دليل ماسة
أكثر الروابط استخداما
ركزت تل أبيب منذ ما قبل الإنتخابات الأخيرة على موضوع الأسلحة الكيميائية السورية، وبدت حركة رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتانياهو تدور حول "هواجس" من وقوع تلك الأسلحة بأيدٍ معادية، فاحتل الموضوع عناوين الصحف الاسرائيلية، ونفذ نتانياهو حركة لافتة تجاوزت حدود تل أبيب إلى إستدعاء وزير حربه من الزيارة لأوروبا و إبلاغ سفراء دول غربية حليفة عن الخوف من نقل الأسلحة السورية وإيفاد مبعوث إلى روسيا للهدف نفسه، والضغط على واشنطن.
وأشارت الصحف الاسرائيلية لمبالغات نتانياهو في نوعية الإجتماعات والتحذيرات التي يطلقها، وربطت التحليلات تحذيرات نتانياهو بمصالح داخلية في تأليف حكومة موسعة بعد نتائج الإنتخابات المخيبة لآماله.
لكن يبدو أن المسألة الأساسية التي تقلق الحكومة الإسرائيلية حول سورية هي التسوية التي بدأ الأميركيون يعدّون لها مع الروس بمعزل عن الرأي الإسرائيلي، وتقوم على بقاء الرئيس السوري بشار الأسد في سدة الحكم وترشحه في الإنتخابات المقبلة عام 2014، بموازاة حصول التغيير على المستوى الحكومي وإجراء الإصلاحات التي تحدث عنها الأسد نفسه.
لا يرضى الإسرائيليون حصول تسوية لسورية الآن، لا تقدّم ضمانات لتل أبيب حول عناوين عدة منها الإلتزام بوقف دعم حركات المقاومة مستقبلاً، وخصوصاً أن الرهان الإسرائيلي كان يستند على إستمرار الفوضى التي تنهك الإدارة السورية، وتفرض في النهاية إتفاقية بين دمشق وتل أبيب تتحكم بتفاصيلها إسرائيل تحت عنوان السلام. لكن إنتصار سورية رغم أحداثها المستمرة إلى حين، والأضرار البالغة التي أصيبت بها لا يتناسب مع الطموح الإسرائيلي.
ومن هنا يرصد المتابعون إشارات في إقدام سلاح الجو الإسرائيلي على ضرب مركز البحوث العلمية العسكرية في جمرايا بريف دمشق، في خطوة تحرش إسرائيلية بسورية، لا يستبعد المتابعون أن تعقبها ضربات أخرى لإستدراج رد فعل سوري يُشعل المنطقة ويضرب التسوية. ويستند المطّلعون إلى جهوزية عسكرية إسرائيلية تُرجمت بإستنفار على طول الحدود من الجولان إلى جنوب لبنان، بينما أقدمت سورية على توصيف الضربة بأنها تفسّر من هو المحرك والمستفيد والمنفذ أحياناً لأحداث سورية، وسمّى بيان الجيش تركيا وقطر دون أن يشير إلى دول أخرى عربية أو غربية، ما يؤشر أيضاً إلى أن التسوية المقترحة أميركياً - روسياً تعارضها الدوحة وأنقرة بينما لا تمانع عقدها السعودية ويستعد الأوروبيون للمشاركة فيها، بعدما إنشغلت فرنسا بحرب مالي، حتى ذهب أحد السياسيين اللبنانيين المعارضين لسورية إلى حد القول بعد تدخل الفرنسسين في مالي : " لقد إنتصر الأسد... يا مال الشام يللا يا مالي..."
وتأتي خطوة رئيس الإئتلاف السوري المعارض أحمد معاذ الخطيب بإعلانه الإستعداد للحوار المشروط مع النظام في سياق الطلب الغربي لمواكبة التسوية، بدليل إنتقاد خطوته من قبل معارضين في "المجلس الوطني" والإئتلاف الذي يرئسه، بينما تستعد دمشق لإجراء الحوار المرتقب بإزالة المعوقات من أمام المعارضين وتفنيد الآليات التنفيذية وإن بقيت أحداث الميدان تتدرج ببطء نحو إعادة الأمن الى الربوع السورية.
المصدر :
النشرة/ عباس ضاهر
اكتب تعليق
كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة