دليل ماسة
أكثر الروابط استخداما
انتظار على جبهة المعارضة السورية، بعد لحظة الذروة بانتزاع «الائتلاف الوطني» مقعد سورية لدى الجامعة العربية.
ولا تظهر المشاورات داخل «الائتلاف» استعجالا كبيرا للاندفاع نحو الخطوة التالية، بتشكيل «حكومة موقتة»، بعد أن جرى تعيين غسان هيتو «رئيسا» لها. ويصطدم التشكيل، الذي كان الأميركيون والقطريون، يرشحون له الأسماء بأولوية إعادة الهيكلة وتوسيع قاعدة التمثيل والشرعية، لتوزيع المناصب و«الوزارات» بطريقة أكثر توازنا. كما ينتظر توافقا قطريا - سعوديا على طريقة إدارة «حكومة» هيتو وطبيعة «الحكومة»: تكنوقراطية أم سياسية؟.
ووضع السعوديون في خدمة الأصوات السورية المعارضة كل إمكانياتهم الإعلامية والمادية، لكبح الانفراد القطري في التصرف بالمعارضة، إلى حد تشجيع واستقطاب وجوه علمانية وتوظيفها في العراك مع الدوحة. وكان الأميركيون طلبوا أيضا، في الأيام الأخيرة، التمهل في تشكيل «الحكومة»، بعد أن تحولت إلى قضية خلافية كبيرة بين التشكيلات السياسية والعسكرية للمعارضة السورية.
ولا ينجم الانتظار على جبهة التشكيل «الحكومي» من انعدام الإجابات عن كل تلك الأسئلة فحسب، فـ«الائتلاف» نفسه، الذي يعد مرجعية «الحكومة»، لن يكون قادرا على مواصلة عمله، في ما لو واصل القطريون إدارته بالطريقة الصدامية نفسها التي أداروا فيها، تنصيب غسان هيتو «رئيسا للوزراء»، وفرضه على المعارضة السورية، مع حلفائهم من جماعة الإخوان المسلمين. كما أن الكتلة التي تدعم تشكيل «الحكومة» بسرعة ووضع الشمال السوري تحت سيطرتها، لم تعد تمثل أكثر من تحالف أقلوي ثنائي، لكنه فعال، يضم «الإخوان» والدوحة. ويحظى القطريون مع كتلتي مصطفى الصباغ و«الإخوان» بما يقارب 40 صوتا، يشكلون أكثرية وازنة لفرض خريطة الطريق على «الائتلاف».
وتضم لائحة المعارضين جماعات متفرقة، أهمها «المجالس العسكرية الموحدة»، التي رفضت تعيين هيتو، وترفض المضي في تعيين أي «حكومة» قبل أن يتم توسيع «الائتلاف». ويقف في المعارضة رئيس «الائتلاف» احمد معاذ الخطيب نفسه ونائبه رياض سيف، ومجموعة التسعة الذين جمدوا عضويتهم، ومنهم كمال اللبواني ووليد البني ومروان حاج رفاعي ومحمد العاصي الجربا. لكنها مجموعة تفتقد رؤية مشتركة.
وإذ يتمتع الخطيب بنبرة وطنية عالية، وقدر عال من «الاستقلالية» والتمرد على القطريين، إلى حد المطالبة بالحل التفاوضي وانتقاد تدخلهم في شؤون المعارضة، إلا انه لا يزال مترددا في ترجمة مواقفه والقطع مع «الائتلاف» و«الإخوان» والقطريين، وتحرير المعارضة من هيمنتهم، وبلورة تحالف مع أنصار الحل التفاوضي من معارضة الداخل.
كما تضم لائحة من القادمين الجدد تحت عناوين طائفية أو عرقية، لم يألفها الخطاب السياسي السوري. فخلال الأسابيع الماضية، جهدت أطراف كثيرة، غربية وعربية، في تجميع ممثلين للطوائف في مؤتمرات في القاهرة أو اسطنبول، تحت مسميات علوية أو مسيحية أو تركمانية، لضمها إلى «الائتلاف» تعزيزا لشرعيته.
يعبر التجميع الطائفي عن التصورات الغربية للحل في سورية، وهي تصورات تفترض أن إسقاط النظام يمر عبر منازعة قاعدته من الأقليات وطمأنة الخائفين منها، بمنحها مقاعد في الصفوف الأولى لـ«الائتلاف»، من دون أن يعكس ذلك تحولات حقيقية على الأرض، على الأقل بالأحجام التي يجري الرهان عليها في وزارات الخارجية البريطانية والفرنسية والأميركية. وكان المشرفون على الملف السوري في الخارجيات الثلاث يعتبرون منذ تكوينهم لـ«المجلس الوطني»، ضم الطوائف والأقليات إلى المعارضة، شرط تشريعها، وهو ما عبرت عنه بجلاء وزيرة الخارجية الأميركية السابقة هيلاري كلينتون عندما نعت «المجلس الوطني» لإخفاقه في اجتذاب الأقليات.
ولا يملك المعارضون لهيمنة «الإخوان» وقطر سوى خطة اختراق «الائتلاف»، وإغراقه بكتلة معارضة جديدة من الأقليات والنساء والمجتمع المدني، والمراهنة على كرههم التكويني المفترض لجماعة «الإخوان» لوقف تقدمها، علما بأن «الإخوان» كانوا أول من بادر إلى «التقية» السياسية والتخفي خلف واجهات علمانية كبرهان غليون ومسيحية كجورج صبرا بترئيسهما «المجلس الوطني». وهكذا تقدم شعار توسيع «الائتلاف»، ورفع عدد أعضائه من ٦٦ حاليا إلى ١٠٠، على قضية تشكيل «الحكومة» كأحد تكتيكات من يحاولون احتواء «الإخوان»، والرد عليهم ومنعهم من وضع اليد سياسيا وإداريا على المناطق التي ستشرف عليها «الحكومة الموقتة»، وتحويلها إلى كيان «إخواني».
ويقول معارضون ان «الإخوان» لا يبالون بتقسيم الكيان السوري. وينسب معارضون إلى نائب المراقب العام للجماعة محمد فاروق طيفور موافقته على إقامة كيان في الشمال السوري، عاصمته حلب، وإدارة ما يمكن الحصول عليه، من دون انتظار الحسم العسكري في دمشق.
وبرر المعارض السوري ذلك بانزلاق الصراع من «ثورة» إلى صراع على السلطة. وقال معارض سوري ان اتجاهات في «الائتلاف» بدأت تتعايش مع احتمالات إدارة سورية من قبل حكومتين أمدا غير محدد، وربما تقسيمها. وأعلن أن الخطر يكمن في انه سيكون من الصعب ربما إعادة توحيد الكيانات. ونقل المعارض السوري عن الخطيب اعتقاده أن الخطر ليس في التقسيم بين الشمال والجنوب السوري، لكن في امتناع بعض المناطق التي تسيطر عليها المعارضة عن الخضوع لسلطة الحكومة الجديدة.
ويبدو شرط التوسيع قبل التشكيل طوق نجاة المعارضين لجماعة «الإخوان» داخل المعارضة بدائيا وبعيدا عن فهم أن بنية «الائتلاف»، إذا ما توسعت على أساس الاصطفاف الطائفي، لن تغير شيئا في وظيفته، لان من يحدد وظيفته هي الدول التي رعت تشكيله ولا تزال تموله ولن تغير أجندتها.
وتقول مصادر في المعارضة السورية ان الأسبوع المقبل سيشهد اجتماعات لخبراء الملف السوري في خارجيات مجموعة الـ١١ في «أصدقاء سوريا». وتضم المجموعة تركيا وقطر والسعودية ودولة الإمارات والأردن وفرنسا والولايات المتحدة وبريطانيا وألمانيا وايطاليا. وتنظر المجموعة في مستقبل «الائتلاف» وتشكيل «الحكومة» وتمويلها وعمليات التسليح الجارية.
وحذر المبعوث العربي والدولي إلى سورية الأخضر الإبراهيمي من أن خطوات الاعتراف بـ«الائتلاف» ومحاولات تسليمه مقاعد سورية في منظمة المؤتمر الإسلامي وغيرها ستؤدي إلى إفشال الحل السياسي. وقال ان «مزيدا من الخطوات باتجاه الاعتراف بالمعارضة السورية قد يؤدي الى تعنت النظام السوري الذي ما زال يملك القوة التسليحية الأكبر في مواجهة الثورة السورية، وهو ما سيفشل في النهاية الحل السياسي».
المصدر :
السفير/ محمد بلوط
اكتب تعليق
كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة