دليل ماسة
أكثر الروابط استخداما
حذّر الرئيس السوري بشار الأسد، أمس، من أن تقسيم سوريا أو سيطرة «الإرهابيين» عليها سينتقل وفق تأثير «الدومينو» إلى دول الجوار أولا ومن ثم إلى دول بعيدة عن المنطقة، معتبراً أن دمشق محاطة بدول تساعد «الإرهابيين» وتسمح بمرورهم إلى سوريا.
وشنّ الأسد، في مقابلة مع قناة «اولوصال» وصحيفة «ايدنليك» التركيتين بثت أمس، هجوماً على رئيس الحكومة التركية رجب طيب أردوغان الذي يدعم «الإرهابيين» من أجل مستقبله السياسي. وقال «يبدو أن أردوغان رأى في الأحداث التي تحصل في العالم العربي فرصة له لإطالة عمره السياسي. هذا الرجل عقله عقل إخوان مسلمين. الإخوان مجموعة انتهازية تستخدم الدين من أجل مصالح شخصية».
ودعا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى وقف تزويد المعارضة السورية بالأسلحة وضرورة جلوس جميع الأطراف السورية حول طاولة المفاوضات، منتقداً فكرة البحث بإسقاط الرئيس بشار الأسد أولا قبل معرفة الطريق الذي ستمضي إليه الأزمة، وذلك فيما تشهد التسوية السياسية والجهود الديبلوماسية حالة من الجهود يتوقع استمرارها خلال الأسابيع المقبلة.
ليس هناك تحرك سياسي دولي بشأن سوريا قبل حزيران المقبل. الاستنتاج يفرض نفسه على ديبلوماسي عربي قدّم تقييماً سلبياً لنتائج مهمة الوساطة التي يحاولها المبعوث الدولي والعربي الأخضر الإبراهيمي في سوريا.
ويرتبط ذلك التاريخ ببديهة أن التحرك الأخير الذي أعاد الإبراهيمي إلى الأضواء، ومحاولات دفع الحل السياسي أميركياً وروسياً إلى الحياة، نجم عن اللقاء الأخير للرئيسين الأميركي باراك أوباما والروسي فلاديمير بوتين مطلع كانون الأول الماضي في دبلن، على هامش قمة الثمانية الكبار.
وكان أوباما وبوتين قد كلفا وزيري خارجيتهما آنذاك بتنشيط اللقاءات على قاعدة «بيان جنيف»، وأدى إلى تنظيم أربعة لقاءات متتالية في دبلن وجنيف ولندن، شارك فيها الإبراهيمي ونائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف ومساعد وزير الخارجية الأميركي وليام بيرنز. وأدت الاتصالات الأميركية - الروسية إلى تحقيق تفاهم على إحياء «اتفاق جنيف»، واعتباره قاعدة الحل في سوريا، من دون أن ينعقد توجه أميركي - روسي مبرم حول مصير الرئيس السوري بشار الأسد في العملية الانتقالية.
ويقول ديبلوماسي عربي يواكب عمل الإبراهيمي إنه يستبعد أن يطرأ أي تغيير على جبهة الحل السياسي تؤدي إلى تحريك مهمته، قبل لقاء بوتين - أوباما أواخر حزيران المقبل، وتجديدهما المحتمل الدعوة إلى تحريك الملف.
وأصيبت مهمة الإبراهيمي بسلسلة من النكسات المتتابعة. إذ نقل ديبلوماسي عربي أن أي تقدم لم يتحقق في اللقاءات التي أجراها الإبراهيمي، سواء مع الإيرانيين الذين زارهم في طهران قبل ثلاثة أسابيع ثم التقى مساعد وزير خارجيتهم حسين أمير عبد اللهيان في القاهرة الاثنين الماضي، أو مع مسؤولي المعارضة السورية، خلال لقائه الأسبوع الماضي بزعيم «الائتلاف» المعارض أحمد معاذ الخطيب في اسطنبول.
وروى المصدر الديبلوماسي أن الإيرانيين لا يزالون يتمسكون ببقاء الأسد على رأس السلطة، وان شيئاً لم يتغير في مواقفهم، وهو ما يتعارض مع «بيان جنيف» وروح العملية الانتقالية. وقال إن اللقاءات مع الخطيب تهدف إلى تقديم دعم إلى الطرف الوحيد داخل «الائتلاف» الذي يقبل ببيان جنيف ويؤيد قيام حكومة انتقالية، من دون أن يكون قادراً على اتخاذ مبادرات في هذا الاتجاه، لا تؤدي إلى زيادة عزلته داخل «الائتلاف».
وقال المصدر الديبلوماسي العربي إن مهمة الإبراهيمي تلقت ضربتين قويتين من قطر والجامعة العربية التي وافقت على منح «الائتلاف» مقعد سوريا لدى الجامعة، واعترفت «بالحكومة المؤقتة» خصوصاً. وتخل هذه الخطوة بشرعية انتدابه مبعوثاً عربياً إلى سوريا على قاعدة بيان جنيف الذي وافقت عليه الجامعة العربية، وينص على تشكيل حكومة انتقالية أساساً لأي حل سياسي. وكان الإبراهيمي نفسه قد قاطع القمة العربية في الدوحة لتعارض ما يمثله مع موضوع القمة.
ومنذ اعتراف الجامعة العربية بـ«حكومة الائتلاف» سيكون صعباً على الإبراهيمي الجمع بين المبعوثية العربية والأممية، لأنه من غير الممكن مبدئياً، الجمع بين العمل على قيام حكومة انتقالية، وتمثيل مجموعة تدعم «حكومة مؤقتة» تسيطر على قسم من سوريا، وتعارض في السياسة والواقع حل الحكومة الانتقالية.
وكان القرار العربي قد أجهز على كل محاولات الحل السياسي بنظر الإبراهيمي، وأدى إلى إضعافه خاصة إزاء الأمم المتحدة أيضا. ورغم أن مهمته تستمر حتى نهاية العام رسمياً، فإنه عبّر عن تشاؤمه في اتصال هاتفي الأسبوع الماضي مع الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون. وقال ديبلوماسي عربي، مقرب من مهمة الإبراهيمي، إنه لن يبقى مكتوف اليدين بانتظار اجتماع أوباما - بوتين، وان كل الاحتمالات واردة بالنسبة إليه.
وألغى الأميركيون والروس اجتماعاً مقرراً في 15 آذار الماضي في مجلس الأمن يتوّج تفاهمهم حول بيان جنيف للبحث في الاتفاق على تحويل البيان إلى قرار دولي. وكان الروس قد رفضوا المشاركة في الاجتماع المكرّس لسوريا وأفغانستان، بعد عودة الأميركيين إلى المطالبة بتنحي الأسد، ما عدّوه تراجعاً عن تفاهم بتحييد البحث بمصيره إلى مرحلة لاحقة.
وأسهم الإبراهيمي نفسه في إضعاف مهمته في الأشهر الأخيرة. إذ لم يعد إلى زيارة دمشق منذ أربعة أشهر، بعد لقائه العاصف الأخير مع الرئيس السوري في 25 كانون الأول الماضي. وأعقب اللقاء سلسلة تصريحات هاجم فيها الأسد وانتقد خطابه في الأوبرا، وقدم فيها تفسيرات لبيان جنيف اعتبرتها دمشق منحازة. وجاءت موجة قذائف الهاون الأخيرة على دمشق لتغلق مكتب ممثله هناك مختار لماني لينتقل إلى القاهرة.
وكان اجتماع دول «البريكس» قد تجاهل تسميته بالاسم في بيانه النهائي في جنوب أفريقيا. كما أن الروس لا يعتزمون تنظيم أي لقاء قريب به لعدم حدوث أي تقدم على جبهة الاتصالات السياسية، وغضب الروس من الجامعة العربية التي تحبط كل الجهود الديبلوماسية كما نقل خبير عربي عن وزير الخارجية الروسية سيرغي لافروف. وينقل عن لافروف قوله إن المرحلة المقبلة ستشهد جموداً، وان الأميركيين لا يريدون التدخل، ويتركون القطريين والسعوديين يقومون بعمليات التسليح الواسعة.
ويضع الوزير الروسي تفسيرات عدة لما يمكن أن يسعى إليه الأميركيون في تعدد سياساتهم في سوريا، لا سيما منها إشاعة الفوضى، وتغيير ميزان القوى لتحسين شروط التفاوض لإجبار الروس على التخلي عن الأسد. ويقول إن النظام لا يزال يملك من القوة لكي يصمد أشهراً طويلة، لكن الروس لن يتحركوا كثيرا بعد قرار الجامعة العربية، لكي لا يعكسوا الانطباع بأنهم يريدون الدخول في مواجهة مع أكثرية الدول العربية، رغم قناعتهم بأن قرار الجامعة العربية غير شرعي.
المصدر :
السفير\ محمد بلوط
اكتب تعليق
كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة