أمام استفحال العدوان على سوريا، في حرب كونية مريبة اجتمعت فيها كلّ القوى المعادية للحقوق العربية، لم تكن الغارة الصهيونية على مركز للبحث العلمي العسكريّ السوريّ مفاجئة.

فمنذ بدء الأحداث الدامية في سوريا، كان واضحا أن الهدف من تسعيرها هو النيل من سوريا ليس لتبديل موقفها ودورها في الصراع العربي – الاسرائيلي وحسب ولكن لإلغائها ومحو وجودها. وبالتالي فان اعتبار الأحداث السورية جزءا مما سموه الربيع العربي لم يكن الا من قبيل ذرّ الرماد في العيون تمويها لما تبطن مختلف القوى الراعية لما يسمى المعارضة السورية. فسرعان ما ذاب الثلج وبان المرج. ليس ما يجري على الساحات العربية، ومنها سوريا، ربيعا عربيا.

 

انّ الغارة الاسرائيلية قدّمت الشاهد الحيّ على التورط الاسرائيلي في الأزمة السورية. وبتنسيق مع الادارة الأميركية لتتكامل الأدوار بينهما وبقية الأدوات الاقليمية، والعربية منها خصوصا. البيان الذي صدر عن الادارة الأميركية اليوم بتحذير دمشق من ارسال أسلحة الى حزب الله هو دليل على اشتراك الولايات المتحدة كالعادة، في الإعتداءات والجرائم الإسرائيلية. والغريب ألا تصدر عن الأمم المتحدة أيّ ادانة عندما ينتهك الإسرائيليون القانون الدوليّ !. الأبواق الغربية، والفرنسية تحديدا تتناغم والديبلوماسية الصهيونية بالحديث، عن السلاح الكيماوي وعن حقوق الانسان، في سوريا، رغم أن وسائل الإعلام الفرنسية نفسها تقول أن رائحة الموت تفوح من الآبار في شمالي مالي التي امتلأت بجثث الطوارق والعرب، وأن الخوف من مذابح على الطريقة الراوندية يتزايد.

بالطبع، ان الغارة الصهيونية ليست الغزوة الوحيدة التي تتعرض لها سوريا. فالدول الغربية والدويلات الخليجية، وحكومة اردوغان الإسلامية، جميعها أرسلت إلى سوريا كتائب من المرتزقة. كيف نفسّر التصريحات النارية لوزير خارجية فرنسا، الذي أعطى لنفسه حق قبول أو رفض، من يكون رئيسا للجمهورية العربية السورية ؟. وهل يخفى أن الحكومة التركية تدعم علنا الارهابيين، وتشرف على تدريبهم، وتستقبل على التراب التركي فرقا من المخابرات الأوروبية والأميركية والإسرائيلية لقيادة العدوان على سوريا ميدانيا ؟

المضحك المبكي هي ردّة فعل قادة الائتلاف للمعارضة السورية على الغارة الاسرائيلية ضدّ سوريا. فهؤلاء، وبدل الادانة للاعتداء على سيادة بلادهم، أظهروا شماتة بالنظام الذي أحجم، من وجهة نطرهم عن دفعه. نسي هؤلاء أن رأس حربتهم، هي جبهة النصرة، وهذه لم تترك مطارا عسكريا إلا وهاجمته وقاعدة للدفاع الجوي إلا وحاولت ضربها، وردارا إلا وحاولت إتلافه. الحقيقة أن موقف الإئتلاف المذكور، وجميع الذين يعيبون على الحكومة السورية عجزها عن صد العدوان، وضمنا المثقفين الذي يستهزئون من «المقاومة والممانعة»، يدل على انحطاطهم الأخلاقي وعلى كيدية بدوية، وهم يتكلمون ويتصرفون، بمنطق وسلوك الرعاع. فإذا كنت تطلب من الحكومة السورية أن تدافع عن سيادة الوطن وعن ارضها. فكيف تنتهك أنت هذه السيادة، وتحارب في الوقت نفسه هذه الحكومة ؟. أنه منطق العاهرة التي تحاضر في العفة والشرف وصون العرض.. من المرجح أن تكشف لنا الحرب الدائرة ضد سوريا، أسرارا كثيرة، عن العوامل التي مكنت المعتدين من فرض عدوانهم باسم «الثورة» باسم «الدين» وباسم «الديمقراطية والحرية أيضا». كيف أمكن تمويه الخيانة بالحماسة للوطن وبالحرص على الشعب السوري. إلى حد سمح لوزير خارجية فرنسا، نفسه النطق باسم الشعب السوري. وكأن هذا الشعب المسكين أوكل للوزير الفرنسي أمره ؟؟!

أن مداورة المسألة السورية في الذهن، تضعك أمام تناقضات عبثية ومعادلات تتحدى كل منطق. فتسترجع الماضي وتتساءل لماذا أعلن ملوك التتار في سنة 1258، اسلامهم ؟ وهم الذين فتكوا ببلاد الرافدين وبلاد الشام. أليس إسلامهم، كمثل اسلام أمراء النفط، واسلام الذين يعاونون الولايات المتحدة الأميركية وحكومات فرنسا وانكلترا، على قتل السوريين وتشريدهم وحشرهم في مخيمات في تركيا والأردن ولبنان، يعتاشون فيها على فتات مؤسسات «إنسانية غربية» ترافق جحافل الغزو، وتوزع «الحصص الغذائية» على اللاجئيين؟ من البديهي أن الإيمان لم يعمر نفوس ملوك التتار.! وأن الذين يعتدون على الناس استجابة لرغبات المستعمرين، لم يقرأوا الكتاب ولم يتخلقوا بأخلاق الإسلام. ينبني عليه أنه من المحتمل أن يكون امراء «التتار» قرأوا أن في إعلانهم «اسلامهم» فائدة لإتمام خطتهم. وهنيئا للمعارضة السورية التي نجحت في جعل اسرائيل تنوب عنها في تدمير ما عجز ارهابيوها عن تدميره!

ويبقى الحديث عن ردّ سوريا على الاعتداء الصهيوني. يتناسى البعض الصعوبات التي تعاني منها سوريا، كما يتناسون أن اسرائيل تبحث عن ذرائع لاشعال حرب في المنطقة سعيا الى زجّ دول الغرب في حرب ضد إيران، كما نجحوا في إقناع هذه الدول بتدمير العراق . وفي موضوع سوريا، فان الجيش السوري منشغل في حرب تمكن خلالها أعداء سوريا من أخذ مواقع لهم في داخل سوريا نفسها ومن تجنيد سوريين يقاتلون ضد الدولة في سوريا وضد جيشها. ومهما يكن فإن العدوان الإسرائيلي الأخير، وفي الظروف التي تمر بها سوريا، إنما هو دلالة على أن الإسرائيليين يريدون أن يوجهوا رسالة إلى السوريين تفيد بأنهم طرف في الحرب الدائرة في بلادهم . ينبني عليه، أن إجابة الحكومة السورية، يجب ان تكون واضحة حاسمة، لمنع تكرار العدوان ولتعطيل قدرة المستعمرين الإسرائيليين وغير الإسرائيليين، من أن يكون لهم أي دور في الشأن السوري الداخلي.

 

  • فريق ماسة
  • 2013-02-03
  • 8989
  • من الأرشيف

صامتون عن العدوان على سورية

أمام استفحال العدوان على سوريا، في حرب كونية مريبة اجتمعت فيها كلّ القوى المعادية للحقوق العربية، لم تكن الغارة الصهيونية على مركز للبحث العلمي العسكريّ السوريّ مفاجئة. فمنذ بدء الأحداث الدامية في سوريا، كان واضحا أن الهدف من تسعيرها هو النيل من سوريا ليس لتبديل موقفها ودورها في الصراع العربي – الاسرائيلي وحسب ولكن لإلغائها ومحو وجودها. وبالتالي فان اعتبار الأحداث السورية جزءا مما سموه الربيع العربي لم يكن الا من قبيل ذرّ الرماد في العيون تمويها لما تبطن مختلف القوى الراعية لما يسمى المعارضة السورية. فسرعان ما ذاب الثلج وبان المرج. ليس ما يجري على الساحات العربية، ومنها سوريا، ربيعا عربيا.   انّ الغارة الاسرائيلية قدّمت الشاهد الحيّ على التورط الاسرائيلي في الأزمة السورية. وبتنسيق مع الادارة الأميركية لتتكامل الأدوار بينهما وبقية الأدوات الاقليمية، والعربية منها خصوصا. البيان الذي صدر عن الادارة الأميركية اليوم بتحذير دمشق من ارسال أسلحة الى حزب الله هو دليل على اشتراك الولايات المتحدة كالعادة، في الإعتداءات والجرائم الإسرائيلية. والغريب ألا تصدر عن الأمم المتحدة أيّ ادانة عندما ينتهك الإسرائيليون القانون الدوليّ !. الأبواق الغربية، والفرنسية تحديدا تتناغم والديبلوماسية الصهيونية بالحديث، عن السلاح الكيماوي وعن حقوق الانسان، في سوريا، رغم أن وسائل الإعلام الفرنسية نفسها تقول أن رائحة الموت تفوح من الآبار في شمالي مالي التي امتلأت بجثث الطوارق والعرب، وأن الخوف من مذابح على الطريقة الراوندية يتزايد. بالطبع، ان الغارة الصهيونية ليست الغزوة الوحيدة التي تتعرض لها سوريا. فالدول الغربية والدويلات الخليجية، وحكومة اردوغان الإسلامية، جميعها أرسلت إلى سوريا كتائب من المرتزقة. كيف نفسّر التصريحات النارية لوزير خارجية فرنسا، الذي أعطى لنفسه حق قبول أو رفض، من يكون رئيسا للجمهورية العربية السورية ؟. وهل يخفى أن الحكومة التركية تدعم علنا الارهابيين، وتشرف على تدريبهم، وتستقبل على التراب التركي فرقا من المخابرات الأوروبية والأميركية والإسرائيلية لقيادة العدوان على سوريا ميدانيا ؟ المضحك المبكي هي ردّة فعل قادة الائتلاف للمعارضة السورية على الغارة الاسرائيلية ضدّ سوريا. فهؤلاء، وبدل الادانة للاعتداء على سيادة بلادهم، أظهروا شماتة بالنظام الذي أحجم، من وجهة نطرهم عن دفعه. نسي هؤلاء أن رأس حربتهم، هي جبهة النصرة، وهذه لم تترك مطارا عسكريا إلا وهاجمته وقاعدة للدفاع الجوي إلا وحاولت ضربها، وردارا إلا وحاولت إتلافه. الحقيقة أن موقف الإئتلاف المذكور، وجميع الذين يعيبون على الحكومة السورية عجزها عن صد العدوان، وضمنا المثقفين الذي يستهزئون من «المقاومة والممانعة»، يدل على انحطاطهم الأخلاقي وعلى كيدية بدوية، وهم يتكلمون ويتصرفون، بمنطق وسلوك الرعاع. فإذا كنت تطلب من الحكومة السورية أن تدافع عن سيادة الوطن وعن ارضها. فكيف تنتهك أنت هذه السيادة، وتحارب في الوقت نفسه هذه الحكومة ؟. أنه منطق العاهرة التي تحاضر في العفة والشرف وصون العرض.. من المرجح أن تكشف لنا الحرب الدائرة ضد سوريا، أسرارا كثيرة، عن العوامل التي مكنت المعتدين من فرض عدوانهم باسم «الثورة» باسم «الدين» وباسم «الديمقراطية والحرية أيضا». كيف أمكن تمويه الخيانة بالحماسة للوطن وبالحرص على الشعب السوري. إلى حد سمح لوزير خارجية فرنسا، نفسه النطق باسم الشعب السوري. وكأن هذا الشعب المسكين أوكل للوزير الفرنسي أمره ؟؟! أن مداورة المسألة السورية في الذهن، تضعك أمام تناقضات عبثية ومعادلات تتحدى كل منطق. فتسترجع الماضي وتتساءل لماذا أعلن ملوك التتار في سنة 1258، اسلامهم ؟ وهم الذين فتكوا ببلاد الرافدين وبلاد الشام. أليس إسلامهم، كمثل اسلام أمراء النفط، واسلام الذين يعاونون الولايات المتحدة الأميركية وحكومات فرنسا وانكلترا، على قتل السوريين وتشريدهم وحشرهم في مخيمات في تركيا والأردن ولبنان، يعتاشون فيها على فتات مؤسسات «إنسانية غربية» ترافق جحافل الغزو، وتوزع «الحصص الغذائية» على اللاجئيين؟ من البديهي أن الإيمان لم يعمر نفوس ملوك التتار.! وأن الذين يعتدون على الناس استجابة لرغبات المستعمرين، لم يقرأوا الكتاب ولم يتخلقوا بأخلاق الإسلام. ينبني عليه أنه من المحتمل أن يكون امراء «التتار» قرأوا أن في إعلانهم «اسلامهم» فائدة لإتمام خطتهم. وهنيئا للمعارضة السورية التي نجحت في جعل اسرائيل تنوب عنها في تدمير ما عجز ارهابيوها عن تدميره! ويبقى الحديث عن ردّ سوريا على الاعتداء الصهيوني. يتناسى البعض الصعوبات التي تعاني منها سوريا، كما يتناسون أن اسرائيل تبحث عن ذرائع لاشعال حرب في المنطقة سعيا الى زجّ دول الغرب في حرب ضد إيران، كما نجحوا في إقناع هذه الدول بتدمير العراق . وفي موضوع سوريا، فان الجيش السوري منشغل في حرب تمكن خلالها أعداء سوريا من أخذ مواقع لهم في داخل سوريا نفسها ومن تجنيد سوريين يقاتلون ضد الدولة في سوريا وضد جيشها. ومهما يكن فإن العدوان الإسرائيلي الأخير، وفي الظروف التي تمر بها سوريا، إنما هو دلالة على أن الإسرائيليين يريدون أن يوجهوا رسالة إلى السوريين تفيد بأنهم طرف في الحرب الدائرة في بلادهم . ينبني عليه، أن إجابة الحكومة السورية، يجب ان تكون واضحة حاسمة، لمنع تكرار العدوان ولتعطيل قدرة المستعمرين الإسرائيليين وغير الإسرائيليين، من أن يكون لهم أي دور في الشأن السوري الداخلي.  

المصدر : الديار \ريّا عاصي


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة