ثمة ترقب أميركي بخصوص ما إذا كان تفجير بوسطن بداية لسلسلة من الاعتداءات التي تستهدف الأماكن العامة والأحداث الرياضية الكبيرة والمتتالية في الولايات المتحدة، وبالتالي دخول عامل جديد من العنف المتنقل الذي يُضاف إلى خطر الأسلحة الفردية المنتشرة. من هنا، فإن تحديد مسار التحقيق وهوية المخططين والمنفذين، والذي قد لا يتضح في المدى المنظور، قد يكون له تداعيات على الحكومة الفيدرالية عند معرفة ما إذا كانت دوافع المرتكب قضايا داخلية أميركية أو استهدافا خارجياً من تنظيم "القاعدة" أو أي جهة أخرى.

حتى الساعة، ليس هناك مشتبه به أو جهة أعلنت مسؤوليتها، والحكومة الفيدرالية ليس لديها معلومات حول تهديدات محتملة جديدة في المدى المنظور.

من يدير التحقيق عملياً هو مكتب التحقيق الفيدرالي بالتعاون مع شرطة بوسطن والسلطات المعنية في ولاية ماساشوستس. السلطات الفيدرالية أكدت بالأمس أن الاعتداء كان نتيجة انفجارين فقط وليس أكثر، وأن التحقيق له بعد دولي وسيتم الوصول إلى أي مشتبه به في أي مكان من العالم. هناك عمليات استجواب واطلاع على كمية هائلة من قاعدة بيانات من كاميرات مراقبة وصور ومعلومات من الموطنين، إضافة إلى تطويق وسط العاصمة ومنع خروج أي سيارة منها قبل الانتهاء من جمع الأدلة. المعلومات الرسمية للتحقيق تتحدث عن عبوة ناسفة وضعت في طنجرة ضغط معدنية، تم وضع كمية بارود فيها وليس ديناميت أو مواد أكثر تعقيداً، وذلك مع جهاز توقيت لتفجير القنبلة التي وضعت في كيس نايلون أو حقيبة ظهر.

ومع ذلك، ليس هناك خيوط أولية بارزة حول أي مشتبه به حتى الآن.

هناك شاب سعودي (20 عاماً) يحمل تأشيرة دخول كطالب جامعي كان مصاباً بجروح بالغة في المنطقة قرب التفجير وشوهد يهرب من مسرح الجريمة، وبالتالي تبلغت السلطات المعنية معلومات عنه. تمّ التحقيق مع هذا الشاب في المستشفى ومن ثم تفتيش منزله على بعد ستة أميال من بوسطن والتحقيق مع زميلين له في هذا المنزل، لكن ما تسرب من التحقيقات هو أن الشاب نفى أي تورط له في الاعتداء، معرباً عن حزنه لسقوط الضحايا.

التحقيق لا يزال قائما مع الشاب السعودي، الذي وصف بأنه "شخص محور اهتمام"، لكن مع مرور الساعات بدأت الشكوك تتراجع بشأنه. زميل هذا الشاب السعودي صرح لصحيفة "بوسطن غلوب" بأنه لا يمكن لزميله بأن يقوم بعمل مماثل، ووصفه بأنه "مسلم متدين معجب بكرة القدم" وهو من المدينة المنورة في السعودية، ويتابع في بوسطن دروساً بالانكليزية. لكن وسط الساعات الأولى والتخبط الإعلامي حول دور هذا الشاب، اضطرت الخارجية الأميركية بالأمس إلى إلغاء تغطية الصحافيين للاجتماع بين وزير الخارجية جون كيري ونظيره السعودي سعود الفيصل، مبلغة الإعلاميين بهذا الأمر قبل 15 دقيقة فقط. وفي السياق، رأت صحيفة "بوليتيكو" أن هذه الخطوة ربما أتت لتفادي أي أسئلة عن الشاب السعودي والشكوك حوله.

هناك فيديو عن شاب آخر يسير في مكان الانفجار وهو مغطى الرأس بثياب سوداء، وهناك أيضاً شاحنة خرجت من وسط العاصمة قبيل التفجير، كما تمّ وضع رقم هاتف بتصرف الرأي العام ليتصل عليه أي شخص يملك أدلة تساعد التحقيق. لكن جمع كل هذه المعطيات، من صور وتسجيلات مصورة والتدقيق في السيارات ومراقبة الهواتف وفهم طبيعة الانفجار، قد تستغرق فترة قبل التوصل إلى خيط ملموس يكشف معالم الجريمة.

البيت الأبيض لا يزال يؤكد أنه يجب عدم القفز إلى استنتاجات لغياب الأدلة الكافية حتى الساعة، لمعرفة من قام بالاعتداء وما الغاية وراءه. أمس الأول، قال البيت الابيض إنه سيتعامل مع الجريمة كأنها "عمل ارهابي" لكن لم يستخدم هذا التوصيف بشكل مباشر. هذا يذكّر الى حد ما بما حصل بعد مقتل السفير الاميركي كريس ستيفنز في ليببا حين تردد البيت الابيض في وصف هذا الاعتداء بأنه "عمل ارهابي"، ما أدى الى معارك سياسية مع الجمهوريين في الكونغرس. لكن عملياً، فإن وضع مكتب التحقيقات الفيدرالي يده على هذا الملف ليل أمس الأول، كان دليلاً تلقائيا على أنه تم التعامل مع الانفجار على أساس أنه "عمل إرهابي".

الرئيس باراك أوباما تحدث إلى الأميركيين عن الاعتداء مرة ثانية بالأمس، غداة تصريحه أمس الأول بعد ثلاث ساعات من الانفجارين في بوسطن. حتى لو لم يكن لديه معطيات كافية لكشفها. دروس الماضي علّمت الإدارات المتعاقبة بأن الصمت المطول أمام حدث على هذا المستوى قد يكون مكلفا سياسياً، والأفضل خروج الرئيس الى العلن وتطمين الأميركيين ومواساتهم والوعد بتحقيق العدالة. العام 2009، بعد محاولة تفجير فاشلة لطائرة مدنية فوق ديترويت، انتظر اوباما ثلاثة ايام قبل التحدث الى الأميركيين، فتعرض الى انتقادات من الجمهوريين، لا سيما أنه كان في عطلة الميلاد في هاواي مع عائلته.

أوباما وصف تفجير بوسطن بالأمس بأنه "عمل شائن وجبان، واستنادا الى ما نعرفه الآن عما حدث، مكتب التحقيقات الفيدرالي يحقق بذلك على أنه عمل ارهابي. في أي وقت يتم استخدام تفجيرات لاستهداف مدنيين، هذا عمل إرهابي"، مضيفاً "ما لا نعرفه حتى الآن هو من نفذ هذا الاعتداء ولماذا، وإذا ما تم التخطيط والتنفيذ من قبل منظمة إرهابية اجنبية أو محلية أو إذا كان عملا فردياً حاقدا. هذا ما لا نعرفه بعد، وبشكل واضح نحن في بداية تحقيقنا". كما أكد أوباما أن دوافع التفجير لا تزال مجهولة و"كل شيء آخر هو تكهنات في هذه المرحلة".

 

  • فريق ماسة
  • 2013-04-16
  • 12549
  • من الأرشيف

حذر بعد هجوم بوسطن لا يستبعد الخيط الدولي

ثمة ترقب أميركي بخصوص ما إذا كان تفجير بوسطن بداية لسلسلة من الاعتداءات التي تستهدف الأماكن العامة والأحداث الرياضية الكبيرة والمتتالية في الولايات المتحدة، وبالتالي دخول عامل جديد من العنف المتنقل الذي يُضاف إلى خطر الأسلحة الفردية المنتشرة. من هنا، فإن تحديد مسار التحقيق وهوية المخططين والمنفذين، والذي قد لا يتضح في المدى المنظور، قد يكون له تداعيات على الحكومة الفيدرالية عند معرفة ما إذا كانت دوافع المرتكب قضايا داخلية أميركية أو استهدافا خارجياً من تنظيم "القاعدة" أو أي جهة أخرى. حتى الساعة، ليس هناك مشتبه به أو جهة أعلنت مسؤوليتها، والحكومة الفيدرالية ليس لديها معلومات حول تهديدات محتملة جديدة في المدى المنظور. من يدير التحقيق عملياً هو مكتب التحقيق الفيدرالي بالتعاون مع شرطة بوسطن والسلطات المعنية في ولاية ماساشوستس. السلطات الفيدرالية أكدت بالأمس أن الاعتداء كان نتيجة انفجارين فقط وليس أكثر، وأن التحقيق له بعد دولي وسيتم الوصول إلى أي مشتبه به في أي مكان من العالم. هناك عمليات استجواب واطلاع على كمية هائلة من قاعدة بيانات من كاميرات مراقبة وصور ومعلومات من الموطنين، إضافة إلى تطويق وسط العاصمة ومنع خروج أي سيارة منها قبل الانتهاء من جمع الأدلة. المعلومات الرسمية للتحقيق تتحدث عن عبوة ناسفة وضعت في طنجرة ضغط معدنية، تم وضع كمية بارود فيها وليس ديناميت أو مواد أكثر تعقيداً، وذلك مع جهاز توقيت لتفجير القنبلة التي وضعت في كيس نايلون أو حقيبة ظهر. ومع ذلك، ليس هناك خيوط أولية بارزة حول أي مشتبه به حتى الآن. هناك شاب سعودي (20 عاماً) يحمل تأشيرة دخول كطالب جامعي كان مصاباً بجروح بالغة في المنطقة قرب التفجير وشوهد يهرب من مسرح الجريمة، وبالتالي تبلغت السلطات المعنية معلومات عنه. تمّ التحقيق مع هذا الشاب في المستشفى ومن ثم تفتيش منزله على بعد ستة أميال من بوسطن والتحقيق مع زميلين له في هذا المنزل، لكن ما تسرب من التحقيقات هو أن الشاب نفى أي تورط له في الاعتداء، معرباً عن حزنه لسقوط الضحايا. التحقيق لا يزال قائما مع الشاب السعودي، الذي وصف بأنه "شخص محور اهتمام"، لكن مع مرور الساعات بدأت الشكوك تتراجع بشأنه. زميل هذا الشاب السعودي صرح لصحيفة "بوسطن غلوب" بأنه لا يمكن لزميله بأن يقوم بعمل مماثل، ووصفه بأنه "مسلم متدين معجب بكرة القدم" وهو من المدينة المنورة في السعودية، ويتابع في بوسطن دروساً بالانكليزية. لكن وسط الساعات الأولى والتخبط الإعلامي حول دور هذا الشاب، اضطرت الخارجية الأميركية بالأمس إلى إلغاء تغطية الصحافيين للاجتماع بين وزير الخارجية جون كيري ونظيره السعودي سعود الفيصل، مبلغة الإعلاميين بهذا الأمر قبل 15 دقيقة فقط. وفي السياق، رأت صحيفة "بوليتيكو" أن هذه الخطوة ربما أتت لتفادي أي أسئلة عن الشاب السعودي والشكوك حوله. هناك فيديو عن شاب آخر يسير في مكان الانفجار وهو مغطى الرأس بثياب سوداء، وهناك أيضاً شاحنة خرجت من وسط العاصمة قبيل التفجير، كما تمّ وضع رقم هاتف بتصرف الرأي العام ليتصل عليه أي شخص يملك أدلة تساعد التحقيق. لكن جمع كل هذه المعطيات، من صور وتسجيلات مصورة والتدقيق في السيارات ومراقبة الهواتف وفهم طبيعة الانفجار، قد تستغرق فترة قبل التوصل إلى خيط ملموس يكشف معالم الجريمة. البيت الأبيض لا يزال يؤكد أنه يجب عدم القفز إلى استنتاجات لغياب الأدلة الكافية حتى الساعة، لمعرفة من قام بالاعتداء وما الغاية وراءه. أمس الأول، قال البيت الابيض إنه سيتعامل مع الجريمة كأنها "عمل ارهابي" لكن لم يستخدم هذا التوصيف بشكل مباشر. هذا يذكّر الى حد ما بما حصل بعد مقتل السفير الاميركي كريس ستيفنز في ليببا حين تردد البيت الابيض في وصف هذا الاعتداء بأنه "عمل ارهابي"، ما أدى الى معارك سياسية مع الجمهوريين في الكونغرس. لكن عملياً، فإن وضع مكتب التحقيقات الفيدرالي يده على هذا الملف ليل أمس الأول، كان دليلاً تلقائيا على أنه تم التعامل مع الانفجار على أساس أنه "عمل إرهابي". الرئيس باراك أوباما تحدث إلى الأميركيين عن الاعتداء مرة ثانية بالأمس، غداة تصريحه أمس الأول بعد ثلاث ساعات من الانفجارين في بوسطن. حتى لو لم يكن لديه معطيات كافية لكشفها. دروس الماضي علّمت الإدارات المتعاقبة بأن الصمت المطول أمام حدث على هذا المستوى قد يكون مكلفا سياسياً، والأفضل خروج الرئيس الى العلن وتطمين الأميركيين ومواساتهم والوعد بتحقيق العدالة. العام 2009، بعد محاولة تفجير فاشلة لطائرة مدنية فوق ديترويت، انتظر اوباما ثلاثة ايام قبل التحدث الى الأميركيين، فتعرض الى انتقادات من الجمهوريين، لا سيما أنه كان في عطلة الميلاد في هاواي مع عائلته. أوباما وصف تفجير بوسطن بالأمس بأنه "عمل شائن وجبان، واستنادا الى ما نعرفه الآن عما حدث، مكتب التحقيقات الفيدرالي يحقق بذلك على أنه عمل ارهابي. في أي وقت يتم استخدام تفجيرات لاستهداف مدنيين، هذا عمل إرهابي"، مضيفاً "ما لا نعرفه حتى الآن هو من نفذ هذا الاعتداء ولماذا، وإذا ما تم التخطيط والتنفيذ من قبل منظمة إرهابية اجنبية أو محلية أو إذا كان عملا فردياً حاقدا. هذا ما لا نعرفه بعد، وبشكل واضح نحن في بداية تحقيقنا". كما أكد أوباما أن دوافع التفجير لا تزال مجهولة و"كل شيء آخر هو تكهنات في هذه المرحلة".  

المصدر : السفير\ جو معكرون


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة