرئيس كان يفترض أن يتجنبها منذ أن أضحى رئيساً على الأقل.
وأثناء زيارته الأخيرة إلى قطر، صب المرزوقي جام غضبه على المعارضة التونسية، واصفاً إياها بالمتطرفة، مهدداً إياها بأن الشعب التونسي سينصب لها المشانق إن هي نجحت في الوصول إلى السلطة على أنقاض النظام القائم.
ويتساءل السياسيون التونسيون عن طبيعة علاقة المرزوقي بدولة يقول المراقبون: إنها الراعي الأكبر للإرهابيين لا في المنطقة العربية فقط، بل أيضاً في معاقل القاعدة بما فيها مالي، وبرأيهم فإن تهديدات المرزوقي بمحاسبة كل من يتطاول على دولة قطر هي رسالة ولاء لقطر في مستوى أول، لكنها أيضاً رسالة ولاء لحركة النهضة، "حزب قطر في تونس"، في مستوى ثان، من أجل ضمان تزكيتها له في الانتخابات الرئاسية القادمة.
وبدا المرزوقي لدى النخب السياسية والفكرية والإعلامية كما لو أنه منتصر لهيبة قطر أكثر من انتصاره لسيادة تونس، وفي بلاد يعود تاريخها إلى أكثر من 3000 عام تعتبر السيادة الوطنية وهيبة الدولة وسيادة القرار الوطني خطوطاً حمر، ناضلت من أجلها أجيال من الوطنيين، ليس من حق أحد المساس بها.
ويؤكد خصوم الرجل، الذي كثيراً ما قدم نفسه على أنه مناضل علماني، أنه ضحى بتاريخه النضالي الحقوقي، وارتمى في حضن "الإسلام السياسي" مقابل ضمان الوصول إلى منصب رئاسة الجمهورية.
وفي القاهرة، تظاهر المصريون، تحت شعار"مش هتحكموا مصر"، أمام سفارة دويلة قطر بحي "المهندسين" جنوب القاهرة، مندِّدين بالوصاية القطرية على القاهرة، وتحكّمها في سياستها الداخلية والخارجية بواسطة المال، وطالب المتظاهرون بوقف التدخلات القطرية في الشؤون المصرية، معتبرين أن هناك مؤامرة أميركية إسرائيلية قطرية ضد مصر تقوم جماعة الإخوان المسلمين، التي تمثِّل النظام الحاكم في مصر، بتنفيذها، مرددين هتافات وشتائم ضد الجماعة وضد قطر وحُكامها، وأحرقوا العلمين القطري والإسرائيلي.
وأثار تهجم صحفي قطري على مصر وحضارتها ردود فعل غاضبة في مصر والعالم العربي، فيما دعا بعض الإعلاميين والمثقفين الصحفي القطري لقراءة تاريخ بلاده جيداً قبل التهجم على بلد يربو تاريخه على 7 آلاف عام.
واستغل الصحفي أحمد علي "مدير عام ما يسمى "صحيفة الوطن" القطرية أوضاع مصر الاقتصادية والسياسية لتشويه حضارتها وصناعتها، وكتب على حسابه الشخصي في موقع تويتر: "في اليابان قاعدة أميركية، وفي ألمانيا أيضاً، وكذلك كوريا، التي ربما يكون هاتفك مصنوع فيها، فماذا صنعتم أنتم غير أقراص الطعمية؟".
وسخر مغردون مصريون من قطر، وهيمن على المغردين المصريين شعور بالزهو والاعتزاز تجاه بلادهم التي توصف بأنها "أم الدنيا"، متهكمين على دولة صغيرة تاريخها "أقصر من تاريخ الفنانة اللبنانية صباح"، وأوردت صفحة "ثورة الغضب المصرية الثالثة" عدداً من الصور والردود التهكمية، ونشرت مقولة نسبتها للراحل أنور السادات يقول فيها: "هو كل واحد عنده كشك ع الخليج هيعملي فيها دولة"..
وقال أحد المغردين متندراً: "يا بخت طلبة قطر بيذاكروا التاريخ بثلاثة سطور والجغرافيا شارعين وحارة"، فيما قال آخر: "هل تعلم أن أقدم قطعة بالمتحف الوطني القطري عبارة عن موبايل"؟.. وغرّد مصري آخر قائلاً: "قطر بتتريق(بتسخر) على أهل مصر أنهم مايعرفوش غير قرص الطعمية، هل تعلم أن قرص الطعمية دا أكبر من حجم قطر على الخريطة؟!.
وتضامناً مع باسم يوسف، قال أحد المغردين ساخراً: "هل تعلم أن عدد المتابعين لباسم يوسف على تويتر أكثر من تعداد سكان قطر".
وتوالت السخرية المصرية على مواقع التواصل بصيغة "هل تعلم"؟: "هل تعلم أن قطر أرخص دولة في المونوبولي بـ١٥٠ جنيه، ومكانها استراتيجي جنب البنزينة(الكازية)؟، هل تعلم أن الواحد ممكن يتوه في سيتي ستارز (مركز تسوق في مصر) لكن مش ممكن يتوه في قطر؟، هل تعلم أن قطر لو وقفت عليها ذبانة على الخريطة هتختفي تماماً؟، "هل تعلم أن مفيش قرود في قطر خوفاً على حياة الشيخة موزة"..
الحملة على مشيخة قطر لم تقف عند حدود المصريين والتونسيين، إذ شن مغردون خليجيون هجوماً حاداً عليها، متهمينها بالعمل على زعزعة استقرار دول الخليج، ومطالبين باستبعادها من منظومة مجلس التعاون.
وقال المغرد ضرار الفلاسي: إن "قطرائيل" هي السبب الأول في انتشار الجرثومة الخبيثة المسماة بـ"الاخوانجية" في الوطن العربي لهذا يجب استئصالها، فيما اعتبر المغرد صنهات سعد السهلي أن المال القطري يصب في سبيل زعزعة أي استقرار وفي جيب المرتزقة من الإخوان ومن على شاكلتهم.
ودعم موقفهما محمد المرر بالقول: إن جميع الشعوب العربية ساخطة على قطر مما تفعله هذه الدويلة المارقة في بلدانهم وتدعم الخونة، فيما مغرد عرف نفسه بـ"سلاماً" قال: قريباً ستحرق الشعوب العربية علم قطر بدلاً من إسرائيل في مظاهراتهم نظراً للدور الخبيث الذي تلعبه قطر.
وألقت قطر بكل قدراتها المالية والإعلامية لدعم صعود الإخوان إلى الحكم في مصر وتونس، ما أدى إلى انقسام اجتماعي حاد بين القوى الليبرالية الحداثية وقوى دينية موغلة في المحافظة والتقليد، وأصبح يهدد الحقوق الأساسية للإنسان بمخاطر حقيقية، هذا إضافة إلى مخاطر الإرهاب التي عادت بقوة إلى ساحات البلدين بتواطؤ غريب من السلطات الحاكمة مع القوى المتشددة الأخرى، وأدى نجاح التجربة في تونس ومصر إلى تنامي نشاطات خلايا ومجموعات الإخوان في دول الخليج في تحركات باتت تطرح تحديات خطيرة على أمن هذه الدول.
وقال أحد المعلقين: الخليج كله متأذ وليس شعب دولة أو فئة فقط!، فيما قال المغرد ماجد الرئيسي: إن كلمة استبعاد كبيرة على قطر، ولكن نطالب بإزالتها لأنها عبارة عن كشك مبني دون تصريح.
وقال مغرد تحت مسمى ن. الراجحي: قطر قد تكون دولة صغيرة، ولكن لاعب قذر في لعبة سياسية قذرة.
وفي تغريدته دعا الفندي الإماراتي إلى ضرورة استبعاد "دولة قطرائيل"، فيما غرد محمد المرر قائلاً: هنيئا لإسرائيل فقد تحقق حلمها على يد عملائها دويلة قطر، وأشار إلى أن القطريين يدعون أنهم مناصرون للقضية الفلسطينية ومن الباب الخلفي يعقدون الصفقات مع الصهاينة.
ويذكر أحد المتدخلين أمير قطر بعقوقه لوالده بعد أن انقلب عليه في تسعينيات القرن الماضي، ووصف قناة الجزيرة أنها أداة لزرع الفتنة في البلدان العربية والإسلامية.
وتحمل التغريدات والتعليقات الكثير من الانتقاد لكل من أمير قطر والشيخة موزة، وركز العديد من المعلقين الساخرين على صغر حجم دولة قطر وقالوا: هل تعلم أن عدد الحاضرين لكأس العالم في قطر يفوق عدد سكان قطر، هل تعلم أن عدد المشاركين في حملة التطاول على قطر أكثر من عدد سكان قطر نفسها؟!.
في عصر طغيان المال السعودي والقطري في الإعلام العربي، قلبت الموازين وعكست المعايير، وأصبح الشيخ حمد بن جاسم، الذي قاد حملة دفع الجامعة العربيّة لإقرار مبدأ جعل حلف الناتو عضواً مرموقاً في الجامعة وقوتها الضاربة، يعدّ نفسه الراعي الرسمي لما سمي "الربيع العربي"، والذي تحوّل إلى ربيع البترودولار، مع أنّ دويلته دعت تسيفي ليفني ذات مرّة للوعظ في مؤتمر عن الديمقراطية، وباتت محطته الجزيرة، والتي تسابق"العربيّة" في الدعائية وفي احتقار المعايير المهنية، تطلق على نفسها "قناة الرأي والرأي الآخر"، ما يجعل المتابع للأحداث يصاب بالدوار، ويسأل، بل يتساءل، لمصلحة من؟، لا شك أنها لمصلحة "إسرائيل"، التي أقامت معها قطر علاقات سريّة وعلنيّة، إرضاءً لواشنطن.. حكومة حمد بن جاسم تصاب بالغرور نتيجة الدور المتصاعد، لدويلة عدد سكانها بالكاد يتساوى مع سكان حي من أحياء القاهرة، لكنها تنسى أو تتناسى أن واشنطن تغيّر وكلاءها كما يغيّر المرء جواربه بعد يوم طويل، وتتجاهل أن الرضيع من آل ثاني لديه من الحقوق والحظوة أكثر من كل القطريّين والقطريّات..
المصدر :
الماسة السورية
اكتب تعليق
كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة