لم تكن المواقف التي صدرت عن القيادة الأردنية عشية زيارة الرئيس الأميركي باراك أوباما إلى المنطقة في آذار الماضي وليدة الصدفة، خصوصا تلك المتصلة بالوضع السوري، بدليل أن هذه المواقف أبلغت بتفصيل أدق إلى أوباما خلال زيارته الأردن، وتحديدا في شقين، الأول، يتعلق بالموقف من «الإخوان المسلمين» انطلاقا مما سبق وأعلنه الملك الأردني عبدالله الثاني، والثاني الموقف من سوريا، وقد عبر عنه علنا وزير الخــارجية الأردني ناصر جودة من أن بلاده تســعى لإبقاء شعرة معــاوية مع النظام السوري، حتى يبقـى الأردن مقــبولا بفــتح الحوار مع طرفــي النزاع في ســوريا مستقبلا.

هذه المعطيات يربطها مصدر ديبلوماسي عربي واسع الاطلاع بزيارة سرية قام بها عبدالله الثاني قبل 10 أيام من زيارة أوباما للمنطقة لسوريا، والتقى خلالها الرئيس بشار الأسد، وأبلغه «أننا نبحر سوية في مركب واحد فإذا غرقت أغرق أنا، وينطبق على كلينا المثل القائل: أكلت يوم أكل الثور الأبيض، وعدونا واحد وهم جماعة التكفيريين والإخوان المسلمين»، وانه لن يتهاون في مواجهة «الإخوان» في الأردن ومستمر بالتنــسيق الأمني مع النظام السوري.

ويوضح المصدر أن عبد الله الثاني أبلغ أوباما أنه «حليف أساسي لأميركا في المنطقة»، لكنه لن يسمح بأن يطلب من الأردن السير بسياسات تتعارض مع سيادته واستقراره، «فالأردن يرفض أن يصار إلى استغلال أوضاعه الاقتصادية الصعبة لابتزازه من قبل بعض دول الخليج والغرب عبر إجراء مقايضة بين استمرار المساعدات التي يتلقاها الأردن وبين فتح الحدود لتدفق المقاتلين التكفيريين إلى سوريا»، مؤكدا أن الحكومة الأردنية ستذهب إلى أقصى الحدود في مواجهة «الإخوان المسلمين» والقوى السلفية المدعومة من بعض دول الخليج والغرب. وقال «أنا غير مستعد لتحويل حدود الأردن منصة لانطلاق أعمال حربية ضد سوريا، كما هي الحال على الحدود التركية ـ السورية».

 

وأضاف عبدالله الثاني مخاطبا أوباما «في السنوات الست الماضية أخفتمونا من التمدد الإيراني، وكنت أول من جاهر محذرا من الهلال الشيعي، وإذا بكم تعملون على استحداث هلال إخواني – سلفي يمتد من مصر إلى المغرب العربي وتركيا مرورا بالعراق وسوريا وصولا إلى الأردن، وأنا لن أقبل بأن يكون بلدي جزءا من الهلالين».

وقال المصدر إن مخاوف الملك الأردني «تلقفها الرئيس الأميركي باهتمام وايجابية، وهذا يؤشر إلى استمرار المساعي الأميركية مع روسيا والصين للإسراع في التوصل إلى تسوية في الملف السوري، خاصة أن الموقف الأميركي الحقيقي هو الذي عبّر عنه وزير الخارجية جون كيري لجهة عدم ممانعة بلاده بحصول تسوية في ظل الأسد».

ويضيف المصدر أنه في ضوء هذا التطور في الموقف الأردني «سارعت كل من تركيا وقطر إلى تحقيق انجاز سياسي بعد العجز عن تحقيق انجاز عسكري على الأرض في سوريا، وتمثل ذلك في طرد سوريا الدولة ذات السيادة من الجامعة العربية وإحلال الائتلاف السوري المعارض في مقعدها واستبدال العلم السوري بعلم الثورة، وكل ذلك من اجل أن تتمكن تركيا وقطر وبعض الدول من أن يكون لها حصة في التسوية الأميركية ـ الروسية، والتي بدأت صورتها ترتسم وحدود إنضاجها قد يكون حزيران المقبل، موعد القمة الرئاسية الروسية – الأميركية بين فلاديمير بوتين وباراك أوباما».

  • فريق ماسة
  • 2013-04-03
  • 11940
  • من الأرشيف

هل زار ملك الأردن دمشق سراً ؟

لم تكن المواقف التي صدرت عن القيادة الأردنية عشية زيارة الرئيس الأميركي باراك أوباما إلى المنطقة في آذار الماضي وليدة الصدفة، خصوصا تلك المتصلة بالوضع السوري، بدليل أن هذه المواقف أبلغت بتفصيل أدق إلى أوباما خلال زيارته الأردن، وتحديدا في شقين، الأول، يتعلق بالموقف من «الإخوان المسلمين» انطلاقا مما سبق وأعلنه الملك الأردني عبدالله الثاني، والثاني الموقف من سوريا، وقد عبر عنه علنا وزير الخــارجية الأردني ناصر جودة من أن بلاده تســعى لإبقاء شعرة معــاوية مع النظام السوري، حتى يبقـى الأردن مقــبولا بفــتح الحوار مع طرفــي النزاع في ســوريا مستقبلا. هذه المعطيات يربطها مصدر ديبلوماسي عربي واسع الاطلاع بزيارة سرية قام بها عبدالله الثاني قبل 10 أيام من زيارة أوباما للمنطقة لسوريا، والتقى خلالها الرئيس بشار الأسد، وأبلغه «أننا نبحر سوية في مركب واحد فإذا غرقت أغرق أنا، وينطبق على كلينا المثل القائل: أكلت يوم أكل الثور الأبيض، وعدونا واحد وهم جماعة التكفيريين والإخوان المسلمين»، وانه لن يتهاون في مواجهة «الإخوان» في الأردن ومستمر بالتنــسيق الأمني مع النظام السوري. ويوضح المصدر أن عبد الله الثاني أبلغ أوباما أنه «حليف أساسي لأميركا في المنطقة»، لكنه لن يسمح بأن يطلب من الأردن السير بسياسات تتعارض مع سيادته واستقراره، «فالأردن يرفض أن يصار إلى استغلال أوضاعه الاقتصادية الصعبة لابتزازه من قبل بعض دول الخليج والغرب عبر إجراء مقايضة بين استمرار المساعدات التي يتلقاها الأردن وبين فتح الحدود لتدفق المقاتلين التكفيريين إلى سوريا»، مؤكدا أن الحكومة الأردنية ستذهب إلى أقصى الحدود في مواجهة «الإخوان المسلمين» والقوى السلفية المدعومة من بعض دول الخليج والغرب. وقال «أنا غير مستعد لتحويل حدود الأردن منصة لانطلاق أعمال حربية ضد سوريا، كما هي الحال على الحدود التركية ـ السورية».   وأضاف عبدالله الثاني مخاطبا أوباما «في السنوات الست الماضية أخفتمونا من التمدد الإيراني، وكنت أول من جاهر محذرا من الهلال الشيعي، وإذا بكم تعملون على استحداث هلال إخواني – سلفي يمتد من مصر إلى المغرب العربي وتركيا مرورا بالعراق وسوريا وصولا إلى الأردن، وأنا لن أقبل بأن يكون بلدي جزءا من الهلالين». وقال المصدر إن مخاوف الملك الأردني «تلقفها الرئيس الأميركي باهتمام وايجابية، وهذا يؤشر إلى استمرار المساعي الأميركية مع روسيا والصين للإسراع في التوصل إلى تسوية في الملف السوري، خاصة أن الموقف الأميركي الحقيقي هو الذي عبّر عنه وزير الخارجية جون كيري لجهة عدم ممانعة بلاده بحصول تسوية في ظل الأسد». ويضيف المصدر أنه في ضوء هذا التطور في الموقف الأردني «سارعت كل من تركيا وقطر إلى تحقيق انجاز سياسي بعد العجز عن تحقيق انجاز عسكري على الأرض في سوريا، وتمثل ذلك في طرد سوريا الدولة ذات السيادة من الجامعة العربية وإحلال الائتلاف السوري المعارض في مقعدها واستبدال العلم السوري بعلم الثورة، وكل ذلك من اجل أن تتمكن تركيا وقطر وبعض الدول من أن يكون لها حصة في التسوية الأميركية ـ الروسية، والتي بدأت صورتها ترتسم وحدود إنضاجها قد يكون حزيران المقبل، موعد القمة الرئاسية الروسية – الأميركية بين فلاديمير بوتين وباراك أوباما».

المصدر : السفير\ داود رمال


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة