يسوق الغرب بهدوء وبعقلية استعمارية تجارية استغلالية خطيرة للإرهاب في سورية ليرفع أسهمه اليوم فيستغلها غداً فهو وإن قال إن "جبهة النصرة تنظيم إرهابي" فهذا لم يمنع من تسويق هذا التنظيم على أنه صاحب شعبية ومصداقية كما لم يمنع تسليحه وتدريبه وإعطاءه الغطاء السياسي اللازم.

وفي شهادة حسن سلوك تقدم من دوائر السياسة الغربية ومراكزها الاستراتيجية قال "باراك بارفي" عضو مؤسسة أمريكا الجديدة: "الفرق الأساسي بين "جبهة النصرة" و"الجيش الحر" هو أن الجبهة موجودة من أجل إسقاط النظام وهي لا تشارك في الخطف والنهب وسرقة السيارات" وربما يكون من المثير فعلاً هذا التلميع لتنظيم اعترفت وزارة الخارجية الامريكية أنه إرهابي لكن إذا وضح السبب بطل العجب.

وهنا يبدو مهما الحديث عن تقنيات صناعة الإرهاب في الغرب إذ إن العملية تتم خطوة تلو الأخرى وبدهاء حيث يبدأ الأمر بتحفيزه إعلامياً وعقائدياً وافتعال الأحداث التي تثير الغرائز وتعيد الإنسان للتفكير بعقلية القطيع كما يحدث عندما ينتج فيلم هنا وكتاب هناك ورسم في مكان آخر تستفز المشاعر العقائدية وتدفع بالناس للانتباه لما يميزهم عن الآخرين ومن ثم رفض الانخراط معهم ثم يتم شراء تجار الفقه ومرتزقته ودفعهم لملء الرؤوس بعفن الأصولية بحجة رفض البدع.. وفي مكان آخر تحضر الأسلحة لتقع في أيدي محترفي القتل ودعاة التكفير وبعد ذلك لا يبقى سوى تغطية العملية سياسياً وتبريرها إعلامياً وفي حالات كثيرة لا تصحو الشعوب إلا عندما يقع الفاس بالرأس ويصبح الإرهاب حقيقة.

المأساة التي حصلت في أفغانستان وتكررت في العراق وامتدت إلى ليبيا وغاصت في الصومال وعانى منها اليمن تحمل علامة تجارية واحدة "صنع في أمريكا" والآن يجري تسويقها في سورية فالغطاء السياسي الأمريكي ومن بعده الغربي كان حاضراً لتمويه دعوات التكفير والقتل الوهابية المدفوعة الأجر خليجياً وبدا الإعلام الغربي في سباق لتغطية تصريحات المسؤولين الأمريكيين وهم يحييون من سموهم "ثواراً" لإعطائهم الشرعية والشعبية.

الغرب هو الغرب بكل براغماتيته لم يتغير يتحالف مع اللص إن كان في جيبه ما ينفع فالقاعدة كانت خيراً في أفغانستان زمن الاتحاد السوفيتي وهي نفسها شر مستطير عندما أرادت واشنطن أن تجلس على مقعد السوفييت هناك والقاعدة شر في مالي اليوم يجب القضاء عليه لكنها خير في سورية والقاعدة في العراق مبرر لتمزيقه وتدميره للقضاء عليها أثناء الوجود الأمريكي الذي كاد يقسم هذا البلد وقضى على ما يقارب ربع سكانه لكنها اليوم حراك شعبي ضد الحكومة العراقية التي تتمسك بحقها في سيادتها وترفض السماع لصوت الخليج الاصولي النفطي مردداً أوامر القواعد الأمريكية ومكتب الارتباط التابع لحركة طالبان عدو الأمس في الدوحة الأمريكية.

وبالعودة إلى بارفي فقد عمل هذا الباحث شاهد عيان لم ير أي سوء تقوم به "جبهة النصرة" ولكنه وثق كما يروي ممارسات لا تقبل من قبل مجموعات مسلحة أخرى إرهابية لكنها لا ترقى إلى مستوى طموح الغرب فـ"الجيش الحر" يسرق الخبز والسيارات والمواد الغذائية وينهب المصانع وهو بذلك يسيء استخدام السلطة حسب "بارفي" ليس إلا ولم يقل أنه مجرم بل كل ما توصل إليه بتحليله أن هذا السلوك يدفع الناس للالتحاق بـ"جبهة النصرة" في إيحاء واضح بأنها لا ترتكب مثل هذه الأفعال ويقتصر عملها على القتال وكان القتل وحده ليس تهمة ما لم يترافق مع السرقة.

وحسب محللين فإن الغرب انتقل قبل نحو الشهرين إلى مرحلة جديدة في استهدافه لسورية فهو الذي أوعز بتشكيل هياكل للمعارضة السياسية والمجموعات المسلحة في بداية الأزمة ليجد أمامه هيكلاً ولو وهمياً يستند إليه في استهداف سورية وكان له ما راد من خلال ما سمي "الجيش الحر" و"مجلس اسطنبول" ولاحقاً أراد تشكيلاً ينسجم مع حلفائه الجدد في المنطقة ولذلك زج بخلايا الإرهاب النائمة التي كانت تنتظر الأوامر الغربية وسماح أجهزة الاستخبارات للتحرك إلى سورية وهنا كان لابد من هياكل أخرى تستوعب هذا المد الأصولي وتبرر وجوده فكان "ائتلاف الدوحة" و"جبهة النصرة" وما يدعم هذا التحليل أن من وصفوا أنفسهم بالعلمانيين في "مجلس اسطنبول" استبدلوا بالإسلاميين في "ائتلاف الدوحة" وما سمي جيشاً استبدل بكتائب تسعى إلى "الخلافة الإسلامية" باعترافهم.

وفي وثيقة اخرى على مدى التفاني الغربي بالتسويق لإرهاب "جبهة النصرة" في سورية على حساب مجموعات إرهابية أخرى كانت تحظى بالقبول إلى حين زعمت صحيفة لوسوار البلجيكية "أنه ومنذ عدة أشهر حدث تطور خطير في سورية تمثل بانسحاب "الجيش الحر" تدريجياً لمصلحة الجماعات الجهادية".

كلام الصحيفة يبدو توصيفا ولكنه ليس كذلك بل هو في سياق عام يدفع بالتنظيمات المتطرفة الى الواجهة لغرضين رئيسيين فهذه التنظيمات مهيأة لممارسة القتل والتدمير وجر الخراب الأمر الذي سيجعل سورية إن خرجت من أزمتها ضعيفة مفككة وهذا هدف غربي بامتياز من جهة أخرى فإن الزج بهذه التنظيمات الأصولية في سورية سيريح واشنطن وحلفاءها في أماكن أخرى وخاصة في أفغانستان والصومال كما أنه يصنع بذلك مبرراً قد يلجأ إليه لاحقاً لاستهداف سورية والتدخل الخارجي فيها بحجة مكافحة الإرهاب وهو على علم أن الجيش العربي السوري سينهك هذه القوى ويفتك بها وسيجدها الغرب لقمة سائغة أمامه.

وختاما نقول لمن يصدق ادعاءات الغرب: أليس هذا الغرب هو من ساعد العرب في التخلص من العثمانيين ليقسم المنطقة على هواه لاحقاً وبعد أن وجد نفسه مكشوفا كمحتل بغيض فاخترع أنظمة الوصاية والانتداب وعندما تغير الظرف الدولي كان موجوداً للتصدي "للخطر الشيوعي" ولاحقاً لمواجهة الإرهاب والأصولية وأخيرا لدعم ثورات الوهابية والتكفير التي تجتاح العالم العربي لأن المهم بالنسبة له أن يبقى جاثماً على صدر الشعوب يمنعها من التنفس والتفكير لحظة واحدة بحرية دون أن يوحي إليها بما يجب عليها أن تفعل.

  • فريق ماسة
  • 2013-01-21
  • 5280
  • من الأرشيف

في سياق سياسة تخريب الوعي.. دوائر غربية تلمع صورة الإرهاب في سورية وتمنحه شهادة حسن سلوك

يسوق الغرب بهدوء وبعقلية استعمارية تجارية استغلالية خطيرة للإرهاب في سورية ليرفع أسهمه اليوم فيستغلها غداً فهو وإن قال إن "جبهة النصرة تنظيم إرهابي" فهذا لم يمنع من تسويق هذا التنظيم على أنه صاحب شعبية ومصداقية كما لم يمنع تسليحه وتدريبه وإعطاءه الغطاء السياسي اللازم. وفي شهادة حسن سلوك تقدم من دوائر السياسة الغربية ومراكزها الاستراتيجية قال "باراك بارفي" عضو مؤسسة أمريكا الجديدة: "الفرق الأساسي بين "جبهة النصرة" و"الجيش الحر" هو أن الجبهة موجودة من أجل إسقاط النظام وهي لا تشارك في الخطف والنهب وسرقة السيارات" وربما يكون من المثير فعلاً هذا التلميع لتنظيم اعترفت وزارة الخارجية الامريكية أنه إرهابي لكن إذا وضح السبب بطل العجب. وهنا يبدو مهما الحديث عن تقنيات صناعة الإرهاب في الغرب إذ إن العملية تتم خطوة تلو الأخرى وبدهاء حيث يبدأ الأمر بتحفيزه إعلامياً وعقائدياً وافتعال الأحداث التي تثير الغرائز وتعيد الإنسان للتفكير بعقلية القطيع كما يحدث عندما ينتج فيلم هنا وكتاب هناك ورسم في مكان آخر تستفز المشاعر العقائدية وتدفع بالناس للانتباه لما يميزهم عن الآخرين ومن ثم رفض الانخراط معهم ثم يتم شراء تجار الفقه ومرتزقته ودفعهم لملء الرؤوس بعفن الأصولية بحجة رفض البدع.. وفي مكان آخر تحضر الأسلحة لتقع في أيدي محترفي القتل ودعاة التكفير وبعد ذلك لا يبقى سوى تغطية العملية سياسياً وتبريرها إعلامياً وفي حالات كثيرة لا تصحو الشعوب إلا عندما يقع الفاس بالرأس ويصبح الإرهاب حقيقة. المأساة التي حصلت في أفغانستان وتكررت في العراق وامتدت إلى ليبيا وغاصت في الصومال وعانى منها اليمن تحمل علامة تجارية واحدة "صنع في أمريكا" والآن يجري تسويقها في سورية فالغطاء السياسي الأمريكي ومن بعده الغربي كان حاضراً لتمويه دعوات التكفير والقتل الوهابية المدفوعة الأجر خليجياً وبدا الإعلام الغربي في سباق لتغطية تصريحات المسؤولين الأمريكيين وهم يحييون من سموهم "ثواراً" لإعطائهم الشرعية والشعبية. الغرب هو الغرب بكل براغماتيته لم يتغير يتحالف مع اللص إن كان في جيبه ما ينفع فالقاعدة كانت خيراً في أفغانستان زمن الاتحاد السوفيتي وهي نفسها شر مستطير عندما أرادت واشنطن أن تجلس على مقعد السوفييت هناك والقاعدة شر في مالي اليوم يجب القضاء عليه لكنها خير في سورية والقاعدة في العراق مبرر لتمزيقه وتدميره للقضاء عليها أثناء الوجود الأمريكي الذي كاد يقسم هذا البلد وقضى على ما يقارب ربع سكانه لكنها اليوم حراك شعبي ضد الحكومة العراقية التي تتمسك بحقها في سيادتها وترفض السماع لصوت الخليج الاصولي النفطي مردداً أوامر القواعد الأمريكية ومكتب الارتباط التابع لحركة طالبان عدو الأمس في الدوحة الأمريكية. وبالعودة إلى بارفي فقد عمل هذا الباحث شاهد عيان لم ير أي سوء تقوم به "جبهة النصرة" ولكنه وثق كما يروي ممارسات لا تقبل من قبل مجموعات مسلحة أخرى إرهابية لكنها لا ترقى إلى مستوى طموح الغرب فـ"الجيش الحر" يسرق الخبز والسيارات والمواد الغذائية وينهب المصانع وهو بذلك يسيء استخدام السلطة حسب "بارفي" ليس إلا ولم يقل أنه مجرم بل كل ما توصل إليه بتحليله أن هذا السلوك يدفع الناس للالتحاق بـ"جبهة النصرة" في إيحاء واضح بأنها لا ترتكب مثل هذه الأفعال ويقتصر عملها على القتال وكان القتل وحده ليس تهمة ما لم يترافق مع السرقة. وحسب محللين فإن الغرب انتقل قبل نحو الشهرين إلى مرحلة جديدة في استهدافه لسورية فهو الذي أوعز بتشكيل هياكل للمعارضة السياسية والمجموعات المسلحة في بداية الأزمة ليجد أمامه هيكلاً ولو وهمياً يستند إليه في استهداف سورية وكان له ما راد من خلال ما سمي "الجيش الحر" و"مجلس اسطنبول" ولاحقاً أراد تشكيلاً ينسجم مع حلفائه الجدد في المنطقة ولذلك زج بخلايا الإرهاب النائمة التي كانت تنتظر الأوامر الغربية وسماح أجهزة الاستخبارات للتحرك إلى سورية وهنا كان لابد من هياكل أخرى تستوعب هذا المد الأصولي وتبرر وجوده فكان "ائتلاف الدوحة" و"جبهة النصرة" وما يدعم هذا التحليل أن من وصفوا أنفسهم بالعلمانيين في "مجلس اسطنبول" استبدلوا بالإسلاميين في "ائتلاف الدوحة" وما سمي جيشاً استبدل بكتائب تسعى إلى "الخلافة الإسلامية" باعترافهم. وفي وثيقة اخرى على مدى التفاني الغربي بالتسويق لإرهاب "جبهة النصرة" في سورية على حساب مجموعات إرهابية أخرى كانت تحظى بالقبول إلى حين زعمت صحيفة لوسوار البلجيكية "أنه ومنذ عدة أشهر حدث تطور خطير في سورية تمثل بانسحاب "الجيش الحر" تدريجياً لمصلحة الجماعات الجهادية". كلام الصحيفة يبدو توصيفا ولكنه ليس كذلك بل هو في سياق عام يدفع بالتنظيمات المتطرفة الى الواجهة لغرضين رئيسيين فهذه التنظيمات مهيأة لممارسة القتل والتدمير وجر الخراب الأمر الذي سيجعل سورية إن خرجت من أزمتها ضعيفة مفككة وهذا هدف غربي بامتياز من جهة أخرى فإن الزج بهذه التنظيمات الأصولية في سورية سيريح واشنطن وحلفاءها في أماكن أخرى وخاصة في أفغانستان والصومال كما أنه يصنع بذلك مبرراً قد يلجأ إليه لاحقاً لاستهداف سورية والتدخل الخارجي فيها بحجة مكافحة الإرهاب وهو على علم أن الجيش العربي السوري سينهك هذه القوى ويفتك بها وسيجدها الغرب لقمة سائغة أمامه. وختاما نقول لمن يصدق ادعاءات الغرب: أليس هذا الغرب هو من ساعد العرب في التخلص من العثمانيين ليقسم المنطقة على هواه لاحقاً وبعد أن وجد نفسه مكشوفا كمحتل بغيض فاخترع أنظمة الوصاية والانتداب وعندما تغير الظرف الدولي كان موجوداً للتصدي "للخطر الشيوعي" ولاحقاً لمواجهة الإرهاب والأصولية وأخيرا لدعم ثورات الوهابية والتكفير التي تجتاح العالم العربي لأن المهم بالنسبة له أن يبقى جاثماً على صدر الشعوب يمنعها من التنفس والتفكير لحظة واحدة بحرية دون أن يوحي إليها بما يجب عليها أن تفعل.

المصدر : الماسة السورية


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة