عقدت "جمعية الوفاق الوطني" الإسلامية – كبرى جمعيات المعارضة في البحرين – مؤتمرها العام لمدة ثلاثة أيام خلال الأسبوع الأخير من شهر آذار الماضي في قرية سار في غربي المنامة. ولكن المؤتمر لم يمر مرور الكرام، خصوصاً في ظل أجواء تسعى فيها الحكومة للتضييق على المعارضة بشتى الطرق، كان آخرها، إعلان مكتب شؤون الجمعيات السياسية في وزارة العدل أن "الوفاق" تخالف القانون لاستخدامها دور العبادة لممارسة النشاط السياسي. الوزارة ذاتها التي تجاهلت سابقاً أكبر تجمعات الموالاة في باحة أحد الجوامع الكبرى في البحرين، بل أن الملك حمد بن خليفة آل ثاني كان شاكراً لهذا التجمع.

ووصفت "الوفاق" هذا الإجراء بأنه يعكس تخبط وغياب البعد الوطني لدى السلطة الحاكمة، حيث أنها تبحث عن المزيد من الإجراءات الانتقامية وعمليات البطش التي لا تتقن غيرها تجاه المخالفين لها في الرأي والموقف. وأشارت في بيان إلى أن صالة المؤتمر تجارية، ولا ينفي هذه الصفة كونها تابعة لمأتم أو مؤسسة اجتماعية.

ويأتي ذلك ضمن مناوشات قضائية متبادلة بين المعارضة، ممثلة في "الوفاق" كونها تقود ائتلافاً من خمس جمعيات سياسية، وبين الحكومة التي تستهدف معارضين من الجمعية عبر الإجراءات القانونية.

الأسبوع الماضي، حركت وزارة شؤون البلديات والتخطيط العمراني دعوى مستعجلة ضد رئيس المجلس البلدي للمنامة، القيادي في "الوفاق" مجيد ميلاد، وهو أحد أعضاء وفد المعارضة إلى طاولة الحوار الوطني. وتأتي الدعوى إثر تصريحات سياسية لميلاد، وصفتها الوزارة بأنها "تجاوزت الثوابت الوطنية واحترام الوطن ورموزه"، فضلاً عن حجة انشغال العضو البلدي بالأمور السياسية ما يعتبر تجاوزاً لاختصاصاته. أما ميلاد فنفى الاتهام، ووصفه بأنه "تذاكٍ على المواطنين واستهداف للحوار، ومحاولة حكومية رسمية لضربه".

يُذكر أن وزارة الشؤون أقالت في العام 2011 خمسة أعضاء في المجلس البلدي ضمن كتلة "الوفاق"، وصلوا إلى مناصبهم بالانتخاب.

سلسلة المناكفات القضائية بين "الوفاق" والحكومة تمتد إلى أكثر من عام، فمنذ أسبوعين تقدمت الجمعية أيضاً بشكوى جنائية لدى النيابة العامة ضد وزير الدولة لشؤون الإعلام والمتحدث الرسمي باسم الحكومة سميرة رجب، لاستغلالها منصبها في الإساءة للجمعية. وقد اتهمت رجب "الوفاق" بأنها تدعو إلى العنف وتستخدمه وسيلة.

ويأتي ذلك في أعقاب رفع الوزيرة ذاتها شكوى ضد نائب الأمين العام لـ"الوفاق" الشيخ حسين الديهي، بتهمة النيل من شخصها بنعوت مخلَّة وأوصاف معيبة، وذلك في حضور جمع من الناس، ما اعتبرته تجاوزاً لحق النقد المباح. وقد وصفها الديهي بالـ"شعشبونة" في أحدى خطبه الجماهيرية. وبالفعل حركت النيابة الدعوى واستجوبت الديهي.

وكانت "الوفاق" تقدمت العام الماضي بدعوى أمام محكمة الأمور المستعجلة ضد وزارة الداخلية، مطالبة بوقف قرار الوزارة بالسماح لمجنديها باستخدام قنابل الغاز في الأحياء السكنية والمناطق المحيطة بها، وإلزامها بالامتناع بموجب ذلك عن استخدام القنابل الغازية والأسلحة الأشد منها في تفريق التجمعات أو المسيرات في المناطق السكنية.

وأرفقت "الوفاق" الدعوى بعشرات التسجيلات المصورة التي تظهر سلوكيات رجال الأمن داخل القرى والمناطق السكنية، والتي تسببت في مقتل العشرات حتى الآن، منتهكة قاعدتي الضرورة والتناسب.

كذلك، تقدمت الجمعية ببلاغ جنائي ضد وزير شؤون البلديات ووزير العدل لدى النيابة العامة، متهمةً إياهما بالتورط "في هدم المساجد في فترة قانون الطوارئ في العام 2011".

واستندت الجمعية في رفع الشكوى إلى تقرير اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق الذي أشار إلى هدم مساجد وحسينيات ومآتم وأضرحة للطائفة الشيعية بين شهري آذار وأيار العام 2011. وبحسب الجمعية، فإن وزير البلديات حرك إجراءات معينة لهدم المساجد بحجة مخالفة قانون تنظيم المباني. أما الدعوى ضد وزير العدل فاستندت إلى تصريحاته بأنه أشرف على عمليات الهدم، وأن "ما تمت إزالته في الحقيقة مبانٍ ومنشآت غير مرخصة ولا تخص مذهباً معيناً".

وفي حديث إلى "السفير"، قال القيادي في جمعية "الوفاق" السيد هادي الموسوي، "تترسخ قناعة المواطنين في البحرين يوماً بعد يوم بأحقية مطالبهم المشروعة، ومن بينها القضاء العادل والنزيه، والذي لا يخضع لهيمنة السلطة التنفيذية أو أي جهة كانت، ويمارس دوره في تقويم الدولة ومحاربة الفساد والجرائم". وأضاف "وتزداد هذه القناعة حيث يقف القضاء موقفاً مخيباً لآمال البحرينيين... وتستخدم المحاكمات لضرب المعارضين، وذلك كله يؤكد أن البحرين بحاجة ماسة لنظام قائم على المساواة والعدل بعيداً عن الاستبداد الذي يمارس في أبشع صوره في مختلف السلطات، حيث تلوى يد القانون من أجل الانتقام من المواطنين".

 

  • فريق ماسة
  • 2013-04-01
  • 7377
  • من الأرشيف

البحرين: مناكفات قضائية بين "الوفاق" والنظام

عقدت "جمعية الوفاق الوطني" الإسلامية – كبرى جمعيات المعارضة في البحرين – مؤتمرها العام لمدة ثلاثة أيام خلال الأسبوع الأخير من شهر آذار الماضي في قرية سار في غربي المنامة. ولكن المؤتمر لم يمر مرور الكرام، خصوصاً في ظل أجواء تسعى فيها الحكومة للتضييق على المعارضة بشتى الطرق، كان آخرها، إعلان مكتب شؤون الجمعيات السياسية في وزارة العدل أن "الوفاق" تخالف القانون لاستخدامها دور العبادة لممارسة النشاط السياسي. الوزارة ذاتها التي تجاهلت سابقاً أكبر تجمعات الموالاة في باحة أحد الجوامع الكبرى في البحرين، بل أن الملك حمد بن خليفة آل ثاني كان شاكراً لهذا التجمع. ووصفت "الوفاق" هذا الإجراء بأنه يعكس تخبط وغياب البعد الوطني لدى السلطة الحاكمة، حيث أنها تبحث عن المزيد من الإجراءات الانتقامية وعمليات البطش التي لا تتقن غيرها تجاه المخالفين لها في الرأي والموقف. وأشارت في بيان إلى أن صالة المؤتمر تجارية، ولا ينفي هذه الصفة كونها تابعة لمأتم أو مؤسسة اجتماعية. ويأتي ذلك ضمن مناوشات قضائية متبادلة بين المعارضة، ممثلة في "الوفاق" كونها تقود ائتلافاً من خمس جمعيات سياسية، وبين الحكومة التي تستهدف معارضين من الجمعية عبر الإجراءات القانونية. الأسبوع الماضي، حركت وزارة شؤون البلديات والتخطيط العمراني دعوى مستعجلة ضد رئيس المجلس البلدي للمنامة، القيادي في "الوفاق" مجيد ميلاد، وهو أحد أعضاء وفد المعارضة إلى طاولة الحوار الوطني. وتأتي الدعوى إثر تصريحات سياسية لميلاد، وصفتها الوزارة بأنها "تجاوزت الثوابت الوطنية واحترام الوطن ورموزه"، فضلاً عن حجة انشغال العضو البلدي بالأمور السياسية ما يعتبر تجاوزاً لاختصاصاته. أما ميلاد فنفى الاتهام، ووصفه بأنه "تذاكٍ على المواطنين واستهداف للحوار، ومحاولة حكومية رسمية لضربه". يُذكر أن وزارة الشؤون أقالت في العام 2011 خمسة أعضاء في المجلس البلدي ضمن كتلة "الوفاق"، وصلوا إلى مناصبهم بالانتخاب. سلسلة المناكفات القضائية بين "الوفاق" والحكومة تمتد إلى أكثر من عام، فمنذ أسبوعين تقدمت الجمعية أيضاً بشكوى جنائية لدى النيابة العامة ضد وزير الدولة لشؤون الإعلام والمتحدث الرسمي باسم الحكومة سميرة رجب، لاستغلالها منصبها في الإساءة للجمعية. وقد اتهمت رجب "الوفاق" بأنها تدعو إلى العنف وتستخدمه وسيلة. ويأتي ذلك في أعقاب رفع الوزيرة ذاتها شكوى ضد نائب الأمين العام لـ"الوفاق" الشيخ حسين الديهي، بتهمة النيل من شخصها بنعوت مخلَّة وأوصاف معيبة، وذلك في حضور جمع من الناس، ما اعتبرته تجاوزاً لحق النقد المباح. وقد وصفها الديهي بالـ"شعشبونة" في أحدى خطبه الجماهيرية. وبالفعل حركت النيابة الدعوى واستجوبت الديهي. وكانت "الوفاق" تقدمت العام الماضي بدعوى أمام محكمة الأمور المستعجلة ضد وزارة الداخلية، مطالبة بوقف قرار الوزارة بالسماح لمجنديها باستخدام قنابل الغاز في الأحياء السكنية والمناطق المحيطة بها، وإلزامها بالامتناع بموجب ذلك عن استخدام القنابل الغازية والأسلحة الأشد منها في تفريق التجمعات أو المسيرات في المناطق السكنية. وأرفقت "الوفاق" الدعوى بعشرات التسجيلات المصورة التي تظهر سلوكيات رجال الأمن داخل القرى والمناطق السكنية، والتي تسببت في مقتل العشرات حتى الآن، منتهكة قاعدتي الضرورة والتناسب. كذلك، تقدمت الجمعية ببلاغ جنائي ضد وزير شؤون البلديات ووزير العدل لدى النيابة العامة، متهمةً إياهما بالتورط "في هدم المساجد في فترة قانون الطوارئ في العام 2011". واستندت الجمعية في رفع الشكوى إلى تقرير اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق الذي أشار إلى هدم مساجد وحسينيات ومآتم وأضرحة للطائفة الشيعية بين شهري آذار وأيار العام 2011. وبحسب الجمعية، فإن وزير البلديات حرك إجراءات معينة لهدم المساجد بحجة مخالفة قانون تنظيم المباني. أما الدعوى ضد وزير العدل فاستندت إلى تصريحاته بأنه أشرف على عمليات الهدم، وأن "ما تمت إزالته في الحقيقة مبانٍ ومنشآت غير مرخصة ولا تخص مذهباً معيناً". وفي حديث إلى "السفير"، قال القيادي في جمعية "الوفاق" السيد هادي الموسوي، "تترسخ قناعة المواطنين في البحرين يوماً بعد يوم بأحقية مطالبهم المشروعة، ومن بينها القضاء العادل والنزيه، والذي لا يخضع لهيمنة السلطة التنفيذية أو أي جهة كانت، ويمارس دوره في تقويم الدولة ومحاربة الفساد والجرائم". وأضاف "وتزداد هذه القناعة حيث يقف القضاء موقفاً مخيباً لآمال البحرينيين... وتستخدم المحاكمات لضرب المعارضين، وذلك كله يؤكد أن البحرين بحاجة ماسة لنظام قائم على المساواة والعدل بعيداً عن الاستبداد الذي يمارس في أبشع صوره في مختلف السلطات، حيث تلوى يد القانون من أجل الانتقام من المواطنين".  

المصدر : الماسة السورية


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة