رغم كل ما كان يقال عن انخراط حركة حماس في عسكرة الازمة السورية واشتراكها في القتال الى جانب المسلحين بعد تدريبهم وتنظيمهم، كان الكثيرون من محبي المقاومة ومؤيديها يرفضون التصديق ويرمون من يطلق «الاشاعات»

بالافتراء والكذب لتشويه حركة المقاومة الاسلامية الفلسطينية، التي فتحت دمشق قلبها لها واسكنتها في تلافيفه، ورفضت كل اغراء وتصدت لكل ترهيب رمى للضغط عليها لاخراجها والتوقف عن منح قيادتها الملاذ الامن والحضن الدافئ.‏

ورغم المواقف السياسية التي كان يطلقها ضد سورية هذا المسؤول اوذاك من الفئة القيادية في حماس وصولا الى رئيس المكتب السياسي فيها، الذي رفع علم الانتداب السوري في غزة ولوح به تكريسا للانتماء العلني للمعارضة السورية، فقد حاول البعض ايضا من الحريصين على المقاومة - باعتبارها الطريق الوحيد لتحرير فلسطين واعادة اهلها اليها - حاول هذا البعض ايجاد المبررات بالقول انه عمل في مصلحة المقاومة بعد ان اصطف النظام الرسمي العربي في جبهة تقودها اميركا ضد سورية، وان ليس من مصلحة حماس ان تعادي «الكثرة الرسمية العربية» وتكرر خطأ منظمة التحرير حين لم تقف مع الكويت عندما غزاها صدام حسين، طبعا مع فارق جذري بطبيعة المواقف ومآلها ومع ذلك كان للتبرير من يصدقه اويأخذ به بدافع الحرص على المقاومة.‏

اما اليوم فقد صدم كل من عمل لايجاد التبرير لحركة حماس في موقفها ضد سورية، صدم بعد ان كشفت الصحافة الغربية وبشكل يستند الى القرائن والدلائل القطعية التي يعرف المختصون صوابيتها، حيث كشف دور حركة حماس في سورية بتدريب المسلحين عبر مشاركتها لهم في اعمال قتل السوريين وحفر الانفاق واستعمال كل الخبرات التي وصلت اليها من داعميها في محور المقاومة والممانعة، صدمة لم تترك لاحد مجالا لايجاد تبرير لهذا السلوك، خاصة مع مقارنة الامر مع الفتوى التي اصدرها في تشرين الثاني الماضي وزير الاوقاف في حكومة حماس في غزة، بعد مواجهات العام 2012 مع اسرائيل وبعد التوصل الى تفاهم- اتفاق حول التهدئة، فتوى تنص على «ان اطلاق الصواريخ على اسرائيل من غزة يعتبر فسادا في الارض» طبعا يدرك المطلع على الفقه الاسلامي دلالات الفتوى ومعنى الفساد ونتائجه من خلال الآية «من قتل نفسا بغير نفس اوفساد في الارض فكأنما قتل الناس جميعا» والنتجة تكون ان جزاء المفسد هوالقتل العاجل في الدنيا والنار الاجلة في الاخرة، اذن يقتل من يرمي اسرائيل بصاروخ، في حين يجري احتضان المسلحين في سورية ويتم تدريبهم وتنظيمهم وهم يقومون باطلاق قذائف الهاون على الامنين العزل في المدن السورية وتحديدا على الاحياء الدمشقية التي كانت تحيط بالمكان الامن الذي قدمته الحكومة السورية لقيادة حركة حماس بعد ان ضاقت عليها الارض بما رحبت ورفض استقبالها احد في العالم خشية الغضب الاميركي الاسرائيلي.‏

وهنا يسأل المعني المتابع كيف لحركة المقاومة الاسلامية الفلسطينية ان تتنكر للحلقة الوسطى من محور المقاومة والممانعة الذي حدد لعمله هدفا استراتيجيا اساسيا هوتحرير فلسطين، وهو المحور الذي يكاد اعضاؤه ينفردون بمقولة «اسرائيل شر مطلق وغدة سرطانية واجبة الاقتلاع وكيان غير مشروع يحرم التعامل معه» كيف لها تتنكر لمن يقول بذلك وتلجأ متحالفة متعانقة مع من يفتح عواصمه لاسرائيل ويقيم التحالفات معها ويفتح لها السفارات حيث يرفرف العلم الاسرائيلي بحراسة القوات المسلحة العربية والاسلامية لتلك لدول؟‏

وفي الاجابة عن السؤال لا يرى الباحث في الامر تفسيرا الا من خلال امرين متلازمين : الاول عائد الى موقع حركة حماس في انتمائها العضوي والبنيوي لحركة «الاخوان المسلمين»، والثاني الصفقة التي عقدتها الحركة الام مع النظام الغربي – الصهيوني بالقيادة الاميركية والمتضمنة تمكينها من الوصول الى السلطة في دول تشكل هلالاً يحيط باسرائيل من جوانبها كلها من مصر في الجنوب والغرب، الى سوريا ولبنان في الشمال مرورا بالاردن في الشرق (ولنتذكر ما قاله احد العاملين بالاوامر الاميركية في لبنان : «فليحكم الاخوان» يكون هذا مقابل تأمين الامن لاسرائيل ومنع تشكل اي خطر وجودي عليها. صفقة اختصرت يومها بالقول «السلطة لكم (للاخوان) والامن والسلطان لنا (اي لاسرائيل و للجبهة الغربية الصهيونية بالقيادة الاميركية)، صفقة تولت تنفيذها ميدانيا تركيا وتمويلها بشكل اساسي مباشر قطر.‏

وهنا وفي معرض البحث نواجه اشكالية اخرى تتمثل بالسؤال: هل سيقيض لهذا المشروع - الصفقة ان تنجح ؟ وهل بمقدور الاخوان المسلمين امتلاك السلطة اوالسيطرة في مصر والاردن وسورية ولبنان ؟‏

في عودة للواقع المتشكل بعد نيف وثلاثين شهرا من انطلاق الشرارة الاولى للحريق العربي نكاد نقول، لا بل قد نجزم ومن غير تردد بان المشروع فشل وعلى اكثر من صعيد خاصة واننا نرى :‏

 

1) في مصر انهيار حكم الاخوان المسلمين باسرع ما كان يمكن ان يتصوره احد، وقد باتت مصر في واقع يقودها الى اتجاه من ثلاثة وكلها لا تستقيم مع مقولة «استمرار حكم الاخوان»: الاول انحلال الدولة المركزية وتحولها الى دولة فاشلة لا تستطيع ان ترسي امنها وبالتالي لن تستطيع ان تؤمن لاسرائيل اي امن تريده وهذا ما سيحول سيناء بشكل تدريجي الى مكان يحشد المقاومين الحقيقين (ومنهم بالتأكيد مقاتلو حماس ذاتها) بعيدا عن يد الاخوان وسلطتهم، اما الثاني فانه يتمثل في تشكل الكتل الشعبية المتناحرة على اسس دينية اوفكرية اوفقهية ما سيؤدي ايضا الى شلل حكم الاخوان، والاتجاه الثالث وهوما كنا لفتنا اليه قبل ستة اشهر وهوالاتجاه العسكري المتمثل باحتمال قيام مبادرة ضباط وطنيين من الجيش بعملية انقاذية تقصي الاخوان عن السلطة بشكل اكيد.‏

2) في الاردن، وبعد ان وقف على خطر الاخوان على عرشه، تمكن الملك من القيام بمناورات محسوبة بدقة في الداخل وباتجاه الخارج جعلته يقترب من دائرة الطمأنينة على السلطة الملكية القائمة بعيدا عن سيطرة الاخوان وكان في تنسيقه البعيد عن الانظار مع اكثر من جهة عربية اواسلامية تخشى من حكم الاخوان اثر بالغ في رسم حدود منطقة الامان تلك، ثم ثبت امانه باستصدار التعهدات الاروبية من صناع عرشه (الانكليز) ومتعهدي حمايته الحاضرة (اميركا) ولذلك نرى حركة الملك السياسية تجاه سورية رمادية ملتبسة لا يمكن ان تصل الى حد الانخراط الكلي في الحرب عليها كما يريد الاخوان، ولا تصل الى الحد النقيض اي دعم سورية حتى لا يستفز الاخرين من اعدائها فيكيدون له بشكل يؤلمه . والمحصلة هنا ان الاخوان لن يكون لهم حكم الاردن وسيبقى حلمهم بعيد المنال.‏

3) اما في لبنان فان ظروفا موضوعية وذاتية تجعل احمقا من يعتقد بامكانية اقامة حكم الاخوان المسلمين فيه، ولا يغير في الحال ان يكون نجيب الميقاتي اكتفى بالاتصال باردوغان قبل استقالته طامعا في ان يعود بحكومة تعمل باوامر اردوغانية وهوالامر الذي لم ولن يحصل.‏

4) وتبقى سورية حيث إنه وخلال السنتين الماضتين شكلت العقبة الكأداء امام حلم الاخوان، ومنعت تنفيذ الصفقة – المشروع الغربي -، اذ رغم الحرب الكونية التي شنت عليها والطاقات الخيالية التي استعملت ضدها، ورغم عمليات القتل والتدمير والخسائر التي لحقت ببنية الدولة، فان سورية صمدت وقادت معركتها الدفاعية بشكل وصلت معه الامور اليوم ولدى كل العقلاء والموضوعيين، وصلت الى القول بان انتصار العدوان عليها بات مستحيلا، وبان اقامة نظام حكم لا يرتضيه السوريون لانفسهم هو اكثر استحالة، واذا كانت صناديق الاقتراع تعطي مسؤولي الدولة القائمة فيها اغلبية عادية قبل العدوان، فان هذه الاغلبية باتت اليوم اغلبية ساحقة تعدت ال 75 % بشهادة وكالات الاستخبارات الاجنبية التي اجرت استطلاعات على طريقتها قبل ان تغامر في التفاوض الذي كان معدا له ان ينطلق في اذار الماضي وتم تاجيله الى حزيران بتأثير من عدة عوامل منها نتيجة الاستطلاع تلك، ومنها طلبات الثنائي الاخواني (تركيا وقطر) بعد ان قدمت تركيا لاميركا كل التنازلات بما في ذلك ما تضمنته العلاقة المهينة مع اسرائيل، والتراجع في الملف الكردي، اما قطر فقد التزمت برفع المبلغ الذي تدفعه لاميركا مقابل اقامة القاعدة العسكرية على اراضيها من مليون و200 الف دولار الى مليونين ونصف المليون دولار سنويا مع التزام بعقود مع الشركات الاميركية تصل الى 8 مليارات دولار خلال هذا العام... ولكن رغم التأجيل فان الوقائع الميدانية محاطة بالحركة الدولية من كوريا الى جنوب افريقيا فالبحر الاسود فكازاخستان، كلها تقود الى امر واحد مفاده ان لا تغيير في وجهة نتائج الصراع في سورية، فالعداون فشل والاخوان لن يصادروا السلطة فيها.‏

وفي المحصلة نجد ان مستلزمات الصفقة المشروع (بين الغرب والاخوان) والذي حمل حركة حماس لاتخاذ مواقف تتنكر فيها لمن حضنها ودعمها في سورية، هذه المستلزمات لم ولن تتوفر وهلال «حكم الاخوان» الحاضن لاسرائيل بادارة تركية وتمويل قطري، لن يقوم، وان من يتخلى عن بندقيته لاهثاً وراء احلام سياسية لا يمكن ان يحقق شيئا في وجه عدوٍّ لا يقيم وزنا لحق اوقانون، ولا يحسب حسابا الا للقوة، القوة التي ساهمت سورية في توفيرها سابقاً - سورية التي يقاتلونها اليوم - سورية التي كانت والتي تستمر وستستمر في احتضان القضية الفلسطينية حتى ولو تنكر لها عرب ومسلمون وفلسطينيون، ولن يكون مع هذا الاصرار «هلال حكم الاخوان والأمن لإسرائيل».‏

  • فريق ماسة
  • 2013-04-07
  • 8678
  • من الأرشيف

هكذا سقط حلم «هلال حكم الأخوان والأمن لإسرائيل» .

رغم كل ما كان يقال عن انخراط حركة حماس في عسكرة الازمة السورية واشتراكها في القتال الى جانب المسلحين بعد تدريبهم وتنظيمهم، كان الكثيرون من محبي المقاومة ومؤيديها يرفضون التصديق ويرمون من يطلق «الاشاعات» بالافتراء والكذب لتشويه حركة المقاومة الاسلامية الفلسطينية، التي فتحت دمشق قلبها لها واسكنتها في تلافيفه، ورفضت كل اغراء وتصدت لكل ترهيب رمى للضغط عليها لاخراجها والتوقف عن منح قيادتها الملاذ الامن والحضن الدافئ.‏ ورغم المواقف السياسية التي كان يطلقها ضد سورية هذا المسؤول اوذاك من الفئة القيادية في حماس وصولا الى رئيس المكتب السياسي فيها، الذي رفع علم الانتداب السوري في غزة ولوح به تكريسا للانتماء العلني للمعارضة السورية، فقد حاول البعض ايضا من الحريصين على المقاومة - باعتبارها الطريق الوحيد لتحرير فلسطين واعادة اهلها اليها - حاول هذا البعض ايجاد المبررات بالقول انه عمل في مصلحة المقاومة بعد ان اصطف النظام الرسمي العربي في جبهة تقودها اميركا ضد سورية، وان ليس من مصلحة حماس ان تعادي «الكثرة الرسمية العربية» وتكرر خطأ منظمة التحرير حين لم تقف مع الكويت عندما غزاها صدام حسين، طبعا مع فارق جذري بطبيعة المواقف ومآلها ومع ذلك كان للتبرير من يصدقه اويأخذ به بدافع الحرص على المقاومة.‏ اما اليوم فقد صدم كل من عمل لايجاد التبرير لحركة حماس في موقفها ضد سورية، صدم بعد ان كشفت الصحافة الغربية وبشكل يستند الى القرائن والدلائل القطعية التي يعرف المختصون صوابيتها، حيث كشف دور حركة حماس في سورية بتدريب المسلحين عبر مشاركتها لهم في اعمال قتل السوريين وحفر الانفاق واستعمال كل الخبرات التي وصلت اليها من داعميها في محور المقاومة والممانعة، صدمة لم تترك لاحد مجالا لايجاد تبرير لهذا السلوك، خاصة مع مقارنة الامر مع الفتوى التي اصدرها في تشرين الثاني الماضي وزير الاوقاف في حكومة حماس في غزة، بعد مواجهات العام 2012 مع اسرائيل وبعد التوصل الى تفاهم- اتفاق حول التهدئة، فتوى تنص على «ان اطلاق الصواريخ على اسرائيل من غزة يعتبر فسادا في الارض» طبعا يدرك المطلع على الفقه الاسلامي دلالات الفتوى ومعنى الفساد ونتائجه من خلال الآية «من قتل نفسا بغير نفس اوفساد في الارض فكأنما قتل الناس جميعا» والنتجة تكون ان جزاء المفسد هوالقتل العاجل في الدنيا والنار الاجلة في الاخرة، اذن يقتل من يرمي اسرائيل بصاروخ، في حين يجري احتضان المسلحين في سورية ويتم تدريبهم وتنظيمهم وهم يقومون باطلاق قذائف الهاون على الامنين العزل في المدن السورية وتحديدا على الاحياء الدمشقية التي كانت تحيط بالمكان الامن الذي قدمته الحكومة السورية لقيادة حركة حماس بعد ان ضاقت عليها الارض بما رحبت ورفض استقبالها احد في العالم خشية الغضب الاميركي الاسرائيلي.‏ وهنا يسأل المعني المتابع كيف لحركة المقاومة الاسلامية الفلسطينية ان تتنكر للحلقة الوسطى من محور المقاومة والممانعة الذي حدد لعمله هدفا استراتيجيا اساسيا هوتحرير فلسطين، وهو المحور الذي يكاد اعضاؤه ينفردون بمقولة «اسرائيل شر مطلق وغدة سرطانية واجبة الاقتلاع وكيان غير مشروع يحرم التعامل معه» كيف لها تتنكر لمن يقول بذلك وتلجأ متحالفة متعانقة مع من يفتح عواصمه لاسرائيل ويقيم التحالفات معها ويفتح لها السفارات حيث يرفرف العلم الاسرائيلي بحراسة القوات المسلحة العربية والاسلامية لتلك لدول؟‏ وفي الاجابة عن السؤال لا يرى الباحث في الامر تفسيرا الا من خلال امرين متلازمين : الاول عائد الى موقع حركة حماس في انتمائها العضوي والبنيوي لحركة «الاخوان المسلمين»، والثاني الصفقة التي عقدتها الحركة الام مع النظام الغربي – الصهيوني بالقيادة الاميركية والمتضمنة تمكينها من الوصول الى السلطة في دول تشكل هلالاً يحيط باسرائيل من جوانبها كلها من مصر في الجنوب والغرب، الى سوريا ولبنان في الشمال مرورا بالاردن في الشرق (ولنتذكر ما قاله احد العاملين بالاوامر الاميركية في لبنان : «فليحكم الاخوان» يكون هذا مقابل تأمين الامن لاسرائيل ومنع تشكل اي خطر وجودي عليها. صفقة اختصرت يومها بالقول «السلطة لكم (للاخوان) والامن والسلطان لنا (اي لاسرائيل و للجبهة الغربية الصهيونية بالقيادة الاميركية)، صفقة تولت تنفيذها ميدانيا تركيا وتمويلها بشكل اساسي مباشر قطر.‏ وهنا وفي معرض البحث نواجه اشكالية اخرى تتمثل بالسؤال: هل سيقيض لهذا المشروع - الصفقة ان تنجح ؟ وهل بمقدور الاخوان المسلمين امتلاك السلطة اوالسيطرة في مصر والاردن وسورية ولبنان ؟‏ في عودة للواقع المتشكل بعد نيف وثلاثين شهرا من انطلاق الشرارة الاولى للحريق العربي نكاد نقول، لا بل قد نجزم ومن غير تردد بان المشروع فشل وعلى اكثر من صعيد خاصة واننا نرى :‏   1) في مصر انهيار حكم الاخوان المسلمين باسرع ما كان يمكن ان يتصوره احد، وقد باتت مصر في واقع يقودها الى اتجاه من ثلاثة وكلها لا تستقيم مع مقولة «استمرار حكم الاخوان»: الاول انحلال الدولة المركزية وتحولها الى دولة فاشلة لا تستطيع ان ترسي امنها وبالتالي لن تستطيع ان تؤمن لاسرائيل اي امن تريده وهذا ما سيحول سيناء بشكل تدريجي الى مكان يحشد المقاومين الحقيقين (ومنهم بالتأكيد مقاتلو حماس ذاتها) بعيدا عن يد الاخوان وسلطتهم، اما الثاني فانه يتمثل في تشكل الكتل الشعبية المتناحرة على اسس دينية اوفكرية اوفقهية ما سيؤدي ايضا الى شلل حكم الاخوان، والاتجاه الثالث وهوما كنا لفتنا اليه قبل ستة اشهر وهوالاتجاه العسكري المتمثل باحتمال قيام مبادرة ضباط وطنيين من الجيش بعملية انقاذية تقصي الاخوان عن السلطة بشكل اكيد.‏ 2) في الاردن، وبعد ان وقف على خطر الاخوان على عرشه، تمكن الملك من القيام بمناورات محسوبة بدقة في الداخل وباتجاه الخارج جعلته يقترب من دائرة الطمأنينة على السلطة الملكية القائمة بعيدا عن سيطرة الاخوان وكان في تنسيقه البعيد عن الانظار مع اكثر من جهة عربية اواسلامية تخشى من حكم الاخوان اثر بالغ في رسم حدود منطقة الامان تلك، ثم ثبت امانه باستصدار التعهدات الاروبية من صناع عرشه (الانكليز) ومتعهدي حمايته الحاضرة (اميركا) ولذلك نرى حركة الملك السياسية تجاه سورية رمادية ملتبسة لا يمكن ان تصل الى حد الانخراط الكلي في الحرب عليها كما يريد الاخوان، ولا تصل الى الحد النقيض اي دعم سورية حتى لا يستفز الاخرين من اعدائها فيكيدون له بشكل يؤلمه . والمحصلة هنا ان الاخوان لن يكون لهم حكم الاردن وسيبقى حلمهم بعيد المنال.‏ 3) اما في لبنان فان ظروفا موضوعية وذاتية تجعل احمقا من يعتقد بامكانية اقامة حكم الاخوان المسلمين فيه، ولا يغير في الحال ان يكون نجيب الميقاتي اكتفى بالاتصال باردوغان قبل استقالته طامعا في ان يعود بحكومة تعمل باوامر اردوغانية وهوالامر الذي لم ولن يحصل.‏ 4) وتبقى سورية حيث إنه وخلال السنتين الماضتين شكلت العقبة الكأداء امام حلم الاخوان، ومنعت تنفيذ الصفقة – المشروع الغربي -، اذ رغم الحرب الكونية التي شنت عليها والطاقات الخيالية التي استعملت ضدها، ورغم عمليات القتل والتدمير والخسائر التي لحقت ببنية الدولة، فان سورية صمدت وقادت معركتها الدفاعية بشكل وصلت معه الامور اليوم ولدى كل العقلاء والموضوعيين، وصلت الى القول بان انتصار العدوان عليها بات مستحيلا، وبان اقامة نظام حكم لا يرتضيه السوريون لانفسهم هو اكثر استحالة، واذا كانت صناديق الاقتراع تعطي مسؤولي الدولة القائمة فيها اغلبية عادية قبل العدوان، فان هذه الاغلبية باتت اليوم اغلبية ساحقة تعدت ال 75 % بشهادة وكالات الاستخبارات الاجنبية التي اجرت استطلاعات على طريقتها قبل ان تغامر في التفاوض الذي كان معدا له ان ينطلق في اذار الماضي وتم تاجيله الى حزيران بتأثير من عدة عوامل منها نتيجة الاستطلاع تلك، ومنها طلبات الثنائي الاخواني (تركيا وقطر) بعد ان قدمت تركيا لاميركا كل التنازلات بما في ذلك ما تضمنته العلاقة المهينة مع اسرائيل، والتراجع في الملف الكردي، اما قطر فقد التزمت برفع المبلغ الذي تدفعه لاميركا مقابل اقامة القاعدة العسكرية على اراضيها من مليون و200 الف دولار الى مليونين ونصف المليون دولار سنويا مع التزام بعقود مع الشركات الاميركية تصل الى 8 مليارات دولار خلال هذا العام... ولكن رغم التأجيل فان الوقائع الميدانية محاطة بالحركة الدولية من كوريا الى جنوب افريقيا فالبحر الاسود فكازاخستان، كلها تقود الى امر واحد مفاده ان لا تغيير في وجهة نتائج الصراع في سورية، فالعداون فشل والاخوان لن يصادروا السلطة فيها.‏ وفي المحصلة نجد ان مستلزمات الصفقة المشروع (بين الغرب والاخوان) والذي حمل حركة حماس لاتخاذ مواقف تتنكر فيها لمن حضنها ودعمها في سورية، هذه المستلزمات لم ولن تتوفر وهلال «حكم الاخوان» الحاضن لاسرائيل بادارة تركية وتمويل قطري، لن يقوم، وان من يتخلى عن بندقيته لاهثاً وراء احلام سياسية لا يمكن ان يحقق شيئا في وجه عدوٍّ لا يقيم وزنا لحق اوقانون، ولا يحسب حسابا الا للقوة، القوة التي ساهمت سورية في توفيرها سابقاً - سورية التي يقاتلونها اليوم - سورية التي كانت والتي تستمر وستستمر في احتضان القضية الفلسطينية حتى ولو تنكر لها عرب ومسلمون وفلسطينيون، ولن يكون مع هذا الاصرار «هلال حكم الاخوان والأمن لإسرائيل».‏

المصدر : الثورة \.د.أمين محمد حطيط


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة