من الواضح أن الموقف الروسي من الأزمة في سورية، يبقى «بيضة القبّان» في الحراك الدبلوماسي الإقليمي الدولي في ما يتعلق بالوضع هناك، على الرغم من مكابرة الأميركي وحلفائه في الغرب والخليج بمحاولة إطالة أمد هذه الأزمة من خلال تكثيف صفقات السلاح وتهريب المسلّحين، بعد أن سقطت محاولات هذا الحلف في فرض شروطه في التسوية الممكنة وبالأخص موقع الرئيس بشار الأسد في هذه التسوية وصلاحيات الحكومة الانتقالية.

من كل ذلك، كيف تبدو النظرة الروسية للوضع في سورية اليوم، وللحوار المحتمل في الفترة المقبلة بما في ذلك الموقف الأميركي من مسار الأزمة؟

وفق مصادر دبلوماسية عربية على صلة بالحراك الروسي ومطّلعة على أجوائه، فإن القيادة الروسية تنظر إلى هذا الوضع انطلاقاً من الآتي:

أولاً: هناك تلمّس روسي أن الأميركي أصبح أكثر اقتراباً من الحلّ السياسي انطلااقاً من مقرّرات جنيف، مع استمرار بعض التباينات حول تفسير بعض فقراته، وقد جاء كلام وزير الخارجية الأميركي في الساعات الماضية، ليشير إلى وجود «تبدّل ولو أولي» في الموقف الأميركي من حيث الاقتناع بضرورة الحوار، ولو أن هناك رهانات على تحقيق العصابات المسلحة إنجازاً ما على الأرض يمكن من خلاله فرض بعض الشروط على روسيا والقيادة السورية.

ثانياً: إن الروسي تمكّن من إقناع الإدارة الأميركية بأن هناك مصلحة في الحفاظ على وحدة سورية وأن أي تفكيك لمؤسسات الدولة والأجهزة العسكرية لن يكون في مصلحة استقرار المنطقة، بل إن بلوغ هذا الوضع سيؤدي حكماً إلى تحكم الجماعات الإرهابية ليس فقط في سورية، بل في المنطقة بكاملها.

ثالثاً: لقد جرى التوصّل إلى اتفاق بين الطرفين بأن لا إمكانية للحلّ العسكري، بل إن الطريق الوحيدة لحل هذه الأزمة تكون بالحوار السياسي، فالروسي بات يشعر أيضاً بأن الأميركي غير متمسك بمقولة «تنحّي الرئيس الأسد، وإن كان الأميركي يغطّي عمليات تسليح المعارضة لاعتقاده بأنه غير محشور للسير سريعاً في إطلاق الحوار وصولاً إلى بلوغ الحل السياسي، وهو بالتالي يراهن على إضعاف سورية في مقابل إمكان تحقيق الجماعات المسلحة لبعض الانتصارات على الأرض.

رابعاً: إن الروسي في وضع القادر على فرض رؤيته للحل، على خلفية صمود سورية وقيادتها وجيشها، وعلى خلفية انقسام المعارضة التي لم تنجح كل محاولات الغرب والخليج لتوحيدها، وأيضاً لأن الجماعات المتطرفة باتت هي الأكثر قوة بين العصابات المسلحة على الأرض، ما يحرج الأميركي وحلفاءه، رغم عمليات التسليح التي تحصل من قبل السعودية وقطر وبريطانيا وفرنسا وبتغطية أميركية.

خامساً: إن روسيا التي تدرك أن الجماعات المتطرّفة ومعها جماعة «الإخوان المسلمين» وآخرين مثل جورج صبرا ورياض الترك يدفعون لعرقلة الحل السياسي، على معرفة أيضاً بأن هناك أطرافاً عديدة في المعارضة تريد التسوية خاصة المعارضة الداخلية، وهيئة التنسيق الوطني في الخارج، فداخل «ائتلاف الدوحة» حتى هناك أطراف مغلوب على أمرها أو باتت مدركة بأن الحل الوحيد سيكون عبر الحوار، ولذلك تُبدي روسيا استعدادها للقاء كل أطراف المعارضة. وتالياً، سمعت القيادة الروسية كلاماً واضحاً من بعض هذه المعارضة وبالتحديد المعارضة الوطنية استعدادها للحوار مع بعض التحفظات.

سادساً: لقد سهلت القيادة السورية الطريق للحوار أمام الحراك الدبلوماسي الروسي من خلال تأكيد استعدادها للحوار مع كل الأطراف في المعارضة من دون شروط مسبقة بما في ذلك المجموعات المسلّحة باستثناء المجموعات المتطرّفة التابعة «لتنظيم القاعدة» والتي تعمل على تدمير سورية عبر ممارسة كل أنواع القتل والإجرام، بالإضافة إلى اتخاذ مجموعة خطوات إيجابية من بينها تمديد العمل بجوازات للسفر، بعد أن كان طلب رئيس «ائتلاف الدوحة» أحمد معاذ الخطيب ذلك، وكذلك إعلان دمشق أن من عليه حكم يمكنه العودة إلى سورية من دون التعرّض له.

من كل ذلك، هل أصبح انطلاق الحوار قريباً وبالتالي فُتحت الأبواب أمام الحل السياسي؟

في معلومات المصادر الدبلوماسية أن هناك لجاناً دبلوماسية روسية ـ أميركية ستجتمع في وقت قريب لمحاولة وضع خريطة طريق للحل السياسي في سورية، على أن تترافق لاحقاً مع سعي أميركي لحثّ حلفائها على تسهيل انطلاق الحوار سواء في باريس ولندن أم في قطر والسعودية لكن هذه المؤشرات لا تعني أن الحوار أصبح على الأبواب، بل إن تهيئة الظروف لذلك ستتطلّب وقتاً لا يقل عن شهرين أو ثلاثة، وخلال هذه الفترة سيشهد الوضع الميداني في سورية مزيداً من الشراسة من جانب العصابات المسلحة لأن التركي والقطري والسعودي ومعهم لندن وبتغطية أميركية يسعون إلى فرض واقع على الأرض ظناً منهم بإمكانية فرض شروط مغينه.

 

  • فريق ماسة
  • 2013-03-16
  • 9184
  • من الأرشيف

روسيا تملك أوراقاً كثيرة لفرض رؤيتها للحلّ ..واشنطن تراهن على «إنجاز ميداني» للمسلّحين قبل تسهيل الحوار !!

من الواضح أن الموقف الروسي من الأزمة في سورية، يبقى «بيضة القبّان» في الحراك الدبلوماسي الإقليمي الدولي في ما يتعلق بالوضع هناك، على الرغم من مكابرة الأميركي وحلفائه في الغرب والخليج بمحاولة إطالة أمد هذه الأزمة من خلال تكثيف صفقات السلاح وتهريب المسلّحين، بعد أن سقطت محاولات هذا الحلف في فرض شروطه في التسوية الممكنة وبالأخص موقع الرئيس بشار الأسد في هذه التسوية وصلاحيات الحكومة الانتقالية. من كل ذلك، كيف تبدو النظرة الروسية للوضع في سورية اليوم، وللحوار المحتمل في الفترة المقبلة بما في ذلك الموقف الأميركي من مسار الأزمة؟ وفق مصادر دبلوماسية عربية على صلة بالحراك الروسي ومطّلعة على أجوائه، فإن القيادة الروسية تنظر إلى هذا الوضع انطلاقاً من الآتي: أولاً: هناك تلمّس روسي أن الأميركي أصبح أكثر اقتراباً من الحلّ السياسي انطلااقاً من مقرّرات جنيف، مع استمرار بعض التباينات حول تفسير بعض فقراته، وقد جاء كلام وزير الخارجية الأميركي في الساعات الماضية، ليشير إلى وجود «تبدّل ولو أولي» في الموقف الأميركي من حيث الاقتناع بضرورة الحوار، ولو أن هناك رهانات على تحقيق العصابات المسلحة إنجازاً ما على الأرض يمكن من خلاله فرض بعض الشروط على روسيا والقيادة السورية. ثانياً: إن الروسي تمكّن من إقناع الإدارة الأميركية بأن هناك مصلحة في الحفاظ على وحدة سورية وأن أي تفكيك لمؤسسات الدولة والأجهزة العسكرية لن يكون في مصلحة استقرار المنطقة، بل إن بلوغ هذا الوضع سيؤدي حكماً إلى تحكم الجماعات الإرهابية ليس فقط في سورية، بل في المنطقة بكاملها. ثالثاً: لقد جرى التوصّل إلى اتفاق بين الطرفين بأن لا إمكانية للحلّ العسكري، بل إن الطريق الوحيدة لحل هذه الأزمة تكون بالحوار السياسي، فالروسي بات يشعر أيضاً بأن الأميركي غير متمسك بمقولة «تنحّي الرئيس الأسد، وإن كان الأميركي يغطّي عمليات تسليح المعارضة لاعتقاده بأنه غير محشور للسير سريعاً في إطلاق الحوار وصولاً إلى بلوغ الحل السياسي، وهو بالتالي يراهن على إضعاف سورية في مقابل إمكان تحقيق الجماعات المسلحة لبعض الانتصارات على الأرض. رابعاً: إن الروسي في وضع القادر على فرض رؤيته للحل، على خلفية صمود سورية وقيادتها وجيشها، وعلى خلفية انقسام المعارضة التي لم تنجح كل محاولات الغرب والخليج لتوحيدها، وأيضاً لأن الجماعات المتطرفة باتت هي الأكثر قوة بين العصابات المسلحة على الأرض، ما يحرج الأميركي وحلفاءه، رغم عمليات التسليح التي تحصل من قبل السعودية وقطر وبريطانيا وفرنسا وبتغطية أميركية. خامساً: إن روسيا التي تدرك أن الجماعات المتطرّفة ومعها جماعة «الإخوان المسلمين» وآخرين مثل جورج صبرا ورياض الترك يدفعون لعرقلة الحل السياسي، على معرفة أيضاً بأن هناك أطرافاً عديدة في المعارضة تريد التسوية خاصة المعارضة الداخلية، وهيئة التنسيق الوطني في الخارج، فداخل «ائتلاف الدوحة» حتى هناك أطراف مغلوب على أمرها أو باتت مدركة بأن الحل الوحيد سيكون عبر الحوار، ولذلك تُبدي روسيا استعدادها للقاء كل أطراف المعارضة. وتالياً، سمعت القيادة الروسية كلاماً واضحاً من بعض هذه المعارضة وبالتحديد المعارضة الوطنية استعدادها للحوار مع بعض التحفظات. سادساً: لقد سهلت القيادة السورية الطريق للحوار أمام الحراك الدبلوماسي الروسي من خلال تأكيد استعدادها للحوار مع كل الأطراف في المعارضة من دون شروط مسبقة بما في ذلك المجموعات المسلّحة باستثناء المجموعات المتطرّفة التابعة «لتنظيم القاعدة» والتي تعمل على تدمير سورية عبر ممارسة كل أنواع القتل والإجرام، بالإضافة إلى اتخاذ مجموعة خطوات إيجابية من بينها تمديد العمل بجوازات للسفر، بعد أن كان طلب رئيس «ائتلاف الدوحة» أحمد معاذ الخطيب ذلك، وكذلك إعلان دمشق أن من عليه حكم يمكنه العودة إلى سورية من دون التعرّض له. من كل ذلك، هل أصبح انطلاق الحوار قريباً وبالتالي فُتحت الأبواب أمام الحل السياسي؟ في معلومات المصادر الدبلوماسية أن هناك لجاناً دبلوماسية روسية ـ أميركية ستجتمع في وقت قريب لمحاولة وضع خريطة طريق للحل السياسي في سورية، على أن تترافق لاحقاً مع سعي أميركي لحثّ حلفائها على تسهيل انطلاق الحوار سواء في باريس ولندن أم في قطر والسعودية لكن هذه المؤشرات لا تعني أن الحوار أصبح على الأبواب، بل إن تهيئة الظروف لذلك ستتطلّب وقتاً لا يقل عن شهرين أو ثلاثة، وخلال هذه الفترة سيشهد الوضع الميداني في سورية مزيداً من الشراسة من جانب العصابات المسلحة لأن التركي والقطري والسعودي ومعهم لندن وبتغطية أميركية يسعون إلى فرض واقع على الأرض ظناً منهم بإمكانية فرض شروط مغينه.  

المصدر : الكاتب حسن سلامه


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة