لا يقبل مسؤولون سوريون بالأخبار المتداولة عن سقوط مدينة الرقة في أيدي مسلحي المعارضة، والمنتمين إلى كتائب إسلامية أبرزها "مجلس الشورى" الإسلامي، الذي بدأ تثبيت "إدارته" للمدينة مع "لواء أمناء الرقة".

وبالرغم من الصورة التي ترسمها مواقع المعارضة السورية من سيطرة كاملة على الرقة، تصر مصادر سورية متابعة للتطورات الميدانية على أن جزءًا من المدينة سُلم "باتفاق" للمسلحين بعد نفاد ذخيرة الحراس "وحقناً للدماء"، فيما تبقى أحياء خالية من المسلحين بسبب مقاومة الأهالي، الذين ينتمون بغالبيتهم إلى عشائر عربية سبق وتسلحت تحسباً لمثل هذا التطور.

وحتى الآن تتولى قوى الدفاع الجوي عرقلة تمركز المسلحين في المدينة وذلك لمنع تحويلها إلى نقطة ارتكاز أخرى للمعارضة المسلحة. وتسربت مؤخراً أخبار تفيد باستخدام طائرات حربية روسية سلمت للجيش السوري بينها طائرات "ياك 121"، ولكن من دون ما يؤكد هذه المعلومات رسمياً، في الوقت الذي تبقى فيه "الفرقة 17" أحد أهم مواقع الجيش في تلك المنطقة، وهي محاذية تماما للرقة، وتشكل وجهة قتال في هذه المرحلة.

ووفقا للمصادر ذاتها، فإن إمدادات من الأسلحة المختلفة تتحرك باتجاه مواقع الجيش في المنطقة، ولكن من دون أن يكون هناك أي تصور للمعركة المقبلة ومداها الزمني واللوجستي، وهو أمر ربما يقود إلى اتباع أسلوب مختلف في المدى الزمني المنظور يقوم على الاتفاق على "توقف النار" لفترات زمنية متفق عليها. ويبدو هذا الاحتمال مرجحاً، خصوصاً إذا ما نظرنا إلى وجود معظم القيادات المدنية في قبضة المعارضة كما بعض القيادات العسكرية.

ويشكل اتفاق محتمل "نجاحاً" للطرفين، وإن كان لا يخلو من إثارة للجدل، إذ ثمة من يتوقع أن تسعى قوى المعارضة لمبادلة مسؤولين سوريين من المحافظة بمعتقلين لدى الحكومة، بما يخفف من حرج الطرفين، الأول الذي يتمثل في هيبة الدولة تجاه من يمثلها، والثاني الحرج من إبقاء مسؤولين مدنيين بحكم المستشارين وأحيانا المتنفذين في إدارة المدينة "المحررة". كما يشكل هذا الاحتمال فرصة أخرى للمعارضة لإظهار صورة أفضل لها لدى الرأي العام.

ويزيد من فرصة هذا السيناريو، ما ورد في الافتتاحية التي نشرتها صحيفة "الوطن" السورية أمس، من تساؤل عما "إذا كانت للجيش مصلحة في معركة الرقة؟" وزج جنوده "في معركة رفضها مسبقاً عدد من أهالي ومشايخ الرقة وقد تؤدي إلى مزيد من التضحيات العسكرية؟". وتتساءل الافتتاحية عما إذا كان على الجيش السوري أن "يترك الأمر للأهالي ذاتهم للدفاع عن مدينتهم، خاصة أن عدداً منهم يبرر موقفه الحيادي وما حصل في الرقة بفعل حقن الدماء؟".

وتسوق الصحيفة مبرراً لهذا التساؤل يتمثل في استعراضها لكيفية "تدخل عدد محدود من المشايخ ووقوف كبار قوم المدينة على الحياد تجاه ما يجري في مدينتهم، مبررين موقفهم هذا بحقن للدماء، ما أدى بشكل أو بآخر إلى فتح أبواب المدينة وتسليم قصر المحافظ وعدد من المؤسسات الحكومية إلى الإرهابيين في حين كانت القوات الأمنية مدعومة من الأهالي تصد هجمات الإرهابيين وتدحرهم خارج الرقة".

هذا الواقع يقود افتتاحية الصحيفة القريبة من النظام السوري إلى الاستخلاص بأن على الجيش "ألا يفتح جبهات لمعارك جديدة قد تؤخر الحسم في مناطق أخرى، وأنه لا ضرورة ملحة لدخول الجيش إلى الرقة، فبإمكانه أن يضمن فقط عدم خروج الإرهابيين إلى مناطق أخرى وضرب معاقلهم حين تتوافر المعلومة الدقيقة من الأهالي".

وحتى ذلك الوقت، تثبت "كتائب مجلس الشورى" الإسلامية سيطرتها على المدينة، وإكساءها رداءها الديني، مع ما يسمى بـ"لواء أمناء الرقة"، والذي دعا، في بيان الجمعة الماضي، السكان إلى اتباع عدة تعليمات، من بينها "التعاون مع اللواء والإبلاغ عن نشاطات مشبوهة، والالتزام بصلاة الجماعة"، وذلك تزامناً مع إعلان ناشطين عن تدمير المحال التي تبيع الكحول والمشروبات المنشطة. وكان "أمير كتائب مجلس الشورى" ظهر في فيديو مؤخرا يتوسط كلاً من محافظ الرقة وأمين فرع "حزب البعث" فيها، ليعلن سيطرته على المدينة.

بابا عمرو

أما في حمص، فيواصل الجيش السوري عملياته العسكرية في أحياء الإنشاءات والوعر والخالدية.

يأتي ذلك في وقت أعلن مسلحون معارضون أنهم تمكنوا من السيطرة على حي بابا عمرو المدمر في حمص، ولكن سرعان ما صدهم الجيش النظامي لاحقا وفقا لمصادر محلية.

وبحسب المصادر المحلية فإن انتشار المسلحين في الحي ناتج من استهداف مراكز لهم في الإنشاءات والوعر والخالدية وجوبر.

"المرصد السوري لحقوق الانسان"، تحدث، في بيانات متلاحقة، عن اشتباكات ضارية تدور في بابا عمرو، فيما يشن الطيران السوري غارات عليه، بعد حوالي العام من انتهاء المعارك فيه.

وفي فيديو بث على موقع "يوتيوب"، أعلنت مجموعات مقاتلة بدء معركة "الفتح المبين" لتحرير بابا عمرو، وتخفيف الحصار عن أحياء اخرى تشكل معقلا للمسلحين، وتشن القوات السورية حملة لاستعادتها. ويقرأ مقاتل، في الشريط، بيانا جاء فيه "نعلن نحن الكتائب التالية: كتيبة ثوار بابا عمرو، كتيبة مغاوير بابا عمرو، كتيبة أسود بابا عمرو، عن بدء معركة الفتح المبين، والغاية منها فك الحصار عن أحياء حمص المحاصرة وتحرير الأحياء المغتصبة منها، وأهمها حي بابا عمرو".

وأضاف المقاتل، الذي ارتدى سترة واقية من الرصاص وأحيط بنحو 25 مسلحا، أن العملية تأتي "انتصارا لدماء الشهداء وشرف الحرائر، وتخفيفا عن إخواننا المجاهدين في مدينة حمص ولفك الحصار عنهم".

إلى ذلك، نفذت وحدات من الجيش النظامي هجوما على مزارع منطقة دوما في ريف دمشق، فيما قتل طفل وأصيب تسعة كانت تقلهم حافلة مدرسية بعدما استهدفتهم قذيفة هاون أطلقها مسلحون في ضاحية الأسد السكنية في ريف العاصمة.

وذكر "المرصد السوري لحقوق الإنسان"، في بيانات، أنه "تم العثور على جثث 34 شخصاً على الأقل لم تتضح ظروف مقتلهم، وذلك قرب دمشق وفي مدينة حلب".

  • فريق ماسة
  • 2013-03-10
  • 15963
  • من الأرشيف

مصادر سورية: الجيش لن ينجر إلى "معركة الرقة"

لا يقبل مسؤولون سوريون بالأخبار المتداولة عن سقوط مدينة الرقة في أيدي مسلحي المعارضة، والمنتمين إلى كتائب إسلامية أبرزها "مجلس الشورى" الإسلامي، الذي بدأ تثبيت "إدارته" للمدينة مع "لواء أمناء الرقة". وبالرغم من الصورة التي ترسمها مواقع المعارضة السورية من سيطرة كاملة على الرقة، تصر مصادر سورية متابعة للتطورات الميدانية على أن جزءًا من المدينة سُلم "باتفاق" للمسلحين بعد نفاد ذخيرة الحراس "وحقناً للدماء"، فيما تبقى أحياء خالية من المسلحين بسبب مقاومة الأهالي، الذين ينتمون بغالبيتهم إلى عشائر عربية سبق وتسلحت تحسباً لمثل هذا التطور. وحتى الآن تتولى قوى الدفاع الجوي عرقلة تمركز المسلحين في المدينة وذلك لمنع تحويلها إلى نقطة ارتكاز أخرى للمعارضة المسلحة. وتسربت مؤخراً أخبار تفيد باستخدام طائرات حربية روسية سلمت للجيش السوري بينها طائرات "ياك 121"، ولكن من دون ما يؤكد هذه المعلومات رسمياً، في الوقت الذي تبقى فيه "الفرقة 17" أحد أهم مواقع الجيش في تلك المنطقة، وهي محاذية تماما للرقة، وتشكل وجهة قتال في هذه المرحلة. ووفقا للمصادر ذاتها، فإن إمدادات من الأسلحة المختلفة تتحرك باتجاه مواقع الجيش في المنطقة، ولكن من دون أن يكون هناك أي تصور للمعركة المقبلة ومداها الزمني واللوجستي، وهو أمر ربما يقود إلى اتباع أسلوب مختلف في المدى الزمني المنظور يقوم على الاتفاق على "توقف النار" لفترات زمنية متفق عليها. ويبدو هذا الاحتمال مرجحاً، خصوصاً إذا ما نظرنا إلى وجود معظم القيادات المدنية في قبضة المعارضة كما بعض القيادات العسكرية. ويشكل اتفاق محتمل "نجاحاً" للطرفين، وإن كان لا يخلو من إثارة للجدل، إذ ثمة من يتوقع أن تسعى قوى المعارضة لمبادلة مسؤولين سوريين من المحافظة بمعتقلين لدى الحكومة، بما يخفف من حرج الطرفين، الأول الذي يتمثل في هيبة الدولة تجاه من يمثلها، والثاني الحرج من إبقاء مسؤولين مدنيين بحكم المستشارين وأحيانا المتنفذين في إدارة المدينة "المحررة". كما يشكل هذا الاحتمال فرصة أخرى للمعارضة لإظهار صورة أفضل لها لدى الرأي العام. ويزيد من فرصة هذا السيناريو، ما ورد في الافتتاحية التي نشرتها صحيفة "الوطن" السورية أمس، من تساؤل عما "إذا كانت للجيش مصلحة في معركة الرقة؟" وزج جنوده "في معركة رفضها مسبقاً عدد من أهالي ومشايخ الرقة وقد تؤدي إلى مزيد من التضحيات العسكرية؟". وتتساءل الافتتاحية عما إذا كان على الجيش السوري أن "يترك الأمر للأهالي ذاتهم للدفاع عن مدينتهم، خاصة أن عدداً منهم يبرر موقفه الحيادي وما حصل في الرقة بفعل حقن الدماء؟". وتسوق الصحيفة مبرراً لهذا التساؤل يتمثل في استعراضها لكيفية "تدخل عدد محدود من المشايخ ووقوف كبار قوم المدينة على الحياد تجاه ما يجري في مدينتهم، مبررين موقفهم هذا بحقن للدماء، ما أدى بشكل أو بآخر إلى فتح أبواب المدينة وتسليم قصر المحافظ وعدد من المؤسسات الحكومية إلى الإرهابيين في حين كانت القوات الأمنية مدعومة من الأهالي تصد هجمات الإرهابيين وتدحرهم خارج الرقة". هذا الواقع يقود افتتاحية الصحيفة القريبة من النظام السوري إلى الاستخلاص بأن على الجيش "ألا يفتح جبهات لمعارك جديدة قد تؤخر الحسم في مناطق أخرى، وأنه لا ضرورة ملحة لدخول الجيش إلى الرقة، فبإمكانه أن يضمن فقط عدم خروج الإرهابيين إلى مناطق أخرى وضرب معاقلهم حين تتوافر المعلومة الدقيقة من الأهالي". وحتى ذلك الوقت، تثبت "كتائب مجلس الشورى" الإسلامية سيطرتها على المدينة، وإكساءها رداءها الديني، مع ما يسمى بـ"لواء أمناء الرقة"، والذي دعا، في بيان الجمعة الماضي، السكان إلى اتباع عدة تعليمات، من بينها "التعاون مع اللواء والإبلاغ عن نشاطات مشبوهة، والالتزام بصلاة الجماعة"، وذلك تزامناً مع إعلان ناشطين عن تدمير المحال التي تبيع الكحول والمشروبات المنشطة. وكان "أمير كتائب مجلس الشورى" ظهر في فيديو مؤخرا يتوسط كلاً من محافظ الرقة وأمين فرع "حزب البعث" فيها، ليعلن سيطرته على المدينة. بابا عمرو أما في حمص، فيواصل الجيش السوري عملياته العسكرية في أحياء الإنشاءات والوعر والخالدية. يأتي ذلك في وقت أعلن مسلحون معارضون أنهم تمكنوا من السيطرة على حي بابا عمرو المدمر في حمص، ولكن سرعان ما صدهم الجيش النظامي لاحقا وفقا لمصادر محلية. وبحسب المصادر المحلية فإن انتشار المسلحين في الحي ناتج من استهداف مراكز لهم في الإنشاءات والوعر والخالدية وجوبر. "المرصد السوري لحقوق الانسان"، تحدث، في بيانات متلاحقة، عن اشتباكات ضارية تدور في بابا عمرو، فيما يشن الطيران السوري غارات عليه، بعد حوالي العام من انتهاء المعارك فيه. وفي فيديو بث على موقع "يوتيوب"، أعلنت مجموعات مقاتلة بدء معركة "الفتح المبين" لتحرير بابا عمرو، وتخفيف الحصار عن أحياء اخرى تشكل معقلا للمسلحين، وتشن القوات السورية حملة لاستعادتها. ويقرأ مقاتل، في الشريط، بيانا جاء فيه "نعلن نحن الكتائب التالية: كتيبة ثوار بابا عمرو، كتيبة مغاوير بابا عمرو، كتيبة أسود بابا عمرو، عن بدء معركة الفتح المبين، والغاية منها فك الحصار عن أحياء حمص المحاصرة وتحرير الأحياء المغتصبة منها، وأهمها حي بابا عمرو". وأضاف المقاتل، الذي ارتدى سترة واقية من الرصاص وأحيط بنحو 25 مسلحا، أن العملية تأتي "انتصارا لدماء الشهداء وشرف الحرائر، وتخفيفا عن إخواننا المجاهدين في مدينة حمص ولفك الحصار عنهم". إلى ذلك، نفذت وحدات من الجيش النظامي هجوما على مزارع منطقة دوما في ريف دمشق، فيما قتل طفل وأصيب تسعة كانت تقلهم حافلة مدرسية بعدما استهدفتهم قذيفة هاون أطلقها مسلحون في ضاحية الأسد السكنية في ريف العاصمة. وذكر "المرصد السوري لحقوق الإنسان"، في بيانات، أنه "تم العثور على جثث 34 شخصاً على الأقل لم تتضح ظروف مقتلهم، وذلك قرب دمشق وفي مدينة حلب".

المصدر : السقير \زياد حيدر


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة