في مثل هذا اليوم من العام 1974، اتخذ المجلس الوطني الفلسطيني قراراً باعتبار السابع عشر من نيسان يوماً للأسير الفلسطيني، وذلك تكريماً للأسرى وعلى رأسهم أول أسير للثورة الفلسطينية محمود بكر حجازي، الذي أفرج عنه قبل ذلك بثلاث سنوات في أول عملية تبادل للأسرى بين المقاومة الفلسطينية والاحتلال. ولكن في الذكرى الـ39 ليوم الأسير الفلسطيني، لم يتغير شيء على حال الأسرى، من العنف، والأمراض، والإضرابات لفرض حقوقهم، والاعتقالات الإدارية، فضلاً عن عدم مبالاة غير مسبوقة بقضيتهم.

وفي حديث إلى «السفير»، يقول حجازي إن «يوم الأسير هو يوم للتاريخ، ويوم لفلسطين، يوم يكرس تضحيات أبنائنا الذين دفعوا الثمن من عمرهم لأجل الوطن». ولم يتحدث حجازي كثيراً عن نفسه بقدر ما أصر على ضرورة «الوفاء للأسرى». وأضاف «فلسطين عروس جميلة جدا، ومهرها غال. ونحن مستعدون لدفع الثمن. ولكن الأسرى عمليا هم من يدفعون الثمن الأكبر، ولهم دين علينا، فهم من ضحوا بكل شيء من أجل فلسطين».

وبحسب ما أفادت وزارة شؤون الأسرى والمحررين الفلسطينية، فقد اعتقلت إسرائيل على مدار احتلالها لفلسطين نحو 850 ألف فلسطيني، وتزايدت الاعتقالات خلال الانتفاضة الفلسطينية الأولى التي انطلقت في العام 1987 لتصل إلى 45 ألف حالة سنوياً، ثم تضاعف الرقم تقريباً خلال الانتفاضة الثانية التي انطلقت في العام 2000. وحالياً، يتوزع بين 17 معتقلاً إسرائيلياً ومراكز توقيف 4900 فلسطيني.

وبيّنت دراسة للوزارة، حصلت عليها «السفير»، أن من بين الأسرى في سجون الاحتلال 107 مضى على اعتقالهم أكثر من 20 عاماً، ويُعرفون بـ«أسرى أوسلو» وعميدهم كريم يونس، وهو المعتقل منذ الخامس من كانون الثاني العام 1983، والأسير ماهر يونس المعتقل منذ الثامن من كانون الثاني العام 1983، فضلاً عن 24 آخرين مضى على اعتقالهم ربع قرن، ويطلق عليهم «جنرالات الصبر»، و84 أسيراً مضى على اعتقالهم حوالي 20 عاماً، ويطلق عليهم «عمداء الأسرى».

ويشرح نائل البرغوثي، وهو عميد الأسرى المحررين الفلسطينيين والذي أمضى في السجن 34 عاماً، لـ«السفير» أن «تجربة الأسر مؤلمة مهما كانت مدتها. لكن من يمضي عشرة و20 عاماً لا شك بأن ألمه يتضاعف. فإسرائيل تكون خلال هذه الفترة قد سقته كل أصناف العذاب». ويرى البرغوثي أن لا حل لقضية الأسرى إلا من خلال عمل فلسطيني «ممنهج مبني على الأفعال لا الأقوال».

ويعد ملف الأسرى المرضى الأعقد بالنسبة للحركة الأسيرة، لا سيما أن أعدادهم مرشحة يوميا للارتفاع. وبحسب مدير «مركز حريات» المعني بشؤون الأسرة، حلمي الأعرج فإن هناك «حالياً حوالي 1500 أسير مريض يعانون من الإهمال الطبي وسوء الرعاية الصحية، من بينهم 18 يقيمون بشكل شبه دائم في مستشفى سجن الرملة». ولم يخفف وجودهم في المستشفى من مصاعب أمراضهم، فمن بينهم من هو مصاب بالشلل أو بالتليف الكلي، وآخرون يحتاجون إلى عمليات جراحية عاجلة، ولكن سلطة الاحتلال تمنع أطباء من الخارج من زيارتهم.

واستشهد في سجون الاحتلال حتى اليوم 207 أسرى، من بينهم 71 بسبب التعذيب و54 نتيجة الإهمال الطبي بعيد استشهاد الأسير ميسرة أبو حمدية الشهر الماضي. ونقلت دراسة وزارة الأسرى أن 74 أسيراً قتلوا بعد اعتقالهم، وسبعة آخرين أطلقت عليهم النيران من قبل حراس وجنود سجون الاحتلال.

أما للأسيرات فقصة ثانية، ووفقاً لـ«نادي الأسير الفلسطيني» فإن إسرائيل اعتقلت منذ العام 1967 حوالي أربعة آلاف فلسطينية، بقي منهن 14 في الأسر، وأقدمهن لينا جربوني المعتقلة منذ العام 2002، وتقضي حكماً بالسجن مدته 17 عاماً. ومن الأسرى أيضاً، 230 طفلاً من بينهم 35 لم تتجاوز أعمارهم السادسة عشرة.

واستطاعت الحركة الأسيرة عن طريق الإضرابات المفتوحة عن الطعام تحريك ملف الاعتقال الإداري، لتنخفض وتيرة اللجوء إليه. وهو ما ورثته إسرائيل عن الاحتلال البريطاني، وفيه يحاكم الأسير بناء على ملف سري، ومن دون أي اتهامات واضحة أو حتى محام يدافع عنه.

ووفقاً لـ«مركز الإعلام الحكومي» فإن مجموع الأسرى، الذين خضعوا للاعتقال الإداري منذ ثمانينيات القرن الماضي، وصل إلى أكثر من 40 ألف فلسطيني. وخلال الانتفاضة الفلسطينية الثانية، أصدرت المحاكم العسكرية الإسرائيلية حوالي 19 ألف أمر إداري. وهناك حالياً 200 معتقل إداري، من بينهم من جدد اعتقاله أكثر من 12 مرة متتالية مدة كل منها ستة أشهر. وبحسب المركز، فقد خفّت وتيرة أحكام الاعتقال الإداري مؤخراً بسبب توالي الإضرابات من قبل الأسرى.

ولا يمكن الحديث عن الحركة الأسيرة أو يوم الأسير، من دون الإضاءة على سامر العيساوي، الأسير الذي يخوض أطول إضراب عن الطعام في العالم، وقد تعدى الـ260 يوماً، وهو الذي بدأ إضرابه في الأول من آب العام 2012.

ولأن إسرائيل يئست في وجه إصرار العيساوي على الاستمرار بإضرابه حتى يفرج عنه إلى القدس، بدأت سلطات الاحتلال بإيفاد خبراء مختصين في المفاوضات، من أجل التوصل إلى حل معه، وفقاً لمحامي «نادي الأسير» جواد بولس.

واعتقل سامر للمرة الأولى في نيسان العام 2002 بتهمة المشاركة بفعاليات «إرهابية» ضد إسرائيل، فضلاً عن انتمائه إلى الجبهة الديموقراطية لتحرير فلسطين، وحكم بالسجن 30 عاماً أنهى منها عشرة أعوام، قبل أن يفرج عنه في صفقة «شاليت» في 18 تشرين الأول العام 2011. ثم أعيد اعتقاله مرة أخرى في تموز العام 2012، بحجة مخالفته شروط الإفراج عنه بعد زيارة قام بها إلى ضاحية الرام في القدس. وتعتمد إسرائيل على أمر عسكري يقول بإعادة محاكمة الأسرى بتهمـهم السابــقة ذاتها، إذا خالفوا شروط إطــلاق سراحهم.

 

  • فريق ماسة
  • 2013-04-16
  • 9981
  • من الأرشيف

ذكرى الأبطال في معتقلات إسرائيل من الأسير الأول للثورة إلى سامر العيساوي

في مثل هذا اليوم من العام 1974، اتخذ المجلس الوطني الفلسطيني قراراً باعتبار السابع عشر من نيسان يوماً للأسير الفلسطيني، وذلك تكريماً للأسرى وعلى رأسهم أول أسير للثورة الفلسطينية محمود بكر حجازي، الذي أفرج عنه قبل ذلك بثلاث سنوات في أول عملية تبادل للأسرى بين المقاومة الفلسطينية والاحتلال. ولكن في الذكرى الـ39 ليوم الأسير الفلسطيني، لم يتغير شيء على حال الأسرى، من العنف، والأمراض، والإضرابات لفرض حقوقهم، والاعتقالات الإدارية، فضلاً عن عدم مبالاة غير مسبوقة بقضيتهم. وفي حديث إلى «السفير»، يقول حجازي إن «يوم الأسير هو يوم للتاريخ، ويوم لفلسطين، يوم يكرس تضحيات أبنائنا الذين دفعوا الثمن من عمرهم لأجل الوطن». ولم يتحدث حجازي كثيراً عن نفسه بقدر ما أصر على ضرورة «الوفاء للأسرى». وأضاف «فلسطين عروس جميلة جدا، ومهرها غال. ونحن مستعدون لدفع الثمن. ولكن الأسرى عمليا هم من يدفعون الثمن الأكبر، ولهم دين علينا، فهم من ضحوا بكل شيء من أجل فلسطين». وبحسب ما أفادت وزارة شؤون الأسرى والمحررين الفلسطينية، فقد اعتقلت إسرائيل على مدار احتلالها لفلسطين نحو 850 ألف فلسطيني، وتزايدت الاعتقالات خلال الانتفاضة الفلسطينية الأولى التي انطلقت في العام 1987 لتصل إلى 45 ألف حالة سنوياً، ثم تضاعف الرقم تقريباً خلال الانتفاضة الثانية التي انطلقت في العام 2000. وحالياً، يتوزع بين 17 معتقلاً إسرائيلياً ومراكز توقيف 4900 فلسطيني. وبيّنت دراسة للوزارة، حصلت عليها «السفير»، أن من بين الأسرى في سجون الاحتلال 107 مضى على اعتقالهم أكثر من 20 عاماً، ويُعرفون بـ«أسرى أوسلو» وعميدهم كريم يونس، وهو المعتقل منذ الخامس من كانون الثاني العام 1983، والأسير ماهر يونس المعتقل منذ الثامن من كانون الثاني العام 1983، فضلاً عن 24 آخرين مضى على اعتقالهم ربع قرن، ويطلق عليهم «جنرالات الصبر»، و84 أسيراً مضى على اعتقالهم حوالي 20 عاماً، ويطلق عليهم «عمداء الأسرى». ويشرح نائل البرغوثي، وهو عميد الأسرى المحررين الفلسطينيين والذي أمضى في السجن 34 عاماً، لـ«السفير» أن «تجربة الأسر مؤلمة مهما كانت مدتها. لكن من يمضي عشرة و20 عاماً لا شك بأن ألمه يتضاعف. فإسرائيل تكون خلال هذه الفترة قد سقته كل أصناف العذاب». ويرى البرغوثي أن لا حل لقضية الأسرى إلا من خلال عمل فلسطيني «ممنهج مبني على الأفعال لا الأقوال». ويعد ملف الأسرى المرضى الأعقد بالنسبة للحركة الأسيرة، لا سيما أن أعدادهم مرشحة يوميا للارتفاع. وبحسب مدير «مركز حريات» المعني بشؤون الأسرة، حلمي الأعرج فإن هناك «حالياً حوالي 1500 أسير مريض يعانون من الإهمال الطبي وسوء الرعاية الصحية، من بينهم 18 يقيمون بشكل شبه دائم في مستشفى سجن الرملة». ولم يخفف وجودهم في المستشفى من مصاعب أمراضهم، فمن بينهم من هو مصاب بالشلل أو بالتليف الكلي، وآخرون يحتاجون إلى عمليات جراحية عاجلة، ولكن سلطة الاحتلال تمنع أطباء من الخارج من زيارتهم. واستشهد في سجون الاحتلال حتى اليوم 207 أسرى، من بينهم 71 بسبب التعذيب و54 نتيجة الإهمال الطبي بعيد استشهاد الأسير ميسرة أبو حمدية الشهر الماضي. ونقلت دراسة وزارة الأسرى أن 74 أسيراً قتلوا بعد اعتقالهم، وسبعة آخرين أطلقت عليهم النيران من قبل حراس وجنود سجون الاحتلال. أما للأسيرات فقصة ثانية، ووفقاً لـ«نادي الأسير الفلسطيني» فإن إسرائيل اعتقلت منذ العام 1967 حوالي أربعة آلاف فلسطينية، بقي منهن 14 في الأسر، وأقدمهن لينا جربوني المعتقلة منذ العام 2002، وتقضي حكماً بالسجن مدته 17 عاماً. ومن الأسرى أيضاً، 230 طفلاً من بينهم 35 لم تتجاوز أعمارهم السادسة عشرة. واستطاعت الحركة الأسيرة عن طريق الإضرابات المفتوحة عن الطعام تحريك ملف الاعتقال الإداري، لتنخفض وتيرة اللجوء إليه. وهو ما ورثته إسرائيل عن الاحتلال البريطاني، وفيه يحاكم الأسير بناء على ملف سري، ومن دون أي اتهامات واضحة أو حتى محام يدافع عنه. ووفقاً لـ«مركز الإعلام الحكومي» فإن مجموع الأسرى، الذين خضعوا للاعتقال الإداري منذ ثمانينيات القرن الماضي، وصل إلى أكثر من 40 ألف فلسطيني. وخلال الانتفاضة الفلسطينية الثانية، أصدرت المحاكم العسكرية الإسرائيلية حوالي 19 ألف أمر إداري. وهناك حالياً 200 معتقل إداري، من بينهم من جدد اعتقاله أكثر من 12 مرة متتالية مدة كل منها ستة أشهر. وبحسب المركز، فقد خفّت وتيرة أحكام الاعتقال الإداري مؤخراً بسبب توالي الإضرابات من قبل الأسرى. ولا يمكن الحديث عن الحركة الأسيرة أو يوم الأسير، من دون الإضاءة على سامر العيساوي، الأسير الذي يخوض أطول إضراب عن الطعام في العالم، وقد تعدى الـ260 يوماً، وهو الذي بدأ إضرابه في الأول من آب العام 2012. ولأن إسرائيل يئست في وجه إصرار العيساوي على الاستمرار بإضرابه حتى يفرج عنه إلى القدس، بدأت سلطات الاحتلال بإيفاد خبراء مختصين في المفاوضات، من أجل التوصل إلى حل معه، وفقاً لمحامي «نادي الأسير» جواد بولس. واعتقل سامر للمرة الأولى في نيسان العام 2002 بتهمة المشاركة بفعاليات «إرهابية» ضد إسرائيل، فضلاً عن انتمائه إلى الجبهة الديموقراطية لتحرير فلسطين، وحكم بالسجن 30 عاماً أنهى منها عشرة أعوام، قبل أن يفرج عنه في صفقة «شاليت» في 18 تشرين الأول العام 2011. ثم أعيد اعتقاله مرة أخرى في تموز العام 2012، بحجة مخالفته شروط الإفراج عنه بعد زيارة قام بها إلى ضاحية الرام في القدس. وتعتمد إسرائيل على أمر عسكري يقول بإعادة محاكمة الأسرى بتهمـهم السابــقة ذاتها، إذا خالفوا شروط إطــلاق سراحهم.  

المصدر : الماسة السورية


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة