يرتدي المتحدث باسم "الجبهة الشعبية" التونسية المعارضة حمة الهمامي سترة واقية من الرصاص. لم يرتدها سابقاً في عهد زين العابدين بن علي الذي اعتقله وزوجته المحامية راضية النصراوي وقمعهما مراراً. صار رئيس حزب العمال وأفراد عائلته يخشون على حياتهم بعد أن قتل ملثمان قبل أيام القيادي اليساري شكري بلعيد عند الثامنة والنصف صباحاً أمام منزله وعيون أهله.

اسم "حمة" هو تصغير لحمادي الذي هو تصغير لمحمد. لا يُبعد التماثل مع اسم رسول الله القلق عن يساريي تونس، ولا عاد ينفع الإيمان الراسخ أصلاً عند جلّ التونسيين في إبعاد شبح الخوف من الاغتيال. وإذا كان البعض قد سارع إلى إلقاء تهم القتل أو التهديد على الحركة السلفية أو على متطرفين إسلاميين أو حتى على "حركة النهضة"، فإن لا شيء يمنع أن تكون تونس قد شرعت أبوابها لأجهزة استخبارات كثيرة، وفي أحوال كهذه يختلط الحابل بالنابل والقاتل بالقتيل والجلاد بالضحية.

ازداد التطرف حتى فاض، فتمّ من حدود تونس إرسال عشرات أو ربما مئات الشبان التونسيين الفقراء إلى ساحات الموت في سوريا. ازدادت الفوضى والأخطاء حتى صارت "النهضة"، التي عانت المنع والقمع والسجن والملاحقة من قبل بن علي، عرضة لكل الاتهامات. سهُل الاغتيال حتى صار مجرّد الرغبة ببعث رسالة لحزب "نداء تونس" بقيادة الباجي قايد السبسي، يعني اغتيال أحد قياديي حزبه لطفي نقض قبل فترة، ليتبعه اغتيال شكري بلعيد.

شكري ونقض هما باكورة شهداء ما بعد الثورة، لكنهما قد لا يكونان الأخيرين. هذا هو الانطباع السائد في تونس التي تغزو روائح الحقد والتنافر والانشقاق أريج الياسمين الشهير فيها، وتقل النساء في شوارعها لتكثر القمصان القصيرة واللحى. كانت تونس حتى الأمس القريب تباهي بأنها الدولة العربية الأكثر منحا لحقوق النساء. وكانت، حتى الأمس القريب، تباهي بانفتاح مذهبها المالكي، فصار أهلها أو أكثرهم يتساءلون عن سبب وجدوى الغزو الديني الوهابي من الخليج.

كل شيء يبدو مترنحاً. ها هو رئيس الحكومة حمادي الجبالي الذي انبثق من حركة "النهضة" وصار أمينها العام، يتمرد على قرارها ويهز عرش رئيسها التاريخي الشيخ راشد الغنوشي. يتحدى نهضويو الداخل منفيي الحركة القادمين من الخارج. يعلن الجبالي، الذي سجن في تونس 17 عاماً، أنه يريد حكومة "كفاءات". ينتفض الغنوشي العائد قبل عامين من منفاه البريطاني. يغضب النواب النهضاويون وهم الأكثر عددا في البرلمان. يجتمع المكتب السياسي. تعلن الحركة رفضها القرار. تؤكد أن الحكومة يجب أن تضم سياسيين لا تكنوقراطاً. يقرّر حليفها في الائتلاف الرئاسي حزب "المؤتمر" سحب وزرائه من الحكومة، ثم يعود ليقبل بمشيئة التحالف فيدعم حكومة السياسيين، ينقلب عليهما الحليف الثالث في الائتلاف، حزب "التكتل من أجل العمل والحرية" ويدعم حكومة جبالي.

برّر الجبالي انتفاضته على حزبه بأن دم شكري بلعيد غيَّر الكثير من المعادلات، وبأن البلاد بحاجة لحكومة إنقاذ وليس لسياسيين يتناحرون. ظنّ الجميع أنه بذلك يلعب ورقته الأخيرة. جاء السفير الأميركي. جال على رئيس الحكومة ورئيس الجمهورية. عدلت "النهضة" موقفها، قبلت بحلّ وسطي، بحيث تكون الحكومة مناصفة بين التكنوقراط والسياسيين. لا شيء يؤكد أن للتغيير علاقة بجولة السفير

الأميركي. لكن تاريخ تحركات السفراء الأميركيين في دولنا من لبنان إلى العراق فتونس يجعل الاحتمال قائماً. يتصلب الجبالي في موقفه. يقول البعض ان في الأمر توزيع أدوار لإنقاذ النهضة من تخبطها ومن انهيار شعبيتها. يؤكد البعض الآخر أن في الأمر انقلابا يحاكي ما فعله الرئيس السوداني عمر حسن البشير بالدكتور حسن الترابي.

انقلبت "النهضة" على "النهضة". قال الرجل الثاني فيها والعقل الإسلامي الموسوم بالانفتاح الشيخ عبد الفتاح مورو، في حديث مع مجلة "ماريان" الفرنسية، ان الحركة خسرت كل شيء ولم يبق لها غير الحكومة تتمسك بها. أكد أنه يدعم الجبالي لأنه يتصرف كرجل دولة. لامه إخوانه على انتقاداته، فرفع الصوت أعلى متهما الغنوشي بالقضاء على النهضة وسمعتها في تونس.

هذا في ظاهر الأمور. أما في بواطنها، وما أكثر البواطن هذه الأيام في تونس، فإن ثمة صراعا خفياً على الإسلاميين وحولهم، يجري حالياً بين واشنطن وباريس. الولايات المتحدة الأميركية، التي تتقن فن التأقلم وتقديم المصالح على المبادئ، قالت لمن يريد أن يسمع من القيادات التونسية انه من الأفضل استيعاب الإسلاميين من "نهضة" وسلفيين وغيرهم، لأن غير ذلك سيدفع الإسلام التونسي إلى التطرف. ردت أميركا بذلك على الرغبة الفرنسية المعلنة مرة (على لسان وزير الداخلية مثلا) والمضمرة مرات عديدة ، بإقصاء الإسلاميين وتعزيز حضور الديموقراطيين والليبراليين واليساريين.

وفي بواطن الأمور أيضاً، تنافس عربي ـ عربي في تونس وعليها. السعودية أو أطراف فيها ومن الكويت أيضا يقدمون الدعم المالي السخي لحركات سلفية باتت تثير قلقا كبيرا. قطر متمسكة بدعم "النهضة"، على أساس أنها المكمل الإسلامي لمشهد "الإخوان المسلمين"، من المشرق إلى المغرب، برغم أن "النهضة" لا تعتبر نفسها منتمية إلى "الإخوان المسلمين". وبين الخليج والخليج، يبرز اسم الجزائر. فالدولة الجارة التي عانت 10 سنوات من الاقتتال بين الجيش والإسلاميين بعد إجهاض الانتخابات التي فازت فيها جبهة الإنقاذ الإسلامية مطلع تسعينيات القرن الماضي، لا تقبل ولا تستطيع أن تقبل حكما إسلامياً في جوارها يعيد فتح شهية الشيخ علي بلحاج ورفاقه لديها.

لم يكن مفاجئا والحالة هذه أن يبرز حزب جديد هو "نداء تونس". رئيسه هو قايد السبسي الذي رافق مؤسس تونس الحديثة الراحل الحبيب بورقيبة، وتولى جلّ المناصب السياسية الرفيعة، وتولى حتى في عهد بن علي منصب رئيس مجلس النواب، وكان رئيسا للوزراء بعيد خلع الأخير. هذا التاريخ لا يبرّر لوحده أن ينتشر حزبه كالنار في الهشيم. استطاع بفترة وجيزة أن يجمع مناصرين من النظام السابق، وناقمين على النظام الحالي، ورماديين كانوا ينتظرون مآل الأمور. ثمة من يسأل: هل هذا التيار، الذي يحظى بتأييد ضمني من الغرب القريب لتونس، يُراد له أن يحل مكان الإسلاميين بعد إنهاك هؤلاء بالمشاكل الاقتصادية والسياسية والأمنية؟ يشبه السؤال ما يقال في مصر عن تيار عمرو موسى ومحمد البرادعي كبديل مقبل عن "الإخوان".

تغرق تونس، شيئاً فشيئاً، في كثير من القلق والأسئلة الصعبة حول المصير. يقول البعض ان هذا تطور طبيعي للثورات، وان الديموقراطية بأسوأ أشكالها أفضل من دكتاتورية بن علي، وانه لا توجد ثورة في العالم استقرت أحوالها إلا بعد مضي سنوات عديدة. لكن البعض الآخر يردّ بالقول ان من غير المسموح للإسلاميين أن يحكموا ويسمحوا للسلفيين بالتمدد في دولة مجاورة لأوروبا. ولعلّ الأخطاء الكثيرة التي ارتكبت حتى الآن من قبل "النهضة"، ربما لأنها حديثة العهد بالسياسية والحكم، قد ساعدت أصحاب القول الثاني على ترسيخ مقولتهم.

يقول الشيخ عبد الفتاح مورو، الرجل الثاني في حركة النهضة: لقد خسرنا الناس وخسرنا الصحافة وخسرنا أهل الفن والثقافة ونخسر حلفاءنا، وما عاد لنا غير الحكومة نتمسك بها، ولعل الخطأ الأول الذي طالما حذرت منه كان صائباً. أنا قلت منذ البداية لا تستعجلوا الوصول إلى السلطة.

استعجلت النهضة الوصول إلى السلطة. واجهت كل الأزمات المتراكمة من اقتصاد وأمن وسياسية، ووصلت إلى وضع لا تحسد مطلقا عليه.

لا شك في أن زين العابدين بن علي الذي لا يزال رجاله يعيثون فسادا في البلاد، يبتسم كثيرا هذه الأيام وهو يرتشف الشاي الخليجي في المملكة العربية السعودية الرافضة أصلا تسليمه، برغم إلحاح الرئيس والمناضل التونسي الشهير المنصف المرزوقي.

  • فريق ماسة
  • 2013-02-16
  • 9875
  • من الأرشيف

تـونـس: الثـورة تقـتـل أبنـاءها والياسـمين

يرتدي المتحدث باسم "الجبهة الشعبية" التونسية المعارضة حمة الهمامي سترة واقية من الرصاص. لم يرتدها سابقاً في عهد زين العابدين بن علي الذي اعتقله وزوجته المحامية راضية النصراوي وقمعهما مراراً. صار رئيس حزب العمال وأفراد عائلته يخشون على حياتهم بعد أن قتل ملثمان قبل أيام القيادي اليساري شكري بلعيد عند الثامنة والنصف صباحاً أمام منزله وعيون أهله. اسم "حمة" هو تصغير لحمادي الذي هو تصغير لمحمد. لا يُبعد التماثل مع اسم رسول الله القلق عن يساريي تونس، ولا عاد ينفع الإيمان الراسخ أصلاً عند جلّ التونسيين في إبعاد شبح الخوف من الاغتيال. وإذا كان البعض قد سارع إلى إلقاء تهم القتل أو التهديد على الحركة السلفية أو على متطرفين إسلاميين أو حتى على "حركة النهضة"، فإن لا شيء يمنع أن تكون تونس قد شرعت أبوابها لأجهزة استخبارات كثيرة، وفي أحوال كهذه يختلط الحابل بالنابل والقاتل بالقتيل والجلاد بالضحية. ازداد التطرف حتى فاض، فتمّ من حدود تونس إرسال عشرات أو ربما مئات الشبان التونسيين الفقراء إلى ساحات الموت في سوريا. ازدادت الفوضى والأخطاء حتى صارت "النهضة"، التي عانت المنع والقمع والسجن والملاحقة من قبل بن علي، عرضة لكل الاتهامات. سهُل الاغتيال حتى صار مجرّد الرغبة ببعث رسالة لحزب "نداء تونس" بقيادة الباجي قايد السبسي، يعني اغتيال أحد قياديي حزبه لطفي نقض قبل فترة، ليتبعه اغتيال شكري بلعيد. شكري ونقض هما باكورة شهداء ما بعد الثورة، لكنهما قد لا يكونان الأخيرين. هذا هو الانطباع السائد في تونس التي تغزو روائح الحقد والتنافر والانشقاق أريج الياسمين الشهير فيها، وتقل النساء في شوارعها لتكثر القمصان القصيرة واللحى. كانت تونس حتى الأمس القريب تباهي بأنها الدولة العربية الأكثر منحا لحقوق النساء. وكانت، حتى الأمس القريب، تباهي بانفتاح مذهبها المالكي، فصار أهلها أو أكثرهم يتساءلون عن سبب وجدوى الغزو الديني الوهابي من الخليج. كل شيء يبدو مترنحاً. ها هو رئيس الحكومة حمادي الجبالي الذي انبثق من حركة "النهضة" وصار أمينها العام، يتمرد على قرارها ويهز عرش رئيسها التاريخي الشيخ راشد الغنوشي. يتحدى نهضويو الداخل منفيي الحركة القادمين من الخارج. يعلن الجبالي، الذي سجن في تونس 17 عاماً، أنه يريد حكومة "كفاءات". ينتفض الغنوشي العائد قبل عامين من منفاه البريطاني. يغضب النواب النهضاويون وهم الأكثر عددا في البرلمان. يجتمع المكتب السياسي. تعلن الحركة رفضها القرار. تؤكد أن الحكومة يجب أن تضم سياسيين لا تكنوقراطاً. يقرّر حليفها في الائتلاف الرئاسي حزب "المؤتمر" سحب وزرائه من الحكومة، ثم يعود ليقبل بمشيئة التحالف فيدعم حكومة السياسيين، ينقلب عليهما الحليف الثالث في الائتلاف، حزب "التكتل من أجل العمل والحرية" ويدعم حكومة جبالي. برّر الجبالي انتفاضته على حزبه بأن دم شكري بلعيد غيَّر الكثير من المعادلات، وبأن البلاد بحاجة لحكومة إنقاذ وليس لسياسيين يتناحرون. ظنّ الجميع أنه بذلك يلعب ورقته الأخيرة. جاء السفير الأميركي. جال على رئيس الحكومة ورئيس الجمهورية. عدلت "النهضة" موقفها، قبلت بحلّ وسطي، بحيث تكون الحكومة مناصفة بين التكنوقراط والسياسيين. لا شيء يؤكد أن للتغيير علاقة بجولة السفير الأميركي. لكن تاريخ تحركات السفراء الأميركيين في دولنا من لبنان إلى العراق فتونس يجعل الاحتمال قائماً. يتصلب الجبالي في موقفه. يقول البعض ان في الأمر توزيع أدوار لإنقاذ النهضة من تخبطها ومن انهيار شعبيتها. يؤكد البعض الآخر أن في الأمر انقلابا يحاكي ما فعله الرئيس السوداني عمر حسن البشير بالدكتور حسن الترابي. انقلبت "النهضة" على "النهضة". قال الرجل الثاني فيها والعقل الإسلامي الموسوم بالانفتاح الشيخ عبد الفتاح مورو، في حديث مع مجلة "ماريان" الفرنسية، ان الحركة خسرت كل شيء ولم يبق لها غير الحكومة تتمسك بها. أكد أنه يدعم الجبالي لأنه يتصرف كرجل دولة. لامه إخوانه على انتقاداته، فرفع الصوت أعلى متهما الغنوشي بالقضاء على النهضة وسمعتها في تونس. هذا في ظاهر الأمور. أما في بواطنها، وما أكثر البواطن هذه الأيام في تونس، فإن ثمة صراعا خفياً على الإسلاميين وحولهم، يجري حالياً بين واشنطن وباريس. الولايات المتحدة الأميركية، التي تتقن فن التأقلم وتقديم المصالح على المبادئ، قالت لمن يريد أن يسمع من القيادات التونسية انه من الأفضل استيعاب الإسلاميين من "نهضة" وسلفيين وغيرهم، لأن غير ذلك سيدفع الإسلام التونسي إلى التطرف. ردت أميركا بذلك على الرغبة الفرنسية المعلنة مرة (على لسان وزير الداخلية مثلا) والمضمرة مرات عديدة ، بإقصاء الإسلاميين وتعزيز حضور الديموقراطيين والليبراليين واليساريين. وفي بواطن الأمور أيضاً، تنافس عربي ـ عربي في تونس وعليها. السعودية أو أطراف فيها ومن الكويت أيضا يقدمون الدعم المالي السخي لحركات سلفية باتت تثير قلقا كبيرا. قطر متمسكة بدعم "النهضة"، على أساس أنها المكمل الإسلامي لمشهد "الإخوان المسلمين"، من المشرق إلى المغرب، برغم أن "النهضة" لا تعتبر نفسها منتمية إلى "الإخوان المسلمين". وبين الخليج والخليج، يبرز اسم الجزائر. فالدولة الجارة التي عانت 10 سنوات من الاقتتال بين الجيش والإسلاميين بعد إجهاض الانتخابات التي فازت فيها جبهة الإنقاذ الإسلامية مطلع تسعينيات القرن الماضي، لا تقبل ولا تستطيع أن تقبل حكما إسلامياً في جوارها يعيد فتح شهية الشيخ علي بلحاج ورفاقه لديها. لم يكن مفاجئا والحالة هذه أن يبرز حزب جديد هو "نداء تونس". رئيسه هو قايد السبسي الذي رافق مؤسس تونس الحديثة الراحل الحبيب بورقيبة، وتولى جلّ المناصب السياسية الرفيعة، وتولى حتى في عهد بن علي منصب رئيس مجلس النواب، وكان رئيسا للوزراء بعيد خلع الأخير. هذا التاريخ لا يبرّر لوحده أن ينتشر حزبه كالنار في الهشيم. استطاع بفترة وجيزة أن يجمع مناصرين من النظام السابق، وناقمين على النظام الحالي، ورماديين كانوا ينتظرون مآل الأمور. ثمة من يسأل: هل هذا التيار، الذي يحظى بتأييد ضمني من الغرب القريب لتونس، يُراد له أن يحل مكان الإسلاميين بعد إنهاك هؤلاء بالمشاكل الاقتصادية والسياسية والأمنية؟ يشبه السؤال ما يقال في مصر عن تيار عمرو موسى ومحمد البرادعي كبديل مقبل عن "الإخوان". تغرق تونس، شيئاً فشيئاً، في كثير من القلق والأسئلة الصعبة حول المصير. يقول البعض ان هذا تطور طبيعي للثورات، وان الديموقراطية بأسوأ أشكالها أفضل من دكتاتورية بن علي، وانه لا توجد ثورة في العالم استقرت أحوالها إلا بعد مضي سنوات عديدة. لكن البعض الآخر يردّ بالقول ان من غير المسموح للإسلاميين أن يحكموا ويسمحوا للسلفيين بالتمدد في دولة مجاورة لأوروبا. ولعلّ الأخطاء الكثيرة التي ارتكبت حتى الآن من قبل "النهضة"، ربما لأنها حديثة العهد بالسياسية والحكم، قد ساعدت أصحاب القول الثاني على ترسيخ مقولتهم. يقول الشيخ عبد الفتاح مورو، الرجل الثاني في حركة النهضة: لقد خسرنا الناس وخسرنا الصحافة وخسرنا أهل الفن والثقافة ونخسر حلفاءنا، وما عاد لنا غير الحكومة نتمسك بها، ولعل الخطأ الأول الذي طالما حذرت منه كان صائباً. أنا قلت منذ البداية لا تستعجلوا الوصول إلى السلطة. استعجلت النهضة الوصول إلى السلطة. واجهت كل الأزمات المتراكمة من اقتصاد وأمن وسياسية، ووصلت إلى وضع لا تحسد مطلقا عليه. لا شك في أن زين العابدين بن علي الذي لا يزال رجاله يعيثون فسادا في البلاد، يبتسم كثيرا هذه الأيام وهو يرتشف الشاي الخليجي في المملكة العربية السعودية الرافضة أصلا تسليمه، برغم إلحاح الرئيس والمناضل التونسي الشهير المنصف المرزوقي.

المصدر : سامي كليب \ السفير


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة