اتجهت الانظار في سوريا الى مدينة الرقة التي سيطر مسلحو المعارضة على غالبية احيائها بينما تشير تقارير الى ان الجيش السوري يستعد للقيام بهجوم مضاد لاستعادتها، ظهرت مؤشراته من خلال الغارات والقصف الذي تتعرض له المدينة، وذلك في حين كانت الدوحة تشهد تناغما قطريا -اميركيا عبر عنه وزير الخارجية الأميركي جون كيري الذي قدم غطاء أميركيا لعملية تسليح المعارضة، معتبرا أن إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما واثقة بأن غالبية الأسلحة التي تقدمها دول حليفة لواشنطن تصل إلى «المعتدلين» في سوريا،  لكنه شدد على أن «بيان جنيف» هو الحل بالنسبة للمعارضة والحكومة السورية.

كما كان التناغم القطري الاميركي واضحا في الهجوم على الرئيس السوري بشار الاسد، حيث شن رئيس الحكومة وزير الخارجية القطري الشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني، كما فعل كيري ايضا، هجوما على الاسد، مدافعا عن تقديم أسلحة إلى المعارضين، موضحا «الآن هناك تغيير في الموقف الدولي والأميركي (من الأزمة السورية) وهم يتكلمون عن أسلحة»، معربا عن أمله في أن «يؤدي ذلك إلى نصر الشعب السوري في أسرع وقت ممكن».

وتستعد الرقة لمعركة بين القوات السورية والمسلحين، تنذر بمزيد من الدمار والموت المجاني، لتنضم المدينة الهادئة نسبيا منذ عامين، إلى المشهد المأساوي في سوريا. وفي حين تغيب الرواية المفصلة للإعلام الرسمي عنه، يقول الطرف الآخر ان قسما كبيرا من أحياء المدينة أضحى يشهد وجودا مكثفا لمسلحين، وأن أحد أهم مواقع الدفاع المتبقية للدولة يتمثل في ثكنة «اللواء 17» العسكرية، والتي تشارك بقصف مواقع في المدينة، وإن سرب أنها بحاجة لتعزيزات كبيرة.

وأرسل الجيش تعزيزات عسكرية إلى الرقة، قوامها دبابات، بينما تقوم المدافع في المواقع العسكرية القريبة من المدينة بدك مواقع المسلحين و«تعلن عن خسائر فادحة في صفوفهم». وأعلن نشطاء في المعارضة وأحد السكان أن مقاتلات سورية قصفت الرقة، بينما تجري اشتباكات قوية في مناطق متفرقة من المدينة. وذكر المرصد السوري لحقوق الانسان، في بيانات، ان اشتباكات تدور  بين المسلحين والقوات السورية «في محيط مبنيي الامن العسكري والاستخبارات العسكرية» اللذين يحاول مقاتلو المعارضة السيطرة عليهما. وذكرت صحيفة «الوطن» السورية ان الجيش والاجهزة الامنية يخوضون «معارك شرسة في المدينة التي توجه اليها آلاف  المسلحين».

وأعلن مصدر في وزارة الخارجية الروسية أن نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف سيلتقي مساعد وزير الخارجية الأميركي وليام بيرنز في لندن غدا، لبحث تطورات الأزمة السورية. وقال «هناك اتفاق مبدئي لعقد هذا اللقاء»، موضحا «سيشارك بوغدانوف يوم الخميس في اجتماع أصدقاء اليمن، وسيحضر الاجتماع وفد أميركي برئاسة بيرنز، وقد عبر الجانب الأميركي عن اهتمامه بمثل هذا اللقاء».

وأكد وزير الخارجية الإيراني علي أكبر صالحي، في رسالة وجهها إلى الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، أن «التأخير في حل الأزمة السورية، ستكون له تداعيات خطيرة على المنطقة والعالم»، مطالبا «بتبني حلول سلمية تنهى هذه الأزمة». وشدد على «الرؤية الإيرانية الرامية إلى تسوية الأزمة السورية على وجه السرعة»، مؤكداً أن «استمرار العمليات الإرهابية والتفجيرات سيعيق أي حل سياسي في سوريا».

يشار إلى أن وزراء الخارجية العرب سيعقدون اجتماعا في القاهرة اليوم تحضيرا للقمة العربية التي تعقد في الدوحة في 27 الحالي.

وأعلن كيري، في مؤتمر صحافي مع الشيخ حمد في الدوحة، انه أجرى محادثات في قطر والسعودية بشأن أنواع الأسلحة التي يتم إرسالها إلى المعارضين السوريين. وقال «تحدثنا بشأن أنواع الأسلحة التي يتم إرسالها. ناقشنا مسألة القدرة على محاولة ضمان وصولها إلى الأشخاص المعنيين، وإلى ائتلاف المعارضة السورية المعتدل».

وأضاف «اعتقد انه في الأشهر الأخيرة تطورت هذه الإمكانية في السماح لنا بمزيد من الثقة بأن تصل الأسلحة إلى الأيادي التي ينبغي أن تصل إليها»، مكررا أن «الولايات المتحدة لا تسلم أسلحة إلى المقاتلين في سوريا».

وأعلن ان المسؤولين الأميركيين يعرفون ان الأسلحة تتدفق إلى المقاتلين في سوريا، وان الرئيس اتخذ قراره بعدم التسليح بسبب هذا الأمر. وقال «للمرة الأولى وبتعليمات من أوباما وجهنا مساعدة مباشرة إلى المجلس العسكري والمعارضة السورية، وهذا أمر لم نقدم عليه في السابق».

وكرر كيري، الذي التقى أمير قطر حمد بن خليفة آل ثاني وولي العهد تميم بن حمد آل ثاني، الموقف الأميركي بأن «النظام السوري فقد شرعيته». وقال «نقف معكم ضد رجل فقد شرعيته في سوريا». وأضاف «هناك إطار للحل السلمي يمكن للإيرانيين والروس أن يدعموه ولبشار الأسد أن يدعمه. هذه المعادلة حددت في إطار بيان جنيف الذي ينص على تشكيل حكومة انتقالية تتمتع بصلاحيات تمثيلية كاملة ويتم اختيارها بالتوافق. أي يمكن لبشار الأسد أن يختار من يمثله ويمكن للمعارضة السورية أيضا أن تختار من يمثلها، وبعد ذلك أن يختار الشعب السوري من يمثله كدولة. هذه طريقة منطقية وعقلانية لإنهاء العنف»، لافتا إلى وجود «خيارات أخرى إذا لم تتم الاستفادة من الفرصة المتاحة الآن للحل في سوريا».

وقال حمد، ردا على سؤال حول وجود توافق مع الجانب الأميركي بشأن الأزمة السورية خاصة في ما يتعلق بموضوع تسليح المعارضين، «الآن هناك تغيير في الموقف الدولي والأميركي في هذا الموضوع، وهم يتكلمون عن أسلحة. وكنا نتمنى أن يحصل هذا الموضوع منذ فترة أطول، لأن الأمر كان سيختلف حينها كثيرا وسيختصر الدمار والقتل اللذين حصلا في سوريا».

وأضاف «أنا متفائل لان المجتمع الدولي بدا يعمل بطريقة ستحصل النصر للشعب السوري بطريقة أسرع». وتابع «الجميع وصلوا الى قناعة بأن الأسد اختار خطا معينا لإنهاء الأزمة، وهذا الخط لا يمكن للمجتمع الدولي ان يوافق عليه».

وتعليقا على تصريحات وزير الخارجية السوري وليد المعلم في طهران والتي دعا فيها إلى الضغط الدولي على قطر لمنع دعمها للمسلحين، قال حمد «ليس لي رد على ذلك سوى ما كان يصف به صديق لي المعلم بأنه تاجر سجاد».

وحول اتهام الدوحة بدعم المتشددين في أكثر من مكان بالأسلحة، ذكر رئيس الوزراء القطري بالدور الذي لعبته الدوحة في ليبيا إبان الثورة على نظام معمر القذافي. وقال ان «هذا الموضوع مضخم بشكل كبير»، مشددا على انه «تم ذكر قطر من طرف البعض بسبب خلافات سياسية وليس عملية، لان البعض يعتقد أننا ندعم فئة ضد أخرى ومن هنا بدأت المشكلة وبدأت هذه السمعة في الظهور». وتابع «بالنسبة لسوريا لو ان المجتمع الدولي بدأ يعمل بشكل جدي منذ بداية الأزمة لكان هذا النظام قد زال». واعتبر انه «كلما طالت الأزمة سنجد أطرافا متطرفة تدخل عليها»، محذرا من ان «النظام السوري سيستخدم هذه القضية»، معتبرا أن «بشار الأسد الآن هو الإرهابي لأنه هو الذي بدأ بقتل شعبه».

وقال تميم، خلال لقائه كيري، إن «الدور الأميركي محوري ومهم في إخراج الشعب السوري من الحالة المأساوية التي يعيشها»، معتبراً أن «النظام السوري فقد شرعيته بارتكابه المجازر في حق الشعب السوري الشقيق، ولا مجال في الإبقاء على شخص يمارس القصف المتكرر اليومي ضد شعبه».

  • فريق ماسة
  • 2013-03-05
  • 8964
  • من الأرشيف

تناغم أميركي ـ قطري .. وكيري يقدّم غطاءً لخيار التسليح

اتجهت الانظار في سوريا الى مدينة الرقة التي سيطر مسلحو المعارضة على غالبية احيائها بينما تشير تقارير الى ان الجيش السوري يستعد للقيام بهجوم مضاد لاستعادتها، ظهرت مؤشراته من خلال الغارات والقصف الذي تتعرض له المدينة، وذلك في حين كانت الدوحة تشهد تناغما قطريا -اميركيا عبر عنه وزير الخارجية الأميركي جون كيري الذي قدم غطاء أميركيا لعملية تسليح المعارضة، معتبرا أن إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما واثقة بأن غالبية الأسلحة التي تقدمها دول حليفة لواشنطن تصل إلى «المعتدلين» في سوريا،  لكنه شدد على أن «بيان جنيف» هو الحل بالنسبة للمعارضة والحكومة السورية. كما كان التناغم القطري الاميركي واضحا في الهجوم على الرئيس السوري بشار الاسد، حيث شن رئيس الحكومة وزير الخارجية القطري الشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني، كما فعل كيري ايضا، هجوما على الاسد، مدافعا عن تقديم أسلحة إلى المعارضين، موضحا «الآن هناك تغيير في الموقف الدولي والأميركي (من الأزمة السورية) وهم يتكلمون عن أسلحة»، معربا عن أمله في أن «يؤدي ذلك إلى نصر الشعب السوري في أسرع وقت ممكن». وتستعد الرقة لمعركة بين القوات السورية والمسلحين، تنذر بمزيد من الدمار والموت المجاني، لتنضم المدينة الهادئة نسبيا منذ عامين، إلى المشهد المأساوي في سوريا. وفي حين تغيب الرواية المفصلة للإعلام الرسمي عنه، يقول الطرف الآخر ان قسما كبيرا من أحياء المدينة أضحى يشهد وجودا مكثفا لمسلحين، وأن أحد أهم مواقع الدفاع المتبقية للدولة يتمثل في ثكنة «اللواء 17» العسكرية، والتي تشارك بقصف مواقع في المدينة، وإن سرب أنها بحاجة لتعزيزات كبيرة. وأرسل الجيش تعزيزات عسكرية إلى الرقة، قوامها دبابات، بينما تقوم المدافع في المواقع العسكرية القريبة من المدينة بدك مواقع المسلحين و«تعلن عن خسائر فادحة في صفوفهم». وأعلن نشطاء في المعارضة وأحد السكان أن مقاتلات سورية قصفت الرقة، بينما تجري اشتباكات قوية في مناطق متفرقة من المدينة. وذكر المرصد السوري لحقوق الانسان، في بيانات، ان اشتباكات تدور  بين المسلحين والقوات السورية «في محيط مبنيي الامن العسكري والاستخبارات العسكرية» اللذين يحاول مقاتلو المعارضة السيطرة عليهما. وذكرت صحيفة «الوطن» السورية ان الجيش والاجهزة الامنية يخوضون «معارك شرسة في المدينة التي توجه اليها آلاف  المسلحين». وأعلن مصدر في وزارة الخارجية الروسية أن نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف سيلتقي مساعد وزير الخارجية الأميركي وليام بيرنز في لندن غدا، لبحث تطورات الأزمة السورية. وقال «هناك اتفاق مبدئي لعقد هذا اللقاء»، موضحا «سيشارك بوغدانوف يوم الخميس في اجتماع أصدقاء اليمن، وسيحضر الاجتماع وفد أميركي برئاسة بيرنز، وقد عبر الجانب الأميركي عن اهتمامه بمثل هذا اللقاء». وأكد وزير الخارجية الإيراني علي أكبر صالحي، في رسالة وجهها إلى الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، أن «التأخير في حل الأزمة السورية، ستكون له تداعيات خطيرة على المنطقة والعالم»، مطالبا «بتبني حلول سلمية تنهى هذه الأزمة». وشدد على «الرؤية الإيرانية الرامية إلى تسوية الأزمة السورية على وجه السرعة»، مؤكداً أن «استمرار العمليات الإرهابية والتفجيرات سيعيق أي حل سياسي في سوريا». يشار إلى أن وزراء الخارجية العرب سيعقدون اجتماعا في القاهرة اليوم تحضيرا للقمة العربية التي تعقد في الدوحة في 27 الحالي. وأعلن كيري، في مؤتمر صحافي مع الشيخ حمد في الدوحة، انه أجرى محادثات في قطر والسعودية بشأن أنواع الأسلحة التي يتم إرسالها إلى المعارضين السوريين. وقال «تحدثنا بشأن أنواع الأسلحة التي يتم إرسالها. ناقشنا مسألة القدرة على محاولة ضمان وصولها إلى الأشخاص المعنيين، وإلى ائتلاف المعارضة السورية المعتدل». وأضاف «اعتقد انه في الأشهر الأخيرة تطورت هذه الإمكانية في السماح لنا بمزيد من الثقة بأن تصل الأسلحة إلى الأيادي التي ينبغي أن تصل إليها»، مكررا أن «الولايات المتحدة لا تسلم أسلحة إلى المقاتلين في سوريا». وأعلن ان المسؤولين الأميركيين يعرفون ان الأسلحة تتدفق إلى المقاتلين في سوريا، وان الرئيس اتخذ قراره بعدم التسليح بسبب هذا الأمر. وقال «للمرة الأولى وبتعليمات من أوباما وجهنا مساعدة مباشرة إلى المجلس العسكري والمعارضة السورية، وهذا أمر لم نقدم عليه في السابق». وكرر كيري، الذي التقى أمير قطر حمد بن خليفة آل ثاني وولي العهد تميم بن حمد آل ثاني، الموقف الأميركي بأن «النظام السوري فقد شرعيته». وقال «نقف معكم ضد رجل فقد شرعيته في سوريا». وأضاف «هناك إطار للحل السلمي يمكن للإيرانيين والروس أن يدعموه ولبشار الأسد أن يدعمه. هذه المعادلة حددت في إطار بيان جنيف الذي ينص على تشكيل حكومة انتقالية تتمتع بصلاحيات تمثيلية كاملة ويتم اختيارها بالتوافق. أي يمكن لبشار الأسد أن يختار من يمثله ويمكن للمعارضة السورية أيضا أن تختار من يمثلها، وبعد ذلك أن يختار الشعب السوري من يمثله كدولة. هذه طريقة منطقية وعقلانية لإنهاء العنف»، لافتا إلى وجود «خيارات أخرى إذا لم تتم الاستفادة من الفرصة المتاحة الآن للحل في سوريا». وقال حمد، ردا على سؤال حول وجود توافق مع الجانب الأميركي بشأن الأزمة السورية خاصة في ما يتعلق بموضوع تسليح المعارضين، «الآن هناك تغيير في الموقف الدولي والأميركي في هذا الموضوع، وهم يتكلمون عن أسلحة. وكنا نتمنى أن يحصل هذا الموضوع منذ فترة أطول، لأن الأمر كان سيختلف حينها كثيرا وسيختصر الدمار والقتل اللذين حصلا في سوريا». وأضاف «أنا متفائل لان المجتمع الدولي بدا يعمل بطريقة ستحصل النصر للشعب السوري بطريقة أسرع». وتابع «الجميع وصلوا الى قناعة بأن الأسد اختار خطا معينا لإنهاء الأزمة، وهذا الخط لا يمكن للمجتمع الدولي ان يوافق عليه». وتعليقا على تصريحات وزير الخارجية السوري وليد المعلم في طهران والتي دعا فيها إلى الضغط الدولي على قطر لمنع دعمها للمسلحين، قال حمد «ليس لي رد على ذلك سوى ما كان يصف به صديق لي المعلم بأنه تاجر سجاد». وحول اتهام الدوحة بدعم المتشددين في أكثر من مكان بالأسلحة، ذكر رئيس الوزراء القطري بالدور الذي لعبته الدوحة في ليبيا إبان الثورة على نظام معمر القذافي. وقال ان «هذا الموضوع مضخم بشكل كبير»، مشددا على انه «تم ذكر قطر من طرف البعض بسبب خلافات سياسية وليس عملية، لان البعض يعتقد أننا ندعم فئة ضد أخرى ومن هنا بدأت المشكلة وبدأت هذه السمعة في الظهور». وتابع «بالنسبة لسوريا لو ان المجتمع الدولي بدأ يعمل بشكل جدي منذ بداية الأزمة لكان هذا النظام قد زال». واعتبر انه «كلما طالت الأزمة سنجد أطرافا متطرفة تدخل عليها»، محذرا من ان «النظام السوري سيستخدم هذه القضية»، معتبرا أن «بشار الأسد الآن هو الإرهابي لأنه هو الذي بدأ بقتل شعبه». وقال تميم، خلال لقائه كيري، إن «الدور الأميركي محوري ومهم في إخراج الشعب السوري من الحالة المأساوية التي يعيشها»، معتبراً أن «النظام السوري فقد شرعيته بارتكابه المجازر في حق الشعب السوري الشقيق، ولا مجال في الإبقاء على شخص يمارس القصف المتكرر اليومي ضد شعبه».

المصدر : السفير


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة