دليل ماسة
أكثر الروابط استخداما
يبدو أن الموقف الكردي في سوريا قد حسم أمره في اتجاه الوقوف إلى جانب المعارضة ضد النظام في سوريا.
وقد بدأت في تموز الماضي مرحلة جديدة مع تشكيل الهيئة الكردية العليا التي تتولى إدارة الوضع الكردي في شمال سوريا، مع سيطرة غالبة لـ«حزب الاتحاد الوطني الديموقراطي» المؤيد لـ«حزب العمال الكردستاني» والذي انتشر مقاتلوه في العديد من المدن الكردية في شمال سوريا، ما أثار تحذيرات تركيا بأنها لن تقف مكتوفة الأيدي، إذا ما ثبتت سيطرة مقاتلي الحزب على الشمال السوري، وكان ذلك سببا في بدء معارك في مدينة رأس العين للسيطرة عليها.
وتحولت مدينة رأس العين السورية الحدودية مع تركيا إلى مفتاح الخلاف أو الاتفاق بين الأكراد والمعارضة السورية التي تقف وراءها تركيا. وقد نجح الطرفان في التوصل إلى اتفاقية في 18 شباط الماضي لوقف القتال بينهما في المدينة، والتعهد بالنضال ضد قوات النظام السوري. ومنذ ذلك الاتفاق صعّد الأكراد من سعيهم للسيطرة على مناطقهم وطرد الجيش السوري.
وتشير صحيفة «أوزغور غونديم» المؤيدة لـ«حزب العمال الكردستاني» إلى أن مقاتلي المعارضة الكردية سيطروا في الأول من آذار الحالي على بلدة تيربيسبيه التي تقع على بعد 30 كيلومترا من مدينة القامشلي بعد معركة مع القوات السورية سقط فيها 35 جنديا سوريا «أسيرا».
وتضيف الصحيفة إن حقول النفط في المنطقة التي تصدر نفطها إلى مصافي حمص وبانياس، باتت تحت سيطرة القوات الكردية، وان تظاهرات فرح خرجت في البلدات الكردية. وتشير إلى أن تسع مدن كردية رئيسية باتت في قبضة القوات الكردية، ولم يبق سوى مدينتي القامشلي والحسكة.
وتذكر الصحيفة إن «الأكراد بدأوا بإنشاء مجالس إدارة الحكم الذاتي الديموقراطي في شمال سوريا من نواد شعبية وجمعيات ثقافية ولغوية ومنظمات نسائية وأمنية من أجل التحرر نهائيا من سلاسل القهر المستمرة منذ قرن، ومن أجل هدم قلاع ظلم (الرئيس السوري بشار) الأسد». وتضيف إن أعلام «الكردستاني» وصور زعيمه عبد الله أوجلان في كل مكان، معلنة بدء إدارة الأكراد لأنفسهم. وتابعت إن «المسيحيين في المناطق الكردية كانوا تعرضوا سابقا إلى حملة نهب وتهجير من جانب الجيش السوري الحر، ولكن من تبقى منهم ومن أماكن عبادة تحت حماية المقاتلين الأكراد الآن».
وعلى صعيد عملية المفاوضات بين الدولة التركية واوجلان، أطلق النائب الكردي أحمد تورك، الذي التقى زعيم «الكردستاني» مؤخرا في سجنه، أولى علامات الحذر بشأن عملية المفاوضات المذكورة والتي تجري الآن.
وكان احمد تورك والنائب ألتان طان والنائبة آيسيل توغلوق قد التقوا بقيادة «حزب العمال الكردستاني» في جبال قنديل في العراق قبل أيام، ونقلوا إليها رسالة من أوجلان حول مشروع حل المشكلة الكردية، وهي إحدى ثلاث رسائل أرسلها أوجلان إلى قيادة «حزب السلام والديموقراطية» في تركيا وقيادة «الكردستاني» في أوروبا.
وقال تورك، بعد لقائه «رئيس حكومة» إقليم كردستان العراق نيشيروان البرزاني في مدينة صلاح الدين، إن بدء المفاوضات بين الدولة التركية واوجلان فرصة تاريخية للاخوة التركية ـ الكردية، وهي عملية كبيرة ومهمة جدا، مضيفا إن كل الأحزاب الكردية تشارك بصدق بهذه الجهود، لكنه أوضح أن «السلام لا يتحقق من جانب واحد. فالطرفان الكردي والتركي يحتاجان لبعضهما البعض في الشرق الأوسط».
وأعلن تورك أن «طرح قضية ترك السلاح الآن لا تفيد، بل إن تحقيق الثقة عبر خطوات متبادلة هو الذي يحل مشكلة السلاح». وعبّر عن خشيته «من ألا تكون هناك خريطة طريق للحل، أو إذا كانت توجد ألا يعلن عنها». وقال إن «سعي طرف للسلام وقيام الطرف الآخر بقصف قنديل في الوقت ذاته يقلل من الثقة بعملية المفاوضات الحالية».
وكانت نائبة رئيس «حزب السلام والديموقراطية» الكردي غولتان كيشاناك قالت، في اجتماع جماهيري لمناسبة يوم المرأة العالمي، في ديار بكر، إن الدولة التركية اعترفت أخيرا بأن أوجلان هو المخاطب رسميا، وباشرت معه المفاوضات. وأضافت: «إننا نريد أن نكون أحرارا ومتساوين في كردستان، ونريد حكما ذاتيا، وهذا سيحمل السلام لتركيا وسنعيش في بلد تكبر فيه الحريات. إن زعيم هذا الشعب، أوجلان، سيلتقي بكم يوما في هذا الميدان. السيد أوجلان سيكون حرا وسيلتقي بالشعب. سنربح معا ونتحرر».
وتستمر عملية المفاوضات بين أوجلان والدولة مركز الاهتمام الرئيسي لكل الأتراك ومثار معظم التعليقات. وفي صحيفة «حرييت» كتب المعلق طه أقيول إن «محاضر لقاء أوجلان مع وفد النواب الأكراد عكست شخصية القابع في سجن ايمرالي. تمتلئ أحاديث أوجلان بنظرية المؤامرة. يتهم اللوبي الأرمني واللوبي اليهودي واللوبي اليوناني في الولايات المتحدة، كما دوائر في بروكسل وواشنطن، بمحاولة عرقلة مفاوضات السلام مع الدولة التركية. حتى كلام (رئيس الحكومة التركية رجب طيب) اردوغان في وقت سابق عن ضرورة إعدام أوجلان وراءه مؤامرة رجال أعمال رأسماليين يستغلون الإسلام. تعكس محاضر اللقاء أنا طاغية. يقول أوجلان: انا الذي قدمت السلطة على صينية من ذهب الى حزب العدالة والتنمية، وأنا الذي منعت الانقلاب على اردوغان، وأنا الذي حميت رئيس الاستخبارات حاقان فيدان».
ويضيف: «من الواضح أن أوجلان لا يمكن أن يكون مانديلا عندما يقول إن لم يحدث السلام فستكون حرب شعبية يشارك بها 50 ألف مقاتل. أوجلان مسكون بنظرية المؤامرة. ومع ذلك فهو الشخص الذي يقود المفاوضات مع الدولة ويجب استمرار هذه العملية».
لكن المعلق ارطغرل اوزكوك توقع أن «تنتهي المفاوضات إذا نجحت، إلى إقامة نظام رئاسي برأسين، ذلك أن اردوغان سيحصل مقابل الاعتراف ببعض حقوق الأكراد على تأييد الأكراد لدستور يعتمد النظام الرئاسي ينصّب اردوغان رئيسا كامل الصلاحات، وهو ما تعارضه أحزاب المعارضة الأخرى. لكن هذا النظام سيخلق رأسا آخر هو عبد الله أوجلان، وهذا أمر لا مفر منه. وسنكون أمام قائد للأكراد وأمام رئيس لبقية تركيا. سنكون أمام كيانين مختلفين اسمهما الذي لا يطلق عليهما هو الفدرالية والنهاية دولتان مستقلتان».
المصدر :
السفير \محمد نور الدين
اكتب تعليق
كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة