اعلن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، غداة محادثاته الهاتفية مع نظيره الأميركي جون كيري، «عن بوادر أمل ظهرت» لحل الأزمة السورية،موضحا أن الحديث أصبح «من وجهة نظري، من هو المفاوض المقبول وأين يجب أن يجري الحوار… على ألا تقف الشروط المسبقة حجر عثرة على طريق مثل هذا الحوار».

وقال لافروف، في بروكسل، «لقد تحدثت مع وزير الخارجية الأميركي جون كيري عن سوريا. تحدثنا قبل كل شيء عن بوادر الأمل التي ظهرت، على أن تتفق كل من الحكومة والمعارضة السورية بجدية، حتى مع إحاطة ذلك بشروط معينة، على ضرورة الحوار».

وأضاف «لقد ناقشنا كيف يمكننا المساعدة على ألا تقف الشروط المسبقة حجر عثرة على طريق مثل هذا الحوار». وتابع ان «موسكو وواشنطن على قناعة، كما بدا خلال الحديث، بضرورة استغلال هذه الفرصة بالكامل، وبأن يفعل الجانبان كل شيء من أجل أن يتم الاتصال وتسوية القضايا الثانوية، من وجهة نظري، من قبيل من هو المفاوض المقبول وأين يجب أن يجري الحوار، لأن المهم في اعتقادي أن يجلس الطرفان حول طاولة حوار واحدة وأن يحاولا استغلال هذه الفرصة، لأنه ما لم يجربوا الحوار، فإنه لن يكون باستطاعتنا معرفة مدى واقعية استغلال هذه الفرصة وجعلها أساساً للتحرك إلى الأمام مستقبلا».

 

وقالت مصادر ديبلوماسية في باريس لقناة «روسيا اليوم» إن المبعوث الدولي والعربي الأخضر الإبراهيمي سيزور موسكو اليوم، ووزير الخارجية السوري وليد المعلم في 28 شباط الحالي، ورئيس «الائتلاف الوطني السوري» المعارض أحمد معاذ الخطيب في الأول من آذار المقبل.

 

في هذا الوقت، اتفقت حكومات الاتحاد الأوروبي، في بروكسل، على تمديد العقوبات المفروضة على سوريا لمدة ثلاثة أشهر، لكنها أعلنت أنها ستعدل حظر السلاح لتقديم مزيد من الدعم بالمواد «غير المميتة والمساعدة الفنية لحماية المدنيين».

 

لا يعني التمديد لحظر الأسلحة أن الاتحاد الأوروبي، أو حتى بعض دوله ستحترم القرار، أو أنها احترمت هذا القرار في الماضي. ومن البديهي لعدد من الدول الأوروبية، كفرنسا وبريطانيا أو إيطاليا، أن تفصل بين المواقف الديبلوماسية المشروطة بوقوع الإجماع، وما يتطلبه ذلك من الجهد في جماعة تضم ٢٧ عضواً تتضارب مصالحهم، وبين ضرورة العمل العسكري على الأرض إلى جانب المعارضة المسلحة السورية، للبقاء لاعبا أساسيا في صراع جيو – استراتيجي، يُعتبر الغياب عنه خطيئة سياسية مميتة.

 

والحال أن الأجهزة الأمنية لا تعتبر نفسها، منذ اندلاع الحريق السوري قبل 23 شهراً، معنية بالقرارات التي تتخذ في بروكسل بشأن سوريا، ولا بالاعتبارات الديبلوماسية الأوروبية، التي لا تشكل سوى الجانب المعلن لعمل الأوروبيين. وهكذا يصبح خطاب لا تدخل عسكرياً في سوريا، خصوصاً أمام الرأي العام الأوروبي، مخالفاً لواقع عمل الأجهزة الأمنية الأوروبية التي تنشط «في الجانب المظلم» وبعيداً عن ضوضاء الديبلوماسية، على تنفيذ الأجندات الوطنية الحقيقية للدول الأعضاء. وذلك لتمكين رأس جسر على خريطة الشمال، بهدف الإبقاء على قطاع مهم من المعارضة المسلحة السورية، تحت سيطرتها، وتنفيذ عمليات نوعية.

 

ويقول مصدر فرنسي، مقرّب من الأجهزة الأمنية، إن قسم العمليات الخارجية في الاستخبارات الفرنسية يعمل في الداخل السوري من دون توقف. وبحسب المصدر الفرنسي، فإن قوة من قسم العمليات الخارجية الفرنسية تتخذ من منطقة البقاع اللبناني منطلقاً لعملياتها في سوريا، بالإضافة إلى قوة أخرى تعمل إلى جانب الأجهزة الأميركية والبريطانية في منطقة الحدود التركية – السورية، في إطار غرف العمليات المشتركة وعمليات تسليح المعارضة. ويتجنب الغربيون تسليم أسلحة من صنعهم إلى المعارضة السورية. ويستخدم الفرنسيون جزءاً من الميزانية السرية الخاصة بالعمليات الخارجية، لشراء أجهزة اتصال متطورة، وأسلحة من صنع روسي، وأكثره يجري شحنه من ليبيا بحراً، لتزوّد بها جماعات قريبة من «الائتلاف» و«المجلس الوطني».

 

وكان وفد يضم قيادة المجلس العسكري الموحد، يرأسه قائد أركانه العميد سليم إدريس، قد وصل باريس منذ أربعة أيام، في زيارة لم يعلن عنها للتنسيق مع وزارة الدفاع الفرنسية، بشأن العمليات المشتركة، ومطالبة الحلفاء الفرنسيين بالوفاء بوعود قطعت، برفع وتيرة التسليح ونوعيته. وكانت صحيفة «الإندبندنت» قد تحدثت عن وجود أسلحة نوعية متقدمة تتضمن صواريخ أرض جو ومدفعية ثقيلة، تم تخزينها في تركيا، لكن الأميركيين يشترطون لتسليمها أن تعمل الجماعات القريـبة من الائـتلاف على ضرب «جبهة النصرة» والجماعات الجهادية السلفية.

 

ويقول مصدر مقرب من الأجهزة الأمنية الفرنسية إن المعارضة السورية المسلحة تلقت أسلحة مدفعية ومعدات متقدمة، لكنهم يحجمون عن تزويد المعارضة بصواريخ أرض جو بناءً على اتفاق مع الأجهزة الأميركية والبريطانية، خوفاً من وقوعها في أيدي الجماعات السلفية الجهادية. ويقول المصدر الفرنسي إن الاستخبارات الفرنسية والأميركية لعبت دوراً كبيراً في تنسيق عمليات المعارضة السورية المسلحة، في معارك المطارات الاستراتيجية في الشمال السوري، وإنه كان من غير الممكن للمعارضة السورية المسلحة أن تحقق تقدماً في عملياتها ضد المطارات من دون الدعم وتنظيم حلقات الأركان والعمليات التي كان يقدمها خبراء من قسم العمليات الخارجية الفرنسية والأميركية العاملة في المنطقة.

 

وهكذا، بعيداً عن بروكسل وتمديد حظر تسليح المعارضة، لا يسري القرار على الأرض، على عمليات تدريب المقاتلين التي تقدمها الأجهزة الأمنية الغربية، ووحدات من قواتها الخاصة. لكن ذلك لم يمنع الأجهزة الأمنية الفرنسية، بحسب مصادر متقاطعة، من أن تطلب من دمشق استئناف التعاون الأمني لمكافحة الإرهاب، وإعادة ممثل الاستخبارات الفرنسية من عمان إلى دمشق التي غادرها العام الماضي، مع العلم أن الجواب السوري كان سلبياً. وكان السوريون قد ساعدوا الأجهزة الأمنية الفرنسية على اعتقال شبكة جهادية تعد لهجمات في قطار أنفاق باريس العام 2008. ويبدو الطلب الفرنسي طبيعياً، بعد التصريحات التي لم يتوقف عن تكرارها منذ أسابيع، وزير الداخلية مانويل فالس حول وجود شبكات جهادية تعمل في فرنسا لتجنيد متطوعين للقتال في سوريا ومالي والصومال، منذ التدخل الفرنسي في مالي قبل شهر ونصف الشهر، وانكشاف ترابط الجبهات الجهادية من الساحل الأفريقي حتى الشمال السوري.

 

  • فريق ماسة
  • 2013-02-18
  • 8107
  • من الأرشيف

التسليح الغربي للمعارضة السورية : تنسيق معارك .. وخيط لبناني

اعلن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، غداة محادثاته الهاتفية مع نظيره الأميركي جون كيري، «عن بوادر أمل ظهرت» لحل الأزمة السورية،موضحا أن الحديث أصبح «من وجهة نظري، من هو المفاوض المقبول وأين يجب أن يجري الحوار… على ألا تقف الشروط المسبقة حجر عثرة على طريق مثل هذا الحوار». وقال لافروف، في بروكسل، «لقد تحدثت مع وزير الخارجية الأميركي جون كيري عن سوريا. تحدثنا قبل كل شيء عن بوادر الأمل التي ظهرت، على أن تتفق كل من الحكومة والمعارضة السورية بجدية، حتى مع إحاطة ذلك بشروط معينة، على ضرورة الحوار». وأضاف «لقد ناقشنا كيف يمكننا المساعدة على ألا تقف الشروط المسبقة حجر عثرة على طريق مثل هذا الحوار». وتابع ان «موسكو وواشنطن على قناعة، كما بدا خلال الحديث، بضرورة استغلال هذه الفرصة بالكامل، وبأن يفعل الجانبان كل شيء من أجل أن يتم الاتصال وتسوية القضايا الثانوية، من وجهة نظري، من قبيل من هو المفاوض المقبول وأين يجب أن يجري الحوار، لأن المهم في اعتقادي أن يجلس الطرفان حول طاولة حوار واحدة وأن يحاولا استغلال هذه الفرصة، لأنه ما لم يجربوا الحوار، فإنه لن يكون باستطاعتنا معرفة مدى واقعية استغلال هذه الفرصة وجعلها أساساً للتحرك إلى الأمام مستقبلا».   وقالت مصادر ديبلوماسية في باريس لقناة «روسيا اليوم» إن المبعوث الدولي والعربي الأخضر الإبراهيمي سيزور موسكو اليوم، ووزير الخارجية السوري وليد المعلم في 28 شباط الحالي، ورئيس «الائتلاف الوطني السوري» المعارض أحمد معاذ الخطيب في الأول من آذار المقبل.   في هذا الوقت، اتفقت حكومات الاتحاد الأوروبي، في بروكسل، على تمديد العقوبات المفروضة على سوريا لمدة ثلاثة أشهر، لكنها أعلنت أنها ستعدل حظر السلاح لتقديم مزيد من الدعم بالمواد «غير المميتة والمساعدة الفنية لحماية المدنيين».   لا يعني التمديد لحظر الأسلحة أن الاتحاد الأوروبي، أو حتى بعض دوله ستحترم القرار، أو أنها احترمت هذا القرار في الماضي. ومن البديهي لعدد من الدول الأوروبية، كفرنسا وبريطانيا أو إيطاليا، أن تفصل بين المواقف الديبلوماسية المشروطة بوقوع الإجماع، وما يتطلبه ذلك من الجهد في جماعة تضم ٢٧ عضواً تتضارب مصالحهم، وبين ضرورة العمل العسكري على الأرض إلى جانب المعارضة المسلحة السورية، للبقاء لاعبا أساسيا في صراع جيو – استراتيجي، يُعتبر الغياب عنه خطيئة سياسية مميتة.   والحال أن الأجهزة الأمنية لا تعتبر نفسها، منذ اندلاع الحريق السوري قبل 23 شهراً، معنية بالقرارات التي تتخذ في بروكسل بشأن سوريا، ولا بالاعتبارات الديبلوماسية الأوروبية، التي لا تشكل سوى الجانب المعلن لعمل الأوروبيين. وهكذا يصبح خطاب لا تدخل عسكرياً في سوريا، خصوصاً أمام الرأي العام الأوروبي، مخالفاً لواقع عمل الأجهزة الأمنية الأوروبية التي تنشط «في الجانب المظلم» وبعيداً عن ضوضاء الديبلوماسية، على تنفيذ الأجندات الوطنية الحقيقية للدول الأعضاء. وذلك لتمكين رأس جسر على خريطة الشمال، بهدف الإبقاء على قطاع مهم من المعارضة المسلحة السورية، تحت سيطرتها، وتنفيذ عمليات نوعية.   ويقول مصدر فرنسي، مقرّب من الأجهزة الأمنية، إن قسم العمليات الخارجية في الاستخبارات الفرنسية يعمل في الداخل السوري من دون توقف. وبحسب المصدر الفرنسي، فإن قوة من قسم العمليات الخارجية الفرنسية تتخذ من منطقة البقاع اللبناني منطلقاً لعملياتها في سوريا، بالإضافة إلى قوة أخرى تعمل إلى جانب الأجهزة الأميركية والبريطانية في منطقة الحدود التركية – السورية، في إطار غرف العمليات المشتركة وعمليات تسليح المعارضة. ويتجنب الغربيون تسليم أسلحة من صنعهم إلى المعارضة السورية. ويستخدم الفرنسيون جزءاً من الميزانية السرية الخاصة بالعمليات الخارجية، لشراء أجهزة اتصال متطورة، وأسلحة من صنع روسي، وأكثره يجري شحنه من ليبيا بحراً، لتزوّد بها جماعات قريبة من «الائتلاف» و«المجلس الوطني».   وكان وفد يضم قيادة المجلس العسكري الموحد، يرأسه قائد أركانه العميد سليم إدريس، قد وصل باريس منذ أربعة أيام، في زيارة لم يعلن عنها للتنسيق مع وزارة الدفاع الفرنسية، بشأن العمليات المشتركة، ومطالبة الحلفاء الفرنسيين بالوفاء بوعود قطعت، برفع وتيرة التسليح ونوعيته. وكانت صحيفة «الإندبندنت» قد تحدثت عن وجود أسلحة نوعية متقدمة تتضمن صواريخ أرض جو ومدفعية ثقيلة، تم تخزينها في تركيا، لكن الأميركيين يشترطون لتسليمها أن تعمل الجماعات القريـبة من الائـتلاف على ضرب «جبهة النصرة» والجماعات الجهادية السلفية.   ويقول مصدر مقرب من الأجهزة الأمنية الفرنسية إن المعارضة السورية المسلحة تلقت أسلحة مدفعية ومعدات متقدمة، لكنهم يحجمون عن تزويد المعارضة بصواريخ أرض جو بناءً على اتفاق مع الأجهزة الأميركية والبريطانية، خوفاً من وقوعها في أيدي الجماعات السلفية الجهادية. ويقول المصدر الفرنسي إن الاستخبارات الفرنسية والأميركية لعبت دوراً كبيراً في تنسيق عمليات المعارضة السورية المسلحة، في معارك المطارات الاستراتيجية في الشمال السوري، وإنه كان من غير الممكن للمعارضة السورية المسلحة أن تحقق تقدماً في عملياتها ضد المطارات من دون الدعم وتنظيم حلقات الأركان والعمليات التي كان يقدمها خبراء من قسم العمليات الخارجية الفرنسية والأميركية العاملة في المنطقة.   وهكذا، بعيداً عن بروكسل وتمديد حظر تسليح المعارضة، لا يسري القرار على الأرض، على عمليات تدريب المقاتلين التي تقدمها الأجهزة الأمنية الغربية، ووحدات من قواتها الخاصة. لكن ذلك لم يمنع الأجهزة الأمنية الفرنسية، بحسب مصادر متقاطعة، من أن تطلب من دمشق استئناف التعاون الأمني لمكافحة الإرهاب، وإعادة ممثل الاستخبارات الفرنسية من عمان إلى دمشق التي غادرها العام الماضي، مع العلم أن الجواب السوري كان سلبياً. وكان السوريون قد ساعدوا الأجهزة الأمنية الفرنسية على اعتقال شبكة جهادية تعد لهجمات في قطار أنفاق باريس العام 2008. ويبدو الطلب الفرنسي طبيعياً، بعد التصريحات التي لم يتوقف عن تكرارها منذ أسابيع، وزير الداخلية مانويل فالس حول وجود شبكات جهادية تعمل في فرنسا لتجنيد متطوعين للقتال في سوريا ومالي والصومال، منذ التدخل الفرنسي في مالي قبل شهر ونصف الشهر، وانكشاف ترابط الجبهات الجهادية من الساحل الأفريقي حتى الشمال السوري.  

المصدر : محمد بلوط\ السفير


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة