إرتبطت الأزمات الدولية وتشابكت الساحات بالساحات لا فرق بين غرب وشرق، إلى حد بات يُطلق اليوم على كوريا الشمالية اليوم إسم "كوريا الأسد"، بعد تهديد بيونغ يانغ بضرب الولايات المتحدة الأميركية نووياً.

في سوريا تنفس النظام الصعداء، وبدأ مرحلة إستعادة زمام المبادرة الميدانية. في دمشق تراجعت الحماوة في الأيام القليلة الماضية، بسبب ضرب الجيش السوري أكبر تجمعات للمجموعات المسلحة في محيط العاصمة. التكتيك العسكري تبدّل، صار الجيش أكثر خبرة بقتال الشوراع و"حرب العصابات"، وتولّت الوحدات الخاصة فيه مهمات المواجهة، ما أدى إلى تقدم الجيش في داريا التي تعتبر المنطقة الإستراتيجية التي تجاور العاصمة وتصل إلى المزة - في حسابات المعارضة داريا هي نقطة إرتكاز، كان يعتمد عليها المسلحون في خطة الوصول إلى دمشق.

يروي مطّلعون أن الجيش السوري أجرى عمليات تكتيكية في هجومه على المسلحين عبر الإلتفاف من الخلف، ومحاصرة المجموعات في "كماشة"، أو حفر خنادق تحت الأرض للوصول إلى أمكنة وجودهم. ويتوقع المطّلعون أن تحصل مفاجآت عسكرية قريباً.

لم تقتصر العمليات العسكرية في مناطق محددة، بل أن الجيش السوري واصل التقدم في محاور عدة، وتبين أن الخطة تقوم على وصل المحافظات السورية ببعضها، وفرض الأمن في المدن أساساً. مثلاً يتحدث مواطنون سوريون أنهم باتوا يتنقلون بين لبنان وريف حلب دون أي مشاكل تواجه المسافرين، من خلال سلوك بعض الطرق التي إستقرّ فيها الأمن.

أما الأخبار الواردة من حمص فتوحي أن المسلحين باتوا في حالة تراجع تشهد عليه معارك وادي السايح، وكذلك لم يعد تأثير المجموعات أو "الجيش الحر" فاعلاً نسبياً في دير الزور، لكن القضية تنحصر أساساً في حلب وريفها وصولاً الى الحدود مع تركيا، وبالطبع الرقة "التي يحضّر لها الجيش السوري خطة عسكرية سرية لملاحقة المسلحين فيها".

المسألة ليست في حالٍ من البساطة، لأن المسلحين تغلغلوا مثلاً في مناطق ريف دمشق وصولاً إلى الجولان، وأقاموا ممرات حدودية تشابه نسبياً ما يجري على حدود سوريا الشمالية، مع فارق أن دعم إسرائيل سري ومدروس، بينما الدعم عبر تركيا متاح ومكشوف.

ولا يوحي المشهد الميداني بقدرة الجيش السوري على الحسم بفعل إمتداد المسلحين وتواجد "جبهة النصرة" وتزايد أعداد المقاتلين الهائلة من سوريا وخارجها، لكن الأبرز هو الحدود المفتوحة من جبهات عدة، ما يعني أن لا قدرة سورية على انهاء المعارك إلا بالتسوية الدولية لمنع وصول السلاح والمسلحين، كما لا قدرة للمعارضة على تحقيق المزيد سوى إنجاز مكسب من هنا يقابله خسارة من هناك.

سياسياً تتعلق المعارضة بحبل الإنتظار الدولي، إثر فشل تحقيق إنجاز عملي بعد تسلم مقعد الجامعة العربية. تسلُم سفارات وإنشاءُ ممثليات للإئتلاف في عواصم عربية وغربية لم يصل إلى نتيجة، إلى حد أن سفير الإئتلاف المعارض في قطر لا يستطيع الخروج من الدوحة بسبب إنتهاء صلاحية جواز سفره السوري، بينما إستحصل أقاربه على تمديد للجوازات من السفارة السورية في الإمارات بعد قرار الرئيس السوري بشار الأسد حول جوازات السفر.

عملياً الأمور تراوح مكانها، سفر المعارضين بين الدول معلّق بقرارات السفارات السورية التي تتلقى التعليمات من وزارة الخارجية في دمشق حول الجوازات. فأين نجاحات المعارضة دبلوماسياً؟ وماذا حققت عملياً إذا كانت عاجزة عن تأمين أبسط الأمور؟

على الجبهة الروسية إزداد التقدم الروسي ما بين إرسال السفن الحربية إلى طرطوس، ودعوة الرئيس فلاديمير بوتين إلى وقف تسليح المعارضة السورية فوراً. أما خلط المعادلات الدولية، فظهر في الموقف الكوري الشمالي ضد الولايات المتحدة الأميركية، بالتزامن مع مفاوضات بين الدول الخمس وطهران في كازاخستان حول الملف النووي الإيراني.

ويروي أحد السياسيين اللبنانيين المحسوبين على قوى 14 آذار القادمين حديثاً من زيارة أميركية أن الإيرانيين والغربيين قاربوا الإتفاق، لكن طهران تريد فرض الحل في سوريا، ما يؤخر التسوية الدولية الموزعة في أكثر من إتجاه. ويبدو حلفاء سوريا من روسيا إلى الصين وإيران صامدين في دعم دمشق، مقابل عدم تنازل أميركي واضح حتى الساعة، ما حرّك جبهة كوريا – طبعاً الى أسباب الصراع الإقتصادي الأساسي والسياسي والإستراتيجي الدولي- كوريا تجاور الصين وروسيا وتعادي الأميركيين.

بات السوريون يسمونها بكوريا الأسد، بينما حرّك الأميركيون ساحات أخرى، ودُفع لبنان إلى حكومة جديدة لا تريدها واشنطن إستفزازية، بل وفاقية كما تصرّ السعودية، تحضيراً لزمن التسوية حول سوريا كي لا يكون لبنان في الحضن الدمشقي، أو يكون في المواجهة البديلة. سيناريوهات بالجملة تُطرح لكن المراهنة على سقوط سوريا باتت خلف العرب والغرب، فما هي عناوين وزمن المرحلة المقبلة؟ ومتى تُترجم حسابات الحرب من سوريا إلى كوريا في دفتر التسوية الدولية؟ خصوصا" أن الفاصل بينهما أقل من حرف

 

  • فريق ماسة
  • 2013-04-06
  • 10001
  • من الأرشيف

من سورية إلى "كوريا"... حسابات الحرب في دفتر التسوية..

إرتبطت الأزمات الدولية وتشابكت الساحات بالساحات لا فرق بين غرب وشرق، إلى حد بات يُطلق اليوم على كوريا الشمالية اليوم إسم "كوريا الأسد"، بعد تهديد بيونغ يانغ بضرب الولايات المتحدة الأميركية نووياً. في سوريا تنفس النظام الصعداء، وبدأ مرحلة إستعادة زمام المبادرة الميدانية. في دمشق تراجعت الحماوة في الأيام القليلة الماضية، بسبب ضرب الجيش السوري أكبر تجمعات للمجموعات المسلحة في محيط العاصمة. التكتيك العسكري تبدّل، صار الجيش أكثر خبرة بقتال الشوراع و"حرب العصابات"، وتولّت الوحدات الخاصة فيه مهمات المواجهة، ما أدى إلى تقدم الجيش في داريا التي تعتبر المنطقة الإستراتيجية التي تجاور العاصمة وتصل إلى المزة - في حسابات المعارضة داريا هي نقطة إرتكاز، كان يعتمد عليها المسلحون في خطة الوصول إلى دمشق. يروي مطّلعون أن الجيش السوري أجرى عمليات تكتيكية في هجومه على المسلحين عبر الإلتفاف من الخلف، ومحاصرة المجموعات في "كماشة"، أو حفر خنادق تحت الأرض للوصول إلى أمكنة وجودهم. ويتوقع المطّلعون أن تحصل مفاجآت عسكرية قريباً. لم تقتصر العمليات العسكرية في مناطق محددة، بل أن الجيش السوري واصل التقدم في محاور عدة، وتبين أن الخطة تقوم على وصل المحافظات السورية ببعضها، وفرض الأمن في المدن أساساً. مثلاً يتحدث مواطنون سوريون أنهم باتوا يتنقلون بين لبنان وريف حلب دون أي مشاكل تواجه المسافرين، من خلال سلوك بعض الطرق التي إستقرّ فيها الأمن. أما الأخبار الواردة من حمص فتوحي أن المسلحين باتوا في حالة تراجع تشهد عليه معارك وادي السايح، وكذلك لم يعد تأثير المجموعات أو "الجيش الحر" فاعلاً نسبياً في دير الزور، لكن القضية تنحصر أساساً في حلب وريفها وصولاً الى الحدود مع تركيا، وبالطبع الرقة "التي يحضّر لها الجيش السوري خطة عسكرية سرية لملاحقة المسلحين فيها". المسألة ليست في حالٍ من البساطة، لأن المسلحين تغلغلوا مثلاً في مناطق ريف دمشق وصولاً إلى الجولان، وأقاموا ممرات حدودية تشابه نسبياً ما يجري على حدود سوريا الشمالية، مع فارق أن دعم إسرائيل سري ومدروس، بينما الدعم عبر تركيا متاح ومكشوف. ولا يوحي المشهد الميداني بقدرة الجيش السوري على الحسم بفعل إمتداد المسلحين وتواجد "جبهة النصرة" وتزايد أعداد المقاتلين الهائلة من سوريا وخارجها، لكن الأبرز هو الحدود المفتوحة من جبهات عدة، ما يعني أن لا قدرة سورية على انهاء المعارك إلا بالتسوية الدولية لمنع وصول السلاح والمسلحين، كما لا قدرة للمعارضة على تحقيق المزيد سوى إنجاز مكسب من هنا يقابله خسارة من هناك. سياسياً تتعلق المعارضة بحبل الإنتظار الدولي، إثر فشل تحقيق إنجاز عملي بعد تسلم مقعد الجامعة العربية. تسلُم سفارات وإنشاءُ ممثليات للإئتلاف في عواصم عربية وغربية لم يصل إلى نتيجة، إلى حد أن سفير الإئتلاف المعارض في قطر لا يستطيع الخروج من الدوحة بسبب إنتهاء صلاحية جواز سفره السوري، بينما إستحصل أقاربه على تمديد للجوازات من السفارة السورية في الإمارات بعد قرار الرئيس السوري بشار الأسد حول جوازات السفر. عملياً الأمور تراوح مكانها، سفر المعارضين بين الدول معلّق بقرارات السفارات السورية التي تتلقى التعليمات من وزارة الخارجية في دمشق حول الجوازات. فأين نجاحات المعارضة دبلوماسياً؟ وماذا حققت عملياً إذا كانت عاجزة عن تأمين أبسط الأمور؟ على الجبهة الروسية إزداد التقدم الروسي ما بين إرسال السفن الحربية إلى طرطوس، ودعوة الرئيس فلاديمير بوتين إلى وقف تسليح المعارضة السورية فوراً. أما خلط المعادلات الدولية، فظهر في الموقف الكوري الشمالي ضد الولايات المتحدة الأميركية، بالتزامن مع مفاوضات بين الدول الخمس وطهران في كازاخستان حول الملف النووي الإيراني. ويروي أحد السياسيين اللبنانيين المحسوبين على قوى 14 آذار القادمين حديثاً من زيارة أميركية أن الإيرانيين والغربيين قاربوا الإتفاق، لكن طهران تريد فرض الحل في سوريا، ما يؤخر التسوية الدولية الموزعة في أكثر من إتجاه. ويبدو حلفاء سوريا من روسيا إلى الصين وإيران صامدين في دعم دمشق، مقابل عدم تنازل أميركي واضح حتى الساعة، ما حرّك جبهة كوريا – طبعاً الى أسباب الصراع الإقتصادي الأساسي والسياسي والإستراتيجي الدولي- كوريا تجاور الصين وروسيا وتعادي الأميركيين. بات السوريون يسمونها بكوريا الأسد، بينما حرّك الأميركيون ساحات أخرى، ودُفع لبنان إلى حكومة جديدة لا تريدها واشنطن إستفزازية، بل وفاقية كما تصرّ السعودية، تحضيراً لزمن التسوية حول سوريا كي لا يكون لبنان في الحضن الدمشقي، أو يكون في المواجهة البديلة. سيناريوهات بالجملة تُطرح لكن المراهنة على سقوط سوريا باتت خلف العرب والغرب، فما هي عناوين وزمن المرحلة المقبلة؟ ومتى تُترجم حسابات الحرب من سوريا إلى كوريا في دفتر التسوية الدولية؟ خصوصا" أن الفاصل بينهما أقل من حرف  

المصدر : النشرة \عباس ضاهر


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة