المال الغبي إيـاه، يقـول لا للحوار في سوريا. الايديولوجيا، الايديولوجيا الغبية إياها، تقول لا للحوار في سوريا.آن الاوان للمعارضـــة ان تغادر، ولو للحظة، الفنادق الفاخرة، بل ان تغادر رقعة الشطرنج، وحيث البيادق لم تعد اكثر من حجارة محطمة وسط هذا الحطام، وترفع صوتها في وجه الذين يشترون لها حتى احذيتها، وحتى ملابسها الداخلية، لان سوريا كلها في خطر. ولن يكون هناك فارق بين لاجئي المخيمات، ولاجئي الفنادق الذين سيتحولون عاجلاً ام آجلاً، الى لاجئي الارصفة…

مرة اخرى، انها اللـــحظة القاتلة بين لعبة الامـــم ولعبة القبائل، فهل يدري اولئـــك الذين اصيبوا بجاذبية الشـاشات، على رداءتها وعلى ابتذالها، ماذا يقـال وماذا يخــطط داخل اللوبي اليهودي في الولايات المتحـــدة، وبمبــادرة من دنيس روس الذي وضع الخارطة الجديدة للشرق الاوسط وحيث المقدس هو اسرائيل، وحيث المقدس هو النفط، فيما العرب ماضون في ثقافة الضجيج إن لم يكن في ثقافة الهذيان.

 

الخطة تقول باعادة تشكيل الخارطة الجغرافية والديموغرافية لسوريا والعراق ولبنان، ودائماً بالتنسيق او بالتواطؤ مع القوى الاقليمية التي تعتقد، وبغطرسة منقطعة النظير، انها ستبقى بمعزل عن البلقنة كما لو ان البنية الجيولوجية للمنطقة، حسبما قال هنري كيسنجر، ليست واحدة، وكما لو ان الزلزال يطرق هذه الابواب ويترك الابواب الاخرى موصدة.

 

انهم يتحدثون عن خمس او ست دول في الدول الثلاث، مع اعتماد اسلوب الضم والفرز بما هو اسوأ بكثير مما فعله المستر مارك سايكس و المسيو جورج بيكو في عام 1916، وما فعلته المؤتمرات اللاحقة. ألم تجاهر انقرة، بالعباءة العثمانية إياها، باقتطاع الموصل منها وكذلك كركوك، فيما تعتبر ان الاستيلاء على لواء الاسكندرون، وقد اصبح سنجق هاتاي، لا يكتمل الا اذا «عادت» حلب جزءاً من السلطنة، ودون ان يعني ذلك تبرئة اي قوى اقليمية اخرى من الهاجس الامبراطوري ما دام العرب لم يعودوا اكثر من فتات استراتيجي في هذه اللعبة التي يقال ان تنفيذها يحتاج الى عمليات جراحية عميقة، اي الى دماء كثيرة، فيما الفتنة الكبرى لم تعد تحتاج الى اكثر من عود ثقاب، عود ثقاب فقط، ويسقط الهيكل على من فيه.

 

ومرة اخرى، دعونا نستذكر ما يردده اساقفة الغيب الذين تتقاطع رؤاهم مع الرؤيا، وليس فقط مجرد الرؤية، التي يطرحها المنظرون الاستراتيجيون في الاروقة الكبرى، وقد أُبلغ من اُبلغ ان اللوبي اليهودي تمكن من استقطاب العديد من رجال الكونغرس لتبني الخطة، وباعتبار ان الشرق الاوســط يتحول اكثر فأكثـر الى مـــستنقع لاهوتي لا بد ان تمتد مفاعيله الكارثية الى المصالح الحيوية للغرب، وبعدما حذر الكسندر آدلر، وهو المعروف بعلاقته الوثيقة بالمؤسسة اليهودية، وبالحرف الواحد، من «البرابرة الذين يتسلقون الاسوار».

 

هل الذي يحدث في سوريا، وحيث الجثث لم تعد اكثر من مادة اعلامية روتينية، هو الثورة حقاً؟ وهل التعبئة المذهبية في العراق وقد آذنت على الانفجار بعيدة عن التعبئة المذهبية في لبنان، وحيث الصراع على المقاعد يبدو وكأنه الصراع على القبور. ثمة خارطة تتصدع، او هي تصدعت فعلاً. قال لنا ديبلوماسي اوروبي «عندما انظر الى سياسييكم بربطات العنق الفاخرة والتي لا يرتديها اي سياسي آخر في العالم، اشعر كما لو انني في جمـــهورية افـلاطون او في جمهورية ايف سان لوران، ولكن حين اسمع ما يقولون، وكيف يتصرفون، اشعر كما لو انني في جمهورية هولاكو او على الاقل في جمهورية…علي بابا».

 

المشهد السوري هو الذي يخـتزل المشهد العام. نذكّر بما قاله فلاديمير بوتين منذ نحو عام من ان قواعد النظام العالمي الجديد ستتبـلور في ســوريا. اذاً، تلك المعارضة البائسة التي تتنقل من بلاط الى بلاط والتي لا تعدو ان تكون متحفا لتماثيل الشمع بعدما ابتعدت الادمــغة النظيفة، والايدي النظـــيفة، عنها وعن رهاناتها وعن تبعياتها، هي اعجز بكثير من ان تخترق عباءة السيد وسواء كان عثمانياً ام كان عربيا ام كان اميركيا، فمــاذا عن النـظام الذي لا بد ان يكون مسؤولاً، ومسؤولاً رئيسياً، لاختــراق الدوامة الراهنة، وهي دوامة الدم، واطـلاق مبادرة تهز الدنيا، وتزعزع مفاصل اللاعــبين بسوريا وبالعذاب السوري، فحين تكون سوريا على حافة الــهاوية او داخل الهاوية اي سلـطة ستكون هناك؟ واي دور سيكون هناك؟ واي رجال سيكونون هناك؟

 

النظام، والمعارضة حتى ولو لم نرَ فيها اكثر من قطع اثرية متنقلة، وبالية، امام اللحظة التأسيسية الكبرى، فإما ان تكون سوريا او لا تكون. الخيار إياه ينسحب على العراق، وعلى لبنان الذي لم تعد الازمة فيه ازمة قانون انتخاب، بل انها ايها السادة، ازمة بقاء او لا بقاء…

 

مسكين احمد معاذ الخطيب. قيل انه المعارض المنشق، وقيل انه سيفاوض القوى الكبرى. بالكاد يستطيع ان يفاوض اصحاب الحوانيت في سوق الهال في دمشق. وقال انه لا يتحدث سوى الى نائب رئيس الجمهورية فاروق الشرع، وقلنا منذ البداية انها المسرحية الهزلية، لكننا لم نكن نتصور انها هزلية الى هذا الحد. على ماذا يسدل ذلك الستار؟

 

  • فريق ماسة
  • 2013-02-16
  • 8417
  • من الأرشيف

المال الغبي يقـول لا للحوار...على ماذا يسدل الستار؟

المال الغبي إيـاه، يقـول لا للحوار في سوريا. الايديولوجيا، الايديولوجيا الغبية إياها، تقول لا للحوار في سوريا.آن الاوان للمعارضـــة ان تغادر، ولو للحظة، الفنادق الفاخرة، بل ان تغادر رقعة الشطرنج، وحيث البيادق لم تعد اكثر من حجارة محطمة وسط هذا الحطام، وترفع صوتها في وجه الذين يشترون لها حتى احذيتها، وحتى ملابسها الداخلية، لان سوريا كلها في خطر. ولن يكون هناك فارق بين لاجئي المخيمات، ولاجئي الفنادق الذين سيتحولون عاجلاً ام آجلاً، الى لاجئي الارصفة… مرة اخرى، انها اللـــحظة القاتلة بين لعبة الامـــم ولعبة القبائل، فهل يدري اولئـــك الذين اصيبوا بجاذبية الشـاشات، على رداءتها وعلى ابتذالها، ماذا يقـال وماذا يخــطط داخل اللوبي اليهودي في الولايات المتحـــدة، وبمبــادرة من دنيس روس الذي وضع الخارطة الجديدة للشرق الاوسط وحيث المقدس هو اسرائيل، وحيث المقدس هو النفط، فيما العرب ماضون في ثقافة الضجيج إن لم يكن في ثقافة الهذيان.   الخطة تقول باعادة تشكيل الخارطة الجغرافية والديموغرافية لسوريا والعراق ولبنان، ودائماً بالتنسيق او بالتواطؤ مع القوى الاقليمية التي تعتقد، وبغطرسة منقطعة النظير، انها ستبقى بمعزل عن البلقنة كما لو ان البنية الجيولوجية للمنطقة، حسبما قال هنري كيسنجر، ليست واحدة، وكما لو ان الزلزال يطرق هذه الابواب ويترك الابواب الاخرى موصدة.   انهم يتحدثون عن خمس او ست دول في الدول الثلاث، مع اعتماد اسلوب الضم والفرز بما هو اسوأ بكثير مما فعله المستر مارك سايكس و المسيو جورج بيكو في عام 1916، وما فعلته المؤتمرات اللاحقة. ألم تجاهر انقرة، بالعباءة العثمانية إياها، باقتطاع الموصل منها وكذلك كركوك، فيما تعتبر ان الاستيلاء على لواء الاسكندرون، وقد اصبح سنجق هاتاي، لا يكتمل الا اذا «عادت» حلب جزءاً من السلطنة، ودون ان يعني ذلك تبرئة اي قوى اقليمية اخرى من الهاجس الامبراطوري ما دام العرب لم يعودوا اكثر من فتات استراتيجي في هذه اللعبة التي يقال ان تنفيذها يحتاج الى عمليات جراحية عميقة، اي الى دماء كثيرة، فيما الفتنة الكبرى لم تعد تحتاج الى اكثر من عود ثقاب، عود ثقاب فقط، ويسقط الهيكل على من فيه.   ومرة اخرى، دعونا نستذكر ما يردده اساقفة الغيب الذين تتقاطع رؤاهم مع الرؤيا، وليس فقط مجرد الرؤية، التي يطرحها المنظرون الاستراتيجيون في الاروقة الكبرى، وقد أُبلغ من اُبلغ ان اللوبي اليهودي تمكن من استقطاب العديد من رجال الكونغرس لتبني الخطة، وباعتبار ان الشرق الاوســط يتحول اكثر فأكثـر الى مـــستنقع لاهوتي لا بد ان تمتد مفاعيله الكارثية الى المصالح الحيوية للغرب، وبعدما حذر الكسندر آدلر، وهو المعروف بعلاقته الوثيقة بالمؤسسة اليهودية، وبالحرف الواحد، من «البرابرة الذين يتسلقون الاسوار».   هل الذي يحدث في سوريا، وحيث الجثث لم تعد اكثر من مادة اعلامية روتينية، هو الثورة حقاً؟ وهل التعبئة المذهبية في العراق وقد آذنت على الانفجار بعيدة عن التعبئة المذهبية في لبنان، وحيث الصراع على المقاعد يبدو وكأنه الصراع على القبور. ثمة خارطة تتصدع، او هي تصدعت فعلاً. قال لنا ديبلوماسي اوروبي «عندما انظر الى سياسييكم بربطات العنق الفاخرة والتي لا يرتديها اي سياسي آخر في العالم، اشعر كما لو انني في جمـــهورية افـلاطون او في جمهورية ايف سان لوران، ولكن حين اسمع ما يقولون، وكيف يتصرفون، اشعر كما لو انني في جمهورية هولاكو او على الاقل في جمهورية…علي بابا».   المشهد السوري هو الذي يخـتزل المشهد العام. نذكّر بما قاله فلاديمير بوتين منذ نحو عام من ان قواعد النظام العالمي الجديد ستتبـلور في ســوريا. اذاً، تلك المعارضة البائسة التي تتنقل من بلاط الى بلاط والتي لا تعدو ان تكون متحفا لتماثيل الشمع بعدما ابتعدت الادمــغة النظيفة، والايدي النظـــيفة، عنها وعن رهاناتها وعن تبعياتها، هي اعجز بكثير من ان تخترق عباءة السيد وسواء كان عثمانياً ام كان عربيا ام كان اميركيا، فمــاذا عن النـظام الذي لا بد ان يكون مسؤولاً، ومسؤولاً رئيسياً، لاختــراق الدوامة الراهنة، وهي دوامة الدم، واطـلاق مبادرة تهز الدنيا، وتزعزع مفاصل اللاعــبين بسوريا وبالعذاب السوري، فحين تكون سوريا على حافة الــهاوية او داخل الهاوية اي سلـطة ستكون هناك؟ واي دور سيكون هناك؟ واي رجال سيكونون هناك؟   النظام، والمعارضة حتى ولو لم نرَ فيها اكثر من قطع اثرية متنقلة، وبالية، امام اللحظة التأسيسية الكبرى، فإما ان تكون سوريا او لا تكون. الخيار إياه ينسحب على العراق، وعلى لبنان الذي لم تعد الازمة فيه ازمة قانون انتخاب، بل انها ايها السادة، ازمة بقاء او لا بقاء…   مسكين احمد معاذ الخطيب. قيل انه المعارض المنشق، وقيل انه سيفاوض القوى الكبرى. بالكاد يستطيع ان يفاوض اصحاب الحوانيت في سوق الهال في دمشق. وقال انه لا يتحدث سوى الى نائب رئيس الجمهورية فاروق الشرع، وقلنا منذ البداية انها المسرحية الهزلية، لكننا لم نكن نتصور انها هزلية الى هذا الحد. على ماذا يسدل ذلك الستار؟  

المصدر : نبيه برجي \ الديار


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة